البرلمان التركي يجيز شنّ عمليات في سوريا لـ"ردع" الأسد

تاريخ النشر: الخميس 4 أكتوبر الساعة 6:15 ت. غ
آخر تحديث: الخميس 4 أكتوبر الساعة 17:45ت. غ

وافق البرلمان التركي الخميس على طلب للحكومة بمنح الجيش إذنًا لشن عمليات عسكرية في سوريا "اذا اقتضى الامر"، فيما أكدت أنقرة أن "هذا التفويض ليس تفويضًا بشن حرب" لكنه سيكون بمثابة "رادع".

أنقرة: لفت مصدر أمني محلي الخميس الى توقف القصف المدفعي التركي لمواقع تابعة للجيش السوري ردا على سقوط قذائف سورية الاربعاء في قرية اكجاكالي الحدودية التركية، ما اسفر عن مقتل خمسة مدنيين.

وقال هذا المصدر لفرانس برس رافضا كشف هويته انه بعد الرد التركي الاول في الساعات التي اعقبت سقوط القذائف السورية، استأنف الجيش التركي رده فجر الخميس وواصل القصف حتى الساعة 6,00 ت غ.

واكد سكان في اكجاكالي لفرانس برس ان المدافع التركية المنتشرة على طول الحدود مع سوريا اوقفت القصف صباحا.

وكان مسؤول تركي اوضح في وقت سابق ان "القصف التركي لن يكون متواصلا. لقد حصل وسيحصل وفق الضرورة".

واستهدف قصف الجيش التركي منطقة موقع تل الابيض الحدودي، وخصوصا مواقع القوات النظامية السورية في رسم الغزال. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان الرد العسكري التركي اسفر عن مقتل "العديد من الجنود السوريين".
وافق البرلمان التركي الخميس على طلب للحكومة بمنح الجيش اذنا لشن عمليات عسكرية في سوريا "اذا اقتضى الامر"، وذلك غداة حادث حدودي خطر أودى بحياة خمسة مدنيين اتراك وردت عليه انقرة بقصف اهداف سورية.

وبحسب قنوات التلفزيون التركية فقد صادق البرلمان على الطلب الحكومي باكثرية 320 نائبا مقابل 129 (من اصل 550 نائبا) في البرلمان الذي عقد جلسة طارئة مغلقة لهذا الغرض. ولكن انقرة سارعت الى التأكيد ان هذا التفويض ليس اعلان حرب على دمشق.

وشدد نائب رئيس الوزراء التركي بشير اتالاي بحسب ما نقل عنه التلفزيون على ان الضوء الاخضر الذي اعطاه البرلمان ليس تفويضا بشن حرب. وقال اتالاي بعيد تصويت البرلمان لصالح الطلب الحكومي ان "هذا التفويض ليس تفويضا بشن حرب"، موضحا انه سيكون بمثابة "رادع".

إلى ذلك، قال اتالاي ان سوريا اقرت بمسؤوليتها عن القصف الذي اوقع خمسة قتلى مدنيين على الاراضي التركية وقدمت لانقرة اعتذارها عن ذلك. وقال بشير اتالاي للصحافيين ان "الجانب السوري اقر بما قام به واعتذر عن ذلك".

واستأنف الجيش التركي صباحا قصف الاراضي السورية بعد ان قصفها طوال ليل الاربعاء ردا على سقوط قذائف على قرية اكجاكالي التركية التي تقع قبالة مركز تل ابيض الحدودي السوري ما اسفر عن مقتل خمسة مدنيين اتراك بينهم ام واولادها الثلاثة.

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان "عددا من عناصر القوات النظامية" السورية قتلوا في القصف المدفعي الذي شنه الجيش التركي ليل الاربعاء الخميس على مركز عسكري سوري على الحدود بين البلدين.

الاتراك يتظاهرون في اسطنبول

تظاهر مئات الاتراك الخميس في اسطنبول رفضا لاحتمال اندلاع حرب مع سوريا بعد موافقة البرلمان على منح الحكومة اذنا بتنفيذ عمليات عسكرية في سوريا عند الضرورة، وذلك ردا على سقوط قذائف سورية في قرية حدودية تركية.
وكتب على لافتة عملاقة رفعها المتظاهرون "لا للحرب". ولبّى هؤلاء دعوة العديد من أحزاب اليسار وتجمعوا في ساحة تقسيم الرئيسة في المدينة.

