رهان على استقطاب "الصوت الثالث" للأغلبية الصامتة في الجزائر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يرجّح محللو الشأن السياسي في الجزائر، بروز الصوت الثالث ممثلا بالأحزاب الجديدة في الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في العاشر آيار/مايو المقبل، ويُبرز مراقبون تحدثوا لـ(إيلاف) حظوظ أصحاب هذا الصوت في استقطاب مليوني شخص مما يُعرف محليا بـ"الأغلبية الصامتة".
الجزائر: وسط الحديث الدائر عن الأدوار التي سيلعبها "الائتلاف الحاكم"، وكذا "التحالف الإسلامي" المُعلن عنه قبل أيام تحت مسمى "الجزائر الخضراء"، تذهب تحليلات إلى أنّ قطاعا معتبرا من الجزائريين سينتصرون إلى صوت ثالث ستكون له كلمته في موقعة الربيع القادم.
بهذا الشأن، يبدي "حسين لقرع" و"أنيس بن مختار" ثقة بقدرة الصوت الثالث على تحقيق نجاحات كبيرة بعد 60 يوما من الآن، ويركّز لقرع وبن مختار على كون هذا الصوت سيبرز عبر بوابة الحزب الإسلامي الحديث النشأة "العدالة والتنمية" لزعيمه "عبد الله جاب الله"، حيث يتنبأ لقرع بقدرة التشكيلة المذكورة على نيل ما لا يقلّ عن مائة مقعد في البرلمان الجديد، تبعا للشعبية الكبيرة التي يتمتع بها قائد القوة الإسلامية الأولى في الجزائر خلال الفترة ما بين 2002 و2005.
يتصور لقرع أنّ حضور جاب الله أول استحقاق انتخابي في الجزائر هذا العام، سيغري الكثير ممن ظلوا يمتنعون عن التصويت لاعتقادهم أنّ نتائج الانتخابات "شكلية" و"محسومة"، ويجعلهم هذه المرة يراودون مكاتب الاقتراع.
المعطى هام بنظر محدثينا، لأنّ الأمر يتعلق بعشرة ملايين شخص رفضوا الانتخاب في السابق، ففي وعاء انتخابي يضمّ 21 مليون شخص، غاب تسعة ملايين عن آخر اقتراع، فيما فضّل مليون شخص الانتخاب بورقة فارغة (ملغاة)، وهو ما يمثل في المجموع قرابة نصف الناخبين.
بمنظور لقرع، يمكن لشخصية مثل جاب الله سبق له أن نال تأييد مليون شخص في تشريعيات 31 آيار/مايو 2002، أن يُفحم شريحة تستوعب بين مليون إلى مليوني ناخب إضافي بجدوى المشاركة، دون احتساب قدرات قوى أخرى جديدة كـ"القوى الاشتراكية"، "جبهة التغيير" و"الحرية والعدالة" في تجنيد جماهير بقت مصنفة في خانة "الأغلبية الصامتة".
على النقيض، لا يمنح لقرع وبن مختار أي حظ للائتلاف الحاكم ونظيره الإسلامي، حيث ينعتان الأحزاب المنتمية إليهما بــ"الهزيلة" والمفتقدة إلى الامتداد الشعبي على منوال التجمع الديمقراطي، النهضة والاصلاح، ما يطرح فرضية الانتخاب العقابي بقوة، خصوصا ضدّ حزب مثل حركة مجتمع السلم المثيرة للجدل.
من جانبه، يؤكد "جمال بن عبد السلام" أنّ الأحزاب القديمة صارت بلا صوت، لأنّ أمرها مفروغ منه طالما أنّها "أفلست" على حد تعبيره، ما جعل مثل "حركة مجتمع السلم" لزعيمه أبو جرة سلطاني (إخواني) ينتمي إلى الائتلاف الحاكم (ممثلا بوزرائه) كما انتمائه إلى ائتلاف الاسلاميين.
إذ يرفض بن عبد السلام مصطلح "الصوت الثالث"، فإنّه يشدّد على أنّ المستقبل السياسي في بلاده ستصنعه ثلاثة أو أربعة أحزاب جديدة، في وقت يحكم بالفشل على الأحزاب القديمة التي وصلت بمنظوره إلى درجة من الارباك والانهيار، اضطرها إلى محاولة "تجديد عذريتها" على حد تعبيره من خلال التهافت على ايجاد حلفاء.
يوقن بن عبد السلام الذي يرأس رئيس الحزب الناشئ "الجزائر الجديدة"، أنّ ما تبذله الأحزاب التقليدية مسعى يائس لاستمالة الرأي العام المحلي رغم أنّها تفتقر إلى "المصداقية" برأيه، ولم تقدم شيئا ذا بال خلال فترات سابقة.
يقدّر محدثنا أنّه ليست هناك أغلبية "صامتة" أو "ناطقة" في الجزائر، ويختصر بن عبد السلام المعادلة في كون فئة من الأحزاب الجديدة تملك مقومات إعادة الثقة إلى مواطنيهم، وإقناعهم بتطليق الامتناع المزمن عن التصويت، ويتفاءل الرجل بقدرة تشكيلته - نموذجا - على استقطاب الشارع، سيما مع التهافت الكبير لمواطنيه من الاسلاميين وغيرهم على الانخراط في صفوفه، ما ينبئ بواقع مغاير لما ظلت تعيشه الجزائر في مناسبات ماضية.
مغازلة الشباب التسعيني
في غضون ذلك، يؤكد "عبد المجيد مناصرة" رئيس "جبهة التغيير" أنّ الكلمة هذه المرة ستكون لأغلبية جديدة يرشح الحزب الإسلامي الناشئ نفسه ليكون ضمنها على حساب أغلبية قديمة متسببة باعتقاده في الاحتقان والفشل المتكرس في كل القطاعات.
