عودة بوتين تختبر الصفحة الجديدة في العلاقات الأميركية الروسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: كانت "الصفحة الجديدة" التي اعلنها الرئيس الاميركي باراك اوباما في العلاقات بين بلاده وروسيا بين ابرز بنود سياسته الخارجية، غير ان ما ستحمله تلك الصفحة يتوقف كثيرا على عودة فلاديمير بوتين الى رئاسة روسيا بعد خروج دميتري مدفيديف منها.
فقد كان مدفيديف شريكا هاما لاوباما، الا انه صرح السبت انه سيتنحى لصالح بوتين الذي بات قاب قوسين او ادنى من تولي الرئاسة في اذار/مارس المقبل. ويقول ماثيو روجانسكي من معهد كارنيغي للسلام الدولي "اسس اوباما ومدفيديف لعلاقة عمل جيدة جدا مما ساهم بتحقيق نتائج مثمرة".
وتابع "لكن ذلك سينتهي مع انتهاء ولاية مدفيديف باعتبار الرئيس هو من يمسك بمقاليد الخارجية الروسية". لقد وجد كل من اوباما ومدفيديف قواسم مشتركة بينهما ليس اقلها انهما شابان. كما هناك خلفية عملهما كمحاميين، ونزوع كل منهما الى حكم التكنوقراطيين، وقد مثلا جيلا سياسيا على اطلاع كامل بتويتر وفيسبوك.
غير ان البعض في واشنطن، بالاخص بين الجمهوريين المحافظين، يرون في بوتين شخصية اكثر من العصر السوفياتي عنها من عصر التواصل الاجتماعي عبر الانترنت. ومع ان البيت الابيض مدرك للعلاقات الودية الراهنة، كما يدرك ان العلاقات قد تردت بين الرئيس السابق جورج بوش وبوتين عندما كان هذا الاخير رئيسا للبلاد واحتمال ترديها مع عودته اليها، الا انه شدد على ان "الصفحة الجديدة" اساسها المصلحة الوطنية وليس شخصيات.
ويقول مسؤولون ان التواصل الاميركي-الروسي من القوة بحيث يستمر باختلاف اللاعبين السياسيين ويرفضون الانتقادات بأنهم وضعوا رهانهم على الحصان الخاسر بخطبهم ود مدفيديف. كما يقولون ان مبادرة اوباما تجاه موسكو جعلت العالم اكثر امنا اذ ادت الى خفض الترسانات النووية وضمنت التعاون الروسي -- او على الاقل عدم عرقلة روسيا للتحركات الاميركية -- خاصة على صعيد الاولويات الاميركية في ايران وليبيا.
ويقول تومي فيتر المتحدث بلسان مجلس الامن القومي "لقرابة ثلاثة اعوام عمقنا علاقاتنا مع المؤسسات الروسية ومع الشعب الروسي ورئيسه". ويتابع "ومن ثم فإننا على ثقة بمواصلة التقدم الذي احرز خلال ادارة اوباما" وجاء ذلك في بيان مفصل بشكل غير معتاد ما يعكس اهمية مبادرة اوباما تجاه روسيا بالنسبة للبيت الابيض.
واكد فيتر ان اوباما، الذي ركز على تبديد اجواء عدم الثقة بين خصمي الحرب الباردة مع وصوله للسلطة في 2009، حاول اقامة علاقات حكوماتية واجتماعية مع عموم روسيا وليس فقط مع الكرملين. ولم يفوت اوباما ومدفيديف فرصة لتعزيز الصداقة بينهما حيث تبادلا المعايدة باعياد الميلاد عبر الهاتف كما خرجا سرا من البيت الابيض لتناول هامبرغر في مطعم للوجبات السريعة.
والان ستبدأ التكهنات كيفية تعامل بوتين للمرة الثانية مع العلاقات الاميركية الروسية، اذ يتوقع على الاقل نظريا ان يستمر في الحكم حتى 2024. فلو كان كما يعتقد الكثيرون بوتين المحرك الحقيقي وراء مدفيديف فمعنى ذلك انه وافق على توثيق العلاقات مع واشنطن.
وفي بيانه اكد فيتر انه "بينما ربطتنا علاقة عمل قوية جدا مع الرئيس مدفيديف، فمن الجدير الاشارة الى ان فلاديمير بوتين كان رئيس الوزراء خلال فتح الصفحة الجديدة لتلك العلاقات". غير انه ليس من المحتمل ان يعقد اوباما وبوتين قمة على طاولة مطعم هامبورغر واذا عاد بوتين الى السلطة فمن المتوقع ايضا عودة صورة رسمية باردة لتلك العلاقات.
كما بالامكان ان تفرض معطيات سياسية تحديا للعلاقات الجديدة، وهي المعطيات التي تطرأ في الولايات المتحدة كما في روسيا. فاوباما يواجه احتمالات صعبة امام اعادة انتخابه العام المقبل مع تردي شعبيته في ظل تأخر التعافي الاقتصادي.
كما لم يكشف المرشحون الجمهوريون للرئاسة عن تفاصيل سياساتهم الخارجية، غير ان رئيسا جديدا قد يتخذ موقفا اقل دفئا تجاه موسكو. فبعض الجمهوريين ينظرون بريبة الى خلفية بوتين كضابط في جهاز استخبارات كي جي بي السوفيتي السابق، كما يتشككون في نوازعه الاستبدادية ويعربون عن اسفهم لتقويض الحريات في ظل وجوده بالسلطة ولا يبرؤون ساحة مدفيديف تماما من تلك الاتهامات.
وقد قالت اليانا روس-ليتينن النائبة الجمهورية البارزة العام الماضي "ان الاوان لان يفيق الرئيس اوباما ويعي الطبيعة الوحشية للنظام الذي يتعامل معه في موسكو ويعيد التفكير في صفحته الجديدة". وكان البيت الابيض انتقد الفساد في روسيا عبر تصريحات لنائب الرئيس جو بايدن، غير انه اشار الى ان المبادرة في العلاقات بين البلدين اتت بمنافع واضحة.
فقد سمحت روسيا بما يصل الى 50 بالمئة من امدادات الحرب الاميركية في افغانستان بالمرور عبر اراضيها. كما دعمت موسكو، او لم تحل دون، العديد من التحركات الدبلوماسية الاميركية في مجلس الامن، بما في ذلك فرض عقوبات على ايران والحصول على تفويض دولي ببدء الحملة الاطلسية على ليبيا.
غير ان موسكو، شأنها شأن بكين، رفضت فرض مجلس الامن عقوبات على سوريا لحملة النظام السوري على المعارضين. كما تعتمل توترات على خلفية الخطط الاميركية للدفاع الصاروخي، وإن اقر الجانبان معاهدة جديدة لخفض الاسلحة الاستراتيجية تم بمقتضاها خفض الترسانتين النوويتين الاضخم في العالم.