أخبار

أنفاق رفح تضعف سياسة مرسي الخارجية تجاه غزة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يرمز معبر رفح إلى التحدي الذي يواجهه مرسي في التوفيق بين استراتيجية دعم غزة من دون أن يعرّض دعم الولايات المتحدة لبلاده للتهديد. ويرى محللون أن مرسي يعتمد نهجاً لا يختلف عن سلفه في التعامل مع مسألة معبر رفع.

لميس فرحات: انتظرت سعاد عبد الكريم أبو العوامر لساعات في محاولة غير مجدية لعبور الحدود المصرية إلى غزة من أجل زيارة والدتها التي تحتضر. لكن أحد المهرّبين عرض عليها المساعدة لنقلها عبر أحد الأنفاق في معبر رفح إلى غزة مقابل 100 دولار.

هذا الوضع ليس بجديد على الفلسطينيين، الذين كانوا يأملون في أن يؤدي تسلم الرئيس محمد مرسي للرئاسة المصرية إلى تحسين حالهم. لكن بعد أشهر من ولايته، يقول لسان حالهم إن شيئاً لم يتغير، لا سيما عندما يتعلق الأمر بانتقال الناس أو المنتجات إلى غزة.

معبر رفح يرمز إلى التحدي الذي يواجهه مرسي في التوفيق بين استراتيجية دعم غزة من دون أن يعرّض دعم الولايات المتحدة لبلاده للتهديد، وفقاً لموقع "بلومبيرغ" الاقتصادي.

"هناك فجوة بين الأقوال والأفعال" قال مايكل وحيد حنا، الباحث في مركز "سنتوري" في نيويورك، مشيراً إلى أن "هناك الكثير من الضغط الشعبي على مرسي، وهو ما ينعكس في خطابه".

لكن الكثير من المحللين يعتبرون أن مرسي يعتمد نهجاً لا يختلف عن سلفه الرئيس المخلوع حسني مبارك في التعامل مع مسألة معبر رفع. كما إن الانقسام يسود الواقع السياسي في مصر، فيما تخضع السياسة الخارجية المصرية لامتحان صعب، وقد يعاد النظر فيها.

لن تتخلى عنكم
في محاولة لتأكيد دعمه، أرسل مرسي رئيس وزرائه، هشام قنديل، إلى غزة بعد أقل من 48 ساعة من الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قائد الجناح العسكري لحماس، والتي أدت إلى نزاع بين الجانبين استمر ثمانية أيام. وفي وقت لاحق، أشاد زعيم حركة حماس خالد مشعل بدعم مرسي وزيارة المسؤول المصري الكبير للقطاع.

في اليوم التالي، شنت إسرائيل حملة قالت إنها تهدف إلى وقف الهجمات الصاروخية من غزة والرد على الاعتداء الذي تعرّض له جنودها على الحدود. ونشر مرسي تعليقاً على حسابه الشخصي على موقع "تويتر" قائلاً: "يا أهل غزة: أنتم منا، ونحن منكم، ولن تتخلى عنكم".

لكن دعم مرسي لأهل غزة اقتصر على التعبير اللفظي والتعليقات المشحونة بالعواطف من دون أي تغيير يذكر على السياسات المصرية العامة تجاه غزة. الحركات الشعبية لا تزال مقيدة، الأنفاق مغلقة، ولم يتم التوصل إلى اتفاق تجارة رسمي، وفقاً لمطالب حماس.

بموجب معاهدة السلام عام 1979 بين مصر وإسرائيل، تتم مراقبة الحدود المصرية مع غزة، التي تبلغ مساحتها 13 كيلومترًا (8 أميال) من قبل الحراس المصريين وقوة متعددة الجنسيات تقودها الولايات المتحدة. ويرصد مسؤولو حماس جانبهم من الحدود، فيما يمنع دخول السلع إلى غزة عبر معبر رفح، وتُشحن بدلاً من ذلك من خلال معبر كرم شالوم، الذي تسيطر عليه إسرائيل.

تجارة "تحت الأرض"
بلدات مدينة رفح، شمال سيناء، كالشيخ زويد والعريش، تعتبر موطناً لنحو 40.000 فلسطينياً، وفقاً لمركز "تشاتام هاوس" للإحصاء والدراسات. وتمر سنوياً من خلال الأنفاق سلع تصل قيمتها إلى 700 مليون دولار، بعضها محظور من قبل إسرائيل، وفقاَ لمجموعة الأزمات الدولية.

دخل هذا العام نحو 4.5 مليون طن من الوقود إلى غزة من مصر عبر الأنفاق، وفقاً لوزارة الاقتصاد في حكومة حماس، إلى جانب مواد البناء، التي تقول إسرائيل إنها تحظر دخولها إلى القطاع، حتى لا يتم استخدامها من قبل مقاتلي حماس لبناء المخابئ.

وقد تم إطلاق نحو 15.000 صاروخ من قطاع غزة على إسرائيل خلال السنوات الـ 11 الماضية، وفقاً للجيش الإسرائيلي. ويعتبر المراقبون أن الأسلحة والمسلحين في شمال سيناء لا يشكلون تهديدًا لإسرائيل فقط، إذ إن الهجمات طالت أهدافاً عسكرية والشرطة المصرية في شمال سيناء، وارتفعت هذا العام لتشمل 15 تفجيراً في خط أنابيب الغاز إلى إسرائيل.

مصر لا تعلم
شهدت مصر هجوماً أدى إلى مقتل 16 جندياً قتيلاً في 5 آب/أغسطس. والخطر في الأمر أن "مصر لا تعلم تماماً حجم وانتشار هذه الجماعات أو دوافعها"، وفقاً لياسر لشيمي، وهو محلل في مجموعة الأزمات الدولية.

وفي حين أجاب مرسي بحملة عسكرية ضد المجموعات، أغلقت الأنفاق، وتم تقييد حركة الفلسطينيين إلى مصر، إلا أن الهجمات على أهداف استراتيجية لم تتوقف.

"المتشددون ما زالوا يشكلون تحدياً للحكومة المصرية التي يجب أن تضع استراتيجية مختلفة لسيناء، واحدة لا تقتصر على الأمن فقط، بل تهتم أيضاً بالتنمية"، قالت لينا عطا الله، رئيسة التحرير في صحيفة مصر المستقلة.

انعدام ثقة وسياسة تمييز
يسود جو من انعدام الثقة تجاه الحكومة بين السكان البدو في شمال سيناء، وذلك منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك ووسط مضايقات الشرطة والتمييز في التنمية الاقتصادية.

وكان متوسط نصيب الفرد من الدخل في شمال سيناء في فترة 2007-2008 نحو 8884 جنيه مصري (1444$)، أي 30 في المئة أقل من جنوب سيناء، وأقل من المتوسط الوطني الذي يبلغ 10246 جنيه مصري، وفقاً لتقرير التنمية البشرية لمصر عام 2010.

وقال عمر عاشور، المحلل في جامعة إكستر في المملكة المتحدة إن مرسي يحاول تهدئة المصريين المعترضين على سياساته، لكن لا يمكن إغفال احتمال أن تندلع الاحتجاجات في غزة. وأضاف: "الوضع لا يزال هشّاً للغاية. عدم الاهتمام بغزة قد يؤدي إلى موجة جديدة من التصعيد".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف