قوة كومندوس ليبيّة بتدريب أميركي لمكافحة الإرهاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تعمل الولايات المتحدة الأميركية على استحداث قوة كومندوس ليبية، خاصة بعد الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي، لمكافحة الإرهابيين ومواجهة الميليشيات المنتشرة هناك.
لندن: تكثف وزارتا الدفاع والخارجية الأميركيتان جهودهما لمساعدة الحكومة الليبية على تشكيل قوة كوماندوس نخبوية، قادرة على مكافحة متطرفين إسلاميين من أمثال الذين قتلوا السفير الأميركي في ليبيا الشهر الماضي ومواجهة الميليشيات المنتشرة في البلاد، كما كشفت وثائق رسمية داخلية.
ونالت إدارة أوباما موافقة الكونغرس في ايلول(سبتمبر) الماضي على تحويل نحو 80 مليون دولار من اعتمادات البنتاغون المخصصة لمساعدة باكستان في مجال مكافحة الارهاب، والشروع في بناء قوة ليبية نخبوية خلال العام المقبل يصل قوامها في النهاية إلى نحو 500 جندي. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين أن قوات العمليات الخاصة الأميركية تستطيع أن تتولى تدريب القوة الجديدة كما فعلت في باكستان واليمن.
وكان العمل على تشكيل الوحدة الخاصة الجديدة جاريا قبل الهجوم الذي أسفر عن مقتل السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين في مجمع البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي. ولكن ضرورة تنفيذ الخطة أصبحت أشدّ إلحاحا في وقت تحاول الحكومة الليبية الجديدة فرض سيطرتها على الفصائل المسلحة التي تتقاسم مناطق النفوذ في ليبيا.
وتقول مذكرة داخلية غير مصنفة بعثتها وزارة الخارجية إلى الكونغرس في 4 ايلول(سبتمبر)، إن هدف الخطة هو تعزيز قدرة ليبيا على مكافحة تنظيم القاعدة وفروعه. وتشير وثيقة مرافقة من البنتاغون إلى أن عمليات قوة الكوماندوس الليبية الجديدة ستتركز على "التصدي للمنظمات الارهابية والمتطرفة وهزمها". وقال مسؤولون أميركيون إنه ليس لدى ليبيا مثل هذه القدرة في الوقت الحاضر.
ولم يُتخذ قرار نهائي بشأن البرنامج حتى الآن، وما زالت تفاصيل كثيرة لم تُحسم مثل حجم القوة وتركيبها ومهمتها. ولكن مسؤولين أميركيين يقولون إنهم ناقشوا معالم الخطة مع مسؤولين عسكريين ومدنيين ليبيين كبار في إطار حزمة أكبر من المساعدات الأمنية الأميركية.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول رفيع في البنتاغون طلب عدم ذكر اسمه "ان المقترح يعكس البيئة الأمنية والالتباس الناجم عن انتقال الحكم في ليبيا". وأضاف "أن النسيج متعدد الميليشيات الذي يوفر الأمن هناك، يتعين دمجه في منظومة أمنية وطنية متكاملة".
وامتنع المسؤولون الليبيون عن التعليق على ما كشفته صحيفة نيويورك تايمز. فالحكومة الليبية ما زالت في حراك مع استمرار جهود رئيس الوزراء المكلف علي زيدان لتعيين وزيري الدفاع والداخلية في حكومته الجديدة.
وكان معلقون ليبيون أعربوا عن الأمل في أن تنبري دولة غربية للمساعدة في تدريب الجيش الوطني الجديد. وان هذا قد يسهم في استقبال المشروع بترحيب. ولكن الخطة ما زالت تواجه تحديات متعددة بما في ذلك إيجاد وسيلة لاقناع الميليشيات بقبولها وتحجيم نفوذها والتحقق من خلفية أفراد القوة الجديدة التي ستكون مهمتها استئصال المتطرفين الاسلاميين.
وقال المحلل السياسي في مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي فريدريك ويري، الذي زار ليبيا مؤخرا ونشر بحثا عن الأمن فيها إن الخطة "استراتيجية سليمة ولكن ما يهمني هو أن يتوثقوا عند فحص أفراد القوة من أنها لن تصبح حصان طروادة لدخول الميليشيات".
