برلوسكوني "قصة نجاح" انتهت بهزيمة قاسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
روما: بعدما بنى امبراطورية هائلة، حكم سيلفيو برلوسكوني إيطاليا عشر سنوات في "قصة نجاح" انتهت برحيله وسط شتائم وهتافات ضد "الفارس" الذي أنهكته فضائح جنسية ومشاكل قضائية.
ولد برلوسكوني في 29 ايلول/سبتمبر 1936 في ميلانو (شمال ايطاليا) لدى عائلة موظف مصرفي، واظهر باكرًا موهبة في مجال الاعمال والتواصل مع الناس.
ويعترف برلوسكوني الذي يتمتع بذكاء حاد وخيال واسع، بأن لديه عقدة التفوق على الاخرين. ويصفه المعلق السياسي سيرجيو ريتسو بانه "من الاشخاص الذين يريدون ان يكونوا العروس في كل عرس والميت في كل جنازة".
وقد عمل برلوسكوني لفترة مغنيًا في علب الليل وعلى السفن المتخصصة في رحلات الترفيه. وفي نهاية الخمسينات كان يبيع مكانس كهربائية ونال في 1961 شهادة في الحقوق، وجمع ثروته من العقارات عبر بناء مجمعات سكنية قرب مسقط رأسه.
وعبر تجهيز هذه المساكن بالقنوات التلفزيونية المشفرة، وضع اللبنة الثانية في ثروته: الامبراطورية التلفزيونية "ميدياسيت" التي تدخل قنواتها الثلاث اليوم منازل جميع الايطاليين. لكن هذا النجاح لم يتحقق من دون اتصالات كثيفة بعالم السياسة والمال خصوصًا حين وطّد برلوسكوني علاقته ببيتينو كراكسي، رئيس المجلس الاشتراكي في الثمانينات الذي اصبح مرشده قبل فضيحة عام 1993 اضطرته للرحيل الى تونس، حيث توفي.
وعلى غرار اي ثري ايطالي، ارتبط اسمه بنادي كرة قدم ووقع اختياره على نادي ميلان الذي انقذه عام 1986 من الافلاس، وجعله احد ابرز النوادي في اوروبا. ونجح برلوسكوني في ان يحتل طوال عشر سنوات المرتبة الاولى لاصحاب الثروات الكبرى في ايطاليا قبل ان تؤثر عليه تقلبات البورصة، لكنه لا يزال يحتل المراتب الخمس الاولى. ودخل برلوسكوني في 1994 المعترك السياسي، وخلال اسابيع شكل حزب فورتسا ايطاليا.
وبعدما تحالف مع الفاشيين الجدد في الحركة الاجتماعية الايطالية بزعامة جان فرانكو فيني والشعبويين في رابطة الشمال التي يتزعمها اومبرتو بوسي، فاز برلوسكوني في الانتخابات التشريعة في نيسان/ابريل 1994. وانهارت حكومته بعد سبعة أشهر مع انسحاب حلفائه منها.
وفي 2001 تولى مجددًا منصب رئاسة الحكومة حتى نيسان/ابريل 2006. وبعد خمس سنوات في السلطة هزم في الانتخابات التشريعية على يد خصمه اليساري رومانو برودي الذي لم ينجح في الحفاظ على وحدة ائتلافه ما سمح لبرلوسكوني بالعودة الى سدة الحكم في 2008.
ويواجه برلوسكوني متاعب عديدة مع القضاء في قضايا فساد. ولا يزال يحاكم في ثلاث قضايا، لكنه لم يدن ابدًا، وبرئ على الدوام، او "اطلق سراحه لعدم كفاية الادلة". ويعلق برلوسكوني القصير القامة اهمية كبرى على مظهره، وقام بعمليات زرع شعر، واجرى عملية تجميل في العينين.
وتتصدر قضية "روبي غيت" وسائل الإعلام منذ اسابيع، بعد نشر عشرات المحادثات الهاتفية بين مجموعة من الشابات ومنظمي سهرات فاحشة في منازل برلوسكوني. ويتهم برلوسكوني بإقامة علاقة مع مغربية قاصر تدعى كريمة المحروق ملقبة بروبي، مقابل مال واستغلال منصبه للافراج عنها بعد توقيفها في ايار/مايو بتهمة السرقة.
وهي ثالث فضيحة جنسية يتورط فيها برلوسكوني بعد فضيحتي نويمي (ايار/مايو 2009) القاصر التي كلفته علاقته بها طلب طلاق من زوجته، واداريو (حزيران/يونيو 2009) المومس التي روت تفاصيل ليلة قضتها معه.
وبعدما المّت به وعكة صحية في تشرين الثاني/نوفمبر 2006، خضع برلوسكوني في كانون الاول/ديسمبر لعملية لوضع جهاز ينظم ضربات القلب في الولايات المتحدة. كما اجريت له في 1997 عملية جراحية بعد اصابته بسرطان البروستات. وفي كانون الاول/ديسمبر 2009 القى مختل عقليًا مجسمًا لكاتدرائية ميلانو على وجه برلوسكوني، فأصيب بكسر في الانف والاسنان.
وامس السبت، سلم رجل الاعمال الثري الذي يملك امبراطورية اعلامية واتهم بالاضرار بمصداقية البلاد، استقالته بعد تبني البرلمان اجراءات اقتصادية تهدف الى طمأنة الاسواق والشركاء التجاريين لإيطاليا.
وقبل نابوليتانو استقالة "الفارس" الذي اضطر لمغادرة القصر الرئاسي من باب خلفي، لأن المتظاهرين الذين تجمعوا امام المدخل الرئيس للقصر كانوا يصفقون فرحًا، ويرددون هتاف "مهرج مهرج". وقبل ساعة من ذلك استقبله الحشد بهتافات "مافيا!" و"عار!" و"السجن!" و"الربيع الربيع (بريمافيرا بريمافيرا)" في اشارة الى الحركات الاحتجاجية العربية. وتزوج برلوسكوني مرتين، وله خمسة اولاد، وعدد من الاحفاد.
مغامرات برلوسكوني مع القضاء الايطالي ما بين تبرئة وتقادم
- 1994: فساد شرطيين. في 1997 حكم في البداية على برلوسكوني بالسجن 33 شهرا بتهمة دفع رشاوى الى الشرطة المالية. وتم تبرئته في الاستئناف في ايار/مايو من العام 2000 بسبب التقادم، وهو قرار ثبتته محكمة التمييز في تشرين الاول/اكتوبر 2001.
- 1995: الغش في الميزانية. استفاد برلوسكوني من مبدأ السقوط بالتقادم في تشرين الثاني/نوفمبر 2002 بعد ان اتهم بتمويل صندوق اسود لشراء ناديه ميلانو اللاعب في كرة القدم جان لويجي لنتيني بفضل قانون لا يعاقب على الغش في الميزانية صوتت عليه غالبيته في البرلمان.
- 1995: استفاد من مبدأ السقوط بالتقادم بعد اتهامه بالتهرب الضريبي لدى شراء فيلا فخمة في ماكيريو قرب ميلانو.
- 1995: في كانون الاول/ديسمبر 1997 حكم على برلوسكوني في البداية بالسجن 16 شهرا بتهمة الغش في الميزانية لدى شراء شركة ميدوزا للتصوير السينمائي. وتمت تبرئته في الاستئناف في شباط/فبراير 2000 وهو قرار ثبتته محكمة التمييز في تشرين الاول/اكتوبر 2001.
- 1995: في تموز/يوليو 1998 حكم عليه في البداية بالسجن 28 شهرًا بتهمة تمويل الحزب الاشتراكي الايطالي عبر شركة "اول ايبيريان" الاوف شور بطريقة غير مشروعة. في تشرين الاول/اكتوبر 1999 يصدر في الاستئناف قرار بالتقادم وفي العام 2000 تثبت محكمة التمييز هذا الحكم.
- 1996: تمت تبرئته في ايلول/سبتمبر 2005 في شق ثان من قضية "اول ايبيريان" بتهمة الغش في الميزانية.
- 1998: اتهم برلوسكوني برشوة قاض لدى شراء فينينفست دار نشر موندادوري وحكم عليه في البداية لكنه استفاد من التقادم في الاستئناف.
- 1998: اتهم برشوة قضاة لمنع اعادة شراء شركة اس ام اي العامة للمنتجات الغذائية في 1985 من قبل الصناعي كارلو دوبنيديتي. وبرأت محكمة التمييز برلوسكوني نهائيا في تشرين الاول/اكتوبر 2007.
- 2012: قضية ميلز (رشوة شاهد) التي يصدر فيها الحكم اليوم، ويشتبه في ان برلوسكوني طلب من محاميه البريطاني السابق ديفيد ميلز تقديم شهادة مزورة مقابل 600 الف دولار في قضيتين في تسعينات القرن الماضي.
ويحاكم برلوسكوني حاليًا في:
- قضية ميدياسيت (التهرب الضريبي والغش في الميزانية): هو متهم بالتهرب الضريبي والغش في الميزانية لتضخيم اسعار حقوق بث الافلام اشترتها شركات وهمية يملكها، لدى اعادة بيعها لمجموعة ميدياسيت.
- ميدياترايد: يشتبه في ان برلوسكوني استغل الثقة في اطار شراء ميدياترايد-ار تي آي التي يملكها، لحقوق تلفزيونية. وسيقرر القاضي ما اذا يجب رفع هذا الملف الى القضاء. وفي 28 اذار/مارس مثل برلوسكوني امام المحكمة، وهذا ما لم يفعله طوال 8 سنوات.
وكانت الملفات الثلاثة جمدت في ربيع 2010 بعد صدور قانون يمنحه حصانة قضائية لمدة 18 شهرا. لكن هذه الحصانة سحبت منه جزئيا في 13 كانون الثاني/يناير، وعليه الان ان يبرر في كل مرة ان لديه "سببا مشروعا" للتغيب عن الجلسات.