مناظرة أوباما ورومني الانتخابية قدمت رؤية منحرفة للعالم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
رغم أن المناظرات تهتم في الأساس بإحراز النقاط أكثر من توضيح المشكلات، كما هو الحال مع انتخابات الرئاسة الأميركية التي تعنى أكثر بتصورات الشخصية عن وعود السياسة، إلا أن مناظرة الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الاثنين عن السياسة الخارجية قدمت رؤية منحرفة للعالم، حتى إن كانت رؤية تحددها المصالح الوطنية الأميركية.
أشرف أبوجلالة من القاهرة: ذُكِرت إيران أكثر من 45 مرة، وإسرائيل والصين أكثر من 30 مرة لكل منهما، وأفغانستان 29 مرة، ومالي 4 مرات على الأقل. ولم يتم التطرق إلى حلف الأطلسي "الناتو"، ولم يشر سوى مرة واحدة إلى أوروبا، في قائمة حلفاء أعدّها أوباما، فيما لم يتم التطرق من قريب أو من بعيد إلى منطقة اليورو والأزمة المالية التي تعصف بها.
مع هذا، فقد أكد رومني مرتين أنه لن يسمح للولايات المتحدة ولدينها الداخلي بأن يمضي في الطريق نفسه الذي سلكته اليونان. ولم يتم التطرق كذلك إلى قضايا سبق أن أبرزها أوباما في بداية فترته، مثل منع انتشار الأسلحة النووية والتغيّر المناخي.
كما لم يتم ذكر المكسيك وقربها الشديد من البلاد. ولم يناقش التراجع التدريجي للغرب من حيث التجارة العالمية أو من حيث صعود الأيديولوجيات المنافسة، مثل رأسمالية الصين الاستبدادية، التي تشكل تحدياً لأفكار التحرر وحقوق الإنسان وقوة الفرد.
ولم يتم الحديث كذلك عن روسيا وعن نجاح أو فشل سياسة "إعادة الضبط" الخاصة بأوباما ورهان الإدارة الفاشل على الرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيديف.
نقلت في هذا الصدد صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن فرانسوا هيزبورغ، المستشار الخاص لدى مؤسسة البحوث الإستراتيجية في باريس، قوله إن النقاش بشأن إيران وإسرائيل كان في حقيقة الأمر نقاشاً عن الناخبين اليهود في فلوريدا، بينما تركز النقاش عن الصين في الواقع على الوظائف في أوهايو ومنطقة غرب ووسط البلاد.
وبعدما أسهبت الصحيفة في إبرازها المحاور التي تطرق إليها أوباما ورومني، مثل الحديث عن الصين وإيران وكوريا الشمالية وسوريا وليبيا وأمور أخرى، مضت تنوه بأنه لم يتم التطرق، ناهيك عن النقاش، إلى دور تركيا أو معضلتها كبلد مسلم يتقاسم الحدود مع سوريا، وكذلك لم يتم التطرق إلى الصومال أو التهديدات الإسلامية لحلفاء، مثل الأردن والمغرب. كما لم يتم توجيه أية انتقادات إلى إسرائيل.
ورأت الصحيفة أنه كان جيداً من كلا المرشحين عدم انتقاد أوروبا لكونها حليفًا، ولا تمثل معضلة سياسية، فضلاً عن أن مشكلات ديون أميركا تُقَزِّم مشكلات القارة العجوز.
إلى ذلك، أبرز تقرير أعدته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية ردود الفعل المختلفة التي استقبل بها العالم تلك المناظرة، وسردت الصحيفة بلدانًا عدة كانت في مقدمتها الصين:
حيث قالت إن المناظرة الرئاسية الأميركية بدت غريبة لكثيرين، خاصة عندما تحدث المرشحان عن الصين. ففور انتهاء المناظرة، بادرت وسائل الإعلام الصينية التي تخضع لهيمنة محكمة بنشر صور وتقارير إخبارية تبرز باختصار تصريحات كلا المرشحين.
ولم تهتم تلك التقارير، الموجّهة إلى الجمهور المحلي، بتعليقات أي من المرشحين بخصوص الصين أو بوصف أوباما لثاني أكبر اقتصاد في العالم بـ "العدو".
لكن في التقارير التي تم إعدادها باللغة الإنكليزية، وأعدت للقرّاء في الخارج، فقد هاجمت وسائل الإعلام الصينية الحكومية اللغة الصارمة بقدر من التهديد من جانبها. وقد هاجمت افتتاحية تم نشرها بالإنكليزية في وكالة أنباء شينخوا الرسمية الحكومية رومني بسبب الأسلوب العدواني الذي انتهجه بشكل غير معتاد تجاه الصين.
فيما أبرزت افتتاحية أخرى لاذعة نشرت في وكالة شينخوا علاقات الدولتين التجارية، مشيرةً إلى أنه ليس هناك من فارق، سواء تم انتخاب أوباما أو رومني، حيث سيتعين عليهما أن يخفضا من نبرة انتقادهما للصين بمجرد وصول أي منهما إلى البيت الأبيض.
إيران:
لم تحظَ المناظرة هناك بالاهتمام الكافي، بسبب صراع السلطة المحتدم في طهران، قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران/ يونيو المقبل، رغم أن برنامج البلاد النووي كان من بين الموضوعات مثار النقاش بين المرشحين رومني وأوباما.
ونوهت الصحيفة بأن تغطية الإعلام الإيراني الرسمي وشبه الرسمي بالمناظرة اقتصرت بشكل كبير على الأخبار، وليس على التعليق. وقال أستاذ جامعي متخصص في الشأن السياسي إن الساسة الإيرانيين منقسمون حول من سيكون أفضل بالنسبة إلى إيران.
تركيا:
قد نظر البعض إلى رفض كلا المرشحين لفكرة التدخل العسكري في سوريا على اعتباره من أسباب تعقيد المشكلات التي تواجهها حكومة أنقرة، التي تقود حملة من أجل إقامة منطقة عازلة.
ورغم وجود مثل هذه الإحباطات، أوضحت الصحيفة أن الكثير من المسؤولين في أنقرة مازالوا يميلون إلى أوباما، الذي كوّن علاقة وطيدة مع رجب طيب أردوغان، وعزل العلاقات التركية الأميركية عن توترات أنقرة مع إسرائيل.
مصر:
وأشار المدوّن والناشط المصري العلماني اليساري، محمود سالم، إلى أن المناظرة منحته قدراً أكبر من الوضوح بشأن المرشح الذي يفضله. وأضاف " لم نلحظ أي فارق حقيقي بين أوباما ورومني حين يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية. وأعتقد أن ذلك هو إحساس غالبية الأميركيين. وأنا غير متأكد في حقيقة الأمر بخصوص من سيكون من المرشحين أفضل بالنسبة إلينا. وقد فعل أوباما القليل للغاية لدعم الربيع العربي".
وأشار سالم في السياق عينه كذلك إلى أنه وبعد مشاهدة المناظرة، فإنه مازال يخشى من احتمالية أن يستفيد إسلاميو مصر من فوز رومني من أجل المساعدة على بسط نفوذهم.
إسرائيل:
ثم ختمت الصحيفة بلفتها إلى أن هناك قضية ذات صلة بالسياسة الخارجية، برزت بفضل عدم التطرق إليها في تلك المناظرة، وهي تلك المتعلقة بعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، التي وصلت إلى طريق مسدود، وذلك على الرغم من إبداء كلا المرشحين تعهدهما في المناظرة بالعمل لمصلحة إسرائيل، وتعبيرهما عن تخوفهما من طموحات إيران النووية، التي قال عنها نتانياهو إنها أكبر تهديد على وجود إسرائيل.
وقال يوسي ألفر أستاذ العلوم السياسية الإسرائيلي: "هذا ليس أمراً مفاجئاً بالنظر إلى أنه لم يكن هناك أي تدخل جاد من جانب الولايات المتحدة في عملية السلام طوال سنوات. كما إن رومني ليس مرشحاً كما هو مفترض للضغط على إسرائيل". وذلك في الوقت الذي انتقد فيه بعض الفلسطينيين عدم التطرق إلى هذا الموضوع في المناظرة.