جواسيس وانتحاريون: خطة طالبان التي سرعت انسحاب القوات الفرنسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كابول: شرح متمردو طالبان عناصر الخطة التي سمحت لهم على حد قولهم بارغام فرنسا على انهاء عملياتها القتالية في افغانستان بشكل مبكر، ما بين زرع جواسيس في المواقع المناسبة واستغلال معارضة الراي العام للحرب وشن هجمات على الجنود الفرنسيين في توقيت مدروس.
وفي 20 كانون الثاني/يناير صوب الجندي الافغاني عبد الصبور سلاحه على جنود فرنسيين وقتل خمسة منهم في قاعدة عسكرية في ولاية كابيسا. ولم تتضح ابدا علاقاته مع طالبان لكن الحادث تسبب بمفاجأة سارة للمتمردين اذ اعلن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في باريس فورا عن انسحاب مبكر للقوات القتالية الفرنسية وحدده في 2013 بدلا من نهاية 2014 وهو الموعد المقرر لانسحاب قوات حلف شمال الاطلسي.
وفي ايار/مايو قام الرئيس فرنسوا هولاند بتقديم الموعد حتى نهاية 2012. والثلاثاء وبعد عشرة اشهر على هجوم عبد الصبور، انسحبت القوات الفرنسية من كابيسا منهية رسميا مهمتها القتالية في البلاد.
وانتهت بذلك الدوامة التي بدأت عام 2007 حين قرر ساركوزي انذاك ارسال الجيش الفرنسي، الذي كان حتى تلك الفترة يقوم فقط بمهمات حفظ سلام في كابول، الى شمال شرق البلاد في ولاية كابيا ومنطقة سوروبي المجاورة بطلب من الاميركيين الذين يتولون قيادة قوة حلف شمال الاطلسي في افغانستان (ايساف).
والمنطقة تعتبر استراتيجية وفيها مافيات ويتسلل اليها متمردو طالبان والحزب الاسلامي، ورثة المجاهدين المناهضين للسوفيات في الثمانينات. ووجدت فرنسا نفسها غارقة في الدماء. ففي اب/اغسطس 2008 وبعيد وصول قواتها الى سوروبي قتل عشرة من جنودها في كمين.
وقال بلال عضو المجاهدين سابقا والذي يتولى حاليا قيادة طالبان في كابيسا ان لديه مئتي رجل "جاهزين" في حال الحاجة. واوضح لوكالة فرانس برس "لم يكونوا يعرفون المنطقة، فيما نحن نعرف تماما اين ننصب الكمين لهم، مثلما حصل للسوفيات سابقا".
والفرنسيون المكلفون ملاحقة المتمردين تحت سلطة الاميركيين -- الذين يكن لهم قسم من الشعب عداء بعد 11 عاما من النزاع -- تعرضوا لهجمات بالقنابل اليدوية والكمائن والهجمات الانتحارية. ويقول المتمردون انهم يملكون شبكة واسعة من المخبرين بما يشمل عبر جنود افغان يعملون مع ايساف لكن يساندون سريا حملتهم ضد الغربيين، كما يقولون.
واكد بلال ومسؤول كبير في طالبان في المنفى في باكستان "كنا نعرف بكل تحرك للقوات الفرنسية في كابيسا او سوروبي". ويضيف انه بالنسبة للانتحاريين "نتصل برقم خاص زودتنا به قيادتنا المركزية ويؤمن اشخاصا جاهزين للشهادة". وقال "لا نعرف شيئا عنهم، لكنهم سلاحنا الاقوى".
وسجل عدد القتلى الفرنسيين ارتفاعا. فقد بلغ ثلاثة في 2007 و11 في كل من 2008 و2009 و16 في 2010 ثم 26 في السنة التي سجلت رقما قياسيا في الضحايا 2011 وغالبيتهم في كابيسا. وباستثناء اعمال العصابات المسلحة فان المتمردين وعددهم 250 في الشتاء و500 في الصيف بحسب الجيش الافغاني، ليسوا في وضع يخولهم مواجهة حوالى 2500 فرنسي في هذه المناطق.
لكن في باريس فان السلطة السياسية تريد تجنب حمام الدم وتتساءل عن انسحاب مبكر محتمل يعتبره بعض الضباط محفوفا بالمخاطر، وسيشكل من جانب اخر في اوقات الازمة الاقتصادية هذه توفيرا كبيرا حيث ان المهمة الافغانية كلفت 500 مليون يورو في 2012.
وبعد عملية انتحارية دموية اودت بحياة خمسة من الفرنسيين في 13 تموز/يوليو 2011 اعطيت التعليمات للفرنسيين "بعدم التوجه الى الوديان". وقال بلال انه منذ الخريف "لم يعودوا يخرجوا من قواعدهم الا نادرا".
لكن الخطر وصل الى داخل القواعد مع تكثف هجمات الشرطيين او الجنود الافغان ضد جنود ايساف التي تقر بان عددا منهم ارسلته طالبان. واكد بلال "نتصل شخصيا بالجنود الذين نعتقد انهم قادرون على شن هذه الهجمات".
من جهته يؤكد الجيش الفرنسي انه "لم يكن لديه اي شبهات بتسلل متمردين". لكن بعض الاحداث تثير القلق. ففي 9 حزيران/يونيو قتل اربعة جنود فرنسيين في هجوم حين راقبهم الانتحاري جيدا وفجر نفسه عند خروجهم من سيارتهم حيث توقفوا لتوهم في قرية في كابيسا.
والتزم الفرنسيون بمشاريع تنمية مدنية في كابيسا حتى 2016. ورغم ذلك لا يستبعد المتمردون ان يقبلوا في احد الايام بوجودهم في المنطقة. وقال الناطق باسم الحزب الاسلامي خيرت باهير "لكن يجب ان يعودوا بدون سلاح وبدون ارتباط" اميركي او اخر.