زيارة البابا إلى المانيا تفشل في ارضاء منتقديه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
برلين: انتهت اول زيارة رسمية للبابا بنديكتوس السادس عشر الى مسقط رأسه المانيا الاحد دون ان تحقق توقعات ضحايا للاعتداءات الجنسية تعرضوا لها على ايدي قساوسة بالكنيسة، او مطالب المزيد من الانفتاح والتسامح من جانب الكنيسة.
وهدفت الزيارة التي استمرت اربعة ايام وشملت العديد من اللقاءات في برلين وفي ارفورت المدينة الواقعة في شرق المانيا الشيوعي السابق وفي فرايبورغ حيث معقل الكاثوليكية، الى دعم الكنيسة التي تواجه ازمات بينها فضائح الاعتداءات الجنسية وانتشار العلمانية المتزايد.
وخاطب البابا الذي يقدر اتباع كنيسته ب1,2 مليار نسمة في العالم، حشودا رحبت بقدومه واجرى محادثات مع سياسيين ومع اقطاب للمجتمع الاسلامي واليهودي في المانيا وكذلك مع ممثلين للطوائف المسيحية البروتستانتية والارثوذكسية في بادرة تصالحية.
غير ان الذين توقعوا ان يتخذ البابا خطوات ملموسة لرأب انشقاقات دينية او لجعل الكنيسة تواكب العالم حتى تكسب ود اتباعها الذين قرروا الابتعاد عنها اصيبوا باحباط كبير.
واعتبرت صحيفة تسيدويتشه تسايتونغ الصادرة في بافاريا ذات الغالبية الكاثوليكية في مقال افتتاحي عكس نبرة غالبية الصحف "لقد كانت زيارته في المجمل مخيبة للامال -- لقد تجاهل البابا المسيحيين البروتستانت وقبل كل شيء الكثير من الكاثوليك".
وقالت الصحيفة ان الزيارة "ستعمق الانشقاقات داخل الكنيسة الكاثوليكية. في انكلترا (العام الماضي) تمكن البابا من قلب التشكك تجاهه ليحوله الى حماس، لكنه لم ينجح في المانيا".
وقال استاذ اللاهوت الكاثوليكي فيرنر تشيتش المعروف بنقده للكنيسة، في مداخلة لموقع صحيفة دير شبيغل الاسبوعية على الانترنت "لن يتغير شيء في ظل بنديكتوس السادس عشر -- لقد كانت زيارة هذا العام عرضا لطيفا، لا أكثر".
وقال تشيتش ان من توقعوا تخفيف مواقفه ازاء الجنس، ودور النساء في الكنيسة، والانفتاح على الاديان الاخرى "لا يعرفون هذا البابا".
واضاف "انه استعراضي يعرف كيف يخفي قسوته".
ورغم التغطية الاعلامية الواسعة للزيارة فقد قوبلت بلامبالاة من قبل فئات عدى في مجتمع تتزايد علمانيته وتتحرر افكاره ازاء القضايا الجنسية.
وحتى الاحتجاجات في برلين على فضائح الاعتداءات الجنسية من قبل كهنة بحق اطفال، وعلى معارضة الكنيسة للمثلية ولموانع الحمل غير الطبيعية، اتت على نطاق محدود.
غير ان اعدادا كبيرة من الالمان ابتعدوا عن الكنيستين الكاثوليكية او اللوثرية.
ويقول ريتشارد ديفيد بريخت، الكاتب الالماني الذي حققت كتاباته الفلسفية مبيعات ضخمة، ان استقبالا فاترا في ألمانيا، التي تفاخرت كثيرا بانتخاب بابا الماني عام 2005، يعكس توجها غربيا عاما.
وقال لتلفزيون زد دي اف "مصير الكنيسة الكاثوليكية خلال السنوات او العقود القليلة المقبلة لا يبدو ايجابيا جدا ولا اعتقد ان زيارة البابا ستوقف تراجع شعبيتها في المانيا".
وتابع "اعتقد اننا سنشهد تراجعا مستمرا لاعداد الكاثوليك في البلاد ما لم نتعرض لازمة اقتصادية كبرى".
واستغل البابا زيارته لحث الكاثوليك الالمان على الوحدة ولتأكيد موقف الكنيسة ازاء مجموعة من القضايا منها الموانع غير الطبيعية للحمل، والاجهاض، والقتل الرحيم، فضلا عن الزواج باعتباره وحدة رجل بامرأة.
وقال البابا ان الكنيسة تمر بمفترق صعب وحث المؤمنين على مواصلة التمسك بها "في هذا الوقت الذي يشهد اخطارا وتغيرا جذريا .. وازمة ايمان".
واجرى البابا لقاء خاصا مع مجموعة صغيرة من ضحايا الاعتداءات الجنسية في ارفورت الجمعة، مثلما فعل في زيارات سابقة لبريطنيا ومالطا والولايات المتحدة واستراليا.
غير ان هيئات تتحدث باسم ضحايا الاعتداءات طالبت الفاتيكان بفتح ملفاته التي قالت انها تتضمن توثيقا لتلك الاعتداءات، فضلا عن التحقيق في تلك الجرائم تحقيقا كاملا.
وسبق القاء البابا خطابه امام البرلمان الالماني الخميس في برلين، جدل واسع استبق الزيارة حيث قاطع نحو 60 نائبا الخطاب قائلين انه يتعارض مع مبدا الفصل بين الكنيسة والدولة.
غير ان الخطاب الفلسفي العميق قوبل بتصفيق حاد من قبل النواب الحاضرين واشارت المستشارة انغيلا ميركل، وهي ابنة قس بروتستانتي، الى ان دعوة البابا الى احياء القيم في الحياة العامة وجدت صدى بين الحاضرين.
وقال جيم اوزدمير احد زعماء حزب الخضر المعارض الذي اثنى عليه البابا خلال الخطاب رغم مقاطعة من الحزب لخطابه، انه فوجئ برسالة البابا التي قال انها استندت الى "الفلسفة الانسانية".
وقال اوزدمير المولود لابوين تركيين، لصحيفة فيلت ام زونتاغ "في رأيي الشخصي مد جسرا قويا لاصحاب الاديان الاخرى".
كما اعرب رئيس اساقفة المانيا روبرت تسوليتش عن سعادة الكنيسة بالزيارة حيث توافد اكثر من 200 الف شخص للاستماع الى البابا متحدثا بلغته الاصلية، حيث قال للصحافيين "فاقت الزيارة كافة توقعاتنا".