أخبار

التعيينات على رأس وسائل الإعلام التونسية تثير استياء هيئات الاختصاص

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تونس: أثارت التعيينات التي أعلنت عنها الحكومة التونسية على رأس عدد من وسائل الإعلام العمومية استياءً لدى عدد من الهيئات ذات العلاقة بالإعلام على غرار النقابة الوطنية للصحافيين التي رأت في هذه الخطوة " تجاهلاً لأهل الاختصاص" ووجود من كان "خادما طيّعا للنظام السابق" برغم "الانفلات الإعلامي" الذي أثار حفيظة التونسيين وساهم في تأجيج حمّى الإحتجاجات والإعتصامات في الفترة الأخيرة.

البعض يرى في الخطوة عودة لاساليب نظام بن علي

سمير ديلو، وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية تحدث في إحدى القنوات التلفزية قائلا: "لا أظن أن هناك مغزى خاص لهذه التعيينات فقد هناك شغور على رأس التلفزة الوطنية، وهو مرفق عمومي لا يمكن أن يتواصل فيه الفراغ إضافة إلى أنه لا يمكن أن نحمّل هذه التعيينات أكثر مما تحتمل فلا يتعلق الأمر بالاعتداء على حرية الإعلام ولا يجب أن تصبح قضية ذات حساسية، وقد قلنا اقتناعا لا اضطرارا أننا مع حرية الإعلام".

وحول استقالة المدير العام للتلفزة الوطنية قال ديلو: "هذا الأمر تقديري فالبلد به حكومة شرعية تتخذ ما تراه مناسبا ويجب أن نعلم جميعا أنّ الأمر يتعلق بمرحلة انتقالية والمرسوم عدد 116 والمؤرخ في 02/11/2011 ينص على إنشاء الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، وهي التي ستضمن أن تكون التعيينات والقرارات في هذا المستوى مطابقة للمعايير الدولية التي تمت الإشارة إليها في بيان الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال، ولكن لا يجب التسييس المفرط لهذا الموضوع. لقد كانت هناك دعوة للاعتصام أمام رئاسة الحكومة ردا على تصريحات، ولكني أقول إنه كما أن الإعلام من حقه أن يكون حرا وينتقد الأعمال الحكومية فإن من حق المسؤولين الحكوميين أيضا أن يعبروا عن آرائهم في أداء الإعلام، وليس في ذلك أي مسّ من استقلالية هذا القطاع، ومن حريته، ومن يشكلون الحكومة كانوا من أبرز وأشرف المدافعين عن حرية الإعلام وهم الآن كذلك لم يتغيروا..".

النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أصدرت بيانا عبرت فيه عن "رفضها لهذه الأساليب المعتمدة في تعيين المسؤولين على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية وتنديدها بمواصلة تجاهل أهل الاختصاص، فإنها تحمّل الحكومة المؤقتة مسؤولياتها كاملة في ما سيترتب عن هذه التعيينات العشوائية من نتائج خطيرة على المهنة والقطاع وترديه خاصة وأن بعض المعيّنين كان خادما طيّعا للنظام الاستبدادي السابق بل إن بعضهم ارتبط اسمه بملفات فساد".

وفي حديث لـ"إيلاف" عبر الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، المنجي الخضراوي، عن استياء النقابة من هذه التعيينات وقال: "المشكل لا تتعلق بالأسماء بالرغم من وجود شبه في بعضها، بل في منهجية التعيين، وقد كان الرئيس المخلوع يقوم بنفس العمل بل هذا أخطر لأن بن علي لم يقم يوما بتعيين رئيس تحرير صحيفة بالرغم من أنه لن يكون رئيس تحرير، من لم يكن راضيا عنه وأول مرة في تاريخ تونس القمعي يتم تعيين رئيس تحرير لصحيفة لابراس".

