التعذيب في تونس كان منهجيا في عهد بن علي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
باريس: ندد ناشطو حقوق الانسان منذ سنوات بالتعذيب الذي كان منهجيا في تونس على حد قولهم في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وتقول جمعية مكافحة التعذيب التي تراسها المحامية راضية النصراوي ان الاف المعتقلين السياسيين عذبوا حتى مات بعضهم في عهد بن علي واختفى البعض الاخر.
وبعد فرار بن علي الذي اطاحت به انتفاضة شعبية في 14 كانون الثاني/يناير روى معتقلون سياسين لفرانس برس الممارسات التي تعرضوا لها في سجون النظام: كالضرب وحمام الماء البارد والحرمان من النعاس والشتم ووضع "الدجاج المشوي" اي تكبيل الجسد في كتلة طيلة ساعات.
وبعد سقوط النظام صادقت السلطات الانتقالية في الاول من شباط/فبراير على انضمام تونس الى المعاهدة الدولية ضد التعذيب وثلاثة بروتوكولات دولية اخرى حول حقوق الانسان.
لكن جمعية مكافحة التعذيب اكدت بعد بضعة اشهر ان الممارسات القديمة متواصلة.
واعرب الاتحاد الدولي لحقوق الانسان في تقرير صدر في تموز/يوليو عن "الخطر الذي يمثله تكرار، حتى وان كان في درجة اقل، ممارسات النظام البائد وجرائم الماضي".
واعربت المفوضية العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة نافي بيلاي التي فتحت في تونس في تموز/يوليو اول مكتب بشمال افريقيا، عن "القلق والحزن" من تلك الادعاءات.
وتحدثت وزارة الداخلية التونسية حينها عن "فلول النظام السابق" وقالت ان العقليات والتصرفات لا يمكن ان تتغير بين عشية وضحاها.
وقال ممثل وزارة الداخلية في مقال نشر مطلع ايلول/سبتمبر على مدونة "توا في تونس" "لا بد من التمييز بين التعذيب والافراط في العنف، ان ما نعيشه اليوم لا علاقة له مع التعذيب بمفهوم الكلمة المعهود".
الثورة التونسية امل فرنسي معتقل وتعرض للتعذيب في عهد بن علي
ارتكب الفرنسي فابيان نومان المعتقل في تونس منذ ثلاث سنوات، خطأ فادحا عندما حاول تهريب مخدرات من بلد كان التعذيب فيه ممارسة عادية فدفع الثمن في جسده، لكن الثورة التونسية اثارت لدى والدته الامل مجددا في العفو عنه او نقله الى فرنسا.
ولم يكن فابيان (29 سنة) المتحدر من منطقة آن، يتوقع اكتشاف الوجه المظلم من نظام بن علي حيث راح ضحية "اصدقاء السوء" كما يقول اقاربه.
وقد انقلب مصير هذا الناشط الشبابي الذي ليس له سوابق عدلية، خلال زيارة الى تونس.
ففي 16 تشرين الاول/اكتوبر 2008، اعتقله رجال الجمارك في ميناء حلق الوادي قرب تونس بعد ان ضبطوا في سيارته 145 كلغ من الحشيشة كان ينقلها الى السوق الفرنسية، وكانت اول تجربة يقوم بها "كمهرب"، تحولت بسرعة الى كابوس.
واقر بذنبه لكن ذلك لم يكف، وروت محاميته راضية النصراوي، الناشطة في حقوق الانسان في اتصال هاتفي مع فرانس برس كيف ان "ستة محققين صفعوه مرارا وتركوه عاريا وكبلوا يديه وراء ظهره وطرحوا كرسيه ارضا وضربوه على قدميه وساقيه متلفظين بتهديدات بالموت".
واضافت "اتوا ببطارية وصعقوه بالكهرباء في ركبتيه وصوروه عاريا وهددوا باغتصابه واقتلاع اظافره".
وبعد خمسة ايام من التعذيب والاحتجاز على ذمة التحقيق توقفت تلك الممارسات بفضل تدخل القنصلية لكن المتهم وقع على اعترافاته في وثيقة باللغة العربية بدون مترجم مقرا بوقائع اخرى لم يرتكبها واودع في سجن المرناقية قرب تونس، على ما افادت عائلته.
وقالت راضية النصراوي انه في عهد بن علي "كان التعذيب منهجيا".
وفي كانون الثاني/يناير 2010 حكم على الفرنسي بالسجن اربعين سنة. وقالت امه مارتين الموظفة في بلدية ايزير "بدا لي الامر اشبه ببناء وقع على راسي".
وفي محكمة الاستئناف خفف الحكم الى عشر سنوات. لكن في غياب معاهدة تسليم واستلام بين باريس وتونس يقضي فابيان حكمه في المرناقية رغم توسلات امه.
وقد تأثر بصره في عينه اليسرى نتيجة التعذيب وبات الشاب الذي كان متوترا عصبيا يعاني من انعكاسات نفسية. وفي تموز/يوليو حاول الانتحار بقطع شرايين ذراعيه كما قال اقاربه.
وقال رضوان هداجي صديق طفولة فابيان والذي التقاه في ايلول/سبتمبر "انه كابوس لم يتمكن من ان يصحو منهم".
وزاد بعد عائلته عنه في تعاسته. وقالت امه المنهكة من الذهاب والاياب بين فرنسا وتونس "ليس لدينا اي عائلة في تونس، انه عقاب مزدوج: السجن والبعد".
واعادت الثورة التي اطاحت بنظام بن علي في كانون الثاني/يناير الامل الى مارتين التي تناشد تونس الجديدة "اثبات تمسكها بحقوق الانسان".
وقد تاثر اندري فاليني النائب الاشتراكي لمنطقة ايزير فرفع القضية الى وزيري الخارجية آلان جوبيه والعدل ميشال مرسييه. واوضح لفرانس برس "لا اطعن في القضاء التونسي فالجانب الانساني في هذه القضية هو الذي يهمني".
كذلك يدعم نائب الاتحاد من اجل حركة شعبية (يمين حاكم) الان موان بريسان من منطقة ايزار مارتين.
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس قالت الرئاسة التونسية ان "نقله (الى فرنسا) ليس ممكنا في غياب معاهدة" بين تونس وفرنسا.
ويبقى هناك احتمالان: اما ان يصدر بحقه عفو رئاسي او افراج مشروط، ممكن فقط عندما يقضي نصف حكمه "اي بعد خمس سنوات من الاعتقال".
واوضحت الرئاسة ان بشان التعذيب "يجب ان ترفع دعوى وان يفتح تحقيق".
اما فرنسا فانها تذكر بانها تحترم مبدأ السيادة.
لكن برنار فاليرو الناطق باسم وزارة الخارجية اكد انه رغم عدم وجود معاهدة تسليم "اقترحت فرنسا حلولا وستقدم اجراءات جديدة".
وستستقل مارتين التي تستعد لرفع دعوى ضد من عذبوا ابنها، قريبا طائرة لتذهب لمقابلة ابنها الذي سيحتفل بعيد ميلاده الثلاثين في 23 تشرين الاول/اكتوبر الذي يصادف موعد اول انتخابات ديمقراطية في تونس.