سوريون يرفضون الائتلاف ممثلًا وحيدًا وآخرون: مشروع تآمري ونريد دولة إسلامية

استبشر السوريون الطامحون لإنهاء النزاع المسلح في بلدهم خيرًا بالائتلاف السوري المعارض، وركنوا إليه خطوة كبيرة لتوحيد مقدرات المعارضة السورية لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، لكن أصواتًا سورية لا تريده، ولا يمكن إغفالها.

بيروت: كان من محفزات الاستبشار خيرًا ما حفل به الائتلاف من تعددية دينية وإيديولوجية واضحة، حاول من ورائها المعارضون السوريون رسم صورة مصغرة لسوريا الغد، أي سوريا ما بعد سقوط الأسد، موجهين رسائل في اتجاهات عدة. أول هذه الرسائل إلى الداخل السوري، وتحديدًا إلى الأقليات السورية الخائفة من صبغة إسلامية لسوريا الجديدة، لا تجد فيها مكانًا لممارسة حريتها في التعبير والعبادة والعيش الكريم، مفادها أن سوريا التي نريدها هي سوريا التي تريدون.

ثاني هذه الرسائل إلى أميركا وأوروبا وسائر دول العالم، التي عزفت عن مد الثوار السوريين بالسلاح النوعي مختبئة خلف إصبع تشتت المعارضة ومخافة وقوع هذا السلاح في يد متشددين إسلاميين، وفي ذلك تكرار لخطأ أفغاني ما زالت أميركا تعاني من تداعياته الأمرين.

إلا أن من نام على حرير وسادة الائتلاف السوري استيقظ على حدثين لهما من الدلالات ما تهدد بنسف جهود المؤتلفين ومبادرات الداعمين العرب والاقليميين.

نريد دولة إسلامية

أول الحدثين فيلم قصير بث على موقع يوتيوب، تظهر فيه جماعات مسلحة في حلب ترفض ائتلاف المعارضة الجديد المدعوم من الغرب، وتصفه بالمشروع التآمري، متعهدة إقامة دولة إسلامية في سوريا.

وبطل الفيلم متحدث مجهول الهوية، إلى جانبه عشرون من الرجال المقاتلين، وخلفهم راية إسلامية سوداء، تحدث واثقًا ومعددًا ثلاثة عشرة جماعة اسلامية ترفض الائتلاف الوطني المعارض، الذي يرأسه أحمد معاذ الخطيب. وقال: "نحن ممثلو التشكيلات المقاتلة في حلب نعلن رفضنا للمشروع التآمري المسمى الائتلاف الوطني. واتفقنا بالاجماع على تأسيس دولة اسلامية بشكل عاجل".

ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية عن أحمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري، تقليله من اهمية هذا الفيلم، وقوله: "سنظل على اتصال معهم لمزيد من التعاون من اجل مصلحة الشعب السوري".

ليس وحيدًا

أما ثاني الحدثين فكان انتقادًا وجهته هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي المعارضة في سوريا اعتراف باريس بالائتلاف الوطني المعارض كممثل شرعي ووحيد للسوريين.

فقد نقلت رويترز عن حسن عبد العظيم، المنسق العام للهيئة قوله إن "كل دولة خارجية أو إقليمية أو عربية لها مصالح وسياساتها مرتبطة مع مصالحها، واعتبار الائتلاف الوطني ممثلًا شرعيًا ووحيدًا مخالف للواقع، نحن ننتقد هذا الموقف"، من دون أن يخفي ترحيبه بإعلان الائتلاف، التي اعتبرها خطوة على طريق توحيد المعارضة.

وشدد عبد العظيم في مؤتمر صحفي بدمشق على أن هيئة التنسيق لا تقبل تشكيل أي حكومة في المنفى، لأن تشكيل حكومة جديدة يجب أن يحدث "بعد أن يتم الانتقال إلى نظام ديمقراطي".

غارات على الفوج 46

ميدانيًا، وفي موازاة الجهود الدبلوماسية التي يبذلها الائتلاف السوري لتحصيل الاعتراف الدولي به، ولإقناع العالم بتسليح الثوار، استمر العنف في حلب وغيرها من المناطق، ووقعت مواجهات مسلحة بين مقاتلين معارضين وآخرين أكراد في مدينة رأس العين في محافظة الحسكة، التي استولى عليها الثوار قبل عشرة ايام.

وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان إصابة تسعة مقاتلين بجروح في هذه الاشتباكات، بينهم اربعة من وحدات حماية الشعب الكردي، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، كما نقلت صحيفة السياسة الكويتية، إضافة إلى مقتل عابد خليل، رئيس مجلس الشعب المحلي الكردي في راس العين، برصاصة قناص.

وفي حلب، نقلت أ. ف. ب. أن الطيران الحربي السوري أغار مرارًا على مقر الفوج 46، بعدما سيطر الثوار عليه، وهو قاعدة مساحتها 12 كيلومترًا مربعًا فيها مرابض مدفعية كانت تقصف مناطق في ريف حلب، وخصوصًا مدينة الاتارب الاستراتيجية التي يسيطر عليها الثوار. كما جرت اليوم الثلثاء اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين من عدة كتائب مقاتلة في محيط كتية الدفاع الجوي في منطقة الشيخ سليمان في ريف حلب الغربي، تزامنًا مع قصف مدفعي تتعرض له المنطقة.

وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن اربعة اشخاص قتلوا الثلاثاء جراء قصف القوات النظامية على احد احياء جنوب دمشق، وقال في بيان: "استشهد أربعة مواطنين وسقط عدد من الجرحى جراء القصف الذي تعرض له حي الحجر الاسود في مدينة دمشق بعد منتصف ليل الاثنين الثلاثاء"، متحدثًا عن اطلاق نار في حي القدم المجاور له. أما في ريف دمشق، الذي يشهد تصاعدًا في العمليات العسكرية، فقد قتل ثلاثة مقاتلين معارضين جراء قصف على حرستا، كما تعرضت مدينة دوما وبلدات عربين والسبينة ويلدا وبيبلا للقصف، بحسب المرصد.

تركيا في حمى باتريوت

قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في تصريحات للإعلام اليوم الثلاثاء إن الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "وافقت على تزويد تركيا بنظام باتريوت الصاروخي المتطور، لمواجهة أي تهديد محتمل من الجانب السوري، والتنفيذ الرسمي سيكون بأسرع وقت ممكن ".

وكانت تركيا تجري محادثات مع حلفائها في حلف الأطلسي حول سبل تعزيز الأمن على حدودها مع سوريا التي يبلغ طولها 900 كيلومتر بعدما سقطت قذائف سورية داخل أراضيها، ما زاد المخاوف من امتداد الصراع في سوريا إلى دول مجاورة.

ويأتي هذا الاجراء الأطلسي بعدما تمكنت المعارضة السورية المسلحة من السيطرة على مساحات واسعة، لكنها تعجز عن الدفاع عنها في وجه القوة الجوية السورية. ويطالب مقاتلو المعارضة بمنطقة لحظر الطيران تفرض دوليًا، على غرار ما حصل في ليبيا وساعد في إسقاط معمر القذافي.