وعن "التعيينات العشوائية" في البيان قال الخضراوي: "أهل الاختصاص هم الأدرى بأصحاب الكفاءة ونقابة الصحافيين أو الهيئة العليا لإصلاح الإعلام تضمّان من عانى من نظام بن علي وهم من أصحاب الكفاءات.. والغريب أن النظام الجديد سقط في لعبة "الذي يطبق التعليمات هو الأولى بالتعيين"، وبالتالي لم تتم عملية الاختيار على أساس الكفاءة والمهنية، ولكن تم ذلك فعلا على أساس الولاء ومن كان مع بن علي هم اليوم من يتم تعيينهم على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية ففي جريدة الشروق مثلا نجد نفس الأشخاص الذين كانوا مع بن علي هم نفسهم اليوم مع حركة النهضة وهم فعلا لم يستشيروا أحدا.".

الخضراوي يوضح ما جاء في البيان حول "سيترتب عنها نتائج خطيرة على المهنة وعلى القطاع"، فيقول: "الصادق بوعبان أو نجيب الورغي مثلا لهما تجربة في إدارة المؤسسات الإعلامية وكانت النتائج كارثية، كما أن البعض ممن تم تعيينهم الآن ليس لهم الكفاءة المطلوبة والأغرب من ذلك أن الحكومة تعتقد أنّ إصلاح الإعلام يكون بتعيين أشخاص موالين لها بينما إصلاح الإعلام لن يتم إلا بإصلاح قانوني وهيكلي وفي طبيعة التعيينات والبرامج، وبالتالي فإن وسيلة الإعلام ستعطي وجهة نظر واحدة أو هي تمجّد هذه وتنتقد الأخرى ورؤساء التحرير عندما يتم تعيينهم سيكونون بالضرورة أوفياء لمن عيّنهم حفاظا على مواقعهم وهذا بالطبع ستكون له نتائج وخيمة على الإعلام ونعود بالتالي إلى الإعلام الآحادي".

الكاتب العام لنقابة الصحافيين التونسيين، المنجي الخضراوي، يؤكد على أنّ من بين من تم تعيينهم كان "خادما طيّعا للنظام السابق" ويشير إلى أنّ: "اثنان أو ثلاثة من المعينين كانوا فعلا خدما للنظام السابق فالصادق بوعبان كان مديرا لتونس7 في عهد بن علي كما أنّ نجيب الورغي كان هو الآخر مديرا عاما لجريدة الحرية لسان حزب التجمع المنحلّ..".

أما عن "الانفلات الإعلامي" وما ولّد من إثارة تسببت في تنامي حركة الاحتجاجات والإعتصامات فقد أوضح الخضراوي أنّ: "الانفلات الإعلامي لم يقتصر على الفترة الأخيرة بل كان منذ 14 يناير، ولكن فتح عملية إصلاح الإعلام اليوم متعلق برغبة الحكومة في السيطرة على الإعلام، وهناك مؤشرات دقيقة ورئيس الحكومة يقول دائما "الإعلام الحكومي" ونحن أوضحنا أنه "إعلام عمومي" كما أنّ الإعلام يصرّ على "الحكومة المؤقتة"، وبالأمس قال سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والناطق الرسمي باسم الحكومة أراد أن يوضح ذلك من وجهة نظر الحكومة والانتقاد الذي يوجه اليوم إلى وسائل الإعلام هو أن الموجودين حاليا في مفاصل وسائل الإعلام كانوا بدأوا عملهم قبل 14 يناير وكانوا معيّنين من طرف بن علي، وهم بالتالي من الموالين للنظام السابق، فالإعلام اليوم لا نجده عاكسا لما يجري في الشارع، لأن هناك أسماء لا تتسم بالكفاءة هي المسيطرة على وسائل الإعلام، كما أنّ رجال السياسة اليوم ما يزالون يتمرسون على الديمقراطية، وكذلك الشأن بالنسبة للإعلام والنقابة الوطنية للصحافيين، وفضلا عن أنها تسعى لتطهير الإعلام من تلك الرموز التي خدمت نظام بن علي، فهي تسعى جاهدة إلى إعادة هيكلة المؤسسات والمساهمة بجدية في إصلاح الإعلام من خلال الكفاءة والمهنية للصحفيين."

