بعد أن خفت صوته مؤقّتًا... جيشُ مصر يعود فلا قدرة على تجاهله
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بدا وكأن المؤسسة العسكرية في مصر غادرت المسرح السياسي وخفت صوتها تماما منذ 12 آب/اغسطس الماضي مع تخلي المجلس العسكري عن سلطة التشريع للرئيسمرسي واحالة المشير طنطاوي الى التقاعد. لكن تطور الأحداث في أرض الكنانة ينسف تلك الانطباعات... فالجيش عائد.
القاهرة: عادت المؤسسة العسكرية القوية في مصر في الايام الاخيرة الى الواجهة التي غادرتها منذ تولي الاسلامي محمد مرسي الرئاسة كاول رئيس للجمهورية من خارج الجيش، لتكلف بالمساعدة في حفظ الامن والنظام، وسط انقسام سياسي عميق في البلاد قد يضطرها للتدخل.
واعلن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية على صفحته الرسمية على فيسبوك الثلاثاء ان وزير الدفاع المصري القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول عبد الفتاح السيسي دعا الى لقاء "يجمع شركاء الوطن" الاربعاء يحضره خصوصا الرئيس محمد مرسي والتيارات السياسية المختلفة.
وتأتي هذه الدعوة فيما شهدت القاهرة وعدة محافظات مصرية تظاهرات للمعارضة التي تطالب خصوصا بتأجيل الاستفتاء على مشروع الدستور واخرى لمؤيدي الرئيس مرسي الذي اصدر قرارا باجراء الاستفتاء في موعده السبت المقبل.
وتولى الجيش المصري، الذي خرج من صفوفه كافة الرؤساء الاربعة السابقين لمحمد مرسي بين 1952 و2012، اثر الاطاحة بحسني مبارك في شباط/فبراير 2011، قيادة المرحلة الانتقالية والسلطتين التنفيذية والتشريعية من خلال مجلس عسكري قاده المشير حسين طنطاوي.
وبدا وكأن المؤسسة العسكرية غادرت المسرح السياسي وخفت صوتها تماما منذ 12 آب/اغسطس الماضي مع تخلي المجلس العسكري عن سلطة التشريع للرئيس المنتخب محمد مرسي واحالة رئيس المجلس المشير طنطاوي الى التقاعد في الشهر ذاته.
وقال المحلل والباحث في مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية عمرو هاشم ربيع لوكالة فرانس برس "بعد انتخاب مرسي (حزيران/يونيو) سعى هذا الاخير الى اعادة الجيش الى دوره كجيش محترف لا يتدخل في السياسة".
غير ان تكليف مرسي الجيش الاحد بالمساعدة في حفظ الامن حتى ظهور نتائج الاستفتاء ومنح ضباطه حق توقيف المدنيين وكذلك البيان الصادر عن المؤسسة العسكرية السبت اكدا مجددا ان الجيش لا يزال قوة لا يمكن تجاهلها في الحياة السياسية المصرية.
واكد قائد الجيش ووزير الدفاع والانتاج الحربي الفريق اول عبد الفتاح السيسي ان "القوات المسلحة هي ملك للشعب وجزء من الدولة المصرية (..) وتؤدي مهامها الوطنية بكل نزاهة وحيادية".
غير ان ربيع رأى ان بيان الجيش الاخير "اظهر انه لا يزال يملك اقداما واصابع موجودة في العمل السياسي".
وكان يشير الى دعوة الجيش في بيان اصدره السبت طرفي الازمة الى اعتماد الحوار لحلها ومحذرا من انه "لن يسمح" بان تدخل البلاد "نفقا مظلما نتائجه كارثية".
وتشهد مصر منذ اكثر من اسبوعين ازمة سياسية حادة بين انصار مرسي الاسلاميين الساعين الى المسارعة الى الاستفتاء على مشروع الدستور الذي اعدته لجنة تاسيسية هيمنوا عليها، وقوى المعارضة الليبرالية واليسارية الساعية الى تاجيل استفتاء السبت لحين التوافق على مشروع الدستور.
