أخبار

كولومبيا وحركة التمرد تتفاوضان حول السلام دون التوقف عن الحرب

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بوغوتا: بعد نصف قرن على بداية النزاع، تفتح كولومبيا وحركة "فارك" الماركسية المتمردة عملية سلام تاريخية عبر اطلاق مفاوضات في الخارج الاسبوع المقبل، دون التوقف عن الحرب في البلاد.

وسيلتقي مندوبو حكومة خوان مانويل سانتوس واقدم حركة تمرد في اميركا اللاتينية في النروج ثم في كوبا التي ضمنت حوارا تدعمه الاسرة الدولية بالاجماع.

واثناء اخر جمعية عامة عقدتها الامم المتحدة، شدد سانتوس على "عزمه على المضي قدما بحذر وجدية وحزم" في مواجهة "احد اطول النزاعات المسلحة في تاريخ العالم".

وتبدو اجواء هذه المحاولة الرابعة للحوار بين القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) في بلد محايد، افضل من ذي قبل لا سيما مع المؤتمر الصحافي الاول المقرر عقده الاربعاء في اوسلو، وذلك رغم مواصلة الاعمال العدائية.

وصرحت ماريا كليمنسيا كاسترو مديرة المرصد حول نزع الاسلحة في الجامعة الوطنية في بوغوتا لفرانس برس ان "الراي العام ومختلف الشرائح السياسية والاجتماعية تبدي تفاؤلا بشان بداية عملية السلام هذه".

واكدت ان "حركة التمرد ادركت انه يستحيل عليها تحقيق انتصار عسكري والحكومة مستعدة لايجاد مخرج عن طريق السياسة".

ومنذ انتخابه في 2010، اعد سانتوس الارض لاتفاق عبر قانون حول الاراضي المصادرة وهي نقطة حاسمة بالنسبة لحركة تمرد انبثقت عن انتفاضة مزارعين في 1964.

وفي الوقت نفسه، ابقى الرئيس على ضغط الجيش مصمما على "عدم تكرار اخطاء الماضي"، لانه قبل عشر سنوات قطعت السلطات محاولة حوار مع الفارك آخذة عليهم انهم اغتنموا فرصة وقف عسكرة المنطقة لتعزيز صفوفهم.

وقبل المفاوضات، دعا سانتوس الجنود الى الدفاع عن "كل شبر من الاراضي" في وجه المتمردين الذين تقلص عدد قواتهم الى النصف وانخفض الى 9200 مقاتل حسب الحكومة.

واعرب قائد الفارك تيموليون خيمينيث الذي اعطى دفعا هذه السنة لتغيير الاستراتيجية عندما تخلى عن ممارسة عمليات الخطف والمطالبة بفدية، عن الاسف لعدم التوصل الى وقف اطلاق النار مع التاكيد على "امله الكبير في انهاء النزاع".

واعتبر المحلل السياسي الكولومبي فرناندو خيرالدو في حديث مع فرانس برس ان "التفاوض في خضم النزاع يتضمن مخاطر دائمة من ان يحبط هجوم كل المساعي، لكنها مقاربة اكثر براغماتية".

واضاف "اذا حصل اخفاق، فسيكون الثمن اقل بالنسبة للحكومة لان العمليات العسكرية لم تتوقف".

واستمرار الحرب دفع بالحكومة الى تحديد مهلة المفاوضات "ببضعة اشهر" تفاديا لتدهور الوضع.

وقال خافيير سيورليسا المدير الاقليمي لمجموعة الازمات المتخصصة في النزاعات لفرانس برس انه "اذا لم يشعر سكان مناطق المعارك بان النزاع يتراجع واذا استمرت الازمة الانسانية، فان دعم العملية سيتقلص".

وتابع ان "ذلك سيعطي للمعارضة السياسية مبررا لمهاجمة الحكومة والطعن حتى في فكرة التفاوض".

والعراقيل كثيرة في كولومبيا حيث تنشط حركة تمرد اخرى تدعى جيش التحرير الوطني وقوامها 2500 مقاتل، والمجموعات الاجرامية التي يتكون بعضها من مقاتلين سابقين من اليمين المتطرف، نزعت اسلحتها رسميا منذ 2006.

وفضلا عن قضية الارض، ستتناول المفاوضات خصوصا تورط المجموعات المسلحة في تهريب المخدرات، ذلك الملف المتفجر في اكبر بلد منتج للكوكايين في العالم.

وسيتعين على السلطات تسوية مسالة مثيرة للجدل وهي الحق في التمثيل السياسي وامكانية خفض الاحكام الصادرة بحق المقاتلين السابقين.

وافاد استطلاع اجري مؤخرا ان اكثر من ثلثي الكولومبيين ما زالوا يؤيدون الحوار لتسوية النزاع الذي خلف مئات الاف الضحايا ويكلف البلاد كل سنة نقطتين من النمو.

وقال خيرولي غوتيريس (34 سنة) وهو بائع حطب من بوغوتا لفرانس برس "من هم الذين لا يريدون السلام؟ هناك اجواء مصالحة، قد تشهد كولومبيا شيئا مهما".

النزاع الكولومبي بالارقام

تعتبر القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) حركة التمرد التي ستفتح معها السلطات الكولومبية مفاوضات الاسبوع المقبل في الخارج، من اكبر الفاعلين في النزاع الداخلي الذي يهز البلاد منذ نصف قرن.

وفي ما يلي بعض ارقام هذا النزاع الذي تشارك فيه فضلا عن الفارك، حركة تمرد شيوعية اخرى، تدعى جيش التحرير الوطني، ومجموعات اجرامية بعضها يضم مقاتلين سابقين من اليمين المتطرف.

- حوالى 600 الف شخص قتلوا برصاص المجموعات المسلحة وقوات الامن، حسب وحدة رعاية وتعويض ضحايا النزاع المسلح، وهي هيئة حكومية.

- اكثر من الفي شخص قتلوا و7900 جرحوا بسبب الالغام المضادة للافراد، حسب الحكومة.

-اكثر من 15 الف شخص اختفوا قسرا خلال السنوات الثلاثين الاخيرة، حسب تقرير مكتب الامم المتحدة في كولومبيا.

- اكثر من 3,7 ملايين نازح حسب المفوضية العليا للاجئين للامم المتحدة.

- اكثر من 660 الف هكتار من الاراضي المصادرة التي يطالب بها المزارعون الذين يعتبرون انهم طردوا من اراضيهم بسبب الفارك حسب وزارة الزراعة الكولومبية.

- يتجاوز عديد قوات الامن الكولومبية 430 الفا.

- الفارك خسرت نصف قواتها في غضون عشر سنوات وما زالت تعد 9200 مقاتل حسب وزارة الدفاع الكولومبية.

- ما بين الفين الى ثلاثة الاف مقاتل يقبعون حاليا في السجون حسب منظمة "كولومبيون وكولمبيات من اجل السلام" غير الحكومية.

- ميزانية الدفاع والامن حددت رسميا بنحو 12,7 مليون دولار في 2012، اي 3,5% من اجمالي الناتج الداخلي.

- كلفة النزاع تمثل ما بين نقطة الى نقطتين من اجمالي الناتج الداخلي حسب وزارة المال الكولومبية.

المفاوضات بين كولومبيا والفارك تاريخ حافل

تشكل مفاوضات السلام التي تنطلق اعتبارا من الاسبوع المقبل بين الحكومة الكولومبية والقوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) حركة التمرد الماركسية، في النروج ثم في كوبا، صفحة جديدة من تاريخ حافل.

في ما يلي المحاولات الثلاث السابقة للمفاوضات مع الفارك، وهي اقدم حركة تمرد في اميركا اللاتينية التي تعد بعد 48 سنة تسعة الاف مقاتل، حسب السلطات.

1984 - 1987: اتفاق لا اوريبي

كانت تلك المرة الوحيدة التي وقعت فيها الحكومة الكولومبية برئاسة بليساريو بيتانكور (1982-1986) في بلدة لا اوريبي بمنطقة ميتا (جنوب) اتفاقا مع الفارك ينص على وقف اطلاق النار ونهاية عمليات الخطف وامكانية تمثيل حركة التمرد سياسيا.

وفي 28 ايار/مايو 1984، ابرم الاتفاق واتاح هدنة ونزع اسلحة المقاتلين وسمح بانشاء الاتحاد الوطني، واجهة التمرد السياسية، عبر انتخاب بعض النواب، لكن العملية توقفت في 1987 بعد اغتيال مرشحها السياسي خايمي باردو الى الرئاسة.

1991 - 1992: تنظيم مفاوضات في فنزويلا والمكسيك

اعتبارا من حزيران/يونيو 1991، بدات الفارك وجيش التحرير الوطني، ثاني حركة تمرد من اقصى اليسار، برعاية التنسيقية الوطنية للمقاتلين، مناقشات جديدة مع الحكومة الكولومبية، اولا في العاصمة الفنزويلية كراكاس ثم في بلدة تلكسكالا المكسيكية.

لكن المفاوضات لم تثمر وتوقفت في 1992 بعد مقتل الوزير السابق ارخلينو دوران الذي خطفته حركة تمرد اخرى تدعى جيش التحرير الشعبي الذي اصبح معظم عناصره اليوم منزوعي السلاح.

1998 - 2002: تجربة نزع سلاح كاغوان

ما ان تولى الرئيس اندريس باسترانا (1998-2002) الذي وعد خلال حملته الانتخابية بالسلام، مهامه رئيسا حتى بدأ حوارا مع الفارك. وبعد ثلاثة اسابيع من تنصيبه اصدر مرسوما في كانون الثاني/يناير 1999 بتجريد منطقة مساحتها 42 الف كلم مربع في كاغوان (جنوب غرب) من السلاح لافساح المجال امام اجراء مفاوضات.

وبعد ان اعتبرت ان حركة التمرد تلعب دورا مزدوجا وتنتهز الفرصة لتعزيز صفوفها، قطعت السلطات عملية التفاوض في شباط/فبراير 2002 بعد ان خطف عناصر الفارك برلمانيا.

وظلت هذه التجربة الاكثر اثارة للجدل في كولومبيا وادت الى انتخاب الرئيس الفارو اوريبي (2002-2010) الذي كان من انصار سياسة الحزم والذي لم يحصل خلال ولايته اي حوار مع الفارك.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف