محاكمة سيف الإسلام في بلاده ستشكل انتصارًا للمسؤولين الليبيين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في غمرة الصراعات السياسية التي تشهدها ليبيا، حيث ما زال الليبيون يعيشون تداعيات الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في الشهر الماضي ومقتل أربعة أميركيين، بينهم السفير كريستوفر ستيفنز، بدا المسؤولون الليبيون أقرب إلى الانتصار في معركة واحدة كبرى على الأقل في قلب أوروبا، المتمثلة في حق محاكمة سيف الإسلام القذافي في ليبيا بدلاً من تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
إعداد عبد الإله مجيد: جادل المسؤولون الليبيون خلال جلسات استماع عقدتها المحكمة الجنائية على امتداد يومي الثلاثاء والأربعاء بأن القضاء الليبي قادر على إجراء محاكمة عادلة لأشهر أبناء القذافي، الذي كان لفترة طويلة يُعتبر وريثه في الحكم، لافتين الى ان التحقيقات التمهيدية التي تسبق المحاكمة جارية اصلاً.
وقال خبير القانون الدولي المحامي البريطاني فيليب ساندز الذي يمثل الحكومة الليبية "ان هناك طائفة واسعة من الأدلة التي تشكل قرار اتهام مماثلاً لما قدمه مدعي المحكمة الجنائية الدولية".
وبدلاً من المرافعة ضد الموقف الليبي، اتفق مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية مع الليبيين قائلاً ان ليبيا تتعامل مع القضية بالقدر نفسه من الجدية، كما المحكمة الجنائية الدولية، وان الادعاء العام واثق من استيفاء ليبيا المعايير الدولية بما يتيح محاكمة سيف الاسلام في بلده.
لكن محامية الدفاع المعيَّنة من المحكمة الجنائية ميلندا تايلور رفضت هذه التأكيدات. وقالت في جلسات الاستماع ان السلطات الليبية ربما استخدمت الإكراه والتعذيب لجمع الأدلة ضد سيف الاسلام، وان ليبيا "لم تقدم أية معلومات على الاطلاق عن الطريقة التي ستجري بها هذه المحاكمة بشكل آمن، آخذين في الاعتبار المستوى الحالي من انعدام الاستقرار والأمن في ليبيا".
وكانت المحامية تايلور، التي تعمل في مكتب الدفاع العام في المحكمة الجنائية الدولية، قابلت سيف الإسلام في سجنه في نيسان/ابريل، بعد ستة اشهر على وقوعه في قبضة مقاتلي احدى الكتائب الليبية اثناء محاولته الفرار في صحراء ليبيا الكبرى، ونُقل جوا الى مدينة الزنتان في غرب ليبيا.
منذ ذلك الحين يُحتجز سيف الإسلام في المدينة معزولاً عن العالم الخارجي. وعندما توجّهت تايلور الى الزنتان لمقابلة موكلها اعتقلها قادة ميليشيا محلية في منتصف مقابلتها معه، واحتجزوها لمدة 26 يومًا، متسببين ببلبلة لأشهر وتخبط المحكمة الجنائية الدولية بشأن القضية.
وقالت تايلور لمجلة تايم ان السلطات الليبية منعت سيف الاسلام من مقابلة محاميه، وحرمته بذلك من حق أساسي ينص عليه القانون الدولي. وأكدت تايلور انه "لم يتسن لنا الاتصال بسيف الاسلام القذافي، ولم يكن بمقدور أي من اصدقائه وافراد عائلته الاتصال به".
لكن الدلالات المرتبطة بمحاكمة سيف الاسلام تذهب بنظر الليبيين إلى ابعد بكثير من تفاصيل العملية القانونية. فالليبيون الذين عانوا 40 عامًا من دكتاتورية القذافي ينظرون الى محاكمة سيف الاسلام على انها خطوة لا بد منها لتضميد جراحهم الفاغرة بالكشف عما تعرّضوا له من ظلم وتنكيل، قبل المضي الى طيّ هذه الصفحة السوداء. وقال المحامي الليبي احمد الجهاني ان محاكمة سيف الاسلام في ليبيا "ستكون فرصة فريدة لتحقيق المصالحة الوطنية".
سيُحاسب سيف الاسلام بوصفه الوحيد من أبناء القذافي، الذي ما زال حيًا في ليبيا نفسها، ليس على أعماله هو فحسب، بل وأعمال والده الذي قُتل بعد وقوعه في قبضة مقاتلين من احدى الكتائب في مدينة سرت قبل عام.
وكان سيف الاسلام يُعتبر رهان الغرب على تحقيق قدر بسيط من الديمقراطية في ليبيا. لكن هذا الأمل تبخر عندما ظهر على التلفزيون في شباط/فبراير 2011 متعهدًا بسحق الثوار "حتى آخر طلقة".
وكان رده الشرس على الاحتجاجات الأولى هو الذي أغلق الباب، على ما يبدو، في وجه أي حل توافقي مع المعارضة. وبعد شهر على ذلك الخطاب، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يجيز تدخل حلف الأطلسي الذي اسفر في النهاية عن مقتل القذافي في تشرين الأول/اكتوبر الماضي.
واصدرت المحكمة الجنائية الدولية في حزيران/يونيو من العام الماضي قرار اتهام بحق سيف الاسلام لارتكابه جرائم ضد الانسانية وخاصة إصداره اوامر، على ما يُفترض، الى قوات القذافي بإطلاق النار على تظاهرات سلمية في شباط/فبراير 2011، خلال الأيام الأولى من الانتفاضة قبل ان تتحول حركة الاحتجاج الى ثورة مسلحة.
كما صدر قرار اتهام بحق والده ورئيس استخبارات والده عبد الله السنوسي، الذي سلمته السلطات الموريتانية الى ليبيا في الشهر الماضي، ويُحتجز الآن في طرابلس، حيث ينتظر تقديمه الى محاكمة منفصلة.
لكن مراقبين يرجّحون ان تكون محاكمة سيف الاسلام زاخرة بعوامل الإثارة الدولية، لأنها لن تكشف عن انتهاكات القذافي بالدليل الملموس، بل يمكن ان تشير بإصبع الاتهام الى حكومات غربية، قال سيف الاسلام لوسائل اعلام مختلفة انها عقدت صفقات سرية مع نظام والده.
وقال مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية يوم الأربعاء ان المحكمة قد تطلب دليلا ملموسا يؤكد قدرة ليبيا على محاكمة سيف الاسلام بنفسها. واضاف "نحن نعتقد انه من المناسب اعطاء ليبيا وقتا اضافيا". ولكن بعد اتفاق الادعاء العام مع المسؤولين الليبيين يبدو ان لعبة شد الحبل التي جرت بين الجانبين انتهت الآن. ومن المتوقع ان تصدر المحكمة الجنائية قرارها بشأن ما توصلت اليه في ضوء جلسات الاستماع خلال يومي الثلاثاء والأربعاء في غضون الأشهر القليلة المقبلة.
حتى ذلك الوقت سيبقى موقف المحكمة الجنائية الدولية موضع سجال ونقاش، لا سيما انها كانت تريد تسليمها سيف الاسلام لمحاكمته في لاهاي. لكن موقفها هذا يبدو ضعيفا الآن، بحسب الباحث في كلية لندن للاقتصاد مارك كيرستن، الذي لديه مدونة بعنوان "المحكمة الجنائية الدولية، العدالة في النزاع".
وقال كيرستن لمجلة تايم ان القضية كانت إشكالية منذ البداية، لأن مجلس الأمن الدولي أحال ملف سيف الاسلام على المحكمة الجنائية الدولية من دون ان يمدّها بالموارد المالية أو الدعم المطلوب للنهوض بالمهمة. وعلى الغرار نفسه لم يتمخض شيء عن قرار الاتهام الآخر الوحيد، الذي احاله مجلس الأمن الدولي على المحكمة الجنائية ضد الرئيس السوداني عمر حسن البشير بسبب الحرب في دارفور.
إزاء شح الموارد، ظلت قضية المحكمة الجنائية الدولية ضد سيف الاسلام نائمة طيلة اشهر، ولم يتمكن مسؤولو المحكمة من فرض شروط صارمة على ليبيا لتسليم سيف الاسلام عن طريق المفاوضات. ثم جاء اعتقال تايلور محامية سيف الاسلام في ايار/مايو الماضي، الذي كان كارثة على موقف المحكمة الجنائية.
وقال الباحث كيرستن "ان الدول قد تعتقد الآن انه عندما يقوم موظفون مزعجون من المحكمة الجنائية الدولية بإفساد مصالحها أو خططها فانه بالامكان ببساطة اعتقالهم، وانها في النهاية ستحقق مآربها". واضاف "ان هذه سابقة فظيعة".
التعليقات
اعدام
هاني -يصرون على محاكمته في بلده لأجل ضمان تنفيذ حكم الاعدام به تماما مثلما حدث مع صدام حسين
ليث ابن ليث
mareo -يابا والله انا مو ليبي. .بس بشرف كل العربان وبشرفي انت وابوك اشرف من الكل
حكم الإعدام
سامر حلاق -إن حكم الإعدام بحد ذاته شيئ غير إنساني ويجب إلغاءه في كل العالم. حري بالأنظمة التي أطاحت بالأنظمة الديكتاتورية أن لاتنتقم من أشكالٍ كسيف الإسلام. أعتقد أن وضعه في السجن مدى الحياة أو ٤٠ سنة هو عقاب أشد من الإعدام.