ليبيا ترتب بيتها الأمني وتستحدث وحدة لحماية البعثات الدبلوماسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بعد أن نالت الهجمات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت بعثات دبلوماسية في ليبيا من مصداقية القيادة الجديدة، تجري هذه الأخيرة إعادة ترتيب لوحداتها الأمنية مستحدثة وحدة لحماية البعثات الدبلوماسية.
لندن: تعتزم السلطات الليبية تشكيل وحدة متخصصة بحماية البعثات الدبلوماسية في إطار عملية أوسع، لإعادة بناء الأجهزة الأمنية، كما أفاد مسؤولون ليبيون مطلعون على خطط الحكومة في هذا المجال. وتأمل ليبيا في أن تسهم هذه المشاريع في وقف الانتقادات الدولية بشأن ردّها على الهجمات التي استهدفت مصالح أميركية في الأراضي الليبية.
الإرهاب كشف الخلل
وكانت أعمال العنف التي أوقعت ضحايا في 11 ايلول (سبتمبر) الماضي كشفت عن وجود خلل في عمل الأجهزة الأمنية الليبية التي كثيراً ما لا تكون لقادتها سيطرة تُذكر على ممارسات أفرادها، ولم يتسن لها أن تختبر ولاء أو قدرات آلاف المجندين الجدد الذين انخرطوا في قوى الأمن الليبية منذ سقوط نظام القذافي.
كما نالت هذه الهجمات من مصداقية القيادة الليبية الجديدة أمام المجتمع الدولي، الذي اتخذ قبل أقل من عامين موقفاً موحداً في مساعدة المعارضة والمنشقين عن النظام على إسقاط القذافي.
الترتيبات الجديدة لن تحقق الأمن المطلوب
ويستبعد مراقبون أن تبدد المشاريع الجديدة الشكوك المستمرة في قدرة الحكومة الجديدة على تحقيق الأمن على المدى القريب، لأن المسؤولين الذين أعدوا هذه المشاريع لم يرصدوا حتى الآن الموارد اللازمة لبناء كادر الوحدات الأمنية الجديدة وتدريب عناصرها.
وكان مسؤولون أميركيون انتقدوا مؤخرا قوى الأمن الليبية بوصفها ضعيفة التدريب والانضباط، قائلين إنها تتحمل قسطاً من المسؤولية عن الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي ومقتل السفير كريستوفر ستيفتز وثلاثة اميركيين آخرين في الهجوم. وتعرضت وزارة الخارجية الأميركية ايضا للانتقاد عندما أشار تقرير فريق مستقل للتحقيق في ما حدث إلى "اخفاقات منهجية" في الرد على التهديدات الأمنية المتزايدة ضد الأميركيين في ليبيا.
أوروبا تحذو حذو أميركا
وسارعت واشنطن في 12 ايلول (سبتمبر) إلى إجلاء سائر الموظفين الأميركيين من بنغازي، ثم قامت بتخفيض عدد العاملين في سفارتها في طرابلس. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن اثنين من الدبلوماسيين الأجانب في ليبيا إن ثلاث حكومات أوروبية على الأقل تفكر حاليا في غلق بعثاتها الدبلوماسية في ليبيا، بسبب ما وصفه العديد من الدبلوماسيين الأجانب بتخبط قوى الأمن في الرد على هجمات بنغازي وغياب الخيارات الأمنية الفاعلة لدى بعثاتهم.
وعلى غرار الأميركيين في بنغازي، فإن غالبية الدبلوماسيين الأجانب يعتمدون على ميليشيات ليبيبة ذات ارتباط رخو بالحكومة المركزية لحماية مكاتبهم وأماكن سكنهم، وهو وضع قال كثير من الدبلوماسيين الأجانب العاملين في ليبيا إنه لا يبعث على الارتياح.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن دبلوماسي في بنغازي "أنا أقول لحكومتي إني لا استطيع ان أَأتمِنَ على حياتي حارساً يأتي إلى العمل متأخرا ويغادر مبكرا".
المحققون غير مؤهلين
ومن أسباب التشاؤم بقدرة الأجهزة الأمنية الليبية، عدم إحراز تقدم حتى الآن في العثور على المسؤولين عن الهجوم على الأميركيين.
وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الحادث، يقول قادة أمنيون ليبيون في بنغازي إنه من المستبعد العثور على منفذي الهجوم على القنصلية الأميركية، بسبب عدم توفر المحققين المؤهلين وعدم كفاءة جهاز الاستخبارات الذي يحتاج إلى إعادة بناء بعد سقوط القذافي العام الماضي.
ويقول هؤلاء القادة الأمنيون إنهم يعتقدون أن إسلاميين متطرفين خططوا ونفذوا الهجوم على القنصلية الأميركية، ولكن ليس لديهم أدلة دامغة ضد أفراد محدَّدين ولا يوجد مشتبه بهم رهن التوقيف حاليا.
وقال ابراهيم البرغثي، قائد الأمن الوقائي في بنغازي "نحن تابعنا المعلومات التي لدينا ولكن هناك ثغرات. فإن الظن حول مسؤولية الشخص وإثباتها أمران مختلفان. ولعل أفضل ما نستطيع أن نفعله هو التركيز على منع حدوثه مرة أخرى".
الهجمات وقعت في غمرة الصراعات
وأوضح مسؤولون ليبيون في طرابلس أن أسباب الرد البطيء على هجمات بنغازي، تكمن في العملية المضطربة بطبيعتها لإعادة بناء النظام بعد الثورة وان ليبيا في 11 ايلول (سبتمبر) كانت عملياً بلا حكومة بل كان رئيس الوزراء المكلّف حديثا وقتذاك، يحاول تشكيل حكومة جديدة. وفي غمرة الأخذ والرد والصراعات البيروقراطية لم يباشر وزير الداخلية الجديد مهامه إلا في 11 كانون الأول (ديسمبر)، علماً بأن وزارته هي المسؤولة عن حراسة القنصلية الأميركية في بنغازي.
برنامج إصلاح أمني للحفاظ على سمعة ليبيا
ولكن منذ بداية كانون الأول (ديسمبر) قدّم وزير الداخلية عاشور شوايل، ووزير الدفاع الجديد محمد البرغثي، وقادة الأجهزة الأمنية، إلى الكونغرس الوطني برنامجا لإصلاح قوى الأمن، مشيرين إلى قلقهم المتزايد بشأن انعدام الاستقرار في المدن الليبية المتباعدة وتردي سمعة ليبيا الدولية.
ويتعلق جوهر الإصلاحات المقترحة بقضايا بنيوية مثل تنظيم الهيكل الفوضوي لقوى الأمن الموروث من نظام القذافي وترشيق جهاز دولته البوليسية المتضخم.
واقترح شوايل على سبيل المثال تقليص قوى وزارة الداخلية إلى 35 وحدة من 55 وحدة مع مراجعة رواتب المسؤولين الإداريين القدامى لوقف الرواتب التي يتقاضاها أشخاص مسجلون في جهاز الدولة دون تولّيهم مراكز وظيفية فاعلة.
وتركز المقترحات الجديدة أيضا على ضرورة استحداث وحدة متخصصة بحماية السفارات الأجنبية وغيرها من المؤسسات الحساسة، كما أفاد مسؤولون مطلعون على هذه المقترحات.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن قائد الأمن الوقائي ابراهيم البرغثي ومسؤول آخر مطلع، أن الوحدة الأمنية الجديدة لحماية السفارات ستكون تابعة للقوات المسلحة الليبية ومسؤولة أمام قائد الجيش. ويتولى رئاسة أركان القوات المسلحة الليبية حالياً اللواء يوسف المنقوش.
وأشاد أعضاء المؤتمر الوطني الليبي بالمقترحات، ولكنهم قالوا إن الإطار الزمني لتنفيذ الإصلاحات ليس واضحاً. ولاحظ ثلاثة مسؤولين اطلعوا على المقترحات أن الوزراء المعنيين لم يرصدوا ميزانية لمشاريعهم ولم يبينوا كيف يعتزمون تمويل الإصلاحات أو تدريب الوحدات الجديدة، ومنها وحدة حماية البعثات الدبلوماسية.