أخبار

مطالبة بتضمين الحقوق الثقافية في الدستور التونسي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تثير مسألة تضمين الحقوق الثقافية في الدستور التونسي اهتمام عموم المثقفين من فنانين وممثلين ومسرحيين وأدباء وجميع المهتمين بهذا الشأن، الذين أكّدوا على أهمية دسترة هذه الحقوق، في خطوة ستساهم في التشجيع على الإبداع والتألق في كل المجالات الثقافية.

تونس: يحرص المثقفون والمهتمون بهذا الشأن في تونس على تحصين الحقوق الثقافية، أمام الارتدادات الممكنة كالتهميش والقمع، من خلال تضمينها في الدستور، إلا أن ضمان هذه الحقوق لا يقف عند حدود دسترتها، بل يتجاوز ذلكإلى الإشراف على تطبيق هذه القوانين في ساحة التألق والإبداع، عملاً على المساهمة في التنمية الشاملة بما فيها من جوانب فكرية، إجتماعية وحتى إقتصادية .

احترام الحقوق الثقافية

وناقشت لجنة الحقوق والحريات الفصل 29 من مشروع الدستور ومضمونه " تلتزم الدولة باحترام الحقوق الثقافية لكل إنسان بمفرده، المتمثلة في احترام الهوية الثقافية لكل فرد أو مجموعة، التعرف على الموروث الثقافي، التعليم، الاتصال، الاعلام وتطويره والحفاظ عليه للأجيال القادمة، المشاركة الحرة في الحياة الثقافية للمجموعة، والاستفادة من إنجازات العلم والفن، حماية الحقوق المادية والمعنوية لكل منتج في الميدان العلمي والأدبي وتوفير وسائل الترفيه والسياحة وممارسة مختلف الرياضات لكل المواطنين ." .

وتلتزم الدولة بالتشجيع على التسامح ونبذ العنف والحوار بين الثقافات والتعاون الدولي في المجال الثقافي واعتبار التنوع الثقافي عنصر ثراء للبشرية جمعاء وهو تراث جماعي لها".

وقد تم تعديل الفصل الى الصيغة التالية: "تضمن الدولة الحق الثقافي لكل مواطن. على الدولة تشجيع الابداع الثقافي انتاجاً واستهلاكاً بما يدعم الهوية الثقافية في تنوعها وتجددها، ويكرس قيم التسامح ونبذ العنف والانفتاح على مختلف الثقافات، والحوار بين الحضارات، وتحمي الدولة الموروث الثقافي وتضمن حق الأجيال القادمة فيه. ".

مسألة جوهرية

وأكد وزير الثقافة الدكتور مهدي المبروك على أنّ "الحقوق الثقافية في الدستور الجديد تعتبر مسألة جوهرية في بناء تونس التي تختزن تراثاً من التنوير في الشعر و في الفنون منذ أقدم العصور ."

كما استعرض الوزير مع فنانين وخبراء قانونيين سبل التنصيص على الحقوق الثقافية في الدستور الجديد والعمل أساساً، وهو الأهم، على تفعيلها، في ندوة نظمتها وزارة الثقافة وركزت على دراسة "الحقوق الثقافية في مشروع الدستور الجديد" من خلال تصورات متعددة.

كما تناول وزير الثقافة تجارب دول مختلفة عملت على دسترة الحقوق الثقافية، مبرزًا أهمية استعراضها والإستئناس بها مع ضرورة احترام الخصوصية الثقافية للمجتمع التونسي.

وأشار الوزير مبروك الى أنّ الدستور التونسي الجديد يجب أن لا يكتفي بدسترة الحقوق الثقافية، بل نرى ضرورة توفير الموارد الأساسية لتنفيذ وإنجاح واقع جديد، يعطي المثقف والمبدع المنزلة الهامة التي يستحقها ويلعبها، من أجل إنارة المجتمع والسموّ به إلى منزلة أرقى، وهي مهمة خطيرة وضرورية، وأشار الى ضرورة توفر قدرة وإرادة الدولة على فرض هذه القوانين وتطبيقها حيث لا يمكن الدفاع عن هذه الحقوق في ظل غياب الفضاءات الثقافية القادرة على حمايتها و ترويجها.

وشدّد مبروك على أنّ الدستور ليس الضامن الوحيد للحقوق الثقافية بل يجب توفير الإمكانيات والبنية التحتية التي تعمل على تفعيل هذا الحق، وتجعله قابلاً للتطبيق حتى لا تبقى هذه الحقوق مجرّد نصّ نستعمله لإدانة بعض الممارسات غير المقبولة، مؤكدًا على أنّ لكل مواطن الحق في الثقافة إنتاجًا وترويجاً وتقبلاً.


لا ثورة من دون حرية إبداع

واعتبر الأديب جلول عزونة، رئيس الرابطة التونسية للكتاب الأحرار في تصريح لـ"إيلاف"، أنّ المثقفين والفنانين يعيشون وضعاً صعباً، فالميزانية المخصصة للثقافة من أفقر الميزانيات إلى جانب الضغوطات العديدة التي تتواصل لتجعلهم في وضع لا يحسدون عليه".

وشدّد عزونة على أنّ حرية الإبداع و الصحافة التي "يضبطها القانون"، ما هي في الواقع إلا نافذة للتضييق على الإبداع، مؤكدًا على اعتزازه باللغة العربية والدين الإسلامي مع تفتحه على ثقافات أخرى، حتى " تبقى الأبواب مفتوحة "، وبالتالي فإضافة "يضبطها القانون" لفصول الدستور تفضي إلى المجهول، وهي دون شك "يمكن أن تؤدي إلى الظلمات "بينما " نحن نريد دستوراً يضيء" .

وأوضح جلول عزونة أنّ " الساحة الثقافية تعيش اليوم فترة مخاض بما فيها من ضغوطات وأحداث متسارعة في هذه المرحلة الإنتقالية بعد الثورة التونسية، مؤكداً على ضرورة ثبات المثقفين على المبادئ التي يؤمنون بها حتى تتّضح الرؤية في المجال السياسي .

وقال عزونة إنّ الثورة من دون حرية إبداع لا يمكن أن تحقق النجاح، وبالتالي لا بد من تفعيل دور المثقفين في عملية الإنتقال الديمقراطي، مؤكداً على أنّ حرية المبدع لا حدود لها، وبالتالي نرى ضرورة التنصيص عليها في الدستور، حتى نحمي المثقف والمبدع عموماً من ممارسات قد تكون خطيرة وتحدّ من إبداعه، وبالتالي مساهمته في مسيرة التنمية وعملية إنجاح الثورة التونسية.

واعتبر رئيس الرابطة التونسية للكتاب الأحرار أنّ دسترة الحقوق الثقافية من الخطوات الرئيسية التي تعطي الحق الثقافي منزلة هامة من أجل تحصين الثورة التونسية ثقافيًا وفكريًا وقيميًا مبينًا أنه حضر ومجموعة من الممثلين والفنانين والأدباء لدى لجنة الحقوق والحريات على غرار فاضل الجعايبي وسلمى بكار ومراد العمدوني وغيرهم، وأكدوا على ضرورة دسترة الحقوق الثقافية للمبدع التونسي.


خصوصية المسألة الثقافية

وأكد أستاذ القانون الدستوري غازي الغرايري لـ"إيلاف" على خصوصية المسألة الثقافية في هذه المرحلة الإنتقالية التي تمر بها تونس بعد الثورة، وتساءل عن الإطار القانوني لها، موضحًا أنّ التعامل مع الحقوق الثقافية من الجانب الدستوري، يختلف من بلد إلى آخر حيث يسنّ بعضها دساتيرهم معتمدين على الجانب الثقافي لبلادهم، بينما تعتمد دول أخرى على علاقة الثقافة بالجانب الإجتماعي. واهتمت دول أخرى بالحريات الثقافية من خلال حرية التعبير والإبداع.

بين الكونية و الخصوصية

وتحدث مدير المكتبة الوطنية كمال الدين قحة عن الحقوق الثقافية بين الكونية والخصوصية وانعكاساتها على حرية النشر، مبرزًا أنّ الحديث عن الحقوق الثقافية يحيل إلى صورة الإنتماء إلى مجتمع معين متسائلاً عن طبيعة هذه الحقوق، فردية كانت أم جماعية، معتبرًا الثقافة نظامًا معرفيًا جماليًا وعقديًا وقاسمًا مشتركًا يجمع بين الأفراد والمجموعات.

وتساءل عن كيفية تحديد طبيعة العلاقة بين الفرد والثقافة اليوم، لأن الثقافة قد تكون قاعدة انتماء، و"كيف الإنتماء إلى تلك الثقافة دون أن نكون سجناءها، ويتوجب الإعتزاز بها دون حرماننا ككائنات بشرية من حقنا في مساءلة تلك الثقافة من أجل تطويرها والسموّ بها حتى تكون عنوان تواصل وحوار مع الآخر".


الوقاية من الظلامية و التحجر

وأبرز الفنان المسرحي رؤوف بن يغلان دور الثقافة التي تقينا من الظلامية والتحجّر عندما تكتسب حقوقها في الدستور، مضيفًا في حسابه على الفايسبوك أن " الدستور لا بد أن ينص على الحق في الثقافة لينتعش بذلك الفكر والفن في كل المناطق التونسية، ويتأكد أنها جزء لا يتجزأ من حقوق الانسان...".

وأضاف بن يغلان أنّ "الفنان يجد انطلاقاً من ضمان الدستور الحق في الثقافة، ما يدفعه الى المزيد من الالتزام في الفن والثقافة، بما هو أرقى وأسمى وأعمق، ومن هذا المنطلق يصبح المواطن واعيًا بحقه في المعرفة والابداع ومستهلكًا فاعلاً ومشاركًا في كل فعل ثقافي، و رافضاً لكل الأفكار التي تجره الى الظلامية والتطرف" .
وأكد على دور الثقافة في توجيه المواطن والابتعاد به عن التزمّت والتحجر والتسلط على الآخر، وبالتالي فهي " ثقافة توعية تقي من عقلية التخلف التي ترمي إلى الفشل".

ماذا في الفصلين 26 و 32 ؟

وجاء في مسوّدة الدستور في الفصلين 26 و 32 ما يلي :

الفصل 26 :
حرية الرأي والتعبير والإعلام والإبداع مضمونة.
لا يجوز الحد من حرية الإعلام والنشر إلا بموجب قانون يحمي حقوق الغير وسمعتهم وأمنهم وصحتهم.
لا يمكن بأي شكل من الأشكال ممارسة رقابة سابقة على هذه الحريات.
على الدولة تشجيع الإبداع الفني والأدبي بما يخدم الثقافة الوطنية وانفتاحها على الثقافة الكونية.
الملكية الفكرية والأدبية مضمونة.

الفصل 32 :
تضمن الدولة الحق الثقافي لكل مواطن.
على الدولة التشجيع على الإبداع الثقافي إنتاجاً واستهلاكاً بما يدعم الهوية الثقافية في تنوعها وتجددها ويكرس قيم التسامح ونبذ العنف والانفتاح على مختلف الثقافات والحوار بين الحضارات.
تحمي الدولة الموروث الثقافي وتضمن حق الأجيال القادمة فيه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا حرية بدون أمازيغية
أمازيغي -

الدستور التونسي يجب أن يعترف باللغة الأمازيغية لغة وطنية ورسمية للبلاد. التونسيون كلهم أمازيغ، مهما كانت لغاتهم. مئات الآلاف من التونسيين يتحدثون باللغة الأمازيغية في الجنوب التونسي والوسط. لا حرية بدون أمازيغية. لا ديموقراطية بدون أمازيغية. نريد تونس حرة منفتحة موحدة أمازيغية أفريقية علمانية.

أيها الأمازيغي لم الإقصاء
أنيس التونسي -

المتدخل الأول تحت مسمى الأمازيغي من حقه أن يطالب بالإعتراف بلغته فالأمازيغ مكون رئيسي للهوية المغاربية واستوطنوا بلاد المغرب قبل العرب. لكن ليس من حقه الإفتراء وإقصاء حق العرب في لغتهم والإدعاء أن سكان تونس كلهم أمازيغ في جهل بالتاريخ. سيدي الكريم عد إلى التاريخ وستقرأ أن العرب مع الفتح الإسلامي قدموا إلى بلاد المغرب ومنها تونس في هجرات واستقروا بها. ثم جاؤوا إلى تونس مجددا مع بني هلال وبني سليم الذين أرسلهم الفاطميون ليسقطوا الحكم الصنهاجي في البلاد واستقروا بتونس في مدن قابس وتوزر والساحل وغيرها. والقيروان أسسها العرب واستقروا بها وليس الأمازيغ. كما أن القرطاجيين ليسوا أمازيغ هم فينيقيون أتوا من المشرق العربي من بلاد الشام. فالقول بأن شعب تونس كله أمازيغ فيه كذب وتلفيق وبهتان.