قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لم يكن المواطن المغربي يعرف ما يحصل داخل جدران البرلمان في الماضي، لكن دخول الاعلام المرئي نقل إليه صورة غير مرضية عن عمل برلماني تراجع مستواه إلى انشغال بالنوم وبلعب الورق وإلى تخاطب سوقي لا يليق بممثلي الأمة.الرباط: يستأثر الابتذال في قاموس خطاب السياسيين، يومًا بعد آخر، باهتمام الرأي العام الوطني، أكثر من القضايا التي تجري مناقشتها أو طبيعة القرارات السياسية التي تتخذ.وانتقل هذا الابتذال من الساحة السياسية إلى تحت قبة البرلمان، حيث بات ممثلو الشعب يلجأون إلى مستوى هابط في مواجهاتهم الكلامية.لم يقتصر الأمر عند "لي فيه الفز كيقفز" (إلّي على راسه بطحة يحسس عليها)، و"ضريب الغرزة" (مصطلح يستعمله الخياطون) و"التقزديرة" (لا يخجل من أفعاله)، بل امتد إلى الأفعال التي حز بعضها في نفس المشاهدين الذين يتابعون جلسات البرلمان، وتحول مادة دسمة لـقفشات المغاربة السياسية.
تراجع المستوى السياسيمن بين الطرائف السياسية في المغرب التقاط صورة لبرلماني وهو يلعب الورق أثناء مداخلة لأحد زملائه، ودخول آخر بنظارات شمسية كبيرة جدًا، وانشغال برلمانية بالتقاط الصور، كأنها في زيارة إلى أحد المعالم التاريخية.وفي تعليق على هذا الموضوع، قال محمد مجاهد، القيادي في حزب اليسار الاشتراكي الموحد، إن ما يحدث داخل مجلس النواب "مرتبط بالميوعة التي يعرفها العمل السياسي بالمغرب بشكل عام، وهذا يعبر عن مستوى النخب السياسية الموجودة حاليًا".وأوضح مجاهد، في تصريح لـ "إيلاف"، أن المستوى الذي يصله النقاش "ليس ظاهرة ذات سلطة، بل هو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأسس التي بنيت عليها العملية السياسية، التي تنتج نوعًا معينًا من النخب التابعة للسلطة، وهي مطلوبة من طرف الدولة".أضاف: "هناك عملية تدجين وإفساد للعملية السياسية والنخب، حتى القيادية منها"، مبرزًا أن "مجموعة من الرموز في عدد من الأحزاب يظهر تراجع مستوى خطابها السياسي، سواء في الحزب الذي يقود الائتلاف الحاكم أو غيره. فهذه الظاهرة أصبحت شبه عامة، ولديها الأسس التي أنتجتها".
تفتحت العيونمن جهته، قال عبد العزيز قراقي، أستاذ جامعي في العلوم السياسية في الرباط، لـ "إيلاف": "في الماضي، لم يكن الكثير من الأخبار يتسرب عن البرلمان أو ما يحدث داخله، إذ كان يشبه إلى حد كبير غرفة شبه مغلقة لا يفصل من الأخبار عنها إلا ما يتسرب عبر الصحف".وبعدما اقتحمت وسائل الإعلام المرئية هذا الفضاء، انفتح البرلمان على الناس.أضاف: "لا بد من التذكير اليوم بأن البرلمان المغربي يمر في مرحلة انتقالية، مرفوقة بالتحولات الكبرى التي شهدتها الساحة السياسية في المملكة، ففي الماضي كنا نتتبع مسألة نائب برلماني نائم، وتنشر صورته الصحف، اليوم الأمر تغير وأصبح هناك خطاب آخر".
برلمان مختلفيرد قراقي هذا الأمر للتحولات السياسية التي شهدها المغرب، التي جعلت من البرلمان مؤسسة مركزية على مستوى بلورة السياسات العامة، وعلى مستوى الهيكلة الخاصة بالحقل السياسي.يقول: "فالبرلمان الآن تلجه فئات من مختلف المستويات الاجتماعية، وهذا يؤدي إلى حدوث أمور قد تبدو في بعض الأحيان غير مألوفة، فما نلاحظه حاليًا هو أحد إفرازات الواقع السياسي، وعلينا أن ننتظر".يتوقع قراقي أن تختفي هذه المظاهر في المستقبل، "وأن لا يدخل غرفة مجلس النواب في المستقبل إلا من كان مستعدًا للمناقشة وتتبع العمل التشريعي، والمشاركة في الجلسات واللجان، والكثير من الأمور الأخرى. فبرلمان المستقبل لن يكون شبيهًا ببرلمان اليوم، ولا ببرلمان الماضي".