الآلاف من الشباب تركوا الإسلام نحو ديانات أخرى
التنصير في الجزائر بلا إحصاءات والأقليات تكابد لفرض ذواتها
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
خروج الجزائريين عن الإسلام بات ظاهرة لافتة لا تنكرها الحكومة ولا الجمعيات، لكنها تظل أسيرة التعتيم بعد أن اتخذت لها مكانًا على رفّ المحرّمات، إذ لا إحصائيات موثوقة تقارب هذا الموضوع وتسلط عليه المزيد من الضوء.
الجزائر: لا تزال مسألة التنصير تثير نقاشًا واسعًا في الجزائر في ظل غياب إحصاء رسمي لعدد المتنصرين، سواء لدى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف أو الأسقفية الجزائرية. وبينما يقلل مسؤولون حكوميون من حجم المسألة، فإن جدلاً واسعًا يدور بين رجال السياسة والدين حول آثار الظاهرة ومدى انتشارها فعلاً بين اوساط الجزائريين وخاصة فئة الشباب.الشباب والتنصيريشير تحقيق ميداني أعده ثلاثة باحثين جزائريين هم جلال موسى، سلاف رحموني، ونسيمة رقيق الى ارتفاع معدل التنصير في الجزائر، اذ بلغ عدد الخارجين عن الاسلام، 10 آلاف شخص أي بمعدل 6 أشخاص في اليوم معظمهم من الشباب.وحسب الباحث جلال موسى فإنّ "عدد الذين ارتدوا عن الإسلام في الجزائر واعتنقوا المسيحية يقدر بـ10 آلاف شخص".وركّز موسى في تحقيقه على أنّ "المتنصّرين يتحركون بكل حرية دون أدنى مراقبة حكومية، حيث كثفوا خلال الـ 4 سنوات الأخيرة تحركاتهم التنصيرية مستهدفين أوساط الشباب بهدف إيجاد ما أسماه أقلية دينية تدافع عن حقوقها على غرار ما وقع في دول مجاورة، ويبدأ العمل التنصيري عن طريق العديد من الجمعيات الخيرية التي تتظاهر بالوقاية من الخمر والمخدرات والدعوة إلى الأخلاق الحسنة".وتعد منطقة القبائل الكبرى ــ حسب متتبعين ــ مرتعاً خصباً للتبشير، إذ يلجأ الكثير من المتنصرين القادمين من الغرب إلى منطقة القبائل الكبرى، وتقول بعض المصادر إن المنطقة تتضمن 19 جمعية خيرية مسيحية تنشط هناك، مع تسجيل متوسط الخارجين عن الدين الإسلامي بنحو 6 أفراد في اليوم.نصف مليون من غير المسلمينحسب تقرير أصدره مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لكتابة الدولة الأميركية ، فإن فئة غير المسلمين في الجزائر بلغت نصف مليون شخص يرتادون 300 كنيسة وأغلبها في منطقة القبائل.وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وعلى لسان وزيرها بو عبد الله غلام الله، هوَنت من انتشار الظاهرة من خلال تأكيد الوزير بأن "موجة التنصير انحسرت بسبب وعي الشباب"، مشيرًا إلى أن "المبشرين استغلوا ظروف الشباب بتقديم مغريات التأشيرة والمنح الدراسية إذا اعتنقوا المسيحية، لكن معظم هؤلاء الشباب عاد وكتب عن تجربته مع التنصير".برّأ الوزير الجزائري الكنيسة من نشاط التنصير، وأكد أن "طائفة من الناس يدخلون الجزائر بتأشيرة سياحية وينشطون في بعض الجهات". وعن عدد المتنصرين قال الوزير إن "العدد غير معروف للوزارة أو الأسقفية"، وهو ما أكده رئيس الأساقفة في الجزائر غالب بدر الذي يرفض الحديث عن التنصير ويعتبر نفسه غير معني بالموضوع.تهميش الأمازيغ وغياب الديمقراطية يعتبر الباحث محند أرزقي فرّاد المنحدر من منطقة القبائل في افادته لــ"إيلاف" أن أسباب التنصير تعود أساسًا إلى تهميش الأمازيغ وغياب الديمقراطية، مشيرًا إلى أن"الذين اعتنقوا المسيحية في منطقة القبائل إنما فعلوا ذلك انتقامًا من الدولة الجزائرية التي همشت الأمازيغ".ويعتقد أرزقي أن مسألة التنصير استغلها ما وصفه "بالتيار المتطرف المطالب بالانفصال" بزعامة المغني فرحات مهني ليطالب بالحكم الذاتي، لتصبح منطقة القبائل متميزة عن باقي الجزائر باللغة الأمازيغية والدين المسيحي، وهو "ما يجعل التنصير قضية سياسية".مآرب "انفصالية"من جهتها، ترى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أن التنصير ليس محصوراً بمنطقة القبائل، بل ينتشر في مناطق أخرى من البلاد.وحذر الأمين العام للجمعية الدكتور عبد المجيد بيرم في حديثه لــ"ايلاف" من تهوين مسألة التنصير لأنها تنطوي على ما سماه مآرب سياسية وانفصالية، لكنه شدد على أن هذه الفئة لا تمثل أبناء المنطقة وأبناء الجزائر.