الصواريخ الكوبية كادت أن تدخل العالم في حرب نووية عام 1962
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
شكل نشر صواريخ نووية سوفياتية في كوبا قبل خمسين عامًا الأزمة الأسوأ في الحرب الباردة واللحظة الأكثر خطورة ربما في تاريخ البشرية. وبعد الأزمة، أدرك الجانبان أن الحظ وحده حال دون اندلاع حرب نووية في العالم.
واشنطن: على مدى عقود، اشير الى الاداء المميز للرئيس الاميركي آنذاك جون كينيدي، الذي اشاد مؤيدوه بالطريقة التي حافظ فيها على برودة اعصابه، وتفادى بالتالي اندلاع الحرب.
غالبًا ما يشار الى ادائه على انه مثال على القيادة تحت الضغوط، وقارنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مقاربة الادارة الحالية للملف النووي الايراني بـ"سياسة كينيدي التي قامت على المجازفة".
الا ان وثائق من ارشيف الاتحاد السوفياتي سابقا والولايات المتحدة كشفت واقعا اقل اثارة: فخلال 13 يومًا في تشرين الاول/اكتوبر 1962 دخل كينيدي في صراع مع نظيره السوفياتي نيكيتا خروتشيف للسيطرة على التصعيد في تسلسل الاحداث.
وكان خروتشيف القلق من التقدم الاميركي في صناعة الاسلحة النووية وجهودها للاطاحة بالنظام الكوبي الموالي لموسكو، قرر في ايار/مايو 1962 ارسال اكثر من 40 الف جندي والعشرات من الصواريخ المزودة برؤوس نووية الى كوبا. الا انه وفي الوقت نفسه كان يطمئن واشنطن على الدوام إلى انه من غير الوارد نشر اسلحة سوفياتية هجومية في كوبا.
تفاجأ القادة الاميركيون عندما علموا في 16 تشرين الاول/اكتوبر بوجود صواريخ سوفياتية في كوبا، وذلك عبر صور التقطتها طائرة تجسس اميركية من طراز "يو-2".
وروى روبرت كينيدي الشقيق الراحل للرئيس لاحقا ان "الشعور السائد كان الصدمة وعدم التصديق". وبالفعل، الصدمة كانت كاملة، فوكالات التجسس الاميركية عجزت عن رصد اي اشارات تحذيرية.
وعلى الرغم من حصول وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي ايه" على تقارير عدة من مخبرين كوبيين حول مواكب مشبوهة خلال الليل، الا ان الوكالة استبعدت هذه التقارير المبهمة، والتي تناقض الفرضية السائدة بأن موسكو لن تتجرأ على نشر قنبلة ذرية على مسافة قريبة الى هذا الحد من الولايات المتحدة، بحسب المؤرخ مايكل دوبز مؤلف "وان مينوت تو ميدنايت" حول الازمة.
وفي البيت الابيض، اوصى كبار القادة العسكريين بشن غارات جوية، يليها غزو ممكن لكوبا، بينما فضّل وزير الدفاع روبرت ماكنمارا وغيره من المسؤولين الدبلوماسيين فرض حصار على الجزيرة لمنع السفن السوفياتية من ارسال اسلحة اخرى اليها.
وفي 22 تشرين الاول/اكتوبر، اطلع كينيدي الشعب الاميركي على الازمة في خطاب، واصدر الاوامر الى القوات المسلحة بان تكون في حالة تأهب قصوى. وفضل كينيدي اقامة حصار على كوبا بدلاً من شن غارات جوية.
وانتظر البيت الابيض مترقبًا، بينما السفن الحربية الاميركية متمركزة في مواقعها بانتظار السفن السوفياتية الاتية الى كوبا، الا ان هذه الاخيرة عادت ادراجها وسط ارتياح دولي. لكن في الكواليس، كان التوتر في اوجه.
فقد سعى كل من كينيدي وخروتشيف الى ايجاد مخرج من المازق، الا ان جهودهما اصطدمت باشتباك الخطوط وسوء التفاهم والسبل الدبلوماسية المعقدة التي لم تكن تتيح اي قناة اتصال مباشرة.
وفي مساء 26 تشرين الاول/اكتوبر، عرض السوفيات ان يسحبوا صواريخهم من كوبا مقابل تعهد الولايات المتحدة بعدم غزو الجزيرة. وفي اليوم التالي، تقدمت موسكو بطلب علني من الولايات المتحدة بسحب صواريخها من طراز جوبيتر من تركيا.
