سكان تالة التونسية يريدون انفصال للخروج من دائرة "التهميش"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تالة: يطالب سكان معتمدية تالة التونسية القريبة من الشريط الحدودي مع الجزائر "بالانفصال" عن ولاية القصرين (وسط غرب) وتحويل منطقتهم الى ولاية مستقلة بذاتها حتى تخرج من دائرة "التهميش".
ففي العاشر من تشرين الاول/اكتوبر 2012، اعلنت مجموعة من مكونات المجتمع المدني في بيان "الانفصال" عن ولاية القصرين وهددت بعصيان مدني وباعلان "الانفصال" عن تونس ما لم توافق الحكومة على تحويل تالة الى ولاية.
ويعتقد السكان ان تبعية منطقتهم لولاية القصرين التي يبعد مركزها حوالى خمسين كيلومترا عن تالة زاد من تهميش جهتهم. وفي شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط مدينة تالة، علقت لافتة كبيرة كتبت عليها "ولاية تالة". كما علقت على مقر المعتمدية لافتة ثانية كتب عليها "تالة ولاية...احب من احب وكره من كره"، في تحد على ما يبدو للسلطات.
ويقيم في معتمدية تالة حوالي 35 الف نسمة بينهم نحو 14 الفا في مركز المعتمدية، بحسب آخر تعداد للسكان اجري سنة 2004. وشهدت المدينة في الثامن والسادس عشر من تشرين الاول/اكتوبر 2012 اضرابين عامين وتظاهرتين للمطالبة بتحويل المنطقة الى "ولاية".
وعشية اضراب 8 تشرين الاول/اكتوبر عقدت الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية "مجلسا وزاريا حول واقع التنمية بولاية القصرين ومدينة تالة" بإشراف حمادي الجبالي رئيس الحكومة والامين العام لحركة النهضة.
ودعت الحكومة خلال المجلس الوزاري سكان تالة الى "الحوار الايجابي والبناء مع السلطات المحلية والجهوية بخصوص مطالبهم وانتظاراتهم". وقد اقرت بان تالة التي ترتفع فيها معدلات البطالة والفقر "وقع تهميشها في العهود السابقة".
ومن المفارقات ان تالة الغنية بجبال الرخام والاسمنت والحديد والرصاص والغابات وينابيع المياه العذبة من أكثر مناطق تونس فقرا وبطالة. ولا تتوفر احصائيات رسمية حديثة حول معدلات البطالة في تالة فيما يقول نشطاء مجتمع مدني انها تقارب 50 بالمئة وان 1200 من العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات.
ومؤخرا، اعلن المعهد الوطني للاحصاء (حكومي) ان معدل البطالة في اقليم الوسط الغربي الذي تنتمي اليه تالة يقارب 27 بالمئة مقابل معدل بطالة وطني يبلغ 17,6 بالمئة. وقال ان معدل الفقر في الاقليم يفوق 32 بالمئة مقابل معدل وطني يبلغ 15,5 بالمئة.
وتعتبر المقاهي ال15 الواقعة في شارع الحبيب بورقيبة الملاذ الوحيد للعاطلين عن العمل في مدينة تالة. وفي هذا الشارع يتسول شبان ثمن القهوة والسجائر في المارة. وقال عادل وهو مدرس إن "الناس هنا احياء اموات تتعاظم معاناتهم في فصل الشتاء الذي تتساقط فيه الثلوج بكثافة وتنخفض فيه درجات الحرارة الى ما تحت الصفر، ويدق فيه البرد القارس عظام الكبار والصغار".
وتالة التي تقع على ارتفاع 1020 مترا عن سطح البحر هي أكثر المدن التونسية ارتفاعا وبردا. واشار عادل الى ان الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية في تالة اصبحت اسوأ مما كانت عليه في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، مشددا على ان المنطقة لم يتحقق لها أي شيء من وعود التنمية التي أطلقتها الحكومة بعد انتخابات 23 تشرين الاول/أكتوبر 2011.
وقال ان "معتمدية تالة يقطنها حوالى 35 الف نسمة ورغم ذلك لا يوجد في مستشفى مركز المعتمدية سوى اربعة اطباء غير مختصين أي بمعدل طبيب لكل عشرة آلاف نسمة في حين ان المعدل الوطني هو طبيب لكل الف ساكن".
واضاف ان الناس لم يعودوا يثقون اطلاقا في الحكومة ولا في الاحزاب خاصة بعد "ضياع حق شهداء تالة الستة الذين سقطوا برصاص الامن" قبل الاطاحة بنظام بن علي. وقال "نعرف قتلة الشهداء واحدا واحدا ورغم ذلك ترفض السلطات اعتقالهم وتطبيق القانون عليهم".
ويوم 16 تشرين الاول/أكتوبر هدد متظاهر شاب يدعى بسام باحراق نفسه كما فعل محمد البوعزيزي مفجر الثورة التونسية يوم 17 كانون الاول/ديسمبر 2010.
فقد اراد بذلك الاحتجاج على تصريحات لظافر خلف الله الكاتب العام لمكتب حركة النهضة في تالة الذي اكد ان المكتب النهضة يدعم الاضراب العام. واتهم بسام مسؤولي النهضة بمحاولة الركوب على الحدث وتوظيف الاضراب العام الذي نظمه نشطاء مجتمع مدني وليس الاحزاب.
واضاف ان الاحزاب لا مصداقية لها ولا هم سوى اجنداتها الانتخابية. من جهته، قال خلف الله إن "حركة النهضة لا تقوم بالتنمية بل الحكومة ونحن ندعم مطالب أهالي تالة". وعن اسباب الفقر في تالة رغم غناها بالثروات الطبيعية، قال محمد صالح الجملي الذي يقطن في المنطقة ان الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (1956-1987) وخلفه زين العابدين بن علي (1987-2011) رفضا الترخيص لأهالي المنطقة لاستغلال الثروات ورخصا لرجال اعمال من ولايات أخرى.
وأضاف الجملي "كان النظام يمنح رخص استغلال مقاطع الرخام للسواحلية (نسبة الى منطقة الساحل التونسي التي ينحدر منها الرئيسان بورقيبة وبن علي) وليس لأبناء المنطقة". وذكر بأن الاراضي التي توجد فيها مقاطع الرخام مملوكة للدولة لذلك لا يمكن لسكان تالة التصرف فيها داعيا الى تمليك هذه الاراضي لأهالي تالة حتى "تستفيد من ثرواتها الطبيعية".
وكانت الحكومة قررت بعد اجتماع مطلع تشرين الاول/اكتوبر اعادة فتح معمل الرخام في تالة في اسرع وقت ممكن وزيادة عدد عماله من 150 الى مئتي عامل. لكن محمد صالح الجملي اعتبر قرار المجلس "تهكما على الجهة التي تحتاج الى تشغيل الآلاف وليس بضعة عشرات".
كما قررت الحكومة "تكوين لجنة تضم ممثلين عن وزارات أملاك الدولة والداخلية والعدل بهدف ايجاد حلول عملية وسريعة لمقاطع الرخام العالقة (المتعطلة) بالجهة".