ونبّه ويري إلى أن ضباطا وجنودا ليبيين عديدين سيتعين أيضا تعليمهم اللغة الانكليزية لمساعدتهم على فهم كتب التعليمات المختلفة. وأكد مسؤولون آخرون أن البرنامج يجب أن يكون شفافا أمام الشعب الليبي لتفادي أي تكهنات عن وجود أغراض أميركية مريبة وراء رغبة واشنطن في تدريب قوة كوماندوس جديدة. كما سيتعين على المدربين أن يغرسوا في سلك الضباط المهنية والاحتراف اللذين كانا غائبين في نظام العقيد معمر القذافي، كما قال ويري.
وتقول الوثيقة الداخلية لوزارة الخارجية الأميركية الموجهة إلى الكونغرس إن البرنامج من شأنه أيضا "تشجيع مزيد من المهنية والاحترام لحقوق الانسان". وتقترح الوثيقة استخدام جزء من المال المرصود لشراء معدات غير محدَّدة لقوة الكوماندوس.
وتتطرق الوثيقة ايضا إلى 4 ملايين إضافية لمساعدة ليبيا على ضبط حدودها. فان ترسانات مختلفة من أسلحة جيش القذافي نُهبت بعد الثورة ويتحدث المسؤولون الغربيون بقلق عن تهريب آلاف الصواريخ المضادة للطائرات التي تُطلق من الكتف خارج ليبيا وربما وقوعها بأيدي جماعات متطرفة.
وتأتي فكرة تشكيل قوة نخبوية ليبية ثمرة شراكة غير معهودة بين وزارة الخارجية والبنتاغون بعد اتفاق وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون ووزير الدفاع وقتذاك روبرت غيتس العام الماضي، على تخصيص موارد من الوزارتين وصبها في صندوق واحد بموافقة الكونغرس للرد بسرعة أكبر على تهديدات تنظيم القاعدة وجماعات متطرفة أخرى في بلدان مثل ليبيا ونيجيريا وبنغلاديش.
ويعتبر البرنامج الذي يحمل اسم "صندوق الطوارئ الأمنية العالمية" صغيرا بمعايير المشاريع الأميركية. إذ تبلغ ميزانيته نحو 250 مليون دولار سنويا غالبيتها من البنتاغون ولكنه يهدف إلى تغطية خطط الحكومة الأميركية في مجال مكافحة الإرهاب وغيرها من التحديات الأمنية على امتداد بضع سنوات. ورُصد مبلغ متواضع قدره 8 ملايين دولار للبدء ببناء وتجهيز قوة الكوماندوس الليبية. وقال مسؤول أميركي عمل في ليبيا سابقا إن أميركيين وليبيين على الأرجح سيقومون بعملية الفحص الأولية لاختيار أفراد القوة الخاصة بما في ذلك معرفة مهاراتهم الجسدية وقدراتهم الذهنية، وإن كانت هناك ارتباطات بجماعات متطرفة معادية للحكومة الليبية.
ومن المتوقع أن يركز المدربون الأميركيون على مهارات أساسية مثل الرماية والاستعمالات التكتيكية للأسلحة الخفيفة قبل الانتقال إلى تدريبات متقدمة في مكافحة الإرهاب وإنقاذ الرهائن.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول أميركي أن القوة النخبوية ستكون "من حيث الأساس قوة رد سريع في البداية".
وقال مسؤولون في واشنطن إنهم يتوقعون اتخاذ القرار النهائي بشأن الخطة بحلول نهاية العام وانتهاء المدربين من إعداد الوحدات الأولى في غضون 12 شهرا.
في غضون ذلك، تتواصل تداعيات الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي وما يكتنف ملابساته من غموض، وما يُثار بشأنه من أسئلة بعد شهر من التصريحات المتضاربة والانتقادات الجمهورية للادارة الديمقراطية في غمرة الحملة الانتخابية. ومن الأسئلة التي ما زالت بلا إجابة هو ما إذا كان الهجوم رد فعل غاضبا على فيلم "براءة المسلمين" المسيء للاسلام ونبيه أم ان جماعة ترتبط بتنظيم القاعدة نفذته بمناسبة مرور 11 عاما على اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر).
ولكن الليبيين الذين شهدوا الهجوم ويعرفون المهاجمين ليس لديهم شك في ما حدث. وهم يذهبون إلى أن جماعة معروفة من المتطرفين الإسلاميين المحليين وجهت ضربتها بلا سابق إنذار أو تظاهرة احتجاجية وأنها نفذت الهجوم ردا على الفيلم. وهذا ما قاله مقاتلون في حينه متحدثين بانفعال عن غضبهم على الفيلم دون أن يأتوا على ذكر القاعدة أو أسامة بن لادن او هجمات 11 ايلول (سبتمبر). وهو تفسير يتفق مع تاريخهم كجماعة محلية متطرفة مصممة على محاربة النفوذ الغربي في ليبيا.
وامتنعت أجهزة الاستخبارات الأميركية عن إصدار حكم نهائي بشأن ما حدث بانتظار نتيجة التحقيق، وهي بذلك تُبقي قائما احتمال أن يكون الغضب الذي فجره الفيلم أتاح فرصة لمتطرفين يناصبون الولايات المتحدة العداء أصلا. ولكن التقديرات الاستخباراتية تبدو منسجمة حتى الآن مع الروايات المحلية. وسواء أكان المهاجمون أفراد "خلية من خلايا القاعدة" أو "متحالفين مع القاعدة"، كما أشار الجمهوريون فان ذلك يعتمد على إمكانية استخدام هذه اليافطات لوصف طائفة واسعة من الجماعات الإسلامية المتطرفة تشمل تنظيمات مثل أنصار الشريعة التي لها أهداف محلية بالدرجة الرئيسة وتنظيمات تتطلع إلى الجهاد الأكبر ضد الغرب عموما.
ولكنّ باحثين لاحظوا أن مثل هذه الفوارق والتمايزات ضاعت في حمى الأسابيع الأخيرة من حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية حيث ربطت الإدارة الهجوم بضرورة تواصل الولايات المتحدة مع العالم العربي في مرحلة دقيقة من تاريخه فيما ركز الجمهوريون على مخاطر ضعف الولايات المتحدة في المنطقة. وكانت النتيجة روايات متباينة تباينا كبيرا مع ما قال شهود إنهم رأوه بأعينهم.
ويذهب بعض المحللين إلى أن البيت الأبيض حاول التقليل من أهمية الآراء التي تربط الهجوم بتنظيم القاعدة لأن ذلك سيقوّض دعاواها بالنجاح في سحق تنظيم القاعدة.
وقال بيتر فيفر الذي يدرس العلوم السياسية في جامعة ديوك والمستشار السابق لإدارة بوش ان الموقف الرسمي كان يشدد على "أن اسامة بن لادن قُتل والحرب على الارهاب كُسبت فلماذا تعكير هذه الصورة؟" وأضاف أن الادارة، في مواجهة جملة احتمالات، اختارت الاحتمال الأنسب سياسيا لها.
وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون أعلنت في مقابلة مع شبكة "سي ان ان" الاثنين انها تتحمل المسؤولية عن حماية الدبلوماسيين الأميركيين.
ولكن كلينتون في كلمة ألقتها في الأمم المتحدة بعد 10 أيام على الهجوم أصبحت أول مسؤول في الادارة يشير إلى ان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ربما كان ضالعا في الهجوم. وقالت "انهم يعملون مع متطرفين عنيفين آخرين لتقويض الانتقال الديمقراطي في شمال افريقيا ، كما شاهدنا بصورة مأسوية في بنغازي".
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين استخباراتيين أميركيين طلبوا عدم ذكر أسمائهم أنهم رصدوا اتصالات هاتفية تتحدث بلغة من التباهي بعد وقوع الهجوم بين أفراد ينتمون إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. ولكنهم أضافوا انه ليس هناك حتى الآن دليل على قيام التنظيم بالتخطيط للهجوم أو الوقوف وراءه. وأشار رئيس الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر إلى مشاركة افراد "يرتبطون بجماعات تنتمي إلى تنظيم القاعدة أو تتعاطف معه"، معترفا بأن أي علاقة بالتنظيم هي علاقة واهية أو غير مباشرة في احسن الأحوال.
وقال الباحث في مؤسسة سينتشري الأميركية مايكل حنا "ان اسم تنظيم القاعدة يُستخدم استخداما عشوائيا يمكن ان يعني أي شيء أو لا شيء".
التعليقات
مشكلة عقيمة
عبيد الجابري -مشكلة أميركا أنها تدس أنفها في كل ما لا يخصها، وبالتالي تزيد الحقد عليها. لو تمتنع عن التدخل في ليبيا، لكانت ليبيا قادرة على النهوض بنفسها، وبالتالي فليست بحاجة إلى كومندوس يصبحون هدفاً لكارهي أميركا.
مشكلة عقيمة
عبيد الجابري -مشكلة أميركا أنها تدس أنفها في كل ما لا يخصها، وبالتالي تزيد الحقد عليها. لو تمتنع عن التدخل في ليبيا، لكانت ليبيا قادرة على النهوض بنفسها، وبالتالي فليست بحاجة إلى كومندوس يصبحون هدفاً لكارهي أميركا.