أخبار

"الفريق الآخر"... عندما نلغي بعضنا سياسيًا في لبنان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إنه غياب النضج السياسي الذي يدفع اللبنانيين، سياسيين ومواطنين، الى اعتماد إقصاء "الفريق الآخر" سياسيًا واجتماعيًا، ولعل كتاب التاريخ من اولى ضحايا فلسفة الاقصاء والدونية في الثقافة السياسية اللبنانية.
بيروت: نحن... والفريق الآخر، عبارة تلخص عملية الإقصاء المتعمدة بين الأفرقاء السياسيين في لبنان، فكل ما نقوله كفريق يرفضه "الفريق الآخر"، ولعل ثقافة الاقصاء متجذرة فينا كلبنانيين بأقصى الدرجات، فنحن نرفض كل ما يختلف عنا اجتماعيًا فكيف لو كان الامر يتعلق بالسياسة، عندها نحارب "الفريق الآخر" بكل أسلحتنا المشروعة وغير المشروعة.

ولو نظرنا الى عبارة "الفريق الآخر" لرأينا انها مستمدة من ألعاب رياضية، تتحدث عن أهمية هذا الفريق الآخر ومدى تكاملنا معه ضمن روح رياضية تجمعنا، لكن شتان بين الروح الرياضية للفريق الآخر والروح العدائية للفريق الآخر الثاني في الحياة السياسية.

وكم نبدو في لبنان عند اعتماد عبارة "الفريق الآخر" بعيدين كل البعد عن الاغنية الفرنسية الشهيرة tu es mon autre، حيث يشكل الفريق الآخر مرآة لنا وليس اقصاء ودونية.

عبارات كثيرة تحفل بها اللغة السياسية اللبنانية تبرز عملية اقصاء "الفريق الآخر، لعل اشهرها ما اطلق على عملية "حرب الالغاء" بين القوات اللبنانية والجنرال ميشال عون العام 1990.

يرى الكاتب والمحلل السياسي عادل مالك في حديثه ل"إيلاف" ان المشكلة اللبنانية هي في جذورها العميقة، فاللبنانيون بشكل عام عرفوا الحريات بمعنى عدم قيود او احترام اي شيء يمكن ان يقيد الحريات، وبالواقع السياسي ليس للبنانيين النضج السياسي الكامل، الذي يقضي اولاً بالاعتراف بالطرف الآخر، وهذا لا يعني فريقًا معينًا في حد ذاته بل ينطبق على كل اللبنانيين، وهو امر مؤسف جدًا، لان الحياة اللبنانية السياسية يجب ان تبنى على مبدأ الاستماع الى الرأي الآخر والنقاش معه، ولكن ما هو قائم حاليًا امر مؤسف، وهو إلغاء الآخر، وكل فريق يريد السلطة له وكذلك الوطنية ويحرم على الاطراف الآخرين ان يكون لهم رأي معاكس، وهذا ليس بوطنية على الاطلاق، بل نوع من جنوح نحو الانطواء على الذات وعدم الوثوق بالطرف الآخر سواء على الصعيد الوطني او الداخي، وهو منذ سنوات طويلة ويمر بأدق مراحل، الى ان بلغ المرحلة الحالية حيث يمكن القول اليوم، ان هناك ورمًا وطنيًا بلغ مرحلة متقدمة ومؤسفة جدًا، طالما ان هذه الثقافة يعززها التأجيج والانقسامات الطائفية والمذهبية.

متى نتعلم في لبنان ان يكون "الفريق الآخر" مكملاً لنا وليس لاغيًا لوجودنا ونحاول إقصاءه؟ يجيب مالك:" لو حاولنا العثور على جواب على هذا السؤال لاستطعنا بالفعل ان نسقط سياسة التباعد بين الاطراف المختلفة، ومحاولة تقريب وجهات النظر، وبأسف شديد تبقى الكيدية السياسية هي التي تعبث بحياتنا الوطنية، بين مختلف الاطراف والاطياف المذهبية، ليس هناك من نضج في ثقافة الاحزاب، ليس كل حزب يؤمن بقناعات معينة، انما مجموعة احزاب لكنها لا تمارس فعليًا الحياة السياسية كما يجب، لا تزال انقسامات الآراء تدخل ضمن الحزبية الضيقة او ما نسميه سياسة الزواريب اللبنانية، وطالما هذا الامر مستمر ليس هناك من تطوير لتقبل الآخر والاستماع اليه وعدم تجريد الافرقاء بعضهم لبعض من وطنيتهم واحتكار هذا النوع من الوطنية، والوضع في لبنان سائر من تأزيم الى آخر.