وهاجم المتظاهرون حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان، معتبرين انه يجر تركيا الى "حرب امبريالية" على سوريا بايعاز من الولايات المتحدة.
واطلق هؤلاء هتافات مناهضة لاردوغان وواشنطن وكتب على احدى اللافتات التي حملوها "الشريعة والفاشية والظلامية لن تمر".

ووافق البرلمان التركي الخميس على مطلب الحكومة اعطاء الاذن لشن عمليات عسكرية داخل سوريا "عند الاقتضاء".
غير ان نائب رئيس الوزراء التركي بشير اتالاي اكد للصحافيين ان هذا الضوء الاخضر اجراء ردعي وليس تفويضا لشن حرب على سوريا.

بان قلق من التصعيد على الحدود السورية التركية ويطالب ب"اقصى درجات ضبط النفس"

اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن "قلقه حيال تصعيد التوتر على الحدود" بين سوريا وتركيا، وطالب "كافة الاطراف المعنية (...) بالتحلي بأقصى درجات ضبط النفس"، كما اعلن المتحدث باسمه مارتن نيسيركي الخميس.

واضاف المتحدث ان بان كي مون "يطالب كافة الاطراف المعنية برفض العنف والتحلي باقصى درجات ضبط النفس وبذل كل الجهود الضرورية للتقدم نحو حل سياسي".وتابع ان الوسيط الدولي الاخضر الابراهيمي "على اتصال مع مسؤولين اتراك وسوريين لتشجيعهم على خفض التوتر".

وذكر نيسيركي ب"قلق" بان كي مون حيال مخاطر "امتداد الازمة السورية الى الدول المجاورة".واضاف المتحدث "كلما تدهور الوضع في سوريا - وخصوصا مع الاعتداءات الارهابية الفظيعة في حلب هذا الاسبوع (...) - يزداد ايضا الخطر من اندلاع نزاع اقليمي وتهديد السلام والامن الدوليين".

وقتل 48 شخصا على الاقل غالبيتهم من العسكريين وجرح نحو مئة اخرين الاربعاء في ثلاثة اعتداءات بسيارات مفخخة في حلب، كبرى مدن شمال سوريا.

القاهرة تدين القصف السوري لتركيا

أدانت مصر الخميس القصف السوري الدامي لقرية حدودية تركية محذرة من ان مثل هذه الهجمات قد تؤدي الى اتساع نطاق النزاع في سوريا.

ودعا وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو في بيان "الحكومة السورية لضمان عدم التعدي على حدود الدول المجاورة".

واكد عمرو ان "الحكومة السورية مسؤولة عن وقف إراقة الدماء ووقف دائرة العنف والحيلولة دون اتساعها".وحذر عمرو من "المخاطر الجمة التي تحدق بالمنطقة بأسرها جراء احتمالات اتساع نطاق الأزمة السورية".

واكد الوزير "استمرار مساعي مصر لوقف نزيف الدم في سوريا من خلال الاتصالات العاجلة التي تجريها القاهرة مع جميع القوى الإقليمية والدولية في هذا الشأن".ولم يشر وزير الخارجية المصرية الى رد فعل انقرة التي تتبنى مواقف قريبة من تلك التي تتخذها القاهرة ازاء الازمة السورية.

القصف السوري لن يمر دون عقاب

واعتبارا من مساء الاربعاء اعرب رئيس الوزراء التركي عن تصميمه على الرد على القصف الذي اوقع بحسب آخر حصيلة خمسة قتلى وعشرات الجرحى في قرية اكجاكالي التركية التي تقع قبالة مركز تل ابيض الحدودي السوري.

وشهد مركز تل ابيض الحدودي في الاونة الاخيرة معارك بين القوات الموالية للرئيس بشار الاسد ومقاتلي الجيش السوري الحر. واعلن إردوغان في ختام اجتماع طارئ جمع مستشاريه "لن تسمح تركيا ابدا للنظام السوري بالقيام بمثل هذه الاستفزازات من دون عقاب والتي تهدد امننا القومي ضمن احترام القانون الدولي وقواعد التدخل".

