قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تعددت التسميات والهدف واحد "دول خليج موحدة"، هذا ما أجمع عليه عدد من المحللين السياسيين خلال حديثهم لـ"إيلاف"، متناولين فيه محاور نقاش القمة الخليجية المقبلة في المنامة بين الواقع والمأمول" .
الرياض: يجتمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي الاثنين المقبل في العاصمة البحرينية المنامة لعقد قمتهم الخليجية الثالثة والثلاثين في ظل أزمات سياسية معقدة تمر بها المنطقة العربية.وفي هذا الصدد، قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد اللطيف الزياني إن قمة المنامة لن تناقش مقترح تحويل مجلس التعاون إلى اتحاد خليجي، لكنها ستعرض على الزعماء الخليجيين ما وصل إليه النقاش في شأن هذا الموضوع.وأقرّ بأن القمة تأتي في توقيت تمر فيه المنطقة بظروف صعبة، مؤكداً على أن قمة المنامة الخليجية ستعطي الأولوية للنظر في حقوق المواطن الخليجي وأمنه واستقراره.
قمة التحدياتيقول أستاذ إدارة الأزمات وحل الصراعات الدولية الدكتور أحمد بن عبدالله الباز لــ "إيلاف" الوصف الذي أشار إليه أمين عام المجلس عندما وصفها بقمة التحديات - في واقع الحال -يحمل الكثير من الصواب.وقال الباز: "هذه التحديات و الصعوبات التي أشار إليها الأمين العام هي نتاج إرث ثقيل وجد المجلس نفسه فيه طيلة عمره الذي يتجاوز - تقريباً - الثلاثة عقود. فالجغرافيا، والديموجرافيا، والاقتصاد، والصراع الإقليمي، والتنافس الدولي على المنطقة من الأسباب الرئيسة التي سببت وتتسبب في خلق هذه الأجواء". ويرى الباز أن المحرك الرئيس لهذه التحديات كان "خارجي" الطابع فيما مضى، أما اليوم، فيقول:بـ"التحديد منذ مطلع العام الماضي (2011)، فقد أخذ طابعاً داخلياً أيضاً. التعامل مع هذا التحدي سيكون - بالطبع - شأناً داخلياً وسيادياً، ولكن إفرازاته السلبية فيما لو تدهورت الأوضاع في أي دولة عضو فستكون - ولا شك - التعامل معه جماعياً، لأن أمن دول المجلس - كما يتردد - كل لا يتجزأ. والتعامل مع الحالة في البحرين دليل على ذلك".ويعتبر الباز أن أجندة القمة مثقلة بالملفات الساخنة، مبيناً أن التحدي الأكبر للمراقبين وصناع القرار في دول المجلس على حد سواء يكمن في "ترتيب هذه الموضوعات على سلم الأولويات". ولفت الباز إلى أن دول المجلس محاطة بحزام من عدم الاستقرار من كل الجهات، مؤكداً أن التحدي الإيراني ما زال حاضراً بصورة أقوى في السنوات الأخيرة من خلال إصرار إيران على مواصلة احتلال الجزر الإماراتية، إلى المضي في برنامجها النووي العسكري.أما الوضع في العراق، يرى الباز أن حكومة المالكي غير قادرة على العبور بالبلاد إلى بر الأمان. وحول اليمن، يوضح الباز أن المجلس يواجه جنوباً يمنياً يعاني من تداعيات ثلاثين عاماً من الفساد الإداري والاقتصادي و الإقصاء السياسي والحرمان الاجتماعي، حيث شكلت بؤرة إرهاب و مصدر تهديد لدول المجلس على حد قول الباز.وقال: "اليمن و العراق سيظلان يشكلان هاجساً أمنياً لدول المجلس لفترة زمنية لكونهما لا يزالان يشكلان ملاذاً أمناً لجماعات إرهابية تشكل خطراً على أمن دول المجلس".وتناول الباز الأردن وما يواجهه من أزمة اقتصادية خانقة وشارع لا يهدأ ويفتقر لقيادة شبيهة بقيادة ملكه الراحل لإخراجه من أزمته الراهنة. ونوّه "الأمن الأردني هو امتداد لأمن واستقرار دول الخليج".أما الوضع في سوريا، لفت الباز إلى أن دول الخليج تراقب ما يجري و ساهمت بصور متعددة في حل الأزمة السورية، وليس بعيداً يقف الباز عند مصر التي لم تستقر سياسياً كما يرى، مشيراً إلى أنهالا تزال في بداية تنفيذ برنامجها الإصلاحي.
