تونس تحيي الذكرى الأولى لأول انتخابات حرة وسط مناخ متوتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تحيي تونس الثلاثاء الذكرى الأولى لأول انتخابات حرة، في مناخ سياسي يشوبه التوتر والغموض ويميزه العنف وتأخر المجلس الوطني التأسيسي في صياغة دستور جديد للبلاد.
تونس: تتفق الطبقة السياسية في تونس بوصف الثالث والعشرين من تشرين الاول (اكتوبر) 2011 بأنه يوم تاريخي اذ شهد انتخاب مجلس وطني تأسيسي تكريسًا للثورة التي أسقطت الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني (يناير) 2011.
لكن وفي مؤشر على عمق الانقسامات السياسية، لم يعلن عن أي احتفال موحد للمناسبة، وأعلن كل طرف منفردًا عن تنظيم تظاهرة احتفاء بالحدث. بيد أن المجلس الوطني التأسيسي سيعقد جلسة بالمناسبة يحضرها الرئيس المنصف المرزوقي ورئيس الوزراء حمادي الجبالي.
ويشهد المجلس التأسيسي منذ أشهر تراشقًا ومواجهات واستفزازات متبادلة بين التحالف الحاكم بقيادة حزب النهضة الاسلامي والمعارضة وازمات متتالية بشأن ابرز الملفات التي يتناولها المجلس. وفي الشارع تتحول هذه المبارزات اللفظية احيانًا الى اعمال عنف.
وكان آخر حلقات العنف ما حدث بمدينة تطاوين (600 كلم جنوب العاصمة)، حيث قتل مسؤول محلي وعضو في حزب "نداء تونس" (معارض) على اثر مواجهات مع متظاهرين اعتبروا مقربين من حزب النهضة.
وندد "نداء تونس" بما قال إنه عملية "اغتيال سياسي مدبرة" هي "الاولى منذ الثورة" في حين حمل الاسلاميون المسؤولية في العنف الذي حدث الى حزب نداء تونس. واعربت صحيفة "لابرس" اليومية الناطقة بالفرنسية (مملوكة للدولة) السبت عن قلقها من "التعصب السياسي (..) ورفض الآخر" في تونس.
وكتبت في تعليق أن "المجتمع المدني والاحزاب السياسية مدعوة اكثر من أي وقت مضى، الى القيام بشكل كامل بدورها كواقٍ من هذا الوحش الزاحف المسمى عنفاً سياسيًا". وسعى الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الحقوقي العلماني المتحالف مع الاسلاميين، الجمعة الى التهدئة مشددًا على أن قتل هذا المواطن التونسي "يجب ان يستوقفنا جميعًا حتى لا يتكرر".
واضاف "أنها فظاعة مطلقة لا يمكن قبولها (..) ومصيبة بالنسبة إلى عائلته ومصيبة للحمة الوطنية ولتونس ككل". واكد أن "البلاد بحاجة الى مرحلة من الحوار".
وحاول الاتحاد العام التونسي للشغل (اكبر مركزية نقابية في تونس) في 16 تشرين الاول/اكتوبر تنظيم "حوار وطني" لكنّ حزبي النهضة والمؤتمر من اجل الجمهورية (يسار قومي) حزب المرزوقي، قاطعا اللقاء بسبب مشاركة حزب "نداء تونس" بقيادة رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي المتهم بالسعي الى احياء الحزب الحاكم في عهد بن علي وبأنه من رموز فترة الاستبداد بتونس.
في المقابل رفض نحو ستين حزباً وجمعية شاركت في "الحوار الوطني" تنظيم الانتخابات العامة في 23 حزيران/يونيو 2013 كما اقترح الائتلاف الحاكم. ولم يتحدد أي جدول زمني للانتهاء من الدستور الجديد.
من جانب آخر تعتبر بعض الاحزاب المعارضة أن السلطات الحالية تفقد شرعيتها في 23 تشرين الاول/اكتوبر الحالي بسبب عدم تمكنها من وضع دستور جديد في مدة عام من تاريخ انتخاب المجلس التأسيسي.
وتحتج هذه القوى في ذلك بأن مرسوم الدعوة الى انتخابات المجلس التأسيسي العام الماضي الذي اصدره قائد السبسي رئيس الوزراء حينها، نص على وجوب أن ينهي المجلس التأسيسي صياغة الدستور في غضون سنة من انتخابه.
ويقول الكثير من خبراء القانون الدستوري في تونس إنه لا يمكن الاحتجاج على مجلس "سيد نفسه" يملك شرعية انتخابية وسلطة اصلية، بمرسوم من حكومة موقتة صدر قبل تشكله، وذلك رغم وجود "التزام سياسي واخلاقي" ولكن ليس قانوني بانهاء المهمة في غضون عام.
وكان قائد السبسي الذي يبدو أن حزبه الذي شكله قبل شهرين يلقى شعبية متزايدة، قال في نهاية ايلول/سبتمبر "مسار الانتقال الديموقراطي (..) توقف ولم يتقدم قيد أنملة" و "الحكومة في شكلها الحالي لا يمكنها التواصل، فقد جربت وفشلت، والترويكا انتهى أمرها" معتبرًا أن "الشرعية الانتخابية للحكومة تنتهي يوم 23 تشرين الاول/أكتوبر 2012" وداعيًا الى حكومة وحدة وطنية.
وتضاف الى هذا الشلل السياسي، ضربات متقطعة تنفذها اقلية سلفية متطرفة كانت ذروتها في هجوم عنيف على السفارة والمدرسة الاميركيتين بالعاصمة خلّف اربعة قتلى بين المتظاهرين.
من جهة اخرى تتفاقم الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت مثلت منطلق الثورة على بن علي، خصوصاً في مناطق الوسط الفقيرة والمهمشة لعقود ويواصل سكان بعض قرى ولاية سيدي بوزيد ، مهد الثورة التونسية، احتجاجاتهم للمطالبة بالتنمية وتحسين ظروف العيش.
واعلنت وزارة الداخلية أنه سيتم نشر تعزيزات من قوات الامن والجيش لمناسبة الذكرى الاولى لانتخابات 23 تشرين الاول (اكتوبر). يشار ايضاً الى أن السلطات تخوض صراعًا مفتوحًا مع وسائل الاعلام التي تندد بتدخل الحكومة في شؤونها في حين تتهم السلطات وسائل الاعلام بأنها لا تزال بأيدي رموز النظام المطاح به.
ونفذ الصحافيون اضرابًا عامًا احتجاجيًا يوم 17 تشرين الاول/اكتوبر في حين تستمر منذ اسابيع حركة احتجاج كبيرة في "دار الصباح" العريقة في تونس للمطالبة خصوصًا بإقالة مدير عينته السلطات.