أخبار

خبراء تونسيون يشخّصون العلاقة بين الحكومة واتحاد الشغل

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

شدد خبراء وملاحظون للشأن السياسي في تونس على أهمية اللقاء الذي جمع قبل يومين رئيس الحكومة حمادي الجبالي والرئيس الجديد للمركزية حسين العباسي نظرًا إلى دقة المرحلة التي تمرّ بها تونس وحساسية الوضع الإقتصادي والإجتماعي بعد عودة الإحتجاجات والإعتصامات.ويرى البعض أنّ هناك من يقف وراء تشجيع الشباب على التمرّد حتى تغرق حكومة النهضة في المشاكل الإجتماعية التي لا حدود لها.

محمد بن رجب من تونس: كان رئيس الجمهورية التونسي د. محمد المنصف المرزوقي قد دعا في أول كلمة له بعد تنصيبه إلى "هدنة اجتماعية" تدوم ستة أشهر بعيدًا عن أي نوع من الإحتجاجات حتى تنهض البلاد في ظل السلم الإجتماعي.

في السياق نفسه، وشعورًا بأهمية السلم الإجتماعي في الحثّ على الإستقرار، فقد حذرت الحكومة برئاسة حمادي الجبالي من التداعيات السلبية للإعتصامات والإحتجاجات التي شهدتها البلاد طوال السنة الماضية 2011، والتي تجاوزت 500 إعتصامًا وإضرابًا، وهي تعرقل الإقتصاد، وكانت وراء خسارة أكثر من 100 ألف فرصة عمل.

وأضاف سمير ديلو وزير حقوق الاإسان والعدالة الانتقالية والناطق الرسمي باسم الحكومة أنّ نحو 513 اعتصامًا تم تنظيمها في مختلف المدن، وهذه الإعتصامات تعمل على عرقلة النشاط الإقتصادي، الذي يجب أن يعود إلى سالف نشاطه، حتى تنهض البلاد من الركود الذي تعيشه. ودعا ديلو التونسيين إلى عدم تنظيم اعتصامات عشوائية.

الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي، وبعد لقائه رئيس الحكومة حمادي الجبالي، صرّح بأنّه "تم الإتفاق مع رئيس الحكومة على مواصلة التشاور والتعاون في كل المجالات، وخاصة الإقتصادية والإجتماعية".

وأضاف العباسي: "لقد طرحنا العديد من الموضوعات العاجلة، التي سيعمل اتحاد الشغل على تحقيقها خلال السنة الحالية". وأشار العباسي إلى أنّ " الحكومة مستعدة للتعامل مع اتحاد الشغل والتشاور والتعاون، واعتباره شريكًا فاعلاً ورئيسًا في كل الأمور التي تهم البلاد، وخصوصًا في هذا الظرف الحساس من مستقبل البلاد".

أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية والخبير لدى الاتحاد العام التونسي للشغل د. عبد الجليل البدوي أكّد أنّ هناك بعض المشاكل بين المنظمة الشغيلة والحكومة الحالية برئاسة حمادي الجبالي، وتتمثل في بعض الإتفاقيات التي لم يتم توقيعها حتى الآن من طرف وزارة المالية، وبالتالي فهي غير قابلة للتنفيذ. أما الموضوع الرئيس، الذي كان موضوع خلاف بين الطرفين، فهو ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وقد تم التطرق إليه.

عن العلاقة بين المنظمة الشغلية والحكومة، قال د. البدوي في حديث لـ"إيلاف": "ليس هناك خلاف بين الطرفين حتى تكون هناك مصالحة، ولكن هناك بعض الإتفاقيات، التي تنتظر موافقة وتوقيع الحكومة، وهو خطأ ارتكبته وزارة المالية، التي لم تعمل على إقرارها حتى تدخل حيز التنفيذ، والإتحاد ليس لا علاقة له في ذلك، وبالتالي لا يمكن الحديث لا عن مصالحة ولا عن عداء".

