المتمردون الاكراد يتحدون انقرة باستراتيجية الصدمة

يتحدى المتمردون الأكراد منذ شهرين انقرة في جنوب شرق تركيا باعتماد استراتيجية صدمة جديدة تقوم على احتلال "مناطق حرة" والدفاع عنها، فيما يرى المحللون أن تحقيق النصر العسكري غير محتمل لكن التأثير النفسي كبير.

اسطنبول: في 23 تموز/يوليو اعلن حزب العمال الكردستاني الذي يحمل السلاح منذ 1984 للمطالبة باستقلال جنوب شرق الاناضول المأهول بغالبية من الاكراد، عملية واسعة "للسيطرة الميدانية" في المناطق الجبلية المحيطة ببلدة سمدينلي عند تخوم العراق وايران.

وقال احد كوادر الكردستاني دوران كالكان كما نقلت عنه وكالة الانباء القريبة من المتمردين فرات نيوز "إن الهدف لا يقتصر فقط على ضرب الطرف المعادي، بل تحقيق الحكم الذاتي الديمقراطي وبناء الادارة المستقلة الديمقراطية للشعب الكردي".

ومنذ ذلك الحين اعلن حزب العمال الكردستاني "السيطرة" على ثلاثة قطاعات جبلية صغيرة اخرى تقع كلها على طول الحدود مع العراق البلد الذي يقيم المتمردون في شماله قواعد خلفية.

وقالت النائبة غولتن كيساناك من حزب السلام والديمقراطية المؤيد للاكراد لوكالة فرانس برس إن "السيطرة الميدانية" "لا تعني القول إن هذه المناطق اصبحت تحت السيطرة الكاملة للمتمردين وأن القوات طردت" منها.

وتابعت: "بل يعني ذلك أن القوات محصورة في ثكنها ولا تخرج للقيام بعمليات لأن المتمردين متواجدون هنا. إنهم يسيطرون (المتمردون) على طرقات ويقومون بعمليات تفتيش على الهوية على حواجز نصبت على الطرق واحيانًا يغرسون اعلامًا".

لكنّ معظم المحللين يشككون مع ذلك في قدرة --ورغبة-- حزب العمال الكردستاني في الدفاع بشكل دائم عن هذه المواقع في وجه ثاني اقوى جيش في حلف شمال الاطلسي.

واعتبر نهاد علي اوزجان الاخصائي في المسائل الامنية في مركز الابحاث تيباف أنه "بالنسبة لمجموعة مثل حزب العمال الكردستاني الذي يملك عددًا محدودًا من الناشطين المسلحين، لا يمكن الدفاع جسديًا عن ارض، إن ذلك مخالف للطبيعة ولأي منطق".

واعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان من جانبه هزيمة حزب العمال الكردستاني في سمدينلي بعد اطلاق عملية يشارك فيها نحو خمسة آلاف جندي في المنطقة في ايلول/سبتمبر.

وقال اردوغان في 26 ايلول/سبتمبر "إن الدرس الذي تلقوه هناك كان قاسيًا جداً"، مشيرًا الى حصيلة 239 قتيلاً من المتمردين و144 قتيلاً من عناصر قوات الامن منذ بداية العام.

لكن عرفان اكتان الصحافي المتخصص بالمسألة الكردية رأى أن عمليات الجيش لم تضع حدًا لوجود حزب العمال الكردستاني في هذه المناطق. وقال: "بحسب معلوماتنا إن حوالي الف ناشط (من حزب العمال) وصلوا الى ارياف سمدينلي، داغليكا وجوكورجا ويوكسيكوفا (محافظة هكاري في جنوب شرق تركيا). وحتى مع مقتل 200 فما زال هناك 80% منهم".

واضاف الصحافي أن حزب العمال الكردستاني سجل خصوصاً وعلى الرغم من الخسائر نقاطًا على الصعيد النفسي، "فقد اظهر أن بامكانه اذا اراد تنظيم عمليات كبيرة جدا".

وهي عمليات كما استطرد اوزجان لن تبقى من دون تأثير على الرأي العام، وهذا على الارجح الهدف الذي يسعى اليه المتمردون برأي الصحافي.

ولفت المحلل في هذا السياق الى أنه "عندما يرتفع عدد الخسائر يؤثر ذلك على الرأي العام الذي يمارس ضغوطًا على الحكومة"، مذكرًا أن رئيس الوزراء لم يستبعد في خطابه في 26 ايلول/سبتمبر امكانية التفاوض مع المتمردين.

وكان اردوغان قال في ذلك الخطاب "اذا اتاحت لنا مفاوضات تسوية امر ما فلنفعل".