بالغة الحساسية والدقةوزاد الباحث والمحلل السياسي الدكتور عبدالله الشمري في حديثه مع "إيلاف"، بوصف القمة الخليجية بالبالغة "الحساسية والدقة"، إضافة إلى عبارات حساسة اقليمياً ودولياً، وتوقع الشمري أن يمثل الوضع الداخلي الملف الأول في ظل وصول شظايا الربيع العربي لدول المجلس على حد قوله، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن أمن الخليج سيمثل محوراً أساسياً في القمة الخليجية وخاصة بعد حدوث متغيّرات رئيسة في ظل تطورات سياسية وعسكرية غير جيدة أبرزها تزايد فرص التهديد الايراني واحتمال قرب حدوث مصالحة اميركية ايرانية واوضاع تتجه للأسوأ في اليمن، والذي يتعرض لمخاطر(الحوثيين والحراك الجنوبي والقاعدة ).وقال الشمري: "يجب على دول المجلس أن تعي أن انفجاراً للاوضاع في اليمن سيدخلها في وضع صعب جداً وخاصة السعودية وسلطنة عمان، كما أن اشتعال الأزمة السورية وعدم وضوح الرؤية السياسية في مصر وحدوث تغيّرات على المزاج الشعبي في الأردن وكل هذه الأحداث ستكون لها انعكاسات واضحة وملموسة على الأمن الإقليمي الخليجي. وحول مستقبل دول مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة الأميركية، قال الشمري: "يجب الأخذ في الحسبان أن قوة الولايات المتحدة أخذت في الانحسار بعد الازمة الاقتصادية 2008م حيث نحت واشنطن باتجاه النأي بنفسها عن الخليج مما يجعل المتغيّر في علاقة بعض دول الخليج المتناقصة مع واشنطن أميركيًا وليس خليجياً بالأساس". وأوضح: "يجب التوفيق بين مصالحها كتكتل خليجي في الحفاظ على علاقات وثيقة بين واشنطن وبين مصلحتها في تعزيز علاقتها مع دول مرشحة للعب دور أكثر تأثيراً في معادلة الأمن الخليجي مثل الصين والاتحاد الأوروبي والهند".وعن العلاقات الروسية الخليجية والروسية العراقية، يقول الشمري: "شهد العام 2012م توتراً خطيرًا في العلاقات الخليجية الروسية (وخاصة مع السعودية وقطر) بسبب الموقف من سوريا كما زاد التقارب الإيراني والعراقي - الروسي". ويكمل الشمري حديثه محذراً من أي محاولات لتقسيم العراق سيكون لها أثر على الداخل الخليجي: "لابد من دفع تعزيز دمج المواطنين الخليجيين من الشيعة في النسيج الوطني للبلاد, وذلك درءاً لأي احتمالات باستقطاب شيعي-سني في المنطقة في ضوء تطور الأوضاع في العراق".ويطالب الشمري قمة المنامة بالنظر في اختلال التركيبة السكانية في دول مجلس التعاون على اعتبار أنها جزء من معادلة الأمن في الخليج. اذ يتواجد اكثر من 17 مليون عامل أجنبي، يمثل العرب نسبة قليلة منهم، وتصل نسبة الوافدين في بعض المجلس إلى 71%.وفي نهاية مداخلته مع ايلاف يقول الشمري: "يجب على دول المجلس أن تتعامل بحكمة وبرجماتية سياسية مع حركات الاسلام الجديد التي وصلت للسلطة بإرادة شعبية في عدد من الدول العربية وأن تخفف من التلاسن الاعلامي مع حركة الإخوان".
