جدل في الجزائر حول توليفة "العقد الوطني"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الجزائر: ظهرت ردود فعل مختلفة على توليفة "العقد الوطني" التي أعلنها رئيس الوزراء الجزائري، والتي تدور حول مراجعة وشيكة للدستور الجزائري، حيث شككت قوى المعارضة في تصريحات خاصة لـ"إيلاف"، في هذه الخطوة واعتبرت أنها محض التفاف حول المطلب القديم الخاص بإنشاء "مجلس تأسيسي"، وسط حديث عن سعي السلطة الى إعادة ترتيب البيت الداخلي وفق توجهاتها خلال الشوط القادم.
ارادة سلطوية
ويشير"محسن بلعباس"، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (حزب علماني معارض)، أنّ "العقد الوطني" مرهون بإرادة سلطوية حقيقية في تفعيل الأشياء على نحو يقود إلى ميلاد "مجلس تأسيسي"، ويشدد بلعباس على أنّ الحديث عن عقد وطني لا يمكن أن يتأتى دون فتح حوار سياسي ديمقراطي شامل مع سائر أطياف الطبقة السياسية وهياكل المجتمع المدني الفاعلة لبلورة إجماع تام حول القضية.
على النسق ذاته، أبدى "رابح بيطاطاش"، رئيس الكتلة البرلمانية للقوى الاشتراكية (حزب أمازيغي معارض)، تشاؤمًا إزاء فتح العقد الوطني الباب أمام مجلس تأسيسي،
متحججًا بافتقاد السلطة لنية تغيير حقيقية، وغياب الإجماع السياسي حول ملف لا تزال تفاصيله غامضة، مقحمًا انتفاء أي بوادر تسمح بوضع حوار سياسي شامل وإيجابي على المحك.
النية الحسنة
أما الناطق باسم "النهضة"، الحزب الاسلامي، "جمال الدين حديبي"، فاتهم السلطة بعدم امتلاك الجرأة للخوض في حراك بحجم العقد الوطني، وما يتصل به من مجلس تأسيسي، ويتساءل حديبي:"كيف لسلطة عملت على تزوير انتخابات تشريعية أن تذهب إلى تعديل دستوري يفضي إلى عقد مجلس تأسيسي قد يجسد التغيير الحقيقي؟".
ويعتقد حديبي أنّه من شروط تجسيد عقد وطني، تبني النية الحسنة لإنهاء أزمة مستشرية على مختلف الأصعدة، وتخلي من بيدهم مفاتيح الحل والعقد عن لغة الوعود المعسولة، إلى التعهّد بالتزامات ديمقراطية تتيح مراجعة كل القطاعات بعيدًا عن أي بروتوكولات شكلية، على حد وصفه.
من جهته، يسجل "عبد الرزاق بولقمح" المراقب للشأن السياسي، أنّ رئيس الوزراء سعى من وراء مسمى "العقد الوطني"، نية دوائر القرار لعقد "ندوة وطنية جامعة"، لكن الأمر ينطوي على تناقض برأيه، طالما أنّ الحسم في هكذا قضية ينبغي أن يتم قبل مراجعة الدستور وليس بعده. وبرأيه فالأمر لا يتخطى كونه "حيلة" و"مراوغة" ليس إلاّ، تبعًا لأنّ التعديل الدستوري المعمّق المزمع في الأشهر القادمة، هو ما سيحسم التوجهات الكبرى للبلاد ونمط نظام الحكم، ما يجعل الحديث عن عقد وطني وندوة وطنية دون أي معنى، على حد جزمه.
مجرد كلام
في سياق متصل، يوقن "الأخضر بن خلاف" القيادي في جبهة العدالة والتنمية (حزب إسلامي)، أنّ العقد الوطني ليس له من قاعدة أو مؤدى في ظلّ تعامي السلطات عن مطلب "المجلس التأسيسي"، معتبرًا العقد إياه "مجرد كلام".
في المقابل، يقرأ "حملاوي عكوشي" رئيس حركة الإصلاح (أحد أضلاع الائتلاف الإسلامي الأخضر) أنّ خوض خليفة "أحمد أويحيى" في "العقد الوطني"، إنما هي محاولة من قائد الجهاز التنفيذي للتسويق إلى حكومته الجديدة القديمة، إلى جانب كونها حركة، قام بها عبد المالك السلال، للفت انتباه الشارع المحلي وفك العزلة عن واجهة الحكم التي أثارت ولا تزال تذمرًا شعبيًا سياسياً.
إلى ذلك، استبعد "جلول جودي" الناطق باسم حزب العمال (تشكيلة يسارية)، أن يعبّد العقد الوطني الطريق نحو تتويج أطروحة المجلس التأسيسي، ويتكئ جودي على انتفاء مشروعية البرلمان المحلي، تبعًا لامتناع ثلاث أرباع مواطنيه عن التصويت في انتخابات العاشر من آيار (مايو) الأخير، ما يفقد البرلمان مصداقيته التي تسمح له بالخوض في مسألة حساسة بوزن العقد الوطني.
يلح رئيس الكتلة النيابية للعمال على حتمية بعث المجلس التأسيسي لافتتاح مرحلة جديدة، حيث قال إنّ المجلس إياه سيعبّد الطريق أمام نشوء مؤسسات منتخبة قوية، وما يترتب عن ذلك من تحول إيجابي على أكثر من صعيد، طالما أنّ الذهاب إلى مجلس تأسيسي سيّد سيخرج الجزائر من نمط الأحادية وينهي الدستور الحالي المعمول به منذ سنة 1996 والمعدّل جزئيًا في 2008، والذي ينطوي بحسبه على سلبيات عديدة.
المعارضة تتبناه
وعلى الرغم من تبني جهات المعارضة بمختلف أطيافها كـ"العمال"، "جبهة القوى الاشتراكية"، "الجبهة الوطنية الجزائرية"، "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، مطلب المجلس التأسيسي، بيد أنّ ذلك لا يحظى بتأييد قوى الموالاة:"جبهة التحرير"، "التجمع الديمقراطي" وهم أبرز حلفاء الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
ويشدّد "جلول جودي" القيادي في حزب العمال، على أنّ تكريس الديمقراطية الحقيقية يكون بانتخاب مجلس تأسيسي يتمتع بكل الصلاحيات، بما فيها صياغة دستور جديد للبلاد وممارسة الرقابة على الحكومة.
وتلفت التشكيلة اليسارية التي تتزعمها "لويزة حنون"، إلى أنّ المجلس التأسيسي يمثل الأساس السليم لإصلاح سياسي، يستكمل الإصلاح الاقتصادي الذي سمح بإرساء ما سماه بـ "قطيعة" مع إملاءات صندوق النقد الدولي، ومكّن الجزائر من تدارك العجز الاجتماعي والاقتصادي، وتبعات مخطط إعادة الهيكلة، إلى جانب مضاعفة حجم نفقاتها لصالح الفئات الهشّة.
وعن ماهية هذا المجلس وطريقة عمله، يوضح جودي:"نريد مجلسًا يعيّن الحكومة ويراقبها، ويصوغ الدستور بما يستجيب مع تطلعات الجزائريين السياسية والاقتصادية والاجتماعية". ويبدي محدثنا اهتمامًا بالنسج على منوال التجربة البرتغالية وانتصارها لمجلس تأسيسي.
وينبّه جودي إلى أنّ تفاعل دوائر القرار وتجسيدها رهان المجلس التأسيسي، سيكون حاسماً من حيث التحول بإرادة جزائرية وقطع الطريق على أي اصلاح مفروض عبر مجلس تأسيسي حقيقي لأنّ الديمقراطية بمنظوره، سلوك يقتضي تحكيم الإرادة الشعبية صاحبة السيادة.
برلمان هش
وعلى غرار ما ظلتّ تنادي به "القوى الاشتراكية" وزعيمها المعارض "حسين آيت أحمد" منذ سنة 1963، تؤيد حنون ضرورة التوجه نحو إنشاء مجلس تأسيسي، لأنّ البرلمان الحالي "هش" على حد وصفها، وتذهب إلى حد الطعن في "مصداقيته ومشروعيته"، علمًا أنّها طالبت قبل أشهر بحلّه.
ولا تستسغ المرأة الحديدية التي حلت ثانية في رئاسيات 2009، رفض قوى الغالبية البرلمانية للمجلس التأسيسي، وتصف مبرراتهم بـ"الغربية" كقولهم أنّ ذلك سيغدو "قفزة في المجهول" ومن شأنه إعادة الجزائر إلى نقطة الصفر، في انتقاد مباشر لتصريحات زعيم حزب الأكثرية "عبد العزيز بلخادم" و"ميلود شرفي" المتحدث باسم التجمع الديمقراطي لزعيمه أحمد أويحيى.
التعليقات
بكل حيادية
عبد الفتاح الجزائري -أولا علينا ان نعترف قبل كل شيئ بأنه لا وجود لطبقة سياسية لما تحمله هذه الكلمة من معنى..هناك احزاب بمسميات معينة و لا اكثر..و لو كانت نية هذه الأحزاب حقا هو طريق الديمقراطية لبدأت ببيتها الداخلي، فأين هو هذا الحزب الذي تداولت قياداته على ترأسه؟ ثم مسألة المجلس التأسيسي التي تكلم عليها بعضا من هؤلاء، فهل هذه النقطة هي اجماعهم ام اجماع الشعب الجزائري؟ هناك امور يجب ان تؤخذ مأخذ الجد و اننا لسنا في نزهة و لا لعب..مصير بلدا بحجم الجزائر انما هو بيد شعبها و ليس لمن هب و دب..اثبتت التجارب بأن مصلحة معضم اشباه الأحزاب انما هو السلطة و المال و الريع و الفوائد الجمة التي يوفرها الكرسي الذي يتقاتلون عليه..هذه هي المسألة الجوهرية..ما عدا ذلك فلا يعدو الا ان يكون صيحة في وادي..تحياتي