يحيل مناصرة إلى أنّ "الأغلبية الصامتة" هي في الحقيقة أغلبية معبّرة لا تريد انتخابات مزورة، وعندما تتأكد من توافر أي اقتراع على مؤشرات النزاهة، ستتحول إلى المشاركة، والأمر في النهاية يتعلق بالسلطة وقدرتها على الاستجابة.
يعوّل الوزير السابق للصناعة على مغازلة وعاء انتخابي استراتيجي يمثله الشباب الجزائري المولود مطلع تسعينيات القرن الماضي، معتبرا هذه الشريحة الأساسية وتقع في جوهر مشروع تشكيلته القائم على التغيير.
سيناريو الجبهات الثلاث
يركّز "عبد القادر تواتي" على أنّ سيناريو نشوء تحالف بين الجبهات الثلاث: الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حزب محظور)، جبهة القوى الاشتراكية لزعيمه التاريخي "حسين آيت أحمد"، وجبهة العدالة والتنمية بزعامة "عبد الله جاب الله"، من شأنه قلب المشهد السياسي رأسا على عقب، تبعا لما تتمتع به تلك الأحزاب من زخم وصدقية.
إذ يفتح الباب أمام التحاق جبهة رابعة فتية هي جبهة التغيير لزعيمها عبد المجيد مناصرة، يسجل تواتي أنّ تحالفا بهذه المواصفات- إن كُتب له الظهور- سيحظى بمباركة كثير من الشخصيات التاريخية والأكاديمية والنقابات المستقلة وجمعيات المجتمع المدني، وتأييد شرائح واسعة متعطشة للتغيير، وهي مشتهرة بكونها "أغلبية صامتة" لكونها تمثل غير المشاركين في الانتخابات، وهي نسبة كبيرة لا يستهان بها، حيث يلاحظ تواتي أنّها تجاوزت 40% في الانتخابات البرلمانية الملغاة (26-12-1991)، لتصل إلى 80% (!) في تشريعيات (17 - 05 - 2007).
يجزم تواتي أنّ هذه الأغلبية الصامتة لا يمكن استقطابها، إلا بمثل النوع إياه من التحالفات التي يمكنها - يضيف - إثراء الساحة السياسية في الجزائر، أما بقاء الحال على ما هي عليه الآن، وحصر المنافسة بين تحالفات هَرِمة ميؤوس منها، وتكتلات ضيقة ضعيفة، وجثث سياسية، وكائنات مجهرية، فسيؤدي في نظر تواتي إلى تكرار المكرّر، وتجريب المجرّب، وإعادة إنتاج الماضي بآلامه وخيباته، مع المخاطر التي سبق وأن حذّر منها الموالون والمعارضون.
حراك فايسبوكي لقطع الطريق على "الزيف"
في سياق متصل، تشهد شبكة فايسبوك منذ فترة حراكا مكثفا، يرافع عبره شباب ورموز من المجتمع المدني وكذا من الوطنيين لأجل قيام فصيل يواجه ائتلاف السلطة الحاكمة وائتلاف الإسلاميين.
يقدّر هؤلاء أنّ الصوت الثالث هو الصوت "المغيّب" للشعب الذي آثر بحسبهم التحليق خارج المواعيد الانتخابية منذ أزيد من عشريتين، بما فيها الانتخابات التشريعية الملغاة (ديسمبر 1991) التي فازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة.
في مقاربته لتموقع الصوت الثالث، يقول الناشط الشاب "محمد حميان" إنّ الصوت الثالث هو الصوت الحقيقي لفئة شعبية صامتة تستوعب ملايين الجزائريين تسعى بعض الجهات للتحايل عليهم، على حد وصفه، معلنا إنّه بمعية كوادر ورجال أعمال وصفهم بـ"الشرفاء الغيورين على الوطن" و"الرافضين للمهزلة الحاصلة"، يسعون إلى إعادة تنظيم البيت وزحزحة الوجوه التي وقفت ولا تزال تقف في وجه كل محاولات الاصلاح المطروحة وتعمل على اقصاء وعزل الكفاءات الشابة.
يكشف حميان عن ضمّ الصوت الثالث لشباب وكوادر من كافة التيارات السياسية والغير سياسية بما فيها الحزب الإسلامي المُحل "جبهة الانقاذ"، وسيكون هذا الصوت بأعين حميان "الشوكة التي ستكون في حلق كل من تسوّل له نفسه الاضرار بمصالح الجزائر الداخلية والخارجية".
يدعو محدثنا إلى عدم الاستهانة بوزن هذا التيار تبعا لشعبيته وجديته أمام ما سماها "محاولات مغالطة أبناء الشعب الجزائري" و"التطبيل" للرداءة القائمة والقرارات اللا شعبية، لذا يهيب بالفاعلين الغيورين على الوطن للانضمام إلى مسعى شبابي شعبي محض يراهن سلميا على إيقاف ممارسات سيئة كاستعمال المال السياسي الفاسد.
وينتهي حميان إلى استبعاد خروج معتنقي الصوت الثالث إلى الشارع، لأنّ ذلك لن يخدم الغيورين على الجزائر، بل يخدم من نعتهم "المطبّلين المندسين المغرضين" الباحثين على الاستفزاز.
التعليقات
سلعة قديمة في حلة جديدة
عربي ملاحظ -إن هده الأحزاب الجديدة ما هي إلا سلعة قديمة في حلة جديدة ووعاءها الإنتخابي معروف سلفا أما عن الأغلبية غير المتحزبة وليست الصامتة فقد تحسم الأمر للتيارات الوطنية. وبالمناسبة هده هي الديمقراطية ومن كان له برنامج مقنع على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي مع مراعاة الثوابