أخبار

القاضي السحيمي: إعادة محاكمة مبارك أو متهمي "موقعة الجمل" مستحيلة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

قال المستشار عبد المنعم السحيمي رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق لـ"إيلاف" إن صدور أحكام بالبراءة في قضايا قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك، أو موقعة الجمل، كان متوقعاً، مستبعدًا امكانية اعادة التحقيق والمحاكمة.

القاهرة: أكد المستشار عبد المنعم السحيمي رئيس نادي قضاة طنطا السابق، أنه لا يمكن قانونياً، إعادة التحقيق مرة أخرى، في قضايا قتل المتظاهرين التي اتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك، ووزير داخليته، وستة من كبار قادة وزارة الداخلية أثناء ثورة 25 يناير، أو قضية موقعة الجمل، المتهم فيها 24 شخصية من رموز النظام السابق، على رأسهم صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق، وفتحي سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، ورجل الأعمال محمد أبو العينين. وذلك في معرض تعقيبه على طلب لجنة تقصي الحقائق اعادة محاكمة مبارك، ونية الرئيس مرسي إعادة محاكمة المتهمين في قضية موقعة الجمل، بعد تبرئة المحكمة لهم جميعاً.

وأضاف السحيمي رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق، لـ"إيلاف" إن صدور أحكام بالبراءة في قضايا قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك، أو موقعة الجمل، كان متوقعاً.

من "موقعة الجمل" الشهيرة

وأجرت إيلاف المقابلة مع السحيمي على فترتين، الأولى في يوم 9 أكتوبر/ تشرين الأول، للتعليق على تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي طالب بإعادة محاكمة مبارك، وهو اليوم السابق لصدور الحكم في قضية موقعة الجمل، وقال وقتها إنه يتوقع صدور حكم بالبراءة في القضية، وعندما صدر الحكم في اليوم التالي، 10 أكتوبر، بالبراءة، بادر بالإتصال بـ"إيلاف"، وقال إن توقعاته قد صدقت. وساق الكثير من الأدلة حول البراءة. متحدياً الجميع في مصر أن يستطيع أحد إعادة محاكمة المتهمين مرة أخرى.

وفي ما يلي نصّ الحوار كاملا:

البراءة كانت متوقعة

كيف ترى صدور أحكام قضائية ببراءة جميع المتهمين في قضية "موقعة الجمل"؟

الأحكام التي صدرت في قضية موقعة الجمل، بتاريخ 10 أكتوبر/ تشرين الاول الجاري، كانت متوقعة، لأن القاضي لم يستقر في وجدانه أن المتهمين الذين مثلوا أمامه هم الفاعلون الأصليون في قضايا القتل والإصابة المعروضة عليه. لاسيما أن أحداث القضية وقعت وسط جموع غفيرة من البشر، يقدر عددها بمئات الآلاف من الناس، ومن الصعب تحديد هوية أو شخصية القاتل أو المحرض، ولا يمكن أن يستقر في وجدان القاضي أن فلاناً هو القاتل، إلا من خلال أدلة مادية قاطعة، وشهادة الشهود غير المطعون في نزاهتهم، ووفقاً لحيثيات الحكم، فإن بعض الشهود من المسجلين خطر، أو من عتاة المجرمين، بالإضافة إلى عدم ثبوت وجود قتلى بصورة قطعية.

كما أنّ غالبية شهادات الشهود كانت سماعية، وشهادات "العنعنة"، لا يعتد إليها أمام القضاء، إذ أن كل شاهد ينقل رواية من قبله، ولا يمكن الوصول إلى الشاهد الحقيقي، الذي خبر الواقعة رأي العين. فضلاً عن أن القاضي لا يتأثر بما يدور في الشارع أو وسائل الإعلام بشأن القضية التي ينظرها، ولكنه يدرس القضية من حيث الأوراق والأدلة المادية الثابتة أمام، فضلاً عن شهادة الشهود.كوني قاضياً توقعت صدور أحكام البراءة في قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها حسني مبارك والعادلي وستة من كبار قيادات وزارة الداخلية أثناء الثورة، وفي قضية موقعة الجمل.

