تطيير "أيوب" يفرّق ولا يجمع... وفضيحة رومية تستدعي تطيير رؤوس كبيرة

حدثان احتلا واجهات الصحف البيروتية اليوم، هما مسألة رحلة أيوب بلا طيار وبثها صورًا لمواقع سرية إسرائيلية التقطتها قيادة حزب الله، ومسألة هرب مساجين إسلاميين من سجن رومية قبل 71 يومًا من دون اكتشاف أمرهم. حدثان يعمق أولهما الشرخ بين موالاة ومعارضة، ويكشف ثانيهما عمق الفساد في الادارة اللبنانية.

بيروت: لم تتوقف التفاعلات السياسية التي تركتها عملية "تطيير" أيوب فوق مواقع مهمة في إسرائيل، بل ما زالت تتفاعل على الساحة السياسية اللبنانية، أفردت لها الصحف مساحات من أعمدتها التحليلية ومواضيعها التقريرية.

وما زاد في هذه التفاعلات خبرٌ أوردته صحيفة صاندي تايمز البريطانية أمس الأحد حول توقعها أن تكون طائرة حزب الله تمكّنت فعلًا من بث صور حيّة للاستعدادات الجارية للمناورة العسكرية الاسرائيلية - الأميركية المشتركة، التي ستجري في الأسبوع المقبل. كما قالت الصحيفة إن الطائرة استطاعت تصوير مواقع ومطارات عسكرية سرية، ومطارات عسكرية إسرائيلية، وربما استطاعت تصوير مفاعل ديمونة النووي.

أما الخبر الثاني الذي تصدر صحف بيروت اليوم فكان فرار مساجين تابعين لتنظيم فتح الإسلام من سجن رومية المركزي، وفضيحة المعدّات الثقيلة التي بحوزة السجناء الاسلاميين، ما يشير إلى مواقع الخلل الكبيرة والثغرات المثيرة في السجون اللبنانية وتنظيمها.

إنجاز نوعي

لا مفر من اعتبار إرسال حزب الله طائرة استطلاع من دون طيار أمرًا يستحق التوقف عنده، لأنه يشي بقدرات جديدة لدى الحزب، يؤكد أنه يوظفها في الصراع مع إسرائيل. إلا أن المعارضة اللبنانية، من 14 آذار وأطراف أخرى، تضع هذا الحدث برسم التوظيف الإقليمي لمسرح العمليات اللبناني، أي تدخل لبنان طرفًا في عملية التعمية عما يحدث من مجازر في سوريا.

وقد لفتت صحيفة السفير إلى أنه "فيما كانت طائرتان حربيتان إسرائيليتان تحلقان أمس فوق الجنوب والشوف والبقاع الغربي، من دون أن تستفز حمية الغيارى على السيادة الوطنية، ومن دون أن تثير أي رد فعل، كان السجال الداخلي يحتدم حول العملية المتطورة للمقاومة، التي نجحت في اختراق أجواء فلسطين المحتلة لمسافات طويلة، عبر طائرة أيوب، في إنجاز نوعي اخترق جدار الصوت في عمق الكيان الإسرائيلي.

وأضافت الصحيفة: "بدل أن تكون هذه النقلة النوعية فوق رقعة المواجهة مع إسرائيل دافعًا إضافيًا لتقدير جهد المقاومة وإنجازاتها، كموقف مبدئي، بمعزل عن الخلافات المستحكمة بين البعض وحزب الله، إذ بالانقسام السياسي الحاد يلتهم هذا الإنجاز، ويستهلكه في الزواريب اللبنانية، تمامًا كما حصل من قبل مع حدث التحرير عام 2000 والانتصار التاريخي عام 2006".