وأضاف د. البدوي معللاً عدم موافقة اتحاد الشغل عن "الهدنة"، التي دعا إليها المرزوقي: "يقولون إن للإتحاد يدًا في الإحتجاجات والإعتصامات التي حصلت أخيرًا، ويقولون إن 513 إضرابًا واحتجاجًا حصلت طوال العام 2011، منها 163 إضرابًا شرعيًا، والبقية ليست تظاهرات عمّالية بالأساس، والإتحاد لم يؤطرها، منها ما هو في مؤسسات غير مهيكلة، كشركة يازاكي في قفصة، وهناك إحتجاجات نظمت لعاطلين عن العمل يطالبون بتشغيلهم، وهذه لا دخل للإتحاد فيها، وهو يعمل دائمًا في كنف القانون، و"الهدنة" لا يمكن أن تكون عندما تظهر بعض المشاكل، والإتحاد لا بد أن يدافع عن منظوريه، و"الهدنة " تتطلب عقد اجتماعات، تشمل جميع مكونات المجتمع، والقيام باتفاق لإيقاف الإضرابات والإحتجاجات، والإتحاد وحده غير مسؤول عن كل ما يحدث داخل الساحة العمالية، وفي اللقاء الأخير بين الجبالي والعباسي قد تم الإتفاق على تمكين الإتحاد من دور ملاحظ "في المجلس التأسيسي خلال صياغة الدستور".

وعن العلاقة التي يجب أن تكون بين الحكومة والإتحاد، ودور هذا الأخير في المرحلة الإنتقالية الصعبة التي تعيشها البلاد، قال د. عبدالجليل البدوي: "الحكومة هي التي تمسك بالسلطة، وبالتالي عليها أن تراعي العديد من الجوانب الإجتماعية والسياسية والإقتصادية مع جميع الأطراف حتى تشرك الكل في التأسيس لتونس الجديدة، وبالتالي عليها أن تفي بمنطق الإنتقال الديمقراطي، وتعتمد مبدأ الحوار والتشاور منهجًا للحكم مع مكونات المجتمع المدني كافة، بما فيهم اتحاد الشغل ومنظمة حقوق الإنسان ونقابة الصحافيين ونقابة المحامين وغيرها".

د. البدوي عبّر عن مخاوف من تهميش الإتحاد مبيّنًا أنّ "اتحاد الشغل هي المنظمة الوحيدة التي لها الوزن والثقل والإنتشار والمصداقية التاريخة في المجتمع في غياب أحزاب قوية، ومع فقدان مؤسسات ذات مصداقية، وبالتالي لا يمكن تغييب الإتحاد في كل الحالات، ولا يمكن أن يكون الإنتقال الديمقراطي سلسًا، إذا تمّ تهميش الإتحاد، وعدم تغييب المنظمة الشغلية يكون في إطار الإحترام المتبادل في ظل احترام استقلاليتها من دون محاولة احتوائها أو توظيفها، وهذا يخيف فعلاً كل الأطراف، وليس الحكومة دون غيرها، لأن منظمة بهذا الحجم الكل يريد أن يحتويها ويستميلها، والضرورة تقتضي التخلص من عقلية الإحتواء هذه، وبناء علاقة قوامها الإحترام والتفاهم والتشاور والتشارك الفعلي في القرارات".

أما الخبير د. منجي المقدم فقد تحدث عن العلاقة بين اتحاد الشغل والحكومة، موضحًا أنّ: "العلاقة بين الطرفين غير واضحة، ويشوبها التوتر بسبب سوابق، لأنّ هناك نيّة لدى الحكومة لمراجعة زيادات الأجور، وهذا ما لا يقبله الإتحاد، كما إن هناك ممارسات من الحكومة بخصوص الحريات وقطاع الإعلام لا تعجب المنظمة، من خلال تصريحات مسؤوليها. وعندما اسمتعنا إلى تصريحات رئيس اتحاد الشغل بدا غير راض، معلنًا عن جملة من المبادئ، واستعداد للعمل مع بعض، متسائلاً إذا كانت هناك نية صادقة بين الطرفين، وكل من جانبه، الإتحاد والحكومة، وهذه الأخيرة غير راضية عن الإحتجاجات والإعتصامات التي وراء بعضها الإتحاد، وإذا كانت النية طيبة بين الطرفين فيمكن أن يكون هناك عمل مشترك، وأنا أستبعد ذلك، لأن ما هو حاصل الآن لا ينبئ بملامح جيدة للمستقبل".

وأشار د. المقدم إلى أن أرضية العمل بين اتحاد الشغل والحكومة ليست جيدة، ويطغى عليها الصراع أكثر من الإتفاق والتفاهم، بالرغم من أنّ البلاد تقتضي الإتفاق والتشاور بعيدًا عن الصدام، لأنّ هناك نداءات بالتهدئة، حتى يعود الوضع العام إلى حالة الإستقرار الأمني والإجتماعي والسياسي، والتهدئة لن تكون إلا عبر اتحاد الشغل، وعن "الهدنة" يقول: "لا بد من الإتفاق أولاً، ثم احترام ذلك الإتفاق من أجل الهدنة، ولكن قبل الإتفاق لا يمكن الحديث عن هدنة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف