أخبار

شي جينبينغ "الامير الاحمر" الغامض يتولى قيادة الصين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

خلافًا لضوضاء الإنتخابات الرئاسية الأميركية، اختارت الصين القيادة الجديدة للحزب الشيوعي الذي يحكم البلاد منذ عام 1949 بسرية تامة بعد مناقشات مكثفة جرت خلال المؤتمر الثامن عشر للحزب الذي انهى اعماله الاربعاء.

بكين: خلف شي جيبينغ الخميس هو جينتاو على رأس الحزب الشيوعي الصيني وأصبح بالتالي رئيسا للصين، الدولة الكبرى ذات نظام الحزب الواحد والتي تجتاز مرحلة تحولات كبرى وتواجه تحديات عدة ابرزها الاصلاح ومحاربة الفساد، وهي مواجهة سيكون للرئيس الجديد الدور الاكبر في قيادتها.

وفور تعيينه في هذا المنصب خرج الزعيم الجديد (59 عاما) امام الصحافة العالمية برفقة المجموعة القيادية الجديدة التي تضم اليه ستة اشخاص آخرين يشكلون معه "القيادة الجماعية" التي ستتولى حكم الصين خلال السنوات العشر المقبلة والتي كان تعيينها مدار مناقشات مكثفة خلال المؤتمر الثامن عشر للحزب.

وامام عدسات المصورين والصحافيين الآتين من العالم اجمع صعد شي الى منصة قصر الشعب وخلفه سار القادة الستة الاخرون الذين يشكلون "اللجنة الدائمة" للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني.

وخلافا لما درجت عليه العادة وبعد ان تولى التعريف بالقادة الستة المنتخبين، عمد شي الذي لم تخف ابتسامه ملامح القسوة التي يتميز بها الى القاء خطاب مقتضب حذر فيه من انه والفريق القيادي الجديد امام "مسؤوليات هائلة"، معترفا ايضا بان الحزب الشيوعي يواجه "تحديات كبرى" احدها الفساد.

واضاف ان القادة الجدد للبلاد سيعملون من اجل "ضمان حياة افضل" للشعب.

وخلافا لضوضاء الانتخابات الرئاسية الاميركية التي انتهت قبل ايام بتجديد ولاية الرئيس باراك اوباما وحظيت بتغطية اعلامية وتخللتها حملات انتخابية غاية في السخونة، فان اختيار القيادة الصينية الجديدة للحزب الشيوعي الذي يحكم البلاد منذ 1949 تم بسرية مطلقة واتى ثمرة مناقشات مكثفة جرت خلال المؤتمر الثامن عشر للحزب الذي انهى اعماله الاربعاء.

وطغت على هذا المؤتمر قضايا فساد واستغلال سلطة ابطالها اعضاء قياديون في الحزب ومسؤولون بارزون في الدولة. وصباح الخميس اجتمعت اللجنة المركزية الجديدة للحزب، المكونة من 205 اعضاء تم انتخابهم الاربعاء خلال المؤتمر العام، وانتخبت اعضاء المكتب السياسي الجديد المكون من 25 عضوا تقريبا.

وهذا المكتب السياسي هو الذي انتخب اعضاء "اللجنة الدائمة" التي خفض عدد اعضائها من تسعة الى سبعة بينهم شي الذي سيتولى رئاسة الحزب والدولة لولاية اولى من خمس سنوات تليها كما العادة ولاية ثانية من خمس سنوات اخرى.

وفي خطاب القاه الرئيس المنتهية ولايته هو جينتاو دعا السلف خلفه الى "تنظيف" البيت الصيني المنخور بالفساد، وقال "اذا فشلنا في معالجة هذه المسألة بالشكل الصحيح قد يشكل هذا الفشل نكبة لحزبنا وربما يؤدي الى انهياره وانهيار الدولة". وسيتولى شي جينبينغ مهامه منصبه الرئاسي رسميا في آذار (مارس) المقبل.

"الأمير الأحمر"

شي جينبينغ الذي سيقود البلاد الاكثر سكانا في العالم حتى 2022، رجل غامض ترتبط شخصيته الى حد كبير بمسيرة رجل دولة عرف كيف يرتقي بمهارة وحذر عبر كل درجات هرم النظام الشيوعي.
وهو اول قيادي يولد بعدما اسس ماو تسيتونغ النظام في 1949، وهو ابن احد ابطال الثورة الذين يطلق عليهم اسم "الامراء الحمر" الذين يشكلون القيادة الجديدة لثاني قوة عالمية.
وفي سن التاسعة والخمسين يخلف شي جينبينغ صاحب القامة الطويلة الرصين بوجهه المدور الوردي وشعره الحالك السواد، هو جينتاو الذي يكبره بعشر سنوات، في منصب الامين العام للحزب الشيوعي الصيني، الحزب الواحد النافذ وبالتالي في قيادة البلاد.