توريط لبنان

أما صحيفة المستقبل، فقد نشرت حديثًا للرئيس فؤاد السنيورة، اعتبر فيه أنّه وبقدر ما تمثّل عملية اطلاق الطائرة انجازاً على الصعيد التقني والعسكري، خصوصاً من ناحية خرق الرادارات الاسرائيلية على طول مسار الطائرة، فإن الموضوع "أكثر من إنجاز تقني وعسكريّ، وهو في المبدأ خرق للقرار 1701".

وإذ اشار السنيورة إلى أن السيد حسن نصر الله كان محقاً عندما قال إن اسرائيل اخترقت المجال الجوي اللبناني على مدى السنوات الماضية بقرابة 21 الف خرق، إلا أنّه لفت إلى أن اشارة نصر الله الى أنّ الطائرة "طارت فوق المياه المطلة على سواحل الأراضي المحتلة وفوق الأرض، وبالإشارة الى المنشآت الغازية والنفطية والمفاعيل الذري في منطقة ديمونة، هو بحد ذاته وكأنّه اعلان حرب".

واستنتج السنيورة ان هذا "توريط للبنان في عمليات عسكرية وربما ردود فعل اسرائيلية على لبنان لم يستشر بها لبنان وحكومته، وبالتالي تشكل تعريضاً حقيقياً لأمن الوطن وللمواطنين اللبنانيين"، كما وصف هذا العمل بأنّه "عمل ايراني ادخل لبنان في لجة الصراعات الاقليمية والدولية وبالتالي جعلنا نحن في لبنان منصة لتبادل الرسائل ولايجاد السبل التي قد تودي بالأوضاع والنتائج الى ما لا تحمد عقباه".

أخفقوا واعترفوا

وفي السياق نفسه، عرّبت صحيفة الاخبار افتتاحية مجلة اسرائيل ديفنس العبرية، المختصة بالشؤون الامنية والعسكرية، التي تقول: "مع مرور الأيام، يتضح كم كان حجم الإخفاق كبيرًا، في الإعتراض المتأخر للطائرة المُسيَّرة، التي أقلعت من لبنان".

ودعت المجلة، بحسب الأخبار، إلى الاصغاء جيدًا إلى أقوال نصر الله لأن "الرجل يعرف عمّا يتكلم، وهو مطلع على كل تفصيل. لذلك، عندما كشف هذا الأسبوع عن عملية إطلاق الطائرة المسيرة، بات واجبًا الإصغاء إليه جيدًا. لقد قال إنها لم تكن المرة الأولى التي حلقت فيها طائرة كهذه فوق سماء إسرائيل، وأنا أصدقه. كما قال أيضًا إنها لن تكون المرة الأخيرة، وأنا أصدق ذلك أيضًا. فحزب الله حرر فيلمًا يحاكي مسار الطائرة، وأي خبير مبتدئ، يدرك أنه كان ينبغي اكتشاف الطائرة على امتداد هذا المسار، قبل أن تتجه شرقًا".

فضيحة رومية

وفي ملف هرب مساجين فتح الاسلام من سجن رومية، أوردت صحيفة النهار أن وزير ي الداخلية مروان شربل والعدل شكيب قرطباوي، إلى العميد روبير جبور ممثلًا المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي، يزورون اليوم سجن رومية المركزي، لافتتاح قاعة المحاكمات الجديدة، التي يأمل من خلالها الوزير شربل في الاسراع في المحاكمات، ولا سيما للموقوفين الاسلاميين الذين تحولوا أزمة مزمنة بعدما تفلتوا وصار دخول المبنى "ب" حيث يقيمون شبه مستحيل على قوى الامن.

وذكرت صحيفة الجمهورية أن التحقيقات اثبتت فرار السجناء الثلاثة قبل 71 يومًا من السجن بهويات مزورة وبتواطؤ مفضوح بين حراس في السجن ومجموعة الموقوفين من فتح الإسلام . ونتيجة هذه التحقيقات، أوقف عصر امس بأمر من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الذي حضر الى مكان التحقيق مساء امس آمر السجن الرائد أحمد أبو ضاهر والملازم عبدالحفيظ فوّاز، ما رفع عدد الموقوفين الى 13 عنصرًا من سرية سجن رومية.