أحكام صادمة

لكن الحكم في موقعة الجمل كان صادماً للرأي العام المصري، كما كان الحكم في قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها مبارك؟

نعم، لكن هذه الأحكام هي عين الحقيقة، وليس هناك مجال لإصدار أحكام بإدانة ضد أشخاص لم يثبت في حقهم بالدليل القاطع ارتكابهم للجرائم محل الإتهام، وهذه الأحكام تؤكد تمتع القضاء المصري بالإستقلال عن السلطة التنفيذية، لأن القضاة لم يتأثروا بالرأي العام، ولم يتأثروا بما يقال في وسائل الإعلام، أو ما تريده السلطة.

ولو كان الأمر كذلك لصدرت أحكام بالإعدام في تلك القضايا، إرضاء للرأي العام ووسائل الإعلام، ولا يسعني إلا أن أردد قوله تعالى في سورة المائدة الآية رقم 9 " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ".

إقالة النائب مخالفة للدستور

البعض ألقى باللوم على النيابة العامة، وإتهمها بالتقصير في تحقيق الأدلة وتوثيق الإتهامات، ما أدى إلى صدور تلك الأحكام الصادمة، وإقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، فهل يتحمل النائب العام وحده الأوزار كاملة؟

كوني قاضياًلا يمكنني التعليق على قضية إلا بعد الإطلاع عليها، ولا يمكنني التعليق على حكم قضائي إلا عبر الوسائل التي رسمها القانون، ولكن أعتبر أنه إذا كان الرئيس محمد مرسي أصدر قراراً بإقالة النائب العام، فهذا يمثل إعتداء على السلطة القضائية، ومخالفة صريحة للدستور، الذي جرى الإستفتاء عليه في شهر مارس/ آذار 2011، القائم حتى الآن، لان الرئيس مرسي ألغى الإعلان الدستوري المكمل، يما يعني أن الدستور الذي جرى الإستفتاء عليه مازال قائمًا ونصت المادة 47 على أن القضاة مستقلون تماماً، وغير قابلين للعزل.

المستشار عبد المنعم السحيمي رئيس نادي قضاة طنطا السابق

وينظم القانون شؤونهم الداخلية. كما يمثل القرار مخالفة لقانون السلطة القضائية في مادته 67، التي تنص على أن رجال القضاة والنيابة العامة مستقلون، ولا يجوز عزلهم، أي أن الرئيس لا يملك حق إقالة النائب العام، بل لا يملك إقالة أصغر معاون نيابة.

ولكن إذا كان النائب العام المستشار عبد المجيد محمود قدم إٍستقالته من منصبه طواعية، فإنهلا مخالفة للقانون أو الدستور. وأنا أحذر الرئيس من أن إقالة النائب العام، سوف يضعه في موقف حرج، وسوف يكرر أزمة قرار عودة مجلس الشعب، الذي ألغته المحكمة الدستورية العليا.

ويخلق أزمة كبيرة بين مؤسسة الرئاسة والسلطة القضائية، ويعيد للأذهان مذبحة القضاة، التي نفذها الرئيس عبد الناصر ضد القضاة في الستنيات من القرن الماضي.

فخ لمرسي

لكن مدير مكتب الرئيس محمد مرسي أعلن أن الرئيس كلف وزير العدل وخبراء قانونيين بإعداد مشروع قانون لحماية مكتسبات الثورة، وبما يكفل إعادة محاكمة المتهمين بقتل المتظاهرين أثناء الثورة؟

إصدار القوانين كرد فعل للأحكام في القضايا الجنائية يعد التفافًا على هذه الأحكام وأناشد الرئيس ألا يقع في هذا الفخ. وليس من مصلحة أحد إحداث صدام بين السلطة القضائية ومؤسسة الرئاسة.

أوصت لجنة تقصي الحقائق في قضايا قتل المتظاهرين بإعادة محاكمة مبارك والعادلي وقيادات وزارة الداخلية الست أمام الدائرة نفسها التي أصدرت الحكم، نظراً لعدم فصل لتجاهل المحكمة الحكم في قضايا قتل المتظاهرين في المحافظات، كيف ترى هذه التوصية؟

هذا الكلام مردود عليه، بالقول إن المحاكم الجنائية لها اختصاص مكاني، أي أن المحكمة الجنائية في كل محافظة تنظر القضايا التي تقع في دائرتها، وليس في المحافظات الأخرى، حيث نظرت كل محكمة جنائية في المحافظات التي وقعت فيها جرائم قتل للمتظاهرين أثناء الثورة، وصدرت فيها أحكام بعضها بالبراءة، وبعضها بالإدانة، وبالتالي لا يمكن لمحكمة جنايات القاهرة التي نظرت قضية قتل المتظاهرين في دائرة قسم قصر النيل، ميدان التحرير، إصدار أحكام في قضايا أخرى سبق الفصل فيها أو منظورة أمام محاكم أخرى، لأن المتهم لا يعاقب على جرم واحد مرتين. ومن ثم لا يمكن إعادة القضية للمحكمة مرة أخرى.

بالإضافة إلى أن القضية منظورة الآن أمام محكمة النقض، ولا يمكن إعادة إلى التحقيق أو المحاكمة مهما كانت الظروف، ولا أحد يملك الفصل فيها إلا محكمة النقض وحدها.

إعادة محاكمة مبارك مستحيلة قانونياً

لكن لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الرئيس تعمل على جمع الأدلة وتوثيقها في قضايا قتل المتظاهرين من أجل إعادة المحكمة مرة أخرى؟

كل هذه الإجراءات ليس لها سند من القانون، ويمكن القول إن إعادة محاكمة مبارك أو المتهمين في قضايا قتل المتظاهرين أو قضية موقعة الجمل مستحيلة قانونياً، طالما مازالت منظورة أمام محكمة النقض أو إذا صدرت فيها أحكام نهائية.

وليس هناك شيء في القانون أسمه إعادة فتح القضية للتحقيق أو إعادة المحاكمة، إلا وفقاً لما تراه محكمة النقض، ولا يمكن إعادة فتح قضية للتحقيق بناء على أدلة جديدة، بل متهمين جدد، أي أن يظهر متهمون يعترفون بإرتكاب جرائم القتل التي وقعت أثناء الثورة، بدون ذلك لن يخضع مبارك أو العادلي أو قيادات الداخلية السابقون الذين حصلوا على البراءة لمحاكمات جديدة، لأن القضية الآن منظورة أمام محكمة النقض، وهي وحدها صاحبة السلطة في إعادة المحاكمة مرة أخرى، أو تأييد الأحكام الصادرة عن محكمة جنايات القاهرة.

وحتى لا يكون الكلام مرسلاً بل قائمًا على أدلة من القانون، أقول أن المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على التالي: "تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم بصدور حكم نهائي بالبراءة أو بالإدانة، ولا ترفع الدعوى من جديد بالنسبة له"، أما المادة 455 من القانون نفسه تنص على التالي: "لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية باء على ظهور أدلة أو تغيير الوصف القانوني ضد من يصدر ضدهم أحكام نهائية".

أي أنه لا يمكن الرجوع على المتهمين في قضايا قتل المتظاهرين مرة أخرى بحجة ظهور أدلة جديدة، وبالتالي فإن مبارك وجميع المتهمين في القضايا الخاصة بقتل المتظاهرين الذين صدرت بحقهم أحكام نهائية لا يمكن إعادة فتح القضايا المتهمين فيها للتحقيق من قبل النيابة العامة أو المحاكم الجنائية. وينسحب هذا الكلام أيضاً على المتهمين في ما يعرف بـ"موقعة الجمل" التي حصلوا فيها على البراءة جميعاً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف