حماس تعيد توزيع أوراقها سعيًا إلى التكيّف مع البيئة الإقليمية الجديدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أعلنت حركة حماس عدم ترشح رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل لمنصبه مرة أخرى، ضمن مساعيها الرامية إلى التكيّف مع البيئة الإقليمية الجديدة. ويوضح محللون أن حماس تمرّ بمرحلة تحوّل على الأصعدة كافة، مع الإشارة إلى تأثير الوضع الراهن في سوريا على الحركة.
لميس فرحات، وكالات:تسعى حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، إلى التكيّف مع البيئة الإقليمية الجديدة، عبر إعادة توزيع أوراقها بين قيادتيها في الداخل وفي المنفى.
وأعلنت حركة حماس السبت أن رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، المقيم في دمشق، والذي يتعرّض لهجمات من مسؤولي الحركة في غزة، لن يترشح مرة أخرى للبقاء في منصبه هذا، ما يفتح الباب لخلافته.
وقال متحدث باسم حماس إن مشعل أبلغ مجلس شورى الحركة في اجتماعه الأخير برغبته ألا يكون مرشحاً لرئاسة الحركة في الدورة التنظيمية القادمة، من دون الإفصاح عن سبب تنحيه ومن يرجح أن يخلفه.
ويشير عمر شبانة، وهو خبير اقتصادي ومدير مركز بال ثينك للأبحاث، أن "حماس تمرّ بعملية تحوّل بفعل عوامل داخلية وخارجية".
ويوضح أن العديد من مسؤولي حماس في الداخل يتساءلون "لماذا يجب علينا أن نكون تحت الحصار" الإسرائيلي من دون تولي مقاليد الحكم بالفعل في القطاع.
يضيف شبانة "خارجيًا تتنازعهم الآمال المعلقة على مصر، والضغط الآتي من سوريا"، في إشارة إلى الانتصار الانتخابي، الذي حققه الأخوان المسلمون في مصر، وهي الحركة التي انبثقت منها حماس، والأحداث في سوريا، البلد الذي يستضيف قادة الحركة المنفيين.
ويشرح مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة "مع الأعمال الوحشية، التي يرتكبها النظام السوري ضد الأخوان المسلمين، لم تعد حماس قادرة على الحفاظ على وجودها في دمشق".
ويوضح أبو سعدة أن هناك تبدلاً في الأدوار بين خالد مشعل، الذي اعتبر طويلاً متصلبًا داخل حماس، بسبب علاقاته مع سوريا وإيران، وبين قيادات الحركة في غزة، الذين ظلوا حتى الآن يقدمون أنفسهم على أنهم أكثر برغماتية من مشعل.
ويتابع "عندما كان مشعل يحظى بدعم كامل من النظام السوري وإيران، قام بربط نفسه بهذا المعسكر، ولم يكن قادرًا على تقديم تنازلات".
"الربيع الإسلامي" قراءة خاطئة؟
يعتبر محمد ديجاني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس ان "الناس لديهم قراءة خاطئة للحركات الإسلامية في مصر وتونس. انه الربيع الإسلامي، لكنه ليس الربيع الاسلامي الذي ترغب فيه حماس. لقد كان هناك صحوة دينية، لكن بمعنى الاعتدال وليس بالمعنى الأصولي الديني".
كان مشعل يعتبر واحداً من أكثر القادة تشدداً، مقارنة مع قيادة حركة حماس في قطاع غزة. ومع ذلك، أدى حديثه عن التحول بعيدا عن العمل العسكري، وقبول قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى جعله "براغماتياً" في أنظار الحركة. كما انه يقود الجهود نحو المصالحة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة فتح التي يتزعمها، والتي تدعم اجراء محادثات مع اسرائيل ورفض المواجهة العسكرية.
مشعل يملك الأسباب الكافية لاتخاذ قرار التنحي، ففي الأشهر الأخيرة بدأت حركة حماس بنقل الموظفين وعائلاتهم من دمشق بسبب أعمال الاحتجاج والعنف في سوريا. وويرى المراقبون ان حماس تسعى لفتح مقر في مصر، وتريد الإشارة إلى أن لديها القدرة على إعادة صياغة نفسها بشكل أكثر اعتدالاً.
وتراوحت التكهنات حول رحيل السيد مشعل من خسارة الصراع على السلطة مع منافسيه من قطاع غزة الى وجود رغبة بالتماشي مع الاتجاهات الإقليمية في اتجاه الديموقراطية وتغيير النظام.
على الرغم من ذلك، لا يتوقع كثيرون أن تطور حركة حماس سوف يكون بعيدة المدى ويصل إلى الاعتراف باسرائيل والموافقة على محادثات السلام. فهذا من شأنه أن يجعل حماس تبدو شبيهة بحركة فتح التي يتزعمها الرئيس عباس، الذي انتقد من قبل الفلسطينيين لفشله في الفوز بالاستقلال عبر المفاوضات.
تصريحات مشعل تدهش المتشددين
قال أبو حسن، عضو في جناح "القسام"العسكري لحركة حماس في قطاع غزة "ان المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين، كل فلسطين. لقد دهشت عندما سمعترتعليق مشعل. أنا حقا لا أعرف ما الذي أصاب حماس...كثير من قادة القسام سوف يعارضون هذه الفكرة".
