الباعة المتجولون في ميدان التحرير...ثوار وبلطجية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يتنوع الباعة المتجولون في ميدان التحرير في مصر بين ثوار وشرفاء وبلطجية، يسعون إلى تأمين لقمة عيشهم فيبيعون المأكولات والمشروبات وحتى الأعلام. ويروون تفاصيل يومياتهم وما هي الظروف التي تغيرت بالنسبة اليهم بعد سقوط نظام مبارك.
القاهرة: ثوار، شرفاء ضاقت بهم الحال، بلطجية، وتجار مخدرات، هكذا حال الباعة الجائلين في ميدان التحرير في وسط القاهرة، بعضهم مؤمن بالثورة إلى درجة، ويراها آخرون مصيبة حلت على رؤوسهم، وأفقدتهم أعمالهم، ويحن إلى عهد الرئيس السابق حسني مبارك، لكنهم جميعاً يتفقونعلىأن ميدان التحرير "ثورة وأكل عيش". منذ اندلاع الثورة في 25 يناير الماضي، وبعد جمعة الغضب واستقرار الملايين من المتظاهرين في ميدان التحرير، صار مجتمعاً متكاملاً، كل ما يحتاج إليه رواده يجدونه، بدءا من السجائر، ومروراً بالمأكولات والمشروبات بمختلف أنواعها، والأعلام، وانتهاء بالملابس والأحذية، بل والمخدرات أيضاً. وصار المئات من الباعة الجائلين يقصدون الميدان من كل حدب وصوب، وهناك يفترشون بضاعتهم، ويبيعونها بأسعار أغلى من نظيرتها في المحال التجارية.
باعة الأعلام ضد الثورة
رغم أنها لا تؤمن بالثورة، إلا أنها تبيع أهم سلعة منذ اندلاعها، فهي تجلس في مدخل ميدان التحرير من ناحية جسر قصر النيل، وتفترش حولها الأعلام بمقاسات متعددة، إنها سيدة من منطقة بولاق الدكرور التابعة لمحافظة الجيزة، رفضت ذكر اسمها وعندما أرادت "إيلاف" التقاط صورة لها، غطت وجهها بعلم كبير، وقالت إن الثورة ليس فيها أي خير للمصريين، وأضافت أن الثورة تسببت بإطلاق البلطجية والذين يشكلون خطرا على الناس في المنازل، وانتشار قطاع الطرق، وتضاعفت معدلات جرائم اغتصاب النساء وخطف الأطفال وطلب فدية. والأخطر أن زوجها فقد عمله في أحد فنادق الغردقة، واضطر إلى العمل في سوبر ماركت، بينما اضطرت هي لبيع الأعلام في التظاهرات من أجل توفير لقمة العيش لأطفالها.
بائع منتجات الثورة
بلكنة صعيدية مميزة، وملامح وملابس تشي بالفقر، وقف الطفل عمرو عبده في ميدان التحرير بالقرب من المتحف الوطني، ينادي على بضاعته قائلاً: "أي حاجة بجنيه، قرب يا أستاذ قربي يا هانم، أيوه يا آنسة". ويضع أمامه لوحا خشبيا، يضم مجموعة من المنتجات ذات العلاقة بالثورة، منها الأعلام صغيرة المقاس، الحظاظات، رباط الرأس "بندانة"، ميداليات عليها العلم، مقبض لليد. يؤمن الطفل عمرو بأن الثورة تحمل الخير لمصر، ولاسيما أنهاأعادت للمصري كرامته، وقال: كفاية إن الحكومة اتكسرت و أتهدت (يقصد الشرطة). وأضاف لـ"إيلاف": كان أي أمين شرطة أو مخبر يوقفني ويقولي: بطاقتك؟ وأنا عمري 15 سنة، ولم أستخرج بطاقة، ويكون مصيري الضرب والبهدلة، خاصة أنني شكلي صعيدي، ولو معايا فلوس يخدوها مني، وبعدين يعملوا لي محضر تسول، رغم أني أبن ناس وكنت أجي لمصر (يقصد القاهرة) في الأجازة للعمل وتوفير مصاريف المدرسة. ويتابع عمرو: الآن بعد الثورة، الحكومة بقت محترمة شوية، وأنا شغال في قلب ميدان التحرير، ولا أي حد يقدر يبصلي بعين راضية (يقصد إهانته). ثم هتف "تحيا الثورة، المجد للشهداء".
سلبيات وإيجابيات
إلى جوار عمرو يقف محمود، شاب في السابعة عشرة من عمره، يبيع الذرة المشوية على الفحم، ويرى محمود أن للثورة إيجابيات كثيرة، ولها سلبيات أيضاً، ويقول لـ"إيلاف" بينما يشوي الذرة، ويبيع الكوز ب1.5 جنيه: أهم حاجة عملتها الثورة، إنها قضت على مبارك وعياله، وقضت على الشلة الفاسدة اللي كانت حواليهم، وقفلت حنفية الفساد والنهب. لكن هناك الكثير من السلبيات من وجهة نظر محمود الذي لم يلتحق بالتعليم، منها: إنتشار البلطجية في كل مكان، وقطع عيش الملايين من الأسر التي كانت تعتمد على السياحة أو التجارة، بالإضافة إلى الخوف من هجوم إسرائيل علينا، وإحنا مشغولين بالثورة، والعسكر عملوا والعسكر خلوا.