تعميق التعاون والتكامل بين دول الخليج العربي وأكد الدكتور وليد بن نايف السديري، المشرف على برنامج السياسة العامة في جامعة الملك عبدالعزيز لــ"إيلاف" على ضرورة تعميق التعاون والتكامل بين دول الخليج العربية ومجتمعاتها وأنه مطلب استراتيجي أساسي أكثر إلحاحًا، وذلك لحماية المصالح المشتركة لهذه الدول وصون استقرارها ومكتسباتها التنموية ومعالجة تحدياتها المستقبلية، خاصة مع تسارع الأحداث والتحولات في المنطقة وتزايد التعقيدات والضبابية في توجهات السياسة الدولية. واكد السديري أن تعميق التعاون الخليجي لا يخدم مصالح دوله ومجتمعاته فقط، بل هو يدعم بقوة مصالح الدول والمجتمعات العربية. فاستقرار ونمو الخليج وتعاونه، يوفر سنداً ودوراً قيادياً سياسياً واقتصادياً للأمة والقضايا العربية، وفي مرحلة هي في أمس الحاجة اليه، وذلك نتيجة لما تمر به مجتمعات ودول عربية رئيسية من ظروف صعبة وعدم استقرار. كما أن تعميق التعاون الخليجي يوفر أيضًا أمل ونواة عملية لإحياء وتوسيع العمل العربي المشترك (وذلك بافتراض تعاون الدول العربية لتحقيق ذلك).وعن تعميق التعاون يكمل السديري حديثه ويقول: التعاون الخليجي مطلب دولي، وخاصة لتلك القوى الراغبة في تحقيق التنمية وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. فسياسات دول الخليج (وفي مقدمتها السعودية) مشهود لها بالاعتدال والدور الإيجابي البناء في القضايا الإقليمية والدولية، ويقدم دورها الإيجابي في اليمن وفي دعم المجتمع السوري ومجتمعات "الربيع العربي" مثالاً حياً، لجهود مستمرة تسعى باتجاه الاستقرار والتنمية والتعاون العربي. وكذلك هو الحال بالنسبة لدورها الإيجابي في تأمين وتوازن أسواق الطاقة، وفي حركة الاقتصاد العالمي. وعن قمة المنامة يقول السديري: من المتوقع أن تغلب على جدول أعمال قمة المنامة الخليجية (وهي القمة رقم ٣٣)، المواضيع الاعتيادية التي تتعلق بمتابعة العمل الخليجي المشترك في مجالاته المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والدفاعية، وهي تمثل استمرار وتراكم الخطوات السابقة، في مسيرة بطيئة وهادئة، لا ترقى لمستوى الطموحات والتطلعات؛ إلا أنها من زاوية أخرى، مسيرة عقلانية وواثقة تنسجم مع الواقع وما يمكن تحقيقه بتوافق الأعضاء، وهي مسيرة لا تندفع بالشعارات والقفزات غير المدروسة والمحتومة بالفشل المهدد لكامل الكيان والتجربة. ويكمل : وفي هذا الصدد، أشير الى ما حققته دول المجلس من خطوات نوعية مهمة لطريق واعد - ولو أنها مرة أخرىما زالت دون المأمول والمطلوب - آخرها اتمام حلقة الربط الكهربائي بينها، وسعيها الى انشاء شبكة قطارات وربط مائي بين محطات التحلية. وهي أمور اساسية - وأهميتها لا تخفى - في ايجاد بنية تحتية مشتركة وثابتة تعزز فرص استمرارية التعاون، وذلك بالإضافة الى استمرارها في تعزيز تنسيقها الأمني والدفاعي والمجالات التنموية الأخرى. ويرى الدكتور وليد السديري أن النقلة النوعية للتجربة التكاملية تتحقق فعلاً، عندما يتم اقرار وتفعيل "الاتحاد الخليجي"، والذي اتضح بأن موضوع إقراره لن يطرح في هذه القمة، بل سيترك لقمة خليجية تعقد في الرياض في منتصف العام القادم. ورغم أن طبيعة وحدود هذا "الاتحاد" لم تتحدد بعد، إلا أنه - وكيفما تم تطبيقه وسواء بجميع الدول