أخبار

إضرابات الجوع في تونس: بعضها لنيل حقوق ومطالب وبعضها للضغط على القضاء والحكومة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لجأ السلفيون الموقوفون في تونس على خلفية أعمال عنف، الى اضرابات جوع وحشية أدت الى هلاك بعضهم، كسعي منهم من اجل الضغط على القضاء للبتّ في قضاياهم المعلقة. لكنّ سياسيين ومسجوني الحقّ العام التقطوا الفكرة، وبدأوا تنفيذها للضغط على السلطات لتنفيذ مطالب سياسية.

تونس: دخل النائب في المجلس الوطني التأسيسي التونسي إياد الدهماني عن الحزب الجمهوري المعارض، قبل أيام، في إضراب جوع على خلفية التدخل الأمني ضد المتظاهرين في محافظة سليانة (وسط غرب )، مؤكدا أنه "لن يتراجع عنه إلى حين فك الحصار عن جهته والاستجابة إلى مطالب متساكنيها".

كان شابان من التيار السلفي، فارقا الحياة منذ أيام بعد إضراب الجوع الوحشي الذي نفذاه على خلفية القبض عليهما بعد أحداث السفارة الأميركية في العاصمة تونس.

وقد وصل الأمر قبل ذلك بنائبين من المجلس الوطني التأسيسي أن دخلا في إضراب عن الطعام للضغط من أجل إطلاق سراح عدد من شباب إحدى القرى الذين قطعوا الطريق واحتجزوا بعض أصحاب السيارات من أجل إطلاق سراح أقاربهم.

مطالب وحقوق

يواصل العشرات من السلفيين التونسيين المحتجزين على خلفية مهاجمة السفارة الأميركية اضرابات جوع جماعية، ومعظم هؤلاء بدأوا اضرابهم عن الطعام بعد وفاة ناشطين سلفيين في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الجاري نتيجة امتناعهما عن الطعام لمدة شهرين.

من جانبها تقول الحركة السلفية، التي ترى انها ضحية قمع غير مبرر، ان عدد انصارها المعتقلين يصل الى 900. في الوقت نفسه تتهم المعارضة وقسم من المجتمع المدني الحكومة التونسية بقيادة حزب النهضة الاسلامي بالتساهل وحتى بمجاملة الجماعات السلفية والجهادية التي تدعو الى العنف.

محمد كمال الغربي رئيس الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية أوضح في إفادة لـ"إيلاف" أنّ أنواعا من الإضرابات يتم اللجوء إليها من حين لآخر، وبخصوص المساجين يتم استعمال الإضراب عن الطعام للحصول على مطالب وحقوق، وهم يجتهدون من أجل الاستماع إليهم والتعجيل بالنظر في القضايا التي اتهموا بها، فبعد شهرين من الإيقاف أرادوا التعبير عن الوضع الصعب الذي يعيشونه فالتجأوا إلى الإضراب للفت نظر الجهات القضائية والحكومية والجمعيات المدنية الناشطة".

من جانبه، أكد محمد خوجة رئيس حزب الإصلاح في تصريح لـ"إيلاف" أن الشباب السلفي الذي نفذ إضرابا عن الطعام داخل السجون، كان من أجل تحسين الظروف داخل السجن وللتعجيل بفتح ملفات تهمّهم والقضاء في شأنهم لأن أغلب الموقوفين تجاوزت فترة إيقافهم الخمسة أشهر دون عرضهم على القضاء وهو ما أثارهم حيث أحسّوا بالظلم وبالتالي كان إضراب الجوع شرعيا لأنهم لم يقوموا بأي جرم، ولا يمكن أن نبقي المتهمين في السجون لفترة طويلة دون عرضهم على القضاء لذا لا بد من التعجيل باتخاذ هذه الإجراءات في حق كل متهم وهو بريء حتى تثبت إدانته.

وكشف مصدر قضائي تونسي يوم الثلاثاء الماضي أنّ السلطات التونسية أفرجت عن 52 شخصًا من السلفيين الموقوفين في أحداث عنف، بينما يواصل آخرون إضرابهم عن الطعام في سجن المرناقية في العاصمة تونس.

إضرابات سياسية

اعتبر رئيس الشبكة التونسية للعدالة الإنتقالية أنّ استعمال إضراب الجوع الذي يعتمده بعض نواب المجلس الوطني التأسيسي يعدّ "إضرابا سياسيا"، مؤكدا أنّ تحقيق المطالب السياسية لا يمكن أن يتمّ عبر هذه الوسائل، وأضاف أنه :" في هذه المرحلة الانتقالية اختلط الحابل بالنابل فتمّ اللجوء من طرف البعض من نواب الشعب إلى طرق نراها غير شرعية".

وقال كمال الغربي:"نحن نرى أنّ إضراب السجين من أجل التسريع بالنظر في تهمته وتقليص بقائه في السجن "معلقا" يعتبر شرعيا، وفي المقابل ما يقوم به النواب من إضراب عن الطعام للضغط على السلطتين التنفيذية والقضائية لتحقيق "غايات سياسية" يعتبر أمرا "غير شرعي"، على اعتبار أنه يشجع المجرمين على اعتماد هذا الأسلوب للحصول على حقوق لا يستحقونها، وما يعتمده هؤلاء ينمّ عن عقلية جديدة لاعتماد أي طريقة من أجل غايات سياسية.

وشدّد رئيس حزب الإصلاح على أنّ دخول نواب من المجلس التـأسيسي في إضراب جوع من أجل مطالب سياسية هو نوع من الضغط على السلطتين التنفيذية والقضائية مؤكدا أنّ هؤلاء يطالبون بإطلاق سراح أفراد قاموا بعمليات حرق وتكسير وقطع طرق والإعتداء على حرمة الدولة وهو عمل "غير مسؤول" على حدّ تعبيره، خاصة أنه جاء من نائب عن الشعب ومؤتمن على الثورة.

وتساءل:" هل بهذه الأساليب يمكن أن نؤسس لنظام جديد يتميّز بالعدل والمساواة بين الجميع بعيدا عن أية ضغوطات غير شرعية قد تشرّع لدكتاتورية جديدة وهي دكتاتورية الشعب من خلال الضغط على القضاء حتى يطلق سراح المجرمين؟"

رفضت نقابة القضاة التونسيين قطعيا في بيان اطلعت عليه "إيلاف"، "كافة أشكال الضغط على القضاة بهدف التأثير على مسار بعض القضايا المنشورة خدمة لمصالح فئوية ضيقة، مؤكدة مساندتها المطلقة للقضاة المستهدفين بالضغط واستعدادها لممارسة كافة الأشكال النضالية والقانونية للتصدي لهذه الممارسات".

في السجون

أشار كمال الغربي إلى أنّ إضرابات الجوع متواصلة في السجون فقبل زيارتي إلى سجن المرناقية (30 كلم غرب العاصمة تونس) وبعد وفاة السلفيين محمد البختي وبشير القلّي، تزايدت حالة إضراب الجوع حتى بلغت 174 حالة من خلال معلومات أفادنا بها مدير سجن المرناقية وانتشرت هذه الظاهرة الجديدة في عدة سجون أخرى منها سجن المسعدين (ولاية سوسة) والقيروان وحتى في جنوب البلاد احتجاجا على الأمر القضائي.

وأكد رئيس الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية وجود نوع من البطء في تعاطي القضاء مع بعض القضايا التي تأخر البتّ فيها، وهو السبب الأكبر الذي جعل الموقوفين يحتجون مطالبين بالتسريع في النظر في قضاياهم، مشيرا إلى أنّ بعض مساجين الحق العام دخلوا ايضا في إضراب جوع من أجل الضغط على السلطتين التنفيذية والقضائية لإطلاق سراحهم.

وأشار الغربي إلى أنه تم التوصل إلى اتفاق مع السلفيين على "هدنة" بعشرة أيام من أجل منح القضاء فرصة للبت في هذه الملفات المفتوحة.

وكانت إحصائيات لوزارة العدل أفادت أنّ عدد الموقوفين من أنصار التيار السلفي على أحداث السفارة الأميركية ومعرض العبدلية بلغ 178 فردا من بين 450 متهما، فيما أعلنت عن 123 حالة فرار و149 حالة إطلاق سراح.

استجابة الحكومة

يقول كمال الغربي :" لقد حمّلنا المسؤولية لوزارة العدل والإدارة العامة للسجون على خلفية وفاة الشابين السلفيين وعلى أساس بقائهما لنحو شهرين تقريبا في إضراب الجوع الوحشي والذي بدأ يستشري من سجن إلى آخر، وهؤلاء عبروا بهذه الطريقة لأنهم أحسّوا كأنهم منبوذون من المجتمع فأرادوا بالتالي التعبير وتوجيه الرأي العام إلى الوضعية التي يعيشونها سواء داخل السجون أو خارجها".

واستجابت وزارة العدل لمطالب المجتمع المدني بأن بعثت لجنة قانونية وصحية تقوم بالنظر في ملفات هؤلاء المساجين إلى جانب العناية بهم وإطعامهم حتى لا تسوء حالتهم وهم ينفذون إضراب جوع وإبعادهم عن مساجين الحق العام ووضعهم في غرف خاصة في مجموعات.

وأعلن وزير العدل نور الدين البحيري في لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية التي زارت سجن المرناقية عن وجود 21851 سجينا من بينهم 5566 سجينا في سجن المرناقية لوحده، مشيرا إلى وجود 27 سجنا في تونس تعرضت 17 منها إلى الحرق و الهدم، يعمل بها 33 طبيبا من بينهم 7 أطباء يعملون كامل الوقت ويسهرون على صحة السجناء.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا للإضرابات السياسية
FIRAS90 -

لا للإضرابات السياسية ، فالمعارضة من ناحية تطالب الحكومة بالضغط على السلفييين ومن ناحية ثانية وبعد وفاة القلي و البختي تطالب الآن بفتح تحقيق . من ناحية ثانية فالنواب الذين من المفروض الشعب و يعملون على تطبيق القانون و استتباب الآمن يعمدون إلى الضغط على السلطة القضائية من اجل إطلاق سراح المجرمين لغايات سياسية بدعوى أنّ هؤلاء المجرمين من أهاليهم وهم بذلك يصرون على التشويش على الحكومة و لا يريدون لهذا المسار الإنتقالي أن ينجح .. سبحان الله لمثل هذه الأشكال التي رأيناها في المجلس التأسيسي .

لا للإضرابات السياسية
FIRAS90 -

لا للإضرابات السياسية ، فالمعارضة من ناحية تطالب الحكومة بالضغط على السلفييين ومن ناحية ثانية وبعد وفاة القلي و البختي تطالب الآن بفتح تحقيق . من ناحية ثانية فالنواب الذين من المفروض الشعب و يعملون على تطبيق القانون و استتباب الآمن يعمدون إلى الضغط على السلطة القضائية من اجل إطلاق سراح المجرمين لغايات سياسية بدعوى أنّ هؤلاء المجرمين من أهاليهم وهم بذلك يصرون على التشويش على الحكومة و لا يريدون لهذا المسار الإنتقالي أن ينجح .. سبحان الله لمثل هذه الأشكال التي رأيناها في المجلس التأسيسي .