ومع تاكيد ربيع ان "العسكريين بدوا حذرين جدا" في البيان الذي وصفه ب "المثير"، فانه اضاف لوكالة فرانس برس ان "السؤال الذي يبقى مطروحا هو في حالة خروج المواجهات في الشارع عن السيطرة، هل سيتدخل الجيش بامر الرئيس ام ضد الرئيس؟" وهو سؤال ترتبط الاجابة عليه بمعرفة مدى ولاء الجيش لاول رئيس غير عسكري للجمهورية.
وقال ان "البيان مثير وانا اعتقد انه صدر بدون علم الرئيس مرسي لانه يتضمن ضغطا مباشرا عليه" مشيرا مع ذلك الى انه "يصعب الجزم بذلك كما يصعب التنبؤ بدور الجيش في هذه المرحلة الذي يبقى غامضا".
من جهته اشار المحلل السياسي عماد جاد الى ان منح الجيش سلطة الضبطية العدلية هو محاولة من الرئيس لحشد الامن والجيش "ليتعاونوا في حفظ النظام" للسيطرة على الوضع الناجم عن حالة احتقان سياسي وانقسام عميق حول مشروع اول دستور بعد مبارك.
وقال ان المؤسسة العسكرية "تقف اليوم في مستوى الوضع ذاته قبل سقوط حسني مبارك، اي على الحياد" غير انه اضاف "لو حدثت اعمال عنف وسالت دماء فان الجيش سيتدخل حتما للسيطرة على الوضع ولن يلتفت كثيرا لكون الرئيس مرسي منتخبا".
واكد انه "اذا خرجت الامور عن السيطرة فسيتدخل الجيش لفرض الامن وبعد ذلك سيتولى على الارجح اعادة بناء مرحلة انتقالية جديدة بقواعد جديدة".
ولم يمر اعطاء الجيش سلطة الضبطية القضائية والحق في توقيف مدنيين دون اعتراضات من قوى المعارضة وانتقادات شديدة من منظمات حقوق الانسان.
ونددت المعارضة باصدار مرسي هذا القانون الذي يرتبط عادة بحالة الطوارىء التي شهدتها مصر لاكثر من 30 عاما في مصر في عهد مبارك.
وذكرت بان حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الاخوان المسلمين وكان يراسه مرسي، كان شارك في الحملة ضد قرار الضبطية العدلية الذي اصدره المجلس العسكري التي انتهت بابطاله من القضاء الاداري.
واعتبرت منظمة العفو الدولية الاثنين ان قرار الرئيس المصري محمد مرسي بمنح ضباط القوات المسلحة وضباط الصف المشاركين في الاشراف على الاستفتاء على الدستور سلطة توقيف المدنيين حتى اعلان نتائج الاستفتاء "سابقة خطيرة" يمكن ان تؤدي الي عودة المحاكمات العسكرية للمدنيين.
وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسيبة حاج شعراوي، "اخذا بالاعتبار سجل الجيش حين كان في السلطة، بما فيه مقتل 120 متظاهرا ومحاكمة نحو 12 الف مدني امام المحاكم العسكرية بشكل غير عادل، فان الخطوة تعد سابقة خطيرة".
ويقوم الجيش المصري بدور امني واقتصادي هام في البلاد. وهو يسيطر مباشرة او عن طريق شبكة من كبار الضباط المتقاعدين على امبراطورية اقتصادية كبيرة محاطة بكثير من التكتم تشمل الكثير من المجالات مثل المياه المعدنية ومصانع الاسمنت والعقار.
ويتلقى الجيش علاوة على ذلك، مساعدة بقيمة 1,3 مليار دولار من الولايات المتحدة وهو يتزود بشكل واسع بالعتاد الاميركي.
ويبلغ عديد الجيش المصري 470 الف جندي اضافة الى 480 الفا من جنود الاحتياط، بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن.