"شبكة حقاني" بين الصلات الباكستانية والمخاوف الاميركية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
اسلام اباد:تصعد الولايات المتحدة ضغوطها على اسلام اباد لقطع صلتها بشبكة حقاني، التي ربما كانت الفصيل الاخطر في حركة طالبان افغانستان، والتي سبق ومولتها الاستخبارات الاميركية قبل ان تنقلب على الولايات المتحدة وتصبح حليفة للقاعدة.
وتتهم الولايات المتحدة الحقانيين بالمسؤولية عن بعض اخطر الهجمات التي شهدتها افغانستان، مثل ما سمي بحصار كابول وهو هجوم استمر 19 ساعة، فضلا عن قتل سبعة من موظفي وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) عام 2009، كما تتهم واشنطن الاستخبارات الباكستانية باقامة صلات وثيقة مع تلك الشبكة.
من هم الحقانيون اذا؟ ولماذا يقلقون الاميركيين الى هذا الحد؟ وما مدى التهديد الذي يشكلونه او مدى صلاتهم بباكستان؟
مؤسس تلك الشبكة هو جلال الدين حقاني وهو زعيم حرب عصابات افغاني مخضرم مولته الولايات المتحدة لقتال القوات السوفياتية في افغانستان خلال الثمانينات والان بات يتخذ هو واسرته من باكستان قاعدة له.
وخلال الثمانينات كان جلال الدين على علاقة وثيقة بالسي آي ايه والاستخبارات الباكستانية، قبل ان يتحالف مع طالبان بعد استيلائها على السلطة في كابول عام 1996 حيث فرضت شيئا من الهدوء في افغانستان بعد فوضى الحرب الاهلية.
وفي ظل نظام الملا عمر عمل جلال الدين كوزير للشؤون القبلية ومسؤول للمناطق القبلية الحدودية بين شرقي افغانستان والحدود الشمالية الغربية لباكستان.
وقد استقبلته باكستان كلاجئ باعتباره مقاتلا مناهضا للسوفيات وسمحت له بالعيش في منطقة شمال وزيرستان القبلية. واتيح له السفر الى اسلام اباد في 2001 كعضو في حكومة طالبان التي اعترفت بها باكستان.
وحينما غزت القوات الاميركية افغانستان ردا على هجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر، وطد جلال الدين حقاني علاقاته وتجذر في شمال وزيرستان ليصبح من اوائل الزعماء الميدانيين المعادين للاميركيين الذين يتركزون في المناطق الحدودية الباكستانية غير الخاضعة للقانون.
ويقول رحيم الله يوسف ضي خبير الشؤون القبلية الباكستاني "كان لديه قواعد في شمال وزيرستان وحظى بدعم قبائل الباشتون على الحدود خلال الحرب على الشيوعيين. وقد عاد بعد سقوط طالبان اليها".
ولدى حقاني قواعد تدريبي في شرق افغانستان وهو على صلة وثيقة بالقاعدة ويدين بالولاء للملا عمر ويستخدم صلاته بالجماعات المتشددة لاستهداف القوات الاميركية عبر شرقي افغانستان وجنوب شرقها وداخل العاصمة كابول.
وعسكريا تعد شبكة حقاني الاكثر قدرة وخطوره بين فصائل طالبان، وهي تعمل باستقلال عن غيرها من الفصائل ولكنها تخضع سياسيا للاهداف الطالبانية. وفي حال وافقت قيادة طالبان على اي اتفاق سلام يتوقع ان تحذو حذو بقية الفصائل.
وجلال الدين في اواخر السبعينات من عمره الان وقد استبد به الوهن ومن ثم انتقلت الزعامة بين مجلس قيادة طالبان افغانستان الى ابنه سراج الدين الذي يدير فعليا شبكة الحقانيين القتالية المؤلفة من اكثر من الفي مسلح.
وقد اعلنت واشنطن الاب والابن كارهابيين دوليين.
