الأسلحة الكيميائية... النظام ينقلها وواشنطن: " استخدامها خط أحمر"

منذ اندلاع الأزمة في سوريا، تركز اهتمام الغرب على إمكانية لجوء الأسد الى الأسلحة الكيميائية التي يخزنها بكميات كبيرة، ما يدفع بواشنطن إلى تذكير النظام بأن استخدام هذه الأسلحة خط أحمر.

لندن: جددت الولايات المتحدة وعدة دول حليفة أخرى تحذيراتها لرئيس النظام السوري بشار الأسد من انه سيكون "تحت طائلة المحاسبة" إذا استخدمت قواته أسلحة كيميائية ضد مقاتلي المعارضة بعد قيام الجيش النظامي بتحريك كميّات من هذه الأسلحة في الأيام الماضية.
ونُقلت التحذيرت التي قال مسؤول أوروبي إنها كانت "مُبهمة عن عَمد، لإبقاء الأسد أسير التكهنات"، عن طريق روسيا ووسطاء آخرين.

ولا يُعرف على وجه الدقة ما الذي تعتزم قوات النظام السوري أن تفعله بهذه الأسلحة، كما أفاد مسؤولون مطلعون على تقارير استخباراتية من سوريا. وقدم مسؤول اميركي أدق وصف حتى الآن لما رصدته الاستخبارات، حيث قال لصحيفة نيويورك تايمز "ان النشاط الذي نراه يشير إلى إمكانية تحضير أسلحة كيميائية" على نحو يذهب أبعد من تحريك مخزونات ونقلها بين عشرات المستودعات المعروفة. ولكن المسؤول رفض الخوض في تفاصيل ملموسة لما يترتب على هذه التحضيرات.
وأطلق هذا النشاط الذي شهدته سوريا خلال اليومين الماضيين سلسلة من الاتصالات العاجلة بين الدول الغربية التي تعمل منذ زمن على إعداد خطط طوارئ إذا قررت التدخل بعملية هدفها تحييد الأسلحة النووية. وتقول تقديرات البنتاغون إن مثل هذه العملية تتطلب الدفع بنحو 75 الف جندي. ولكن لم يكن هناك ما يشير إلى أن التحضيرات للقيام بعملية كهذه على وشك أن تبدأ.

واتسم موقف الرئيس اوباما حتى الآن بالحذر من قضية التدخل في سوريا ممتنعاً عن تسليح المعارضة بصورة مباشرة أو حتى الاعتراف رسميا بالائتلاف الوطني الجديد لقوى المعارضة الذي ساعدت الولايات المتحدة نفسها في ولادته.
ولكن أوباما أعلن خلال مؤتمر صحافي في آب(اغسطس) أن أي دليل على قيام الأسد بتحريك الأسلحة الكيميائية للتهديد بها أو استخدامها هو "خط أحمر" بالنسبة إلى الولايات المتحدة يمكن أن يدفعها إلى التدخل المباشر. وأضاف "ان هذا سيغيّر حساباتي، وسيغيّر معادلتي".

وامتنع المسؤولون الأميركيون يوم الأحد عن القول ما إذا كان النشاط الذي يرصدونه الآن يقترب من الخط الأحمر الذي رسمه اوباما. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن دبلوماسي أميركي له دور كبير في تحذير الأسد من استخدام الأسلحة الكيميائية قوله "إن هذه اوقات عصيبة يمرّ بها الأسد وقد يكون هذا ببساطة مؤشرا آخر إلى يأسه".
وقال مسؤول اسرائيلي إن تحريك الأسلحة الكيميائية والتحضيرات الظاهرة لاستخدامها قد يكون مناورة الغرض منها تحذير الغرب في وقت يبحث حلف الأطلسي والولايات المتحدة تقديم دعم أشد فاعلية لفصائل المعارضة السورية.

وأضاف المسؤول الاسرائيلي "أنه من الصعب قراءة ما يفكر به الأسد ولكننا نرى تحركاً من النوع الذي لم نشهد له نظيراً من قبل" دون أن يخوض في التفاصيل.

وامتنع البيت الأبيض عن التعليق على تقارير استخباراتية اطلع عليها عدد من زعماء الكونغرس. ولكنّ مسؤولاً رفيعا في الإدارة حين سُئل عن مخاوف الحكومة الأميركية، وجه تحذيرا جديدا إلى النظام السوري. وقال المسؤول "إن الرئيس جعل من الواضح أن استخدام أسلحة كيميائية في سوريا سيعبر خطاً احمر بالنسبة للولايات المتحدة. ونحن نراقب عن كثب التطورات المرتبطة بمخزون سوريا من الأسلحة الكيميائية وعلى اتصال منتظم بالشركاء الدوليين الذين يشاركوننا قلقنا".
ومضى المسؤول قائلا "إن على نظام الأسد أن يعلم أن العالم يراقبه وأن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي سيحاسبانه إذا استخدم أسلحة كيميائية أو تخلف عن تنفيذ التزاماته بتأمينها".

وامتنع رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الجمهوري مايك روجرز عن التعليق على التقارير الاستخباراتية الجديدة، ولكنه قال في تصريح يوم الأحد "نحن لا نفعل ما فيه الكفاية استعدادا لانهيار نظام الأسد، والفراغ الخطير الذي سيخلقه، واستخدام نظام الأسد أسلحة كيميائية سيكون تصعيدا في منتهى الخطورة يتطلب عملاً حاسماً من بقية العالم".
وكان الجيش الأميركي أرسل سراً منذ أشهر قوة خاصة تضم اكثر من 150 مخططاً عسكرياً وخبراء آخرين إلى الأردن لمساعدة قواته المسلحة على الاستعداد تحسبا لفقدان النظام السوري السيطرة على أسلحته الكيميائية من بين احتمالات أخرى. وطلبت تركيا من حلف الأطلسي نشر بطاريتين من منظومة باتريوت الصاروخية المضادة للصواريخ لحماية أراضيها من الصواريخ السورية التي قد تُطلق باتجاهها من بين اهداف أخرى. وأشار الاتراك في تبرير طلبهم إلى إمكانية استخدام اسلحة كيميائية في الرؤوس الحربية للصواريخ السورية.

ولكن هذه ليست المرة الأولى التي تُرصد فيها تحركات وعمليات نقل في مواقع خزن الأسلحة الكيميائية في سوريا. وقال وزير الدفاع ليون بانيتا في 28 ايلول(سبتمبر) الماضي انه "كانت هناك حركة" قامت بها قوات النظام السوري لوضع اسلحة كيميائية في مواقع مؤمَّنة على نحو افضل. واوضح بانيتا وقتذاك "ان المواقع الرئيسة ما زالت في أماكنها وما زالت مؤمنة رغم بعض الحركة المحدودة".
ولكن النشاط الجديد يبدو مختلفا هذه المرة ولم يعد المسؤولون الأميركيون مستعدين للقول ان جميع المواقع ما زالت مؤمنة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن أحد هؤلاء المسؤولين قوله "نحن قلقون بشأن ما يفعله "السوري" ولكننا قلقون أيضا بشأن بعض فصائل المعارضة، وإقدام مجموعات ترتبط بحزب الله على اقامة معسكرات قرب بعض مستودعات الأسلحة الكيميائية".

ومنذ بداية الأزمة السورية، تركز اهتمام الغرب على مخزون النظام السوري الكبير من الأسلحة الكيميائية، وعمدت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى تكثيف عمليات التنصت الالكتروني وغيرها من الأنشطة التجسسية لمراقبة ما يجري من أنشطة في مواقع خزن الأسلحة النووية. وقال مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية إن حالة تأهب لم تُعلن في اي وحدة من وحدات الجيش الأميركي ردا على النشاط الجديد، ولكن البنتاغون مستعد لاتخاذ هذه الخطوة إذا دعت الحاجة.