اتفاق السلام في شرق السودان لم يحسن اوضاع السكان

الخرطوم: يشعر سكان شرق السودان بخيبة امل بعد خمسة اعوام على توقيع اتفاق السلام بين الحكومة السودانية والمتمردين الذي كانوا يأملون ان يخفف من الفقر ويمنح المنطقة نصيبها من الثروة والسلطة.
وكانت منطقة شرق السودان شهدت حربا بين الحكومة السودانية ومتمردين تابعين للاقليم قبل ان يوقعوا اتفاق سلام في العاصمة الاريترية اسمرة في تشرين الاول/اكتوبر 2006.

ووقع هذا الاتفاق بين حكومة الخرطوم وجبهة شرق السودان التي تضم مؤتمر البجا وهم مسلمون غير عرب والاسود الحرة، قوات قبيلة الرشايدة الذي قاتلوا معا ما اعتبروه "تهميشا" من قبل حكومة الخرطوم.
لكن تحركهم لم يكن بقوة الاحتجاج في اقليم دارفور غرب السودان.

ويقول المقاتل السابق حسن دكين (33 عاما) وهو عاطل عن العمل اليوم "انه محبط محبط محبط"، مؤكدا "قناعته بان ما تم تنفيذه من اتفاق سلام شرق السودان لا يتجاوز 25% من الاتفاق".
وينص اتفاق السلام في الشرق على ان تدفع الخرطوم اموالا لصالح مشروعات في المنطقة بقيمة 600 مليون دولار خلال خمس سنوات.

كما حصل المتمردون السابقون على مواقع حكومية وتمثيل في البرلمان وتم دمج جزء من مقاتليهم في الجيش والشرطة والامن والمخابرات السودانية.
ويقول المتمردون السابقون ان جملة المبالغ التي دفعتها الخرطوم لا تتجاوز الخمسين بالمئة من المبلغ المنصوص عليه في الاتفاق.

من جهته، اكد محمود الازهري الذي قاتل سابقا في صفوف التمرد سبع سنوات ويبلغ من العمر اليوم 55 عاما "عند توقيع اتفاق السلام كانت قناعتي انها ستجلب لاهلي بعض الامل. لكن الان بعد ست سنوات لست راضيا عما تحقق من الاتفاق".
واضاف ان "بعض قادتنا من ايام التمرد اخذوا مواقع حكومية وتركونا بدون اي هدف".

وشرق السودان يضم ثلاث ولايات هي البحر الاحمر وكسلا والقضارف تملك ثروات واعدة من الذهب والغاز وموارد طبيعية اخرى.
لكن سكان المنطقة البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة يعانون من الفقر وتضرروا من الحرب والالغام الارضية والتغيرات المناخية.

وقال محمد الحسن (60 عاما) الذي يعيل اسرة من خمسة اولاد وامهم "انظر الى المزرعة. ليس فيها شئ".
وقد بدت هذه المزرعة الواقعة على بعد 25 كلم شمال شرق كسلا عاصمة ولاية كسلا خالية تماما من محصول الذرة الذي تعود زراعته، باستثناء بعض الشجيرات غير المثمرة.

ويقول الحسن "ليس لدي ما احصده على الرغم من ان هذا هو موسم الحصاد لان الامطار هذا العام كانت قليلة". ويضيف بحزن "نحن نعاني ولا احد يحس بنا او يسأل عنا".
وحسب الامم المتحدة، معدل الفقر ومعدل وفيات الاطفال الذين تقل اعمارهم عن الخمس سنوات، هو الاعلى بين كل مناطق السودان. اما معدل الاطفال الذين لا يدرسون بين سن السادسة وال13 عاما فهو الاعلى بين كل مناطق البلاد الاخرى.

ومعدل استيعاب الاطفال في فصول الدراسة في كل مناطق السودان بلغ 71 بالمئة في 2010. لكن المعدل في ولايات البحر الاحمر في السنة ذاتها يبلغ حوالى النصف، وفق لبرنامج الامم المتحدة الانمائي
ويشتكي محمد عميش من قرية مستورة غرب كسلا "حتى الان قريتنا ليس بها مدرسة للبنات وحتى مدرسة الاولاد غير مكتملة واغلب الشباب عاطلين عن العمل وليس لديهم ما يقومون به".

اما عمر الشيخ احد قادة التمرد السابق، فقد قال بحسرة "بعد هذه السنوات لسنا راضين عن الاوضاع في شرق السودان".
وتحدث عن "500 من المقاتلين السابقين في صفوف التمرد في كل الاقليم ليست لديهم اعمال ولم يتم استيعابهم في الجيش او الشرطة السودانية ولم يتلقوا حتى التعويض المالي عبر مفوضية اعادة الدمج والتسريح بعد توقيع اتفاق السلام".

من جهته، اكد رئيس اللجنة الحكومية لمراجعة اوضاع المقاتلين السابقين صلاح باركوين ان "التعويض المالي كان قليلا ولا يتجاوز ثلاثة الف جنيه (حوالى الف دولار)".
وحذر من ان "معدل الفقر في شرق السودان ومشكلة هؤلاء المقاتلين السابقين والشباب العاطلين عن العمل ومشكلات خدمات التعليم والصحة" تجعل المنطقة "بيئة صالحة لازمة".

ويؤكد المقاتل السابق حسن دكين ان "اي شئ قد يحدث".
اما ازهري الذي قضى سنوات مقاتلا، فلم يشر الى احتمال حدوث اضطرابات.

لكنه قال "لدينا اتصالات مع رفاقنا السابقين في مختلف مناطق الاقليم ونحن ملتزمون بحقوق شعبنا ولن ندع نضالنا يسرق".
واضاف ان "الناس في شرق السودان تعودوا ان يناضلوا ضد الطبيعة ويمكن لنضالهم هذا ان يتحول في مواجهة السلطات".

ورأى باركوين "على الرغم من ان الاوضاع سيئة، لكن يجب الا تعيدنا للحرب وعلينا الاستمرار في النضال السياسي".
واخيرا، قال وزير التربية السابق في ولاية كسلا احمد ترك الذي يدير منظمة طوعية محلية لمساعدة سكان الريف ان "اهل شرق السودان مهذبون والتعامل معهم سهل".

لكنه اضاف ان هذا الوضع قد يتغير "في اي وقت".