أحزاب جزائرية تدفع المال للنساء مقابل تقديم ملف الترشح للانتخابات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
واجهت الأحزاب السياسية الجزائرية متاعب كبيرة في سبيل إعداد قوائم الترشح للانتخابات المحلية "البلدية والولائية/المحافظات" المقبلة المقررة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وذلك بسبب قانون يلزم الأحزاب باحترام "قانون الكوتا" الخاص بالنساء، الذي يضمن حدًا أدنى يقدر بــ 30 في المئة من النساء من مجموع المرشحين في القوائم والمجالس المنتخبة.
بودهان ياسين: حسب تصريح بعض ممثلي هذه الأحزاب لــ "إيلاف"، فإن هذا القانون وقف سدًا في وجههم، خاصة في المناطق الداخلية من الجزائر، حيث يحول العديد من الظروف، أهمها العادات والتقاليد، دون ممارسة النساء للسياسة، بما في ذلك الترشح لعضوية المجالس المحلية، وهو ما أدى ببعض الأحزاب إلى إغراء النساء بالمال مقابل إيداع ملفات الترشح.
وفي تصريحه لــ "إيلاف" يؤكد القيادي في حزب جبهة القوى الاشتراكية شافع بوعيش أن هذا القانون عرقل العديد من الأحزاب السياسية، بما في ذلك حزبه، والسبب في ذلك، حسب بوعيش، يعود "إلى الأعراف والتقاليد التي يتميز بها العديد من المناطق الجزائرية، خاصة الداخلية منها، فمنطقة مثل غرداية هي منطقة محافظة، ولا يسمح هناك للنساء حتى بالخروج، فما بالك بالترشح في الانتخابات".
ويرى بوعيش أنه كان على الحكومة أن تطبّق هذا القانون بشكل تدريجي، وألا يتم تعميمه عبر كل المحافظات والبلديات في وقت واحد، لأنه لا يمكن مقارنة بلديات موجودة في الجزائر العاصمة ببلديات أخرى في شمال سطيف مثلاً.
وكشف بالمناسبة عن أن العديد من الأحزاب، التي توصف بأنها كبيرة، تقوم بمنح مبالغ مالية للنساء تتراوح ما بين 200 إلى 300 يورو مقابل إيداع ملف الترشح للمرأة.
يتوقع بوعيش أن يتقلص عدد القوائم الانتخابية لكل حزب سياسي خلال الانتخابات المقبلة، مقارنة بالانتخابات المحلية السابقة،والسبب في ذلك ــ حسب رأيه ــ هو عدم قدرة بعض الأحزاب على إعداد قوائم الترشح في بعض البلديات لعدم التزامها بالقانون الذي يضمن حدًا أدنى يقدر بــ 30 في المئة من النساء من مجموع المرشحين.
ورفض بوعيش أن يكون حزبه ينوي التقدم باقتراح لإلغاء أو تعديل هذا القانون مستقبلاً، لأن حزب جبهة القوى الاشتراكية يناضل من أجل تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في كل المجالات، لكنه سيعمل مستقبلاً على تفعيل دور المرأة وإشراكها في الحياة السياسية عن طريق التوعية وغيرها من الوسائل.
الناطق الرسمي باسم حركة النهضة وصف لــ "إيلاف" "قانون الكوتا" بــ "القرار الارتجالي وغير المدروس، "الهدف منه إفساد الحياة السياسية في البلاد".
وأضاف "القانون عبارة عن عملية مقايضة، قام بها النظام الحاكم في الجزائر مع الطرف الأجنبي، بمعنى أن النظام الجزائري سنّ هذا القانون من أجل تلميع صورته في الخارج".
وحسب محدثنا، فإن "حركة النهضة وبقية التيارات الإسلامية في الجزائر لم تتأثر ولن تتأثر بهذا القانون، لأن التكوين الفردي للأفراد المنتسبين إلى هذه الأحزاب هو تكوين عقائدي تربوي يمسّ كل أفراد وعائلات المنتسبين، لذلك فإن العنصر النسائي داخل التيارات الإسلامية موجود بقوة، ولا يطرح أي إشكال في ما يتعلق بإعداد القوائم الانتخابية".
لكن حديبي يضيف أن "هذا القانون أضرّ كثيرًا بالأحزاب الأخرى، منها أحزاب السلطة، والتي يتميز أفرادها بظاهرة التجوال السياسي، أي التنقل ما بين الأحزاب، وهم لا يمتلكون قواعد نسائية".
يعتقد حديبي أن "قانون الكوتا" ورّط المرأة الجزائرية، لأن "هذه الأخيرة غير مهيأة بالشكل الذي يليق لتولي المسؤولية، خاصة في المجالس البلدية، لأنها ــ في هذه المناطق ــ لا تمتلك تكوينًا سياسيًا يؤهلها لدخول معترك الانتخابات وتولي المسؤولية، خاصة في ما يتعلق بالعمل الجواري، لذلك فإن هذا القانون سيشوّه دور المرأة بشكل كبير، فبعد خمس سنوات من الآن ستفشل المرأة في إدارة مختلف المجالس البلدية، وسينظر إلى المرأة في المجتمع على أنها فاشلة، ولا تصلح لشيء".
ويكشف أن "ندرة العنصر النسائي أدت ببعض الأحزاب إلى دفع المال من أجل الحصول على ملفات نسائية للترشح"، وإذا كان شافع بوعيش قال إن هذه الظاهرة تخصّ بعض المناطق الداخلية، فإن حديبي قال إنها موجودة في بعض ضواحي العاصمة الجزائرية "، حيث تدفع بعض الأحزاب مبالغ تتراوح ما بين 300 إلى 400 يورو عن كل ملف نسائي"، وهو الوضع الذي وصفه محدثنا بـ "محاولة ابتزاز العمل السياسي وشراء المناصب". وقال إن "هذا القانون أقرّ مبدأ الكم على حساب الكيف، فلا تهم السيرة الذاتية للمترشحة، بقدر ما يهمّ أنها قدمت ملفها وكفى"، يضيف محدثنا.
وأعاب حديبي هو الآخر على السلطة الجزائرية تطبيق هذا القانون وتعميمه في وقت واحد على كل المناطق الجزائرية، وكشف عن أن حزبه اقترح تطبيقًا تدريجيًا، بحيث يتم تطبيقه هذه السنة في الانتخابات التشريعية، على أن يتم تطبيقه على مجالس المحافظات/الولايات في 2017، ويتم تطبيقه على المجالس البلدية بحلول 2022، ويتم خلال هذه المرحلة تطوير المرأة وإدماجها في الحياة السياسية، لتكون مؤهلة بشكل تام وفعال.
القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني ــ الحزب الحاكم ــ الصادق بوقطاية نفى أن يكون حزبه يعاني من ندرة العنصر النسائي، وأكثر من ذلك، فقال إن "حزب جبهة التحرير الوطني يعاني من كثرة المرشحين، الذين يتصارعون بالهراوات خارج مقار الحزب من أجل الترشح".
وأشار بوقطاية إلى أن "هذه الظاهرة تعانيها الأحزاب الصغيرة والجديدة، والتي لم تجد حتى الرجال للترشح في قوائمها". وأضاف بوقطاية إن "العديد من الأحزاب ستفشل حتمًا في إعداد قوائمها، لأنها تفتقد للعنصر النسائي، وهذا القانون لا يمكن تعديله أو مناقشته في الوقت الراهن إلا بعد مرور سنة".
نفيسة لحرش، رئيسة الجمعية الوطنية للمرأة، دافعت عن القانون رغم آثاره السلبية، حسب البعض، في "انتظار تطبيق ما أسمته المساواة بين الرجل والمرأة في كل المجالات وفقًا لما ينص عليه الدستور الجزائري"، تقول لحرش.
في اتجاه آخر، قال حسين خلدون، وهو نائب ينتمي إلى حزب جبهة التحرير الوطني، إن "نظام الكوتا يمسّ بحرمة وعادات الأسرة الجزائرية"، وهو موقف مخالف لما يتبناه حزبه في هذه المسألة تحديدًا، لذلك يصرّ خلدون على أن "هذا الرأي شخصي، ولا يمثل حزبه".
واعتبر خلدون أن "هذا القانون هو بمثابة منة وصدقة للمرأة الجزائرية، التي أثبتت في مناسبات عدة أنها قادرة على العطاء والمنافسة بقوة من دون محاصصة أو نسبة إجبارية".