وخلافا للهيئة الصارمة وحركات سلفه البارد الاقرب الى حركات الروبوت، يعتبر شي جينبينغ اكثر بشاشة وطبيعية.
واثبت ذلك الخميس فبدا مرتاحا في اول ظهور في ثوب القائد الاعلى وقد علت ملامحه ابتسامة عندما القى كلمة خلت من اللغة اللينينية المعهودة في اعلى اوساط الحزب.
لكن وراء المظاهر يظل الرجل لغزا في الاساس.
حتى ان زوجته بينغ ليونان المغنية في جيش التحرير الشعبي، اكثر منه شهرة في الصين. وقد رزق الزوجان ببنت تدعى شي مينزي تدرس في هارفرد بالولايات المتحدة تحت اسم مستعار.
وقد تصدع اللغز الذي يحيط بشي جينبينغ في حزيران/يونيو عندما كشفت وكالة بلومبرغ ثروة اقاربه الطائلة لكن سرعان ما سقط التحقيق تحت الرقابة في الصين.

وزاد شي شخصيا في اللغز مطلع ايلول/سبتمبر عندما اختفى بدون اي تفسير نحو 12 يوما مثيرا عدة تكهنات حول حالته الصحية.
وقد فاجأ شي جينبينغ الجميع في 2009 عندما هاجم خلال زيارة الى المكسيك بلهجة حادة "الاجانب، اصحاب البطون المليئة، الذين ليس لهم ما يفعلوا سوى التهجم" على الصين.
وافادت برقية كشفها موقع ويكيليكس ان شي جينبينغ تحدث مع دبلوماسيين اميركيين عن شغفه بافلام الحرب الهوليودية ويبدو انه يفضل فيلم "يجب انقاذ الجندي رايان" للمخرج سبيلبرغ.

ومن اجل الالمام بلغز شي يجب العودة الى سنوات شبابه الغامضة.
كان ابوه شي جونغشون احد مؤسسي الحركة المسلحة الشيوعية في الشمال لكنه سجن في عهد ماو قبل ان يرد له الاعتبار مع عودة دينغ سياوبينغ الى السلطة.
وعانت بقية العائلة من الثورة الثقافية (1966-1976) عندما ارسلت امه شي الى معسكر اشغال شاقة وقتلت اخته غير الشقيقة.

وتفيد النبذة الرسمية ان شي اغتنم في شبابه المكتبات المهجورة ليتثقف فعكف على قراءة كل ما عثر عليه من كتب، وارسلوه الى الريف عندما كان مراهقا الى قرية شانشي (شمال) التي تتميز منازلها بانها كهوف "لاعادة تربيته" بين الفلاحين على غرار الملايين من طلاب الثانويات والجامعات.
واستاء من الظروف الصعبة وريبة القرويين ففر بعد بضعة اشهر، لكن قبض عليه واودع في معسكر اشغال شاقة قبل العودة الى اشغال الريف في شانشي، وانضمامه الى الحزب في 1974.
والتحق سنة 1975 بجامعة تسينغوا الشهيرة في بكين -- بتوصية من الحزب الشيوعي -- وتخرج بشهادة مهندس في الكيمياء وهي مهنة لم يمارسها ابدا.

وتولى اول مناصبه بفضل علاقات والده ثم تحول بنجاح الى احد الكوادر الشيوعيين متمسكا بالتكتم ومتفاديا العقبات.
وعاد شي الى البيئة المفضلة في طفولته ثم تزوج من ابنة سفير الصين في بريطانيا قبل ان يطلقها بعد ثلاث سنوات.
وفي 1985 انتقل الى آيوا في اميركا العميقة لدراسة الزراعة الاميركية.
وتابع صعوده، فعين حاكما لاقليم فيجيان سنة 2000، ثم في 2002 زعيم الحزب في جيجيانغ الولايتان اللتان تعتبران واجهة الاصلاحات في الصين.
ودعاه هو جينتاو في 2007 لتنظيف شنغهاي حيث اطاحت فضيحة فساد بزعيم الحزب فحل محله.

وفي تشرين الاول/اكتوبر 2007، انضم شي جينبينغ الى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي الذي يعتبر نواة الحكم في الصين.
وبعد ان كان الرجل رقم ستة من بين تسعة، واصل صعوده حتى اصبح في اذار/مارس 2008 نائب الرئيس ثم نائب رئيس اللجنة العسكرية الكبيرة النفوذ في تشرين الاول/اكتوبر 2010 وتحول الى مساعد هو جينتاو.
وغالبا ما يفترض في الخارج ان القادة الصينين اصلاحيون عندما يتولون مهامهم غير ان البعض يرى ان شي من المدافعين عن القطاع الخاص والانفتاح على الاستثمارات الاجنبية.
ويرى اخرون انه لن يغير شيئا في الاتجاه الحالي، بينما يقول البعض الاخر وهم اكثر عددا ان ليس لديه ما يكفي من المعلومات حول الطريقة التي سيحكم بها البلاد.
وقال جان بيار كبستان المتخصص في الشؤون الصينية "اننا نفترض انه ليس اصلاحيا ولا محافظا لكن الظروف سترغمه على ان يصبح هذا او ذاك".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف