قضية موت عرفات ملف محرج لمحامٍ مرشح لانتخابات نقابية في باريس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نجح بيار اوليفييه سور محامي ارملة ياسر عرفات في تجنب كل العقبات للتوصل الى فتح تحقيق حول وفاة الزعيم الفلسطيني الراحل، غير أنه يترتب عليه من الآن فصاعدًا التعامل مع هذا الملف السياسي المحرج.
باريس: على بيار اوليفية سور، وهو محامٍ باريسي متخصص في القانون الجزائي ويخوض حملة لانتخابات رئيس نقابة محامي باريس في 11 و13 كانون الاول/ديسمبر، ويتولى ملفقضية وفاة عرفات بتكليف منارملته سهى،أن يراعي جميع الحساسيات لدى زملائه ومنع أي تجاوزات أو انحرافات في التحقيق الذي يجري على ساحة سياسية اسرائيلية فلسطينية فائقة الحساسية.
ويؤكد هذا المحامي المعتاد على الملفات ذات الاصداء الاعلامية الواسعة، أنه لا يعتنق قضايا موكليه، موضحاً أن "عملنا يقتصر على المساهمة في جلاء الحقيقة، حقيقة لا تحمل التعليق ولا التجيير السياسي ولا التلاعب".
وفضل عدم الحضور الى رام الله حين سيتم فتح ضريح ياسر عرفات لأخذ عينات من رفاته الثلاثاء في حين سترسل موكلته معاونتين لتمثيلها.
وفكر هذا المحامي مليًا قبل القبول بتكليف سهى عرفات التي اوصاها به مكتب محاماة في لندن.
وواجه سور المولع بالادب، والذي قام بمحاولة سابقة غير مثمرة لتولي رئاسة نقابة محامي باريس عام 2010، الكثير من الاسئلة الصعبة: اين ينبغي تقديم الشكوى؟ وبأي ذريعة؟ اغتيال أم تسميم؟ وكلها اسئلة حاسمة لتجنب رفض الطلب، ما كان قضى على أي فرصة لفتح تحقيق في القضية.
وفي نهاية المطاف اتخذ القرار الصيف الماضي بتقديم شكوى بحق مجهول بتهمة القتل في نانتير بضاحية باريس، لدى المحكمة التي يثنى اليوم على "حيادها" و"استقلالها" في هذا التحقيق حول موت عرفات.
ونفى المحامي اوليفييه شنيرب الذي درب سور ويشيد بـ"ثقافته الاستثنائية" أن يكون ملف عرفات قد يسيء الى مسعى المحامي للفوز برئاسة النقابة معتبرًا أن المحامين على يقين بأنه التزام "مهني" بعيد عن أي "ايديولوجيا".
غير أن المحامي اوريليان آميل الذي يؤيد سور لا يعطي ردًا قاطعًا على هذا السؤال، مشيرًا الى البعد "السياسي القوي جداً" للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني.
وقال فريديريك سيكار احد منافسي سور في الانتخابات النقابية إن "اختيار موكل هو اختيار قضية وصورة. ولا يساورني أي شك، على ضوء معرفتي ببيار اوليفييه سور، بأنه على علم كامل بابعاد التزامه"، معتبرًا أنه "لا يمكن التحصن ببساطة خلف كوننا محامين".
ورأى جان لوي بيسي احد خصوم سور الآخرين أن تولي الملف لتمتين موقعه "وسيلة جائزة" مشددًا على أن سور يمتلك "حساً اعلاميًا حادًا" واثنى على قدرته على "ايجاد الوقت الكافي لخوض حملة مع تولي ملف حساس".
البولونيوم مادة مشعة شديدة السمية
والبولونيوم الذي يشتبه بأنه استخدم لتسميم ياسر عرفات مادة مشعة شديدة السمية استخدمت عام 2006 لتسميم الكسندر ليتفيننكو الجاسوس الروسي السابق الذي اصبح معارضًا للرئيس فلاديمير بوتين.
وعثر على اثار لهذه المادة على اغراض شخصية تعود للزعيم الفلسطيني التاريخي. ويتوقع اخذ عينات من رفاته الثلاثاء لتحديد ما اذا تم تسميمه بالبولونيوم.
والبولونيوم الذي اكتشفته العالمة ماري كوري عام 1989 هو عنصر كيميائي طبيعي موجود في معدن اليورانيوم ويستخدم كمصدر للاشعاعات من نوع ألفا في الابحاث العلمية والطب، وكذلك كمصدر تدفئة في المركبات الفضائية.
غير أنه معدن نادر جدًا حيث لا تتعدى نسبته في الطبيعة واحداً من المليار من الغرام كحد اقصى في عشرة غرامات من اليورانيوم. ويتطلب انتاجه مفاعلاً نوويًا وتقدر كمية هذا الانتاج باقل من مئة غرام في السنة على المستوى العالمي معظمها مصدره روسيا.
والبولونيوم مادة قابلة للذوبان شديدة السمية بكميات ضئيلة سواء عن طريق الاستنشاق أو الابتلاع وهو على قدر بالغ من الخطورة يتطلب التعامل به تجهيزات خاصة وآليات صارمة.
واستنشاقه كافٍ للتسبب باصابة حيوانات المختبر بالسرطان.
وكان الكسندر ليتفيننكو الذي توفي في تشرين الثاني/نوفمبر 2006 في لندن اثر تسميمه بالبولونيوم، اول ضحية معروفة لعملية "اغتيال اشعاعي" بحسب الخبراء، ما اثار ازمة دبلوماسية بين بريطانيا وروسيا.
وتوفي ليتفيننكو رجل الاستخبارات الروسية السابق الذي فر ولجأ الى لندن، بعد ثلاثة اسابيع من تناوله الشاي مع عنصر سابق آخر في الاستخبارات الروسية. وقد اصيب كبده ونخاعه الشوكي بنسب عالية من الاشعاعات.
وبالنسبة لياسر عرفات، لم ترد حتى الآن أي معلومات طبية واضحة حول اسباب وفاته في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2004 في مستشفى عسكري فرنسي.
وفي تموز/يوليو افادت قناة الجزيرة القطرية أن معهد الاشعاع الفيزيائي في لوزان اكتشف "كمية غير طبيعية من البولونيوم" في امتعة شخصية لعرفات.
ونظرًا لكون البولونيوم يتحلل بسرعة، فإن نوعية العينات التي سيتم اخذها من رفاة عرفات ستكون حاسمة لمجرى التحقيق.
ويأمل المحققون أن يعلموا قبل نهاية السنة أن كان من الممكن استخدام هذه العينات وفي حال كان ذلك ممكنًا أن يتم التوصل الى استنتاج في الربيع بشأن احتمال تعرض عرفات للتسميم.