على الرغم من الصراعات الايديولوجية مع قادة حماس، إلا انهم يعتقدون أن رياح التغيير الإقليمية لصالحهم وستدعهم، خصوصاً مع سيطرة الجماعات الاسلامية على نتائج الانتخابات.
أعطت الانتخابات الأخيرة في مصر نحو نصف المقاعد في البرلمان للاخوان المسلمين، وهي ولاية ديمقراطية من المرجح أن تترجم إلى بيئة أكثر ودية لحماس هناك مقارنة مع العداوة الواضحة للرئيس السابق حسني مبارك.
يقول فوزي برهوم، الناطق باسم حماس في قطاع غزة: "اننا كفلسطينيين ندفع ثمن الديكتاتورية العربية. وأعتقد ان نتيجة العملية الديمقراطية قد تعني الدعم الكامل للحقوق الفلسطينية، بعد أن أصبحت الحكومات العربية داعمة للشعوب".
تحسن مكانة حماس وسط الجمهور أعطى دفعاً لمحادثات تهدف الى انهاء خلاف أربع سنوات ونصف السنة مع فتح. اتفقت حركتا حماس وفتح من حيث المبدأ على اجراء انتخابات في شهر أيار/ مايو من هذا العام، ويبحث الجانبين عن اجراءات لبناء الثقة مثل إطلاق سراح السجناء، على الرغم من أن هناك تقدم ضئيل على صعيد التنفيذ.
وتبقى قدرة الإسلام السياسي على الاستمرار في اكتساب المزيد من الزخم بين الفلسطينيين، معتمدة على التوازن بين جهود مشعل الجديدة في الاعتدال وإعادة تأكيد ايديولوجيته التي تميزه عن عباس وفتح.
ومع ظهور الثورات العربية ونجاحها، خصوصًا في تونس ومصر، أعرب مشعل عن استعداد حركته لتأييد "المقاومة الشعبية السلمية" خلال اجتماع عقد في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في القاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأمر الذي وصفه أبو سعدة "بالموقف الجديد".
ورد القيادي في حماس من غزة محمود الزهار بالقول، حسب أبو سعدة أيضًا، "إن بإمكان المقاومة المسلحة أن تكون شعبية".
ويرى أبو سعدة أن "ميزان القوى آخذ في التغيير من الخارج إلى الداخل، حيث إن قيادة حماس في غزة موجودة على أرضها، وتعتمد على عائداتها المحلية، فهي لم تعد تعتمد على المساعدات المالية الإقليمية".
وأعدّت حكومة حماس في غزة ميزانية قدرها 769 مليون دولار لعام 2012، بزيادة قدرها 22 % عن عام 2011، ومنها 174 مليون دولار من الضرائب، وهي زيادة كبيرة مقارنة بالأعوام السابقة.
واعتبر شبانة أن الميزانية "تنمو كل عام"، عازيًا هذا النمو إلى ازدهار اقتصاد إنفاق التهريب مع مصر.
ويشرح أن حماس "تفرض ضريبة على كل منتج تقريبًا: الوقود والسجائر والأسمنت ومواد البناء الأخرى".
إضافة إلى الوفرة النسبية، يستطيع قادة الحركة في غزة التمتع بالحرية في التنقل بعد فتح الحدود مع مصر.
وقام رئيس وزراء حكومة حماس إسماعيل هنية بجولة، استغرقت أسبوعين في مصر والسودان وتركيا وتونس، وهي المرة الأولى، التي يخرج فيها من القطاع منذ تولي حركته السيطرة على القطاع في حزيران/يونيو 2007.
ويشير وليد المدلل أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية في غزة إلى أن "زيارة هنية أوقفت الحصار السياسي على غزة"، في إشارة إلى الزيارة التي قام بها وفد حماس هذا الأسبوع إلى سويسرا للمشاركة في اجتماع برلماني.
وبحسب المدلل، "تتقارب حماس مع مواقف الإجماع الفلسطيني لتحقيق المصالحة وللتعامل مع المجتمع الدولي".
ويبقى أهم مصدر غير معروف في توازن القوى داخل الحركة، بحسب مخيمر أبو سعدة، هو دور جناحها العسكري القوي الملتزم حاليًا بهدنة مع إسرائيل، والمحسوب حتى الآن على خالد مشعل.
وبحسب أبو سعدة، فإن "كتائب عز الدين القسام ستدين بالولاء لمن يعطيهم المال لتمويل أسلحتهم. وخلال الفترة الأخيرة، أصبح مقاتلو القسام أقرب لقيادة حماس في غزة".
التعليقات
احبك في الله ياخالد
عراقي يكره البعثيه -انا رافضي وهو سني....لاادري لماذا اعشق هذا خالد مشعل المؤمن كثيرا ولو طلب مني ان افديه بنفسي لفعلت
تكتيك موقتي
احمد كريم -حماس تمرّ حاليا بمرحلة صعبة جدا ومثلما مرت بها منظمة فتح ومنظمة ابو نضال في العراق سابقا... لذا اعلنت عدم ترشح خالد مشعل لمنصبه مرة أخرى. وهذا تكتیك موقتي. وذلك لانها مستمرة بصناعة الارهاب والعمل المافیوي في دول ومناطق عديدة امثال سوریا والعراق ومصر ولبنان والظفة الغربية وغزة والخ.