وكشفت المعلومات للجمهورية أن مسار التحقيقات الجارية "سيؤدي حتمًا الى ارتفاع عدد الموقوفين في السجن، وقد يؤدي الى توقيف بعض من كبار الضباط المعنيين مباشرة بهذا الملف".

لاذ بالفرار

وأكدت مصادر أمنية للسفير أن التحقيقات الحالية تشير إلى أن الفارين الثلاثة من سجن رومية قد لاذوا بالفرار قبل أكثر من شهر، من خلال استخدامهم بطاقات هوية مزوّرة. وأشار مصدر عسكري إلى أن القصة بدأت قبل نحو شهر، عندما وردت معلومات سرّية إلى مديرية المخابرات في الجيش، تفيد بأن الموقوف محمود عوض فلاح فرّ من داخل السجن.

حينها، وبعد صدور استنابة قضائية بحقه، وهو متهم بإطلاق صواريخ على الجيش وقتل عناصر في قوى الأمن الداخلي، طلبت مديرية المخابرات من المعنيين في السجن إرسال فلاح إلى التحقيق، فكان الجواب: "إنه لا يريد الخضوع لأي تحقيق، وبالتالي يرفض الحضور". عاودت المديرية مرة ثانية استدعاء فلاح، وكان الجواب مماثلاً: "لا يريد الحضور". لكن في المرة الثالثة، بدا الجواب من السجن مغايراً: "فلاح لاذ بالفرار". ولما توجّهت دورية من مخابرات الجيش إلى سجن رومية، تبيّن أن السجينين فيصل اسماعيل عقلة وعمر محمود عثمان قد لاذا بالفرار أيضًا.

ممنوعات... وإنجاز وهمي

وكانت قد صدرت الأوامر أمس بدخول قوة من سرية السجون إلى المبنى "ب" في السجن لتفتيشه، فضبطت كل ما عثرت عليه من ممنوعات، كالسواطير الكبيرة ومقادح التلحيم والسكاكين والهواتف الخلوية والسجائر ومناشير الحديد والحقن. وبحسب النهار، عملية الدهم هذه التي لم تحصل منذ العام 2006 للمبنى "ب" وصفت بانها انجاز، لكونها الأولى التي تحصل من دون سفك دماء ومن دون مواجهة بين المساجين وقوى الامن، وقد تمت بالتنسيق مع المتحدثين باسم لجنة السجن، وهما الملقبان "أبو وليد" و"أبو عبيدة".

وأجرت السفير اتصالات بسجناء يقبعون في المبنى "ب"، بعد عملية الدهم، أكدوا خلالها أن "للإسلاميين هؤلاء فضلاً علينا، لأننا لولاهم لا نستطيع التحدث على الهاتف الخلوي، ولا الحصول على علب الفول والحمص وعبوات المشروبات الغازية، لأنها قد تستخدم للتشطيب، لكنهم يسمحون لنا بذلك".

وأشار سجين تحدثت معه السفير إلى أن ما عُرض على التلفزيون، من أغراض تمت مصادرتها، هي بقايا الأبواب "التي خلعناها وكسّرناها في تمردنا الماضي، عندما جاء البابا بنديكتوس إلى لبنان، وطالبنا بأن يساعدنا في إصدار عفو عام عنا، و لم تصادر القوى الأمنية أي شيء مهم".

ويستغرب سجين آخر الضجة التي أثيرت عن هروب السجناء الثلاثة، "فالغريب هو أن لا يهرب سجناء من الإسلاميين في الأعياد، وهذا ما حدث معنا في عيد الفطر الماضي، إذ استغربنا كيف لم يهرب أحد منهم، لكن تبين أنهم هربوا فعلاً، وكشف أمرهم قبل ثلاثة أيام"، كما قال للسفير.