ارتفاع نسبة العنوسة لا يمنع العراقيين عن الحب الإفتراضي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لم يعد التخطيط للزواج في العراق تقليديًا مع تزايد إقبال الشباب على إقامة العلاقات الافتراضية بدلًا من علاقات حب واقعية غائبة، بسبب طبيعة المجتمع المحافظة. فهذه الطبيعة تدعو الشباب إلى الهرب خارج حدود الواقع بحثًا عن زوجة أو صديقة.
بغداد: يقيم ماجد حسن منذ سنتين علاقة حب افتراضية مع فتاة تعيش في السويد، يلتقيها بشكل شبه يومي عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من أن مسافات بعيدة تفصله عنها، وصل التفاهم بينهما مرحلة متقدمة ويأمل حسن أن تكتمل الاوراق الرسمية للمّ شملهما في أقرب فرصة.
إلا أن حسن المتخرج حديثًا من الجامعة يخاف من ندرة فرص العمل في العراق بسبب تدني فرص الحصول عليه. يتابع: "سأتزوج وأرحل إلى السويد، وربما يتاح لي إكمال دراستي العليا هناك".
ويقول محمد العتبي (22 عامًا) إن سبب هذه الظاهرة هو البطالة في العراق، وحلم السفر إلى اوروبا، "اذ يظن الكثيرون أن الزواج من فتاة مغتربة أو أجنبية يفتح أمامه أبواب العمل والمستقبل الزاهر.
عالم كاذب
يبدأ الشاب مشواره في الانترنت عبر البحث بمساعدة أصدقاء، لهم تجارب سابقة في التعارف الالكتروني، حيث يتعرف على فتاة عن طريق الصور والمعلومات.
وعلى الرغم من أن الكثير من الشباب لا يصرح بذلك ذلك لأنه يتعلق بمسألة شخصية، الا أن باسم سعدون (19 عامًا) يعترف بأنه يلتقي حبيبته الافتراضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث يتم تبادل الافكار الجريئة.
ولا يحبذ سعد الخفاجي (20 عامًا) أن تتحول علاقته الافتراضية مع حبيبته إلى علاقة واقعية، لأنها ستفسد بسبب التأثيرات الاجتماعية، كما يعتقد، لكنه لم يقرر بعد إن كان سيتزوج منها أم لا. ويؤكد أن علاقتهما جدية وبريئة، يحادثها عبر الإنترنت حول العمل والدراسة وخطط المستقبل، الا أن هناك الكثير من الشباب ممن يسعون إلى علاقات عاطفية لأغراض المتعة، بحسب ما يقول.
يضيف: "لي زملاء ثلاثة، شغلهم الشاغل إقامة العلاقات العاطفية مع فتيات لأغراض المتعة، تقود في النهاية إلى ممارسة حميمية مع الفتيات في العالم الافتراضي أو حتى في الواقع، حين يتم الاتفاق على لقاء في مكان ما.
يتابع: "لا يمكن الاعتماد على الانترنت من أجل إقامة علاقات جدية، وإن حدث فمن قبيل المصادفة لا أكثر، فهذا عالم حافل بأسماء مستعارة، وبشخصيات وهمية، وبوسائل غش كثيرة، اكثر مما هو موجود في الحياة العملية، ما يتيح إظهار المشاعر المزيفة والعواطف الكاذبة.
تناقض اجتماعي
لا تتوافر في العراق إحصائيات رسمية عن عدد مستخدمي الانترنت، الا أن الناشطة النسوية والمهندسة في المعلوماتية ليلى فاضل تشير إلى أن استخدام الانترنت ينتشر بشكل رئيسي بين الشباب والفتيان، ويقل بين النساء والكبار في السن. وبحسب تخمين ليلى، يهتم 60 في المئة من الشباب العراقي بالانترنت ويتصفحه بين فترة وأخرى، وهو مستوى يعتبر جيدًا.
أبو أيمن الحلي، صاحب مقهى انترنت، يؤيد ليلى ويقول: "95 في المئة من مرتادي المقهى من الفتيان والشباب، و50 في المئة منهم يقضون نصف وقتهم في الدردشة مع فتيات، سعيًا وراء إقامة علاقات عاطفية افتراضية معهن".
هذه المسألة تسلط الضوء على التناقض الذي يشوب العلاقات الاجتماعية في العراق، فبينما يكثر عدد الأرامل والفتيات غير المتزوجات، وترتفع نسبة العنوسة بين النساء، يندفع الشباب نحو الزواج من فتيات مغتربات، أو يفضلون إقامة علاقات افتراضية تغنيهم عن الواقع الحقيقي. ويفسر العتبي ذلك بالرغبة في الهروب من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، متعلقًا بأحلام الهجرة وبناء المستقبل خارج البلاد.
ظاهرة تبادلية
يعترف قيس مجيد (23 عامًا) أنه يقضي ساعات طويلة على الانترنت، يحاور الكثير من الفتيات عبر علاقة افتراضية يومية، أغلبهن خارج العراق. يتابع: "آمل في اختيار فتاة مناسبة لي تقيم في اوروبا في وقت قريب".
لكن جعفر حسن (26 عامًا) المقيم في المانيا، فهو يزور العراق للزواج من فتاة تعرف عليها عبر الانترنت، يشير إلى أن المشكلة لا تخص العراق فحسب.
ففي اوروبا، تقل فرص زواج المرأة من شخص مناسب لها من ناحية الثقافة والعادات والتقاليد. كما تجد الفتاة نفسها أمام خيارات ضيقة، ما يدفعها وبتشجيع من اهلها ايضًا إلى الالتفات إلى ابناء وطنها الأم سعيًا للزواج. وهذا الامر ينطبق على الشاب المقيم في اوروبا ايضًا. ويرى حسن أن الظاهرة تبادلية، فثمة حاجة كل من الطرفين إلى الاخر كما أن التعرف من خلال الانترنت هو خطوة اولى في مسيرة طويلة من بناء الثقة.