تصعيد حدة التوتر

وبعد تسجيل عدة حوادث حدودية في الاسابيع الماضية في محيط اكجاكالي اثار قصف الاربعاء استياء في تركيا وساهم في تصعيد حدة التوتر مع سوريا.

وفي حزيران (يونيو) ازداد التوتر بين العاصمتين بعد إسقاط المضادات الارضية السورية مقاتلة تركية. لكن تهديدات انقرة بالرد، والتي تدعو منذ اشهر الاسد الى التنحي، بقيت مجرد تهديدات. وأدان الحلف الاطلسي والولايات المتحدة بشدة القصف الذي استهدف اكجاكالي واكدا تضامنهما مع انقرة.

وقال متحدث باسم البنتاغون ان هذا الحادث "يشكل مثالا جديدا على السلوك المارق" للنظام السوري واعتبارا من مساء الاربعاء عقد مجلس الحلف الاطلسي اجتماعا طارئا في بروكسل للطلب من سوريا بان "تضع حدا لانتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي". ويتوقع ان تنشر الدول الـ15 الاعضاء في الحلف الخميس اعلانا يدين بشدة القصف السوري ويطالب سوريا باحترام اراضي الدول المجاورة لها.

وكان يفترض المصادقة على هذا الاعلان اعتبارا من مساء الاربعاء لكن روسيا حليفة النظام السوري طلبت في اللحظة الاخيرة تأجيل تبنيه حتى الساعة 14,00 تغ. وروسيا التي عارضت حتى الان اي ادانة لدمشق قد تقترح تعديلات على النص او حتى فكرة فتح تحقيق دولي في الحادث بحسب دبلوماسي.

مقتل 21 على الاقل من الحرس الجمهوري في دمشق

ومساء الاربعاء، أعلن وزير الإعلام السوري عمران الزعبي فتح تحقيق لمعرفة مصادر النيران و"قدم التعازي باسم سوريا" الى الشعب التركي "الصديق".

وتواصلت الخميس المعارك الدائرة منذ نهاية تموز/يوليو بين المقاتلين المعارضين والجيش السوري للسيطرة على مدينة حلب (شمال سوريا) غداة انفجار سيارات مفخخة في وسط حلب ما اسفر عن مقتل 48 شخصا على الاقل معظمهم من العسكريين واصابة 100 بجروح.

وقتل 21 عنصرا على الاقل من الحرس الجمهوري السوري في تفجير اعقبه اطلاق نار في قدسيا في ضاحية غرب دمشق، بحسب ما اكد المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال المرصد "ارتفع الى 21 عدد عناصر الحرس الجمهوري الذين قتلوا اثر اطلاق رصاص واستهداف حافلة صغيرة واشتباكات في منطقة قدسيا". ونقل المرصد عن مصدر طبي وشهود ان عدد القتلى "مرشح للارتفاع وان سيارات الاسعاف تتوافد إلى مساكن الحرس الجمهوري في قدسيا".

وكان مدير المرصد رامي عبد الرحمن قال لوكالة فرانس برس ان غالبية الضحايا "قتلوا في التفجير"، بينما قضى آخرون في اشتباكات مع مقاتلي المعارضة في قدسيا "التي تتعرض بعض مناطقها للقصف من قبل القوات النظامية التي تحاول السيطرة على المنطقة"، بحسب المرصد. وقال عبد الرحمن "يبدو ان المسلحين استخدموا عبوة ناسفة صغيرة لكنهم وضعوها قرب مساكن الحرس الجمهوري في قدسيا".

الاتحاد الأوروبي يدين

من جانبه، أدان الإتحاد الأوروبي بشدة الخميس القصف السوري على قرية اكجاكالي التركية على الحدود وحث "جميع الاطراف" على ضبط النفس. وقالت وزيرة خارجية الإتحاد الأوروبي كاثرين آشتون "ادين بشدة قصف القوات السورية لقرية اكجاكالي التركية الحدودية" ودعت "جميع الاطراف الى ضبط النفس".

روسيا تعرب عن قلقها إزاء الاشتباكات التركية السورية

من جانبها، أعربت روسيا الخميس عن قلقها إزاء الوضع "المتدهور" بين سوريا وتركيا حيث تصاعد التوتر إثر تبادل قصف حدودي. وقال وزير الخارجية الروسي في مؤتمر صحافي خلال زيارة لاسلام اباد "بالنسبة للحادثة بين سوريا وتركيا فانها تثير قلقنا البالغ. الوضع يتدهور كل يوم".

وقال لافروف ان سوريا قدمت ضمانات بعدم تكرار الحادثة ودعا الى فتح قناة اتصال مباشر بين دمشق وانقرة. وأعلن لافروف أن السلطات السورية اكدت لموسكو ان القصف الذي استهدف الاراضي التركية انطلاقا من الاراضي السورية هو "حادث مأسوي"، مشددا على وجوب ان تعلن دمشق ذلك رسميا.

وقال لافروف الذي يقوم بزيارة الى اسلام اباد، بحسب ما نقلت عنه وكالات الانباء الروسية، "لقد اتصلنا بواسطة سفيرنا بالسلطات السورية التي اكدت لنا، وكذلك للمبعوث الدولي الاخضر الابراهيمي، ان ما جرى على الحدود مع تركيا هو حادث مأسوي وانه لن يتكرر ابدا"، مضيفا "نعتبر انه من الضروري ان تعلن دمشق هذا رسميا".

وتعارض روسيا، الحليف التاريخي لدمشق، اي تحرك عسكري ضد نظام الرئيس الاسد واتهمت الغرب بتأجيج النزاع المستمر منذ 18 شهرا بالسماح بوصول الاسلحة الى المعارضة. واستخدمت روسيا الفيتو في مجلس الامن ثلاث مرات لعرقلة صدور قرارات تدين دور الاسد في النزاع، والقى الرئيس فلاديمير بوتين باللائمة في العنف على موقف الغرب حيال هذا النزاع.

برلين تدعو انقرة الى "الاعتدال" في ردها

ودعا وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي الخميس انقرة الى "الاعتدال" في ردها على تعرض قرية اكجاكالي التركية الحدودية مع سوريا للقصف. واعلن الوزير في ندوة صحافية "نحن نقف الى جانب تركيا، حليفتنا في حلف شمال الاطلسي -لا شك في ذلك- لكننا ندعو ايضا الى الاعتدال ولرد معقول في هذا الوضع المتدهور، يجب نزع الفتيل الان".

غير انه دعا ايضا "بالحاح نظام الاسد الى احترام سيادة تركيا ووحدة اراضيها وجيرانه الاخرين". وقال الوزير الالماني ان هذه الاحداث "تدل على تعاظم خطر الاشتعال بسبب النزاع الاهلي المستمر في سوريا وذلك يفرض على المجتمع الدولي التحرك".

واضاف "انني دعوت كل اعضاء مجلس الامن الدولي لتحمل مسؤولياته وعدم عرقلة قدرة المجتمع الدولي على التحرك بموقف اعتراضي". ويتوقع ان يصدر مجلس الامن الدولي، الذي رفعت اليه تركيا شكوى الاربعاء، بيانا في وقت لاحق الخميس يدين فيه بشدة القصف السوري ويطلب من دمشق احترام سيادة اراضي بلدان الجوار.

تهديد السلام الدولي

بدوره أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الخميس ان اطلاق قذائف من سوريا على الاراضي التركية "يطرح تهديدا جديا على السلام والامن الدوليين".

وقال فابيوس في بيان "هذا الانتهاك للقانون الدولي يطرح تهديدا جديا على السلام والامن الدوليين. ولا يمكن للأسرة الدولية ان تقبل بان يواصل النظام السوري ممارسة اعمال العنف سواء داخل حدوده او خارجها. يجب وضع حد لذلك في اقرب فرصة".

واوضح ان "فرنسا كسائر حلفائها تقف الى جانب تركيا" مشددا على ان المشاورات مستمرة في الامم المتحدة كما في حلف شمال الاطلسي. وتابع "اطلب من الاسرة الدولية بكاملها وخصوصا عبر مجلس الامن الدولي ان توجه بوضوح وبسرعة رسالة ادانة حازمة الى السلطات السورية".