وتعود صلات الحقانيين بالقاعدة الى التسعينات والى المقاتلين العرب الذين توجهوا للانضمام للقاعدة، ويقول يوسف ضياء ان اسامة بن لادن عقد مؤتمرا صحافيا في احد معسكرات تدريب الحقانيين في اقليم خوست بشرقي افغانستان عام 1998.
وقد اتهم السفير الاميركي لدى باكستان، كاميرون مونتر، الحكومة الباكستانية بصلات تربطها بالحقانيين بينما جدد وزير الدفاع الاميركي لوين بانيتا الثلاثاء بشكل مباشر مطالب بلاده بان تحمل باكستان على المتشددين الحقانيين.
وصوتت لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الاميركي الاربعاء لصالح ربط المساعدات المقدمة لباكستان بالمزيد من التعاون في قتال الحقانيين، وفي تصعيد للاجراءات ضد الشبكة تم اقرار تحرك يتطلب موافقة الكونغرس.
وقد صعدت سي اي ايه بالفعل ضرباتها باستخدام الطائرات بدون طيار على شمال وزيرستان ضد المسلحين الحقانيين، وكان احد ابناء جلال الدين بين القتلى.
وتتفق الحكومة الافغانية مع الشكاوى الاميركية بشأن الحقانيين والباكستانيين، فقد قال محمد ظاهر عظيمي المتحدث بلسان وزارة الدفاع الافغانية لفرانس برس ان شبكة الحقانيين بمثابة "همزة الوصل" بين طالبان والقاعدة.
غير ان المسؤولين الباكستانيين ينفون اي علاقة لهم بشبكة حقاني وكثيرا ما يعمدون للتقليل من اهمية الشبكة.
والسؤال الان هو بإمكان باكستان الهجوم على الحقانيين وتحييدهم؟
فالقادة الباكستانيون يرفضون المطالب الاميركية بالقيام بحملة في شمال وزيرستان ويتعللون بأن قواتهم تواجه ضغوطا كبيرة وليس بإمكانها الدخول في جبهة شاقة اخرى واثارة عش ذنابير يهدد برد فعل على صعيد البلاد بأسرها يتمثل في هجمات انتحارية.
وبعيدا عن الاضواء يحذر ضباط من ان مقاتلي حقاني -- الذين لا يشنون هجماتهم داخل باكستان -- افضل تدريبا وتسليحا من انصار طالبان افغانستان الباكستانيين الذين سبق وقاتلوهم وتكبدوا في ذلك خسائر كبيرة.
ويقول يوسف ضياء انه سيكون من الصعب جدا قتال الحقانيين ولكنه يضيف ان باكستان قد تلجأ لطرد المجموعة من شمال وزيرستان مع استمرار الضغوط الاميركية.
ويقول الحقانيون انه ليس لديهم معسكرات تدريب في باكستان، حيث تتخذ قيادة الشبكة مقرها، وان كل "الانشطة العسكرية" تجري عبر الحدود في افغانستان.
وقد وصف احد المترددين بكثرة على شمال وزيرستان سراج الدين بأنه اشبه بعراب للمافيا يلقي الرعب في قلوب البشر.
ويقول لفرانس برس "الجميع يخشون شبكة حقاني واي مجموعة مسلحة تريد العمل في شمال وزيرستان تلجأ اولا لموافقة الحقانيين".
ويقول يوسف ضياء ان اثنين من اخوة جلال الدين من غير المقاتلين وهما ابراهيم وخليل، يزوران اسلام اباد كثيرا وقد اجرى الاميركيون اتصالات معهما العام الماضي عبر وسيط.
وتقول ريفا بهالا من معهد ستراتفور البحثي للاستخبارات الدولية ان باكستان وطالبان ككل فضلا عن شبكة حقاني تلعب دورا رئيسيا في اي مسعى اميركي لانهاء الحرب المستمرة في افغانستان منذ عشر سنوات عبر التفاوض.
وتضيف "تلك المجموعات لها مصالح عدة متباينة وداخل كل منها فصائل اصغر، ولكنها تعمل في الاغلب بشكل متضافر".