وكالة الطاقة الذرية تواجه مأزقًا بشأن الملف النووي الإيراني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سيكون البرنامج النووي الإيراني، الذي تؤكد طهران أنه محض مدني، ويشتبه الغرب في أنّه يخفي شقًا عسكريًا، محور اهتمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية المضطرة إلى التحرك بشكل أو بآخر في غياب أي تقدم في هذا الملف.
فيينا: ترى الدول الغربية أن مجلس حكام الوكالة، الذي سيجتمع من الخامس إلى التاسع من آذار/مارس، يجب أن يضرب بقوة من جديد بحدود إمكانياته في مواجهة ما يعتبرونه رفضًا مستمرًا من طهران بالتعاون لإزالة الشكوك المحيطة بطبيعة البرنامج، كما ذكرت مصادر دبلوماسية في فيينا مقر الوكالة. وهي تسعى إلى قرار جديد يدين إيران، كما في تشرين الثاني/نوفمبر أو على الأقل بيان حازم يتضمن تأنيبًا لها.
وقال دبلوماسي غربي طالبًا عدم كشف هويته "نحن واثقون بأن القرار يمكن أن يشكل وسيلة مفيدة لتعزيز ما قاله مجلس الحكام في اجتماعه في تشرين الثاني/نوفمبر عبر التأكيد على عجلة القضية".
وكان المدير العام للوكالة الياباني يوكيا أمانو أشار في تقريره في شباط/فبراير إلى "خلافات كبرى" بين الوكالة والجمهورية الإسلامية حول طريقة تسوية القضايا العالقة، وأعاد بذلك فعليًا الكرة إلى ملعب الدول الـ35 الأعضاء في مجلس الحكام المفوض تحديد الطريق الواجب اتباعه.
وقالت مصادر دبلوماسية إن روسيا والصين، اللتين تتبنيان موقفًا أكثر ليونة حيال إيران، ستشككان على الأرجح في مدى ضرورة تبني قرار.
وكانت الوكالة نشرت في تشرين الثاني/نوفمبر تقريرًا، كان الأقسى بعد ثمانية أعوام من التحقيقات التي أجرتها في إيران، يعزز شكوك الغرب وإسرائيل في وجود بعد عسكري للبرنامج النووي الإيراني. ورفضت طهران من جديد هذا التقرير. إلا أن المجلس تبنى قرارًا يدعو طهران إلى التعاون من دون تأخير لتوضيح النقاط التي لم تحلّ والمدرجة في التقرير.
وكان مصدر دبلوماسي أعلن في نهاية شباط/فبراير في فيينا أن الوكالة الدولية تمتلك صورا التقطتها الاقمار الصناعية تؤكد وجود أنشطة في موقع برشين العسكري شرق طهران، لكنها لا تستطيع تحديد طبيعة هذه الانشطة.
وخلال اجتماع تحضيري لمجلس الحكام الاسبوع الماضي، كشف رئيس بعثة لمفتشي الوكالة ارسلت الى طهران هرمان ناكرتس صورا التقطتها الاقمار الصناعية لقاعدة برشين، التي منع وفده من زيارتها خلال وجوده في ايران في 20 و21 شباط/فبراير.
وقال موظف كبير في الوكالة الدولية طالبًا عدم الكشف عن هويته في الأسبوع الماضي "راقبنا الموقع بوساطة صور التقطتها الأقمار الصناعية، ولم نلاحظ أي عملية تنظيف". ونفت طهران أي نشاط نووي في قاعدتها العسكرية في برشين.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية عن فريدون عباسي دواني رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية قوله "لا وجود لأي نشاط نووي في موقع برشين".
وأضاف أن "دراسة طلب زيارة (...) برشين تعود إلى المسؤولين العسكريين في البلاد"، وذلك ليفسر لماذا لم يسمح لوفد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي زار طهران مرتين في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير، التوجه إلى هذا الموقع.
وفي تقريرها الأخير في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، أشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى وجود مستوعب مشبوه في هذه القاعدة في ضاحية طهران، قد يكون استخدم في اختبار نماذج تفجيرات يمكن تطبيقها على أسلحة ذرية.
وأكد ممثل إيران لدى الوكالة الذرية علي أصغر سلطانية مرارًا أن مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد يزورون هذا الموقع، لكن ذلك لا يمكن أن يتم إلا "في إطار محدد" يورد الأماكن التي يرغبون في زيارتها داخل برشين.
