شبح الملاحقة القانوية يلاحق "بي بي سي" بسبب فضيحة سافيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في وقت تحاول هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تطويق فضيحة الاعتداءات الجنسية المنسوبة إلى جيمي سافيل، الذي كان من أكبر نجومها، فإنها تواجه مشكلة أخرى هي إمكانية مقاضاتها في المحاكم المدنية، لا سيما إذا ارتكبت هذه الجرائم الجنسية بين جدرانها.
إعداد عبد الاله مجيد: عمل سافيل مقدم برامج في "بي بي سي" طيلة عقود قبل وفاته في العام الماضي عن 84 عامًا. لكن بعد بث فيلم وثائقي تلفزيوني في تشرين الأول/اكتوبر، يتهم سافيل بالاعتداء جنسيًا على عشرات الفتيات في سنّ المراهقة، بدأت الشرطة البريطانية تحقيقًا واسعًا بالتزامن مع تحريات داخلية تجريها "بي بي سي" نفسها في ممارسات نجمها السابق.
سببت القضية مشاكل إضافية إلى المؤسسة التي ألغت في كانون الأول/ديسمبر الماضي تحقيقًا بدأه أحد برامجها الإخبارية في تصرفات سافيل. وبسبب قرار "بي بي سي" إلغاء التحقيق التلفزيوني يتعرّض مديرها العام جورج إينتويسل وسلفه مارك تومسن الرئيس التنفيذي المقبل لشركة نيويورك تايمز، إلى ضغوط لتفسير قرار الإدارة إلغاء البرنامج.
وأمرت "بي بي سي" بفتح تحقيقين مستقلين، الأول في الاتهامات الموجّهة إلى سافيل، والثاني في قرارها إلغاء التحقيق التلفزيوني الذي بدأه برنامج "نايت نيوز" الإخباري.
ودافع المدير اينتويسل عن تعامل "بي بي سي" مع الموقف في مجلس العموم. وقال تومسن من جهته انه لم يُبلغ قط رسميًا بالتحقيق الذي كان يجريه برنامج "نيوز نايت"، ولكنه في رسالة الى نائب بريطاني، أكد ان صحافية ذكرت له التحقيق التلفزيوني في حفل استقبال، وعلم لاحقًا ان التحقيق أُلغي لأسباب صحافية.
الآن إذ تواجه "بي بي سي" ما سمّاه رئيس مجلس أمنائها "تسونامي من القذارة" تقدَّم عشرات الأشخاص بقصص عن تصرفات سافيل. وقال محامو بعض المشتكين على سافيل إنهم بدأوا يعدون دعاوى قانونية. وكان سافيل نفى في حينه انه منحرف يستغل الصغار جنسيًا.
تخلق موجة الاتهامات هذه مشكلة قانونية لـ"بي بي سي". إذ تقضي السوابق القانونية في القضاء الانكليزي عمومًا بأن لدى ضحايا الاعتداءات الجنسية ثلاث سنوات بعد بلوغهم سنّ الثامنة عشرة لرفع دعوى قانونية.
لكن عددًا من المشتكين نجحوا خلال السنوات الأخيرة في كسب دعاوى تتعلق باعتداءات جنسية بعد عقود على ارتكاب الجريمة ضدهم حين كانوا صغارًا، وبذلك مهدوا الطريق أمام المحاكم لقبول قضايا "تاريخية" يمكن أن تندرج ضمنها القضايا التي قد يكشف عنها التحقيق في تصرفات سافيل.
يبلغ متوسط التعويضات التي تُدفع لضحايا الاعتداءات الجنسية في المحاكم الانكليزية نحو 15 الف جنيه استرليني (24 الف دولار) رغم أن للقاضي سلطة زيادتها أو خفضها حسب درجة الاعتداء وآثاره. وفي الحالات القصوى يمكن ان يصل التعويض الى 80 الف جنيه استرليني.
وقالت شرطة اسكتلند يارد أخيرًا إن هناك زهاء 300 ضحية في قضية سافيل، وان الشرطة قابلت 130 ضحية، وسجلت 114 دعوى على سافيل، تتهمه بارتكاب جريمة اعتداء جنسي أو جريمة اعتداء جنسي خطر. يعود تاريخ العديد من الجرائم المفترضة الى عقدي الستينات والسبعينات عندما كان سافيل في أوج شهرته التلفزيونية.
ويستعد محامو المشتكين لمعركة قانونية كبرى. وقال المحامي البريطاني آلن كولنز الذي يمثل عددًا من ضحايا سافيل المفترضين ان وضع بي سي سي "لا يختلف عن وضع أي رب عمل بموجب القانون الانكليزي. ورب العمل مسؤول عن خطايا من يعملون لديه وآثامهم".
واكد كولنز انه بدأ بتحريك دعاوى ضد ورثة سافيل، وسيفكر لاحقًا في مقاضاة بي بي سي. وامتنعت ادارة بي بي سي عن القول ما إذا كانت تتعامل مع أية دعاوى قانونية ترتبط بالفضيحة أو تقديم معلومات عن امكانية مقاضاتها قانونيًا بسبب الفضيحة.
وقالت الإدارة "ان هذا وضع خطر جدًا، ويتطور تطورًا متسارعًا، ولن يكون من المناسب إطلاق تصريحات متواصلة عن كل جانب من جوانبه". واضافت "ان كل جهودنا تنصب على ضمان دعمنا للشرطة في تحقيقها المستمر".
وتُموَّل "بي بي سي" أساسًا من الرسوم البالغة 145.50 جنيها استرلينيا، يدفعها سنويًا كل من لديه جهاز تلفزيون في بريطانيا. ويعني هذا أن أية تعويضات تدفعها المؤسسة لضحايا نجمها السابق يمكن أن تثير غضب دافعي الضرائب.
سيكون عدم كفاية الأدلة عقبة كأداء في طريق أية دعاوى قانونية. وقال المحامي اسويني ويرارانتي المتخصص بهذه القضايا ان هناك إشكالية كبيرة، وإذا ارادت بي بي سي الدفاع عن نفسها فانها تستطيع ان تتساءل "كيف يتسنى لي الدفاع وجيمي سافيل لم يعد حيًا لتقديم افادته". واضاف ان موت سافيل قد لا يكون إشكاليًا لو انه أُدين في حينه بارتكاب أي من الجرائم المنسوبة اليه.
وأقرّ تشارلس ديرهام محامي إحدى الضحايا بالصعوبة المتعلقة بالأدلة، ولكنه قال إنه بالإمكان تذليلها. وأوضح ديرهام أن هناك أدلة توكيدية تعتبر أدلة مقنعة، لأنه من المستبعد أن يفبرك جميع هؤلاء الأشخاص قصصًا متشابهة من دون أن يعرفوا بعضهم البعض. ولفت إلى أن البعض كشفوا ما تعرّضوا إليه على يد سافيل قبل أن تنفجر الفضيحة في الإعلام البريطاني.
ويُرجح أن ينتظر العديد من المشتكين نتائج التحقيق المستقل الذي بدأ في تصرفات سافيل، ورد بي بي سي على الاتهامات.