وقال رئيس الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال، كمال العبيدي:" إنّ الحكومة الجديدة لم تف بوعودها بعد أن كان رئيس الحكومة قد وعد في وقت سابق بعدم التدخل فى شوؤن الإعلام. وهذه القرارات تعدّ خطوة إلى الوراء في وقت تسعى فيه الهياكل المهنية والهيئات المختصة في الإعلام إلى تقديم تصورات وتوصيات تتعلق بالمعايير الدولية الضامنة لاستقلال المؤسسات الإعلامية عن السلطة التنفيذي، كما أن حكومة السبسي كانت أكثر تشاورا مع هيئات الإعلام، والآن ما يبعث على التخوف هو قيام الحكومة الجديدة بهذه التعيينات دون تشاور وهذا التمشي غير معمول به في الأنظمة الديمقراطية.".

وفي مقال بجريدة "الصباح" كتب جمال الدين بوريقة، يقول: "في هذا الوقت بالذات حصلت مفاجأة من الحجم الثقيل، لم يتوقعها احد من العاملين في القطاع أو المهتمين به مفاجأة نزلت على الجميع نزول الصاعقة وكأنها رسالة واضحة للجميع بأن "حليمة" مصرة على "العودة إلى عادتها القديمة" وبأنها تريد أن يكون اليوم شبيها بالبارحة. فقد أسقطت رئاسة الحكومة أمس قائمة في تعيينات "أحادية الجانب" على رأس عدد من المؤسسات الصحافية للقطاع العمومي تضمنت ويا للعجب، وهذه سابقة خطيرة وخطيرة جدا على حرية الإعلام واستقلاليته حتى تسميات لرؤساء تحرير (جريدتا لابريس والصحافة) وهو على حد علم المتتبعين للمشهد الإعلامي لم يحدث حتى خلال فترة حكم الرئيس المخلوع إذ كان الرئيس المدير العام للمؤسسة هو من يعين رئيسي التحرير.".

ويضيف بوريقه في مقاله: "هذه التعيينات تصيب الإنسان بالذهول ـ إذ نجد في القائمة قسما لا يستهان به من رجال العهد البائد، ومن مناصريه المتمركزين في الصفوف الأمامية، فالرئيس المدير العام الجديد مثلا لشركة نسيب (لابريس والصحافة) هو المدير السابق لجريدة "لورونوفو" وفي عهده "المزهر" أصحبت الجريدة بوقا لليلى بن علي ولتلميع صورتها وتسويقها لتصبح "رجل تونس الأولى" بعد بعلها إذ أنها قدمت في ملف خاص بها على صفحات الجريدة المنورة على أنها تفهم في الإستراتيجية الجيو ـ سياسية، وفي العلاقات الدولية! وتحتوي قائمة المعينين الجدد على قسم من المناشدين ومن الوجوه الإعلامية "المتميزة" للعهد البائد. ".

من جهة ثانية، أشار بوريقة في حديث لإذاعة تطاوين إلى سقوط بعض وسائل الإعلام في عمليات إثارة الرأي العام ويوضح أنّ: "مناخ الكبت الذي كان سائدا جعل الصحافيين يشعرون الآن بعقدة الذنب ويريدون اليوم أن يكونوا تقدميين، وينقد وينتقد كل شيء إلى درجة أحيانا غير معقولة وهو نوع من الانفلات يجب أن نعترف به فسابقا كان الجميع تقريبا مع النظام والآن يريدون أن يكونوا ضد كل إجراء تتخذه الحكومة والإعلام في عهد بن علي كان يتوجه إلى السلطة، والآن هو يحاول أن يغفر ذنبه بأن يكون ضد السلطة، ولكن بقليل من الصبر يمكن أن تتحسن الأمور وتصبح هناك موضوعية.. ".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف