شفافية محاكمة كبير خدم البابا في الفاتيكان دون التوقعات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الفاتيكان: شكلت محاكمة باولو غابرييلي كبير الخدم السابق للبابا التي تنتهي السبت سابقة في تاريخ الفاتيكان الذي سمح لاول مرة بمحاكمة علنية، ولكن هذه الشفافية بقيت دون توقعات الكثيرين لا سيما منهم اولئك الذين يرون في ما جرى محاولة للتستر على فضيحة اكبر بكثير.
وللمرة الاولى فتحت اصغر دولة في العالم ابواب محكمتها امام مجموعة مختارة من الصحافيين الذين نقلوا الى زملائهم في العالم اجمع وقائع اكبر محاكمة تجري في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية الحديث.
وخلال المحاكمة تم الاستماع الى اقوال المتهم، وكذلك لاقوال الشهود ومن بينهم السكرتير الشخصي للبابا بنديكتوس السادس عشر، وقد تمت الاجراءات وفقا لبنود قانون جزائي ايطالي يعود الى اواخر القرن التاسع عشر.
ومن جهة اخرى فتح الفاتيكان تحقيقا جانبيا اثر تلقيه شكوى من غابرييلي حول ظروف توقيفه في مخفر الدرك في الفاتيكان. وبالنسبة الى انجيلا امبروجيتي مديرة الموقع الالكتروني الكاثوليكي "كورازيم دوت اورغ" فان القضاة كانوا "جديين" والنظام القضائي كان "فعالا".
ولكن السرعة الهائلة التي جرت فيها هذه المحاكمة الخاطفة اثارت الكثير من التساؤلات، فهي انطلقت السبت الفائت بجلسة اولى، تلتها خلال الاسبوع جلستان، والسبت المقبل، اي بعد اسبوع بالتمام والكمال على انطلاقتها، ستنتهي المحاكمة برمتها اذ سيشهد هذا اليوم مطالعة الاتهام ومرافعة الدفاع، وكلمة اخيرة لغابرييلي يليها النطق بالحكم.
كذلك فان انتقادات كثيرة وجهت الى طريقة ادارة رئيس المحكمة لمجريات المحاكمة، لا سيما وان القاضي جيوسيبي دالا توري هو حفيد مدير سابق لصحيفة اوسرفاتري رومانو، الصحيفة الرسمية للفاتيكان. فهذا القاضي حرص خلال المحاكمة على الالتزام حرفيا بالتهمة الموجهة الى كبير الخدم السابق وهي "السرقة المشددة" ومنع اي تطرق الى باقي جوانب الفضيحة التي فجرتها الوثائق السرية التي سربها غابرييلي والتي باتت تعرف بفضيحة "فاتيليكس".
وبناء عليه كان القاضي يتدخل لمنع المتهم من اكمال كلامه في كل مرة كان يأتي فيها الاخير على شرح الدوافع التي جعلته ينسخ الوثائق السرية ويسربها، علما بانه خلال التحقيق معه قال انه اراد من خلال نشر هذه الوثائق محاربة "الشر والفساد" داخل الفاتيكان ومساعدة البابا الذي "يتم تضليله"، على حد قوله.
لا بل انه خلال جلسات المحاكمة بالكاد تم الاتيان على ذكر اسم الصحافي جيانلويجي توتزي الذي فجر كل هذه الفضيحة في كتاب نشره بعنوان "قداسته" وذلك استنادا الى الوثائق السرية التي سربها اليه غابرييلي. وحتى بالنسبة الى التقرير الذي وضعه ثلاثة كرادلة كلفهم البابا باجراء تحقيق مواز في هذه القضية فقد رفض القاضي ضمه الى القضية مؤكدا انه "غير ذي صلة".
ومن الجوانب العديدة الاخرى التي اثيرت حولها علامات استفهام هو قرار المحكمة ان تتم على حدى محاكمة المتهم الثاني والوحيد في هذه القضية كلاوديو سكاربيليتي. والاخير يلاحق بتهمة التآمر ويشتبه في انه كان الوسيط في تسريب الوثائق، والاستماع اليه في هذه القضية كان على الارجح سيضيء على الكثير من جوانبها.
وقد نفى باولو غابرييلي او "باوليتو" كما يدعى في الفاتيكان ان يكون قد تعرض للخداع او ان يكون لديه شركاء في "جريمته"، ولكن نوتزي اكد في كتابه ان غابرييلي كان على اتصال بحوالى 20 "مخبرا" من داخل الفاتيكان. وخلال المحاكمة لم يتم ايضا توضيح ما هو هذا "الاستياء العارم" في الفاتيكان والذي تحدث عنه المتهم. وبعد صدور الحكم، والذي يرجح ان يستأنفه غابرييلي، ربما تتم الاضاءة على باقي جوانب قضية "فاتيليكس".
ومن المقرر اعادة فتح تحقيق في بقية التهم الواردة في هذه القضية، مثل اساءة الامانة والتشهير، كما وعد الفاتيكان، ولكن نظرا الى تعقيدات هذه التهم فقد يستغرق هذا الامر سنوات.
ويقول الخبير في شؤون الفاتيكان ماركو بوليتي في صحيفة "ايل فاتو كوتيديانو" ان "تهمة السرقة هي ورقة التوت التي تغطي جوهر القضية باكملها: الخيانة والتسريب غير المسبوق لوثائق تخرج الى العلن النزاعات داخل الكنيسة وحلقات من الفساد لم يسبق ان سلطت الاضواء عليها، ونزاعات داخلية حول بنك الفاتيكان".
ولكن ازاء هذه الانتقادات فان الصحافة التابعة او المقربة من الفاتيكان تتهم وسائل الاعلام الايطالية بتحويل غابرييلي الى ضحية لا بل الى "شهيد" وبالتعامل مع اقوله كما لو كانت "كلاما من ذهب"، وكل هذا بهدف تشويه صورة الفاتيكان، كما تقول. وبالنسبة الى كتاب التعليقات في هذه الصحف فان مجرد ان يأمر البابا باجراء هذه المحاكمة المحرجة هو دليل كاف على رغبته في جلاء حقيقة الامور.
وفي هذا يقول الصحافي في "لا ستامبا" ماركو توساتي لوكالة فرانس برس ان البابا "يريد ان يعرف هو وان يعرف الجميع ما جرى". والرأي نفسه تشاطره اياه لوسيتا سكاردرجيا، كاتبة الافتتاحيات في صحيفة اوسرفاتوري رومانو، مؤكدة ان البابا بنفسه "سمح بتسليط الاضواء على بعض المشاكل".