وفي 27 تشرين الاول/اكتوبر الذي بات يعرف بـ"السبت الاسود"، اسقطت طائرة تجسس اميركية من طراز "يو-2" فوق كوبا وتباحث مستشارو كينيدي عندها حول شن غارات جوية، وبدا وكأن الأمر خرج عن السيطرة.
وكان البنتاغون يعتزم البدء بقصف مكثف الثلاثاء يليه غزو من خلال 120 الف جندي، في عملية شبية بانزال الحلفاء ابان الحرب العالمية الثانية. وكتب دوبز ان الولايات المتحدة لم تعلم سوى بعد ثلاثين سنة ان "السوفيات كان لديهم العشرات من الصواريخ الحربية المتوسطة المدى في كوبا، وكلها مزودة برؤوس نووية قادرة على سحق اي قوة غزو".
وتوصل الجانبان الى اتفاق في الوقت الذي بدت فيه الأزمة وكأنها تسير نحو التصعيد. وتقوم التسوية على ان تتعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا، وان توافق سرًا على سحب صواريخها من تركيا، بينما تتعهد موسكو بسحب صواريخها من كوبا.
وكان ماكنمارا صرح خلال مؤتمر في هافانا في العام 2002 عندما وزيرا للدفاع "لسنوات عدة، اعتبرت الأزمة الكوبية المثال الافضل على حسن الادارة الخارجية في نصف القرن الاخير".
واضاف "لكنني استنتج اليوم انه وبغضّ النظر عن طريقة ادارة الازمة، فان الحظ لعب دورا كبيرا في تفادي اندلاع حرب نووية بعد تلك الايام الـ13".
اما المدير السابق للمكتب الكوبي التابع لل"كي جي بي" (الاستخبارات السوفياتية) نيكولاي ليونوف فاعتبر ان التوصل الى تسوية سلمية كان اشبه بالمعجزة. وقال "وكان قوة إلهية تدخلت لمساعدتنا على انقاذ انفسنا".
الخط الساخن بين واشنطن وموسكو
بعد ازمة الصواريخ الكوبية، التي كادت ان تؤدي الى اندلاع حرب نووية، اقتنع قادة الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة بضرورة اقامة قناة اتصال مباشر بينهما، مما ادى الى اطلاق ما يعرف بـ"الخط الساخن" في العام 1963.
وادى غياب قناة اتصال مباشرة خلال المواجهة بين جون كينيدي ونيكيتا خروتشيف الى التكهن بنوايا المعكسر الاخر في الوقت الذي كانت فيه الرسائل بين واشنطن وموسكو تستغرق ساعات لتصل.
ونقلت رسالة بتاريخ 26 تشرين الاول/اكتوبر 1962 اقترح فيها الزعيم السوفياتي تسوية للخروج من الازمة بالروسية الى السفارة الاميركية في موسكو عند الساعة 9:42 بتوقيت واشنطن، لكنها لم تصل الى وزارة الخارجية الاميركية الا عند التاسعة مساء، وذلك بعد ترجمتها وبثها وتشفيرها.
ومنذ 30 آب/اغسطس 1963 بدأ العمل بالخط الساخن او "الهاتف الاحمر" لتفادي مخاطر اندلاع حروب بين الدولتين. الا انه لم يكن يومها هاتفا للاتصالات السمعية، ولا كان لونه احمر، بل كان يقتصر على الرسائل الخطية المرسلة عبر الكابلات.
وفي سبعينيات القرن الماضي اقيم هاتف، ومن ثم اتصالات عبر الاقمار الاصطناعية، وفي العقد التالي بات من الممكن ارسال وثائق مثل الخرائط والصور.
ويلتزم البيت الابيض والبنتاغون بالسرية حول عدد المرات التي استخدم فيها "الهاتف الاحمر". ويبدو انه استعمل خلال الحربين بين العرب واسرائيل في 1967 و1973 او خلال غزو الاتحاد السوفياتي لافغانستان في العام 1979.
واقيمت قنوات اتصال مباشرة اخرى بين موسكو وابرز العواصم الاوروبية. وفي العام 1996، اقامت الصين "خطا ساخنا" للمرة الاولى مع روسيا، ثم بعد عامين مع الولايات المتحدة. وحذت كل من الهند وباكستان حذوها في 2005.
وفي ايلول/سبتمبر 2011، اقترحت واشنطن اقامة خط اتصال مباشر مع ايران لتفادي التصعيد حول الملف النووي الايراني المثير للجدل، الا ان طهران رفضت الطلب.
التعليقات
الحمدلله
كلداني -الحمدلله خلصنا من الشيوعية و مشاكلها رحمة الله عليك الباب يوحنا بولس الثاني الذي كان له الدور الكبير في اسقاط الالحاد