جعجعة بلا طحينالدكتور محمد بوالروايح، استاذ محاضر في جامعة قسنطينية، قال لـ ايلاف: "يثير بعض الإعلاميين ومعهم ثلة من الغوغائيين وأشباه المتدينين لغطًا كبيرًا حول ما أسموه النشاط التنصيري في الجزائر، حتى خيل إلى بعض الناس ممن وقعوا في أحابيلهم أن الجزائر تكاد تصبح قطعة من البلاد المسيحية أو منطقة شبيهة بمناطق الصراع الديني حيث الانقلابات الدينية تضاهي الانقلابات السياسية أو تزيد عنها شيئًا قليلاً، وقد أرجعت النظر وأمعنت الفكر في هذه المزاعم فوجدتها جعجعة بلا طحين، فمعركة المصحف والإنجيل التي تغذيها هذه المزاعم معركة وهمية لا وجود لها إلا في عقول بعض الناس ممن عندهم انغلاق في الذهن وبلادة في الفكر وهوس في الطبع".ويضيف بوالروايح: "حركة التنصير في الجزائر ـ إذا سلمنا بوجودها ـ لا تخرج في أصلها عن حركة التنصير في الشمال الأفريقي، فقد أكدت كثير من النشرات والتقارير الإعلامية التي تصدرها المؤسسات التنصيرية نفسها، أن التنصير مني بانتكاسة غير معهودة في الشمال الأفريقي وهو ما يبدد الأمل في عودته في هذه المنطقة من العالم الثالث إلى وهجه وقمة تألقه".وعاتب بشدة الذين يحملون الدولة الجزائرية عدم التصدي للمبشرين من خلال قوله: "نقول للذين يلقون باللائمة على الدولة لتقاعسها في مواجهة التنصير وكبح جماحه، إن الدولة في العرف القانوني لا تعني السلطة القائمة، فالدولة هي مجموعة من العناصر المتكاملة البشرية والإقليمية والسلطوية وهي بهذا المعنى لا تنحصر قصرًا في السلطة الحاكمة وإنما تتسع لتشمل عموم الأمة على اختلاف أطيافها الدينية والسياسية، ولذلك فمهمة مواجهة التنصير مهمة جماعية في إطار المعنى الجامع للدولة، فالدولة كما أسلفت ثابتة والسلطة متغيّرة قد تنتقل من فصيل سياسي إلى آخر ويتحول من هم في السلطة إلى المعارضة ومن هم في المعارضة إلى السلطة، ووفق هذا المنظور ينبغي على الأمة الجزائرية أن تهب للدفاع عن قيمها الدينية والوطنية دون أن تنتظر أن يتحقق ذلك ضمن حرص سلطوي محض وبخاصة إذا كان هذا المسعى يندرج ضمن حماية المؤسسات الدستورية ولا يعني هذا الكلام أن يترك المجال لحرية المبادرة دون استشارة السلطة فهذا من شأنه أن يجر إلى فوضى اجتماعية لا تحمد عقباها".ويؤكد أنه "لا ينكر عاقل أن التنصير قد فشل فشلاً ذريعًا في تحقيق أهدافه في الجزائر منذ العهد الاستعماري رغم انتشار الأمية وغياب المؤسسات العلمية والعجز الحاصل في النخب الفكرية وما عجز عنه التنصير في العهد الاستعماري لا يمكنه أن يتداركه أو أن يحقق قليله أو كثيره في عهد الدولة الجزائرية الحديثة".وشدد على أنه " ينبغي أن يتحرر بعض المتدينين من فكرة كل مرتاد للكنيسة مرتد، فلقد أجمعت كتب الفقه الإسلامي على أنه لا يكره دخول الكنيسة وحتى الصلاة فيها، ما دام المسلم يتعبد فيها على الطريقة التي ارتضاها الإسلام، كما أن اقتناء الإنجيل ليس كفراً ولا ردة عن الإسلام إلى المسيحية".معاناةفي الاتجاه الآخر، يحدثنا سليمان بوحفص من محافظة سطيف، وهو ناشط في حركة العروش الأمازيغية وفضل ترك الاسلام واختار لنفسه المذهب البروتستانتي بعلانية أنّ "اعتناقه المسيحية كان طواعية واقتناعاً"، ويضيف أن ذلك كلفه غاليًا بسبب تعرضه الى مشاكل ومضايقات عديدة.يكشف سليمان بوحفص لـ إيلاف عن نسخ لرسائل كتبها ووجهها الى منظمات دولية منها هيئة الأمم المتحدة من اجل مطالبتها بتوفير الحماية للأقلية المسيحية لممارسة شعائرها بكل حرية.وندد بما أسماه التضييق الذي تمارسه السلطات الجزائرية عليهم و يتضح ذلك ـــ حسبه ـــ بشكل جلي في شهر رمضان حين يتم منعهم من فتح المطاعم، رغم أن نحو 4000 شخص ـــ حسب قوله ــ تقدموا بطلب رسمي للسماح لهم بذلك خلال شهر رمضان لكن السلطة رفضت ذلك بل تقوم بمتابعتهم قضائيًا.ويتساءل مستغربًا "لماذا يتم السماح للمسلمين في اوروبا بالصيام، في حين لا يسمح للمسيحيين في الجزائر بالأكل في رمضان بدعوى انتهاك حرمة هذا الشهر؟" ويرفض بوحفص الذي يعمل أخوه امام مسجد أن يدرس ابناؤه مادة التربية الاسلامية في المدرسة وطالب بإلغائها من المناهج الدراسية.وكشف بأنه "يتعرض لتضييق كبير في قريته فعائلته طردته من منزله وافراد القرية لا يتحدثون معه، وذكرنا بقضية وفاة شخص مسيحي في المنطقة المسماة "بني بورمان" في المحافظة نفسها ، حين رفض سكان القرية دفنه في المقبرة لأنه مسيحي، الأمر الذي كاد يتحول الى فتنة كبيرة لولا تدخل بعض العقلاء، حسب تعبيره. ويعتقد بوحفص أن "شمال أفريقيا تعرض الى احتلال ويجب على هذه المنطقة أن تتحرر من الاحتلال"، على حدّ قوله.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف