"ساندي" خامس أسوأ إعصار في التاريخ.. وأضراره فاقت "آيرين"

يبدو أن الاعصار ساندي ألحق اضرارًا أكبر مما ألحقه الاعصار آيرين في العام الماضي، لكن الحصيلة النهائية لن تُعرف إلا بعد فترة نظرًا لحجم الكارثة، بحسب ما افاد خبراء في شركات متخصصة بالكوارث الطبيعية.

تسبب الإعصار ساندي بانقطاع الكهرباء عن ملايين الاميركيين في نيويورك ونيوجرسي، وحدوث فيضانات في مناطق واسعة، قد تُبقي قطارات الأنفاق في نيويورك معطلة طيلة الايام القادمة، كما لقي عشرات الأشخاص مصرعهم في الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

أشد من أيرين

قدرت شركة آر أم أس، وهي واحدة من ثلاث شركات يتعامل معها قطاع التأمين لتقدير مخاطر الكوارث، ان تفوق الخسائر التي ألحقها الاعصار ساندي خسائر التأمين التي بلغت 4.5 مليارات دولار بسبب الاعصار آيرين الذي ضرب شمال شرق الولايات المتحدة في آب (اغسطس) في العام 2011. وقالت الشركة في تقرير عن الكارثة "ان الاعصار ساندي أشد... وضرب مدينة نيويورك بدرجة أسوأ بكثير من الاعصار آيرين".

كما أجبرت العاصفة الهوجاء 70 بالمئة من مصافي النفط في الساحل الشرقي على وقف إنتاج المشتقات النفطية، ما تسبب برفع اسعار البنزين. ويمكن للخسائر الاقتصادية الناجمة عن تعطل المصالح وهبوط الاستهلاك ان تزيد حجم الأضرار التي ألحقها الاعصار بالبنى التحتية.

خسائر هائلة

جاء تقييم شركة آر أم أس بعد تقرير نظيرتها ايكات التي رجحت ان يلحق الاعصار ساندي خسائر تأمينية تبلغ 5 إلى 10 مليارات دولار، وخسائر اقتصادية تتراوح من 10 مليارات إلى 20 مليار دولار. وإذا صحت تقديرات ايكات، فإن الاعصار ساندي سيكون خامس أسوأ اعصار في التاريخ من حيث حجم الخسائر بعد أخذ معدلات التضخم في الحسبان، كما اشار معهد معلومات التأمين.

ومن المتوقع ان تتضح الصورة في الأيام المقبلة، عندما ترسل شركات التأمين مخمنيها إلى أشد المناطق تضررًا وتبدأ بتقدير الخسائر. وقالت شركة اولستايت إنها حشدت أكثر من ألف موظف مختص بقضايا التعويض، وهم على استعداد للانتشار فور مرور العاصفة. ومن المرجح ان تعيد شركة ايكات ونظيراتها النظر في تخميناتها لحجم الخسائر، كما يُنتظر من شركة أي آي آر وورلدوايد، وهي شركة مختصة بمخاطر الكوارث، ان تصدر تقديراتها الأولية خلال الأيام المقبلة.

ضربة قاسية

يرى محللون ان الاعصار ساندي وجه ضربة قاسية إلى الاقتصاد الاميركي، ستبقى آثارها محسوسة طيلة اسابيع، من خلال تعطيل التجارة في اكبر مناطق الولايات المتحدة وأكثرها كثافة سكانية، وتدمير ممتلكات تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، وزيادة اسعار البنزين.

وعلى امتداد الساحل الشرقي، يتوقع المحللون ان تهبط مبيعات المطاعم ومعارض بيع السيارات وغيرها من منافذ تجارة التجزئة. كما توقفت شركات عن دفع أجور العديد من العمال بسبب ما فاتهم من ساعات العمل. وتواجه عمليات شحن البضائع تأخيرًا في الموانئ والمطارات شرق الولايات المتحدة.

سيحرم هذا كله الاقتصاد الاميركي من مليارات الدولارات، في وقت ينمو نموًا بطيئًا. كما ستتعطل أنشطة اقتصادية واسعة أو تُنقل إلى مجالات أخرى. وستنتعش أنشطة أخرى عندما يكسب عمال الخدمات العامة أجورًا أعلى بسبب عملهم ساعات اضافية، ويبدأ عمال البناء إعادة إعمار ما دمره الاعصار.وكان الكثير من البقاليات ومتاجر اللوازم والعدد المنزلية حقق زيادة في المبيعات عندما زاد اقبال المستهلكين على بضاعتهم قبل الاعصار تحسبًا لآثاره.

لكن الضرر الذي ألحقه الاعصار بالاقتصاد على المدى القريب سيؤدي إلى تباطؤ معدلات النمو في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي، بالمقارنة مع أشهر الصيف عندما نما الاقتصاد الأميركي بمعدل باهت بلغ اثنين بالمئة.

وقدرت شركة آي اتش اس غلوبال انسايت الاستشارية ان يطرح الاعصار 0.6 بالمئة من نمو اجمالي الناتج المحلي في الربع الرابع من هذا العام، من دون أن يشمل هذا التقدير كل الآثار الناجمة عن الاعصار، لأن اجمالي الناتج المحلي يحسب وفق قيمة ما ينتجه الاقتصاد وليس ما دُمر من ثروات.

تراجع النمو

تشير تقديرات اخرى إلى ان الاعصار ساندي يمكن ان يخفض انتاج اكبر اقتصاد في العالم بواقع 25 مليار دولار في الربع الأخير من هذا العام، بحسب المحلل الاقتصادي غريغوري دايكو من شركة آي اتش أس غلوبال انسايت الاستشارية. اضاف: "هذا الأمر يمكن ان يخفض معدل النمو في الربع الرابع إلى ما بين 1 و1.5 بالمئة بالمقارنة مع 1.6 بالمئة بحسب تقديرات سابقة".

ويقول اريك لاسيلز، كبير الاقتصاديين في شركة آر بي سي غلوبال أسيت مانجمنت انك، إن الاعصار ساندي ضرب منطقة يسكنها 60 مليون شخص، وهو عدد سكان ايطاليا تقريبًا، يساهمون بإدخال نحو ربع اجمالي الناتج المحلي البالغ 13.6 ترليون دولار.

وتسبب الاعصار بتوقف اسواق المال وتعطيل الرحلات الجوية وحركة القطارات وتوقف عمل الدوائر الحكومية الفيدرالية على مستوى الولايات، من فرجينيا إلى ماسيشوسيتس. وقال لاسيلز "ان هذه منطقة تتسم بكثافة سكانية عالية وهي مصدر مساهمة استثنائية في انتاج الاقتصاد الاميركي". وتوقع الاقتصادي مارك فيتنر من شركة ويلز فارغو اند كو في ولاية نورث كارولاينا ان تبلغ الخسائر الناجمة عن هبوط الانتاج نحو 30 مليار دولار.

زيادة لن تدوم

تسبب الاعصار ساندي بارتفاع سعر شحنات البنزين الآجلة بين 10 سنتات إلى 15 سنتًا للغالون، ما يمكن ان يسبب زيادة مماثلة في محطات التعبئة. لكن محللين توقعوا ألا تستمر هذه الزيادة إلا بضعة ايام.

ومن باب المقارنة، فان الاعصار اسحاق الذي ضرب الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام تسبب بارتفاع سعر غالون البنزين 45 سنتًا، لأنه ضرب ساحل خليج المكسيك متسببًا بتعطيل اعمال التنقيب عن النفط واستخراجه.