مؤسس ويكيليكس سجين قفص مذهّب في بريطانيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وضع الضابط والصحافي البريطاني فون سميث بيتاً ريفياً في تصرّف مؤسس ويكيليكس جوليان أسانج، الذي يكافح ضد تسليمه للسويد بتهمة الاعتداء الجنسي. وكان أسانج عجز في كانون الأول عن استيفاء شروط الكفالة، لأنه لا يملك عنوانًا ثابتًا، ويقود منظمة تعمل في عالم الكتروني بلا حدود.
لندن: من يرَ جوليان أسانج في المزرعة التي تستضيفه في ريف انكلترا يظنّ أنه ارستقراطي انكليزي خارج للصيد.
ولكن مؤسس ويكيليكس في ظروفه الحالية طريدة أكثر من كونهصيادًا، يكافح ضد تسليمه الى السويد بتهمة الاعتداء الجنسي، ويناضل من أجل الحفاظ على نفوذ موقع ويكيليكس من البيت الريفي، الذي وضعه تحت تصرفه فون سمث، وهو ضابط وصحافي بريطاني سابق، يملك الآن مطعمًا وناديًا للصحافيين في لندن، كما تقول صحيفة نيويورك تايمز في تقرير من المزرعة.
وكان أسانج عجز في كانون الأول/ديسمبر الماضي عن استيفاء شروط الكفالة، لأنه لا يملك عنوانًا ثابتًا. فهو مسافر دائم، يقود منظمة ليس لها جنسية ولا وطن، تعمل في عالم الكتروني بلا حدود. لذا قرر سمث منح أسانج عنوانًا وسقفًا فوق رأسه ومكانًا يخوض منه معركته القانونية.
وقال سمث لصحيفة نيويورك تايمز إنه لم يخطر ببال أحد أن القضية ستطول الى هذا الحد، "ولكنني أعتقد أن جوليان يستحق العدالة مثله مثل غيره، لذا وجدنا طريقة لتدبير الأمر".
لكن حياة الريف لم تكن كلها هدوء وخضرة دائمة. إذ كان نحو 20 شخصًا من كادر ويكيليكس ينامون أحيانًا في المزرعة، حيث لا يعرفون كيف يتعاملون مع حيواناتها. وأشار سمث مازحًا إلى أن "جوليان عبث مع الخنازير".
تبعد المزرعة نحو 220 كيلومترًا عن لندن، وقرر أسانج استخدام خنازيرها لإنتاج فيلم عن شركات بطاقات الائتمان التي حرمته من وسائل جمع التبرعات لتمويل منظمته وموقعها الالكتروني. وقال صاحب المزرعة إن أسانج حرّض الخنازير على عبور سياج الكتروني، والهجوم على رقعة مزروعة بالتوت البري، حيث عاثت الخنازير خرابًا لم يجده صاحب المزرعة مسليًا.
ونفى أسانج مسؤوليته عن الفوضى، مشيرًا إلى شابين في المزرعة، قال إنهما "اخترقا" السياج مستخدمًا لغة الانترنت، التي أذاعت صيت ويكيليكس في انحاء العالم.
ويبدو اسانج في وضعه الجديد، حيث أصبح العم أسانج، كما يناديه أطفال مضيفه سمث، بعيدًا عن صورة الشخصية الدولية الغامضة، وأقرب الى الشخص الذي تجمد في لحظة ظرفه الاستثنائي. إذ يضع أسانج على معصمه سوارًا الكترونيًا يرصد حركته، ويراجع يوميًا مركز شرطة المنطقة، حيث يوقع ليثبت أنه لم يهرب ويواصل قدر الإمكان تنفيذ أجندة ويكيليكس من هذا المكان.
وحتى في هذا الركن المنزوي من الريف الانكليزي، يرى أسانج أعداء يتربصون به، مشيرًا الى ان مروحيات كانت تحلق بين حين وآخر لغرض الاستطلاع، ويقول مراسل نيويورك تايمز إن أسانج منعه من دخول غرفة حوَّلها الى مقر قيادة العمليات معتذرًا بابتسامة باهتة أن دخولها ممنوع.
ولكن اسانج يعيش على حافة القانون. إذ تواصل السلطات الفيدرالية في الولايات المتحدة وأستراليا تحقيقاتها في ما إذا كان نشر وثائق ومعلومات مصنفة على موقع ويكيليكس يشكل فعلاً إجراميًا يهدد حياة عناصر وعملاء من بلدان وأجهزة مختلفة. وطلب الإدعاء العام السويدي تسليمه للاستجواب بشأن اعتداءات جنسية مفترضة على امرأتين، لكن تهمة لم توجّه اليه في هذه القضية.
في هذه الأثناء، انشق عاملون في ويكيليكس متهمين أسانج بإدارة المنظمة بطريقة تفتقر الشفافية اللازمة. لكن جريمته الوحيدة، برأيه، أنه تحدى النخب القوية، وان عزلته الحالية، في الريف الانكليزي، هي نتيجة خياراته.
بعد اسبوع على نشر سيرة حياته على الضد من رغباته، لم يكن أسانج راغبًا في عودة الأضواء الإعلامية الى وضعه. ولكنه كان ودودًا ومنفتحًا شريطة ألا يُسجل حديثه.
وافق أسانج على أن يُنقل عنه شعوره بالامتنان للمأوى الذي وفره له سمث صاحب المزرعة، ثم تطرق الى القائمة الطويلة لأعدائه، ومنهم صحيفة نيويورك تايمز وصحيفة الغارديان وحكومات بريطانيا والسويد والولايات المتحدة.
واعتبر أن الاختلاف مع كل من يتعامل معه مؤشر الى الخطر الذي يمثله على الوضع القائم، وليس، كما يقول البعض، نتاج عادته في العمل أحاديًا وفق قواعد لا يعرفها أحد سواه.
تتكلف العزلة التي توفرها عوامل الجغرافيا بإبعاد عيون الصحافة المتطفلة ما عدا بعض الاستثناءات. ولكنها تعني ايضًا أن اسانج، الذي ظل سنوات عديدة في حركة دائبة لا يستقر في موطن، هو الآن حبيس المكان الذي انتهى اليه ليدير مشروعًا عالميًا غامضًا من مزرعة ريفية في شمال لندن.
ويبدي سمث اعتزازًا بمزرعته، لكنه يرى عملاً ينتظر الإنجاز في كل ناحية. ولكن أسانج يتعامل مع المزرعة من منظار مختلف. وحين يدخل مع مراسل نيويورك تايمز حديقة مسورة تحسبًا لأي ميكروفونات اتجاهية حساسة، يلقي اسانج نظرات من حوله، ويقول "هذا هو المكان الوحيد الذي يمكن في الحقيقة إجراء حديث آمن فيه". والى ان يحدث تطور جديد في قضية مؤسس ويكيليكس، سيتعين عليه التسليم بهذا المربع الصغير.