مرحلة غياب التاريخ

لغة "الفريق الآخر" أيضًا هي التي منعت اللبنانيين من الحصول على كتاب تاريخ موحد، ففي ظل التجاذبات السياسية بين قوى 14 و8 آذار/مارس حول كتاب التاريخ، يطرح السؤال اليوم هل نحن امام مرحلة ستجمع كل سواد المراحل السابقة مرحلة اسمها غياب كتاب التاريخ الموحد بوجود فريقين متناحرين حوله، قد تغير وجه التاريخ للبعض، وقد تكرس تاريخًا آخر للفريق الآخر، قد تقود الى حرب جديدة باردة قبل تدوين حقيقة الحرب الساخنة الماضية، حقيقة تبدأ في الخلاف على الامير فخر الدين ولا تتوقف عند الامير بشير ولا عند الاحداث في العام 1860، ولا عند حدود لبنان الكبير ولا عند حدود العام 1958، ولا عند حرب السنتين ولا سلسلة الحروب التي تلتها وصولاً الى اتفاق الطائف وعملية 13 تشرين الاول/اكتوبر، وعهد "الوصاية" السورية.

حرب كتابة التاريخ وإلغاء الآخر وفريقه درات ايضًا حول احداث العام 2005 وما بعدها من اغتيال الرئيس رفيق الحريري وثورة الارز وانسحاب الجيش السوري من لبنان، وحرب تموز /يوليو، واحداث 7 آيار/مايو 2008، وتفاهم الدوحة وانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية لتستقر عند وجهة نظر تطالب بوقف سرد التاريخ عند حدود العام 2005.

فهل ستكون هناك حدود للخلاف، هل سيكون كتاب موحد للتاريخ؟ ام ان الرواية التاريخية للاحداث ستظل في إطار الروايات الشعبية، بحيث تبقى لكل جماعة روايتها، وكتابها الخاص للتاريخ ويكون لكل حدث روايات كثيرة في لبنان، ام ان القوي هو من يكتب التاريخ على حد قول نيتشيه، كثيرون تحدثوا عن قوتين في لبنان لذلك لا يمكن كتابة التاريخ بوجودهما قوة الفريق، و"الفريق الآخر"، لا يمكن الحديث عن مقاومتين واحدة مسيحية واخرى اسلامية من دون عملية إقصاء أو إلغاء، كيف يمكن ان يدون كتاب التاريخ ما قاله الجنرال ميشال عون في 14 آذار/مارس 1989، عندما اعلن حرب التحرير على سوريا، حرب الضعيف على القوي، اي تحرير سيكتب كتاب التاريخ، وذاكرة لبنان، تحرير من سوريا ام تحرير من اسرائيل؟

هذا الاقصاء الذي يكتب فصولاً على خلافات كتاب التاريخ، يدخل ضمن صراع سلطة اللغة، انها ثقافة الالغاء وثقافة الدونية، ثقافة " انتم ونحن" ثقافة الفريق و"الفريق الآخر"، انها تبرز الهوية المتصدعة للمجتمع اللبناني القائمة على اقصاء الآخر وإلغائه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
و معقم لجيش الحر
مال طاهر نظيف -

650 مليون ريال قطري عبر مطار بيروت إلى الجيش الحر وإعتقال الرائد محمد علي الهاجري من ضباط المخابرات القطرية هل إشترك جهاز أمني مع نواب في تيار المستقبل بالعملية؟!

بس الجهل سافل
انا مش سافل -

وصف مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت بأنها "قائمة على الكذب والافتراء". جاءت تصريحات آل الشيخ التي نشرتها صحيفة "الرياض" السعودية الثلاثاء، خلال لقاء نظمه معهد الأئمة والخطباء في العاصمة السعودية الرياض. وقال آل الشيخ في رد على أسئلة الصحفيين بخصوص مواقع التواصل الاجتماعي: "تويتر وما شابهه من مواقع أخرى قائمة على الكذب والافتراء. يتحدث فيها سفهاء قليلو الحياء والإيمان. الدجل واضح على كتاباتهم". يذكر أن السعودية هي البلد العربي الوحيد ضمن العشرة الأوائل في قائمة أكثر الدول الآسيوية من حيث عدد مستخدمي موقع "فيسبوك"، حيث تجاوز 5 ملايين مستخدم مسجل.

التحالفات
P@ul -

في الواقع إن التحالفات السياسية في لبنان ليست سوى ممارسة سياسية ديمقراطية قل نظيرها رغم التعابير الحادة التي تظهر في الإعلام فالشعب اعتاد عليها لا وبل يهزأ منها وهذا ما تظهره البرامج الفكاهية التي تصوب في كل ألإتجاهات بسخرية قل نظيرها في دول العالم . لكل لبناني ميوله السياسية لكنها ليست طائفية كما يحلو للبعض تصورها ، فما المانع مثلا أن يتحالف بعض المسيحيين مع ألسنة وبعضهم الآخر مع الشيعة . وما المانع إيضا بأن يتحالف بعض الدروز مع فريق من ألسنة و مسيحيين وبعضهم الآخر مع الشيعة ومسيحيين أخر . هذا النسيج من التحالفات يضمن حقوق الجميع ويقطع الطريق لجميع المتطرفين . لعل البعض يريد أن تكون الطوائف موحدة مع نفسها لكن هذا خطأ فادح نرتكبه ويقود تلقائيا للتشكيك بأهداف الآخرين تجاهه والشك يجلب عدم الثقة التي بدورها تجلب الفتن والحروب .