وفي 2006، تمكن وفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية من زيارة موقع برشين مرتين لتبديد شبهات حول استخدام مبنيين في الموقع. وأعلن عباسي دواني أن "مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن أن يزوروا كل المواقع النووية في البلاد" إذا أبلغوا عن ذلك "قبل ساعتين" فقط.
لكن لا "يوجد أي سبب لكي تقبل إيران أي طلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة" مواقع لم تعلنها طهران مواقع نووية للوكالة التابعة للأمم المتحدة.
النموذج الكوري الشمالي لا ينسحب على إيران
سياسة اليد الممدودة التي اعتمدتها إدارة أوباما أتت ثمارها مع كوريا الشمالية، التي وافقت على تجميد برنامجها النووي، لكن هذا النموذج لا ينسحب على ما يبدو على الحالة الإيرانية.
فبعد توتر استمر سنوات، أعلنت كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأربعاء، أن كوريا الشمالية وافقت، في مقابل الحصول على مساعدة غذائية أميركية، على تعليق أنشطتها النووية والبالستية، وعلى فتح أبوابها لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وحصلت هذه التسوية، فيما تعتمد إسرائيل سياسة الغموض حول نواياها حيال إيران، مهددة بشنّ هجوم وقائي على البرنامج النووي الإيراني.
وفيما سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الأميركي باراك أوباما الاثنين في واشنطن، حذر مسؤولون أميركيون من شنّ هجوم على الجمهورية الإسلامية. وأكد المتحدث باسم أوباما الأربعاء أن أي هجوم يستهدف إيران سيؤدي إلى "مزيد من عدم الاستقرار".
لكن إسرائيل ترفض أي مقارنة بين إيران وكوريا الشمالية. وقال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون الخميس للإذاعة الإسرائيلية إن بيونغ يانغ، التي أجرت أول تجربة نووية في 2006، "اجتازت حتى الآن عتبة القدرة النووية، وهذا بالتأكيد ما لا نرغب في أن يحصل في إيران".
لكن فيليب يون مدير صندوق بلوغشيرز الذي يتصدى لأسلحة الدمار الشامل، يجري مقارنة بين البلدين، اللذين سيعتبران القنبلة النووية ضمانة لبقائهما. وقال إن النظامين في طهران وبيونغ يانغ "يشعران بأن العالم يريد إزاحتهما. وطالما استمر هذا الشعور، سيقوم النظامان بكل ما في وسعهما للبقاء في الحكم ومقاومة محاولات إسقاطهما". وقال يون إن مهاجمة إيران "ستؤدي بالضبط إلى ما تسعى الدول الكبرى إلى تجنبه".
وفي مقابلة نشرتها الجمعة مجلة "أتلانتيك منثلي"، اعتبر أوباما أن إيران وكوريا الشمالية تشكلان "وضعًا مشابهًا". وأضاف "مارسنا أيضًا كثيرًا من الضغوط على كوريا الشمالية" لحملها على تعليق أنشطتها النووية. لكنه قال إنها "تواجه مزيدًا من العزلة، وهي بالتأكيد أقل قدرة من إيران على الاضطلاع بدور في منطقتها". وأضاف أوباما أن مخاطر حصول إيران بالتالي على السلاح النووي أمر "بالغ الخطورة".
وعندما تسلم أوباما مهام منصبه في 2009، كان عدد كبير من المسؤولين الأميركيين يراهنون على التوصل إلى اتفاق مع إيران، وليس مع كوريا الشمالية. وأجرت بيونغ يانغ تجارب على صواريخ بعيدة المدى وعلى قنبلة نووية ثانية في عهد أوباما.
لكن البيت الأبيض لاحظ منذ ذلك الحين، أن إيران لم ترد على دعواتها، ولم يتوقف عن المطالبة بفرض مزيد من العقوبات على طهران. وأشار جيمس أكتون من مركز "كارنيجي آنداومنت فور أنترناشونال بيس" للدراسات إلى أن كوريا الشمالية وإيران مختلفتان جدًا، لكن أوباما يطبق على البلدين استراتيجية التقدم بخطوات صغيرة. وقال إن "المشكلة هي أن إيران لا تريد التوصل إلى اتفاق".