محمود يشكو أيضاً من إنتشار البلطجية في الميدان، وقال: الحياة هنا في الميدان ليست وردية كما يراها الناس في الفضائيات، فنحن نعانيبسبب البلطجية الذين يريدون فرض إتاوات علينا، ونعانيبسبب المسجلين (يقصد المجرمين المحترفين والمقيدين لدى وزارة الداخلية في سجلات الخطرين على الأمن)، وهؤلاء يبيعون المخدرات، ولكن لا أحد يشعر بهم في وسط الزحام، وهما بياعين زينا لكن تلاقي البانجو والحشيش والمخدرات التانية معاهم، وزباينهم عارفينهم.
بائع المأكولات وثورة الجياع
تنتشر عربات المأكولات والمشروبات، مثل: الكبدة والسجق، الممبار والكرشة، الكشري، الكسكسي، الفول، سندويشات الجبن بمختلف أنواعها، الحلاوة الطحينية، عربات البطاطا المشوية، اللب والسوادني، حمص الشام، الشاي والقهوة، الأرز باللبن، والبليلة. ويقف جمال محفوظ في وسط الميدان بعربة الكبدة والسجق، ويلتف حوله بعض المتظاهرين، يشترون منه السندويشات، ويبيع السندويش الرغيف بجنيهين، ونصف الرغيف بجنيه واحد، ويقول: الحال نايم برة الميدان، أنا أقف بعربة الكبدة في منطقة وسط القاهرة، لكن الناس بقت بتربط على بطنها، وخايفة تاكل بعد الثورة، وبعد ما كنت أبيع في الصبحية حوالى 50 أو 60 سندويشا، بقيت أبيع حوالى عشرة أو 15 رغيفا بالكتير، الناس بطلت تفطر برة البيت، علشان توفر، وعندهم حق هما خايفين من المستقبل.
جمال لا فرق لديه بين الثورة أو نظام حسني مبارك، الأهم لديه أن يشعر بتحسن في الأحوال، وأن يجد إبنه الذي يدرس في كلية التجارة في الفرقة الأولى وظيفة محترمة تعوض المصاريف "اللي دفعتها من دم قبلي علشان أعلمه"، وقال: "إذا لم تحقق الثورة الرخاء للمصريين، وتوفر للشاب فرص عمل، والفقير يلاقي ياكل وينام في أمان، تبقى زيها زي نظام مبارك، ولازم ننتظر ثورة أخرى، لكن هتكون ثورة جياع، ووقتها هيكون الدم بحور".
البائع الثائر
ثائر وبائع أعلام، هكذا وصف الشاب محمد فكري نفسه، وقال إنه انخرط في الثورة منذ 25 يناير، ولم يترك تظاهرة منذ ذلك التاريخ، إلا وشارك فيها، لكنه فقد عمله في إحدى شركات المصاعد الكهربائية، منذ اليوم الرابع للثورة جمعة الغضب، حيث علمت الإدارة أنه يشارك في الثورة، ففصلته خوفاً من مباحث أمن الدولة، ولم تكن تتوقع نجاح الثورة. ويقول محمد ل"إيلاف": الثورة مستمرة، لأن النظام لم يسقط بعد، ما سقط هو رأس النظام فقط، المجلس العسكري هو جزء من نظام مبارك، ما زالت العدالة الإجتماعية غائبة، وما زال أسر الشهداء يعانون الظلم، والمصابون لا يجدون العلاج، كما أن المحاكمات التي تجري لمبارك ورموز نظام حكمه صورية، وليست محاكمات جادة.
مشاغبون وبلطجية
الباعة الجائلون في ميدان التحرير صاروا جزءاً منه، وبعضهم يقيم فيه إقامة شبه كاملة منذ الثورة، لكن المشاغبين والبلطجية منهم، دائماً ما يثيرون المتاعب للمتظاهرين أو أصحاب المحال التجارية الواقعة في محيط الميدان، ويتسببون باندلاع المشاجرات أو المعارك إما من أجل النفوذ على الميدان، أو بسبب الإحتكاك بالمتظاهرين والثوار، وشهدت الثلاثة أيام السابقة على الذكرى الأولى للثورة العديد من المشاجرات في ما بينهم، إنتهت بتوافد الآلاف من المتظاهرين إلى الميدان لإحياء ذكرى الثورة الأولى.
التعليقات
رسالة الامارات- دبي
خليفه لوتاه -مشاكل الاقتصادية قادمة في الطريق .
رسالة الامارات- دبي
خليفه لوتاه -مشاكل الاقتصادية قادمة في الطريق .