الاعضاء أو بمن هو جاهز منها - سينقل المسيرة الخليجية مسافة كبيرة للإمام ويعزز فرصها في السير نحو المزيد من التكامل. وهذا الأمر يترقب تفاصيله الجميع، وهو ليس بالأمر الهين حيث تواجهه العديد من الصعوبات والتحديات، ويحتاج الى تقديم التنازلات المتبادلة والنظر لفوائده خاصةفي إطار استراتيجي على المدى البعيد. وآمل أن تأتي صيغة هذا الاتحاد بنموذج تكامل خاص، يتلاءم مع ظروف وطبيعة مجتمعات ودول الخليج، ولا يكون استنساخاً لنماذجمستوردة نمت في ظروف وبيئات مختلفة. وعن حساسية المرحلة والتهديدات التي تحيط بالخليج يقول السديري:تبرز في هذه المرحلة - بصفة خاصة - التهديدات الخارجية، الناتجة عن السياسة التوسعية الإيرانية والاضطرابات التي تشهدها عدة دول عربية وأطماع القوى الدولية، وما يتبعها من مخاطر الصراعات والحروب الإقليمية. وهو ما يستوجب توحيد الموقف وتكامل السياسة الخارجية الخليجية لمواجهة هذه التحديات الماثلة. ودول المجلس قطعت شوطاً جيدًا في هذا الإطار، خاصة تجاه الأزمتين اليمنية والسورية، والوضع يتطلب المزيد من التوحد والتنسيق الجماعي تجاه القضايا الأخرى، فهو الضمانة لدور وتأثير خليجي فعّال يحقق المصالح العليا. ومن الضروري تجنب السياسات الإنفرادية والضيقة لبعض الدول في تحركها تجاه بعض القضايا الإقليمية.وفي نهاية مداخلته مع ايلاف يأمل الدكتور وليد السديري أن تلتفت القمة الى أهمية توسيع أطر التفاعل بين الدول الأعضاء لتشمل النخب ومختلف القيادات المجتمعية، وعدم الاقتصار على اللقاءات الرسمية والحكومية (رغم أهمية استمرارها والتوسع فيها). وكذلك الاهتمام بتوسيع هياكل ومؤسسات مجلس التعاون وتوفير الموارد اللازمة لها وتطوير ادواتها وقدراتها في المبادرة والعمل الذاتي لتعزيز فاعليتها في دفع عملية التعاون. كما أن انشاء هيئة استشارية للمجلس تضم الكفاءات من أبناء الدول الأعضاء، يفتح جهود المجلس للمشاركة المجتمعية ويعزز مسيرته باتجاه تحقيق التكامل.
الدول الخليجية المتحدةويتساءل الدكتور والمحلل السياسي خالد محمد باطرفي،قائلاً: "نجد انفسنا امام ملفات متضخمة وقصة متصلة وازمات متواصلة، فما الجديد؟"والإجابة يقولها لــ "إيلاف": "لعل الأجدى هي الملفات الداخلية. فالربيع العربي تفاعل مع معطيات محلية ودولية ليخلق أزمات مستجدة، وإن لم تكن جديدة".وعن الأزمات الداخلية الخليجية، يرى باطرفي أن الازمة الكويتية هي امتداد للتفاعل والتجاذب الديمقراطي منذ الاستقلال، لافتاً إلى أن "الحراك الديمقراطي في بقية دول الخليج ليس بجديد ايضًا، وإن تبدلت الوجوه وتغيّرت الأساليب".وعن السياق ذاتهيكمل باطرفي: "إن المعالجات تكاد تكرر نفسها وتخرج بالنتائج ذاتها. ولكي نخرج من هذه الدائرة المغلقة اقترح أن نغيّر آلية التعامل مع الازمات، فبدلاً من أن نواجهها ككيانات متعددة، نتعامل معها ككيان واحد .. متحد تحت مسمى "الدول الخليجية المتحدة".وختم بالقول: "وليكن كيانًا فيدراليًا على الطريقة الاميركية والروسية او كونفدراليا على النسق الاوروبي، المهم أن نتجاوز مرحلة دول يجمعها مجلس تعاوني وتنسيقي غير ملزم الى دولة اتحادية تدير الازمات برؤية وموقف وسياسة واحدة. هذا هو الجديد. ولعل فيه يكون الخروج امام التحديات المزمنة، بآلية غير مسبوقة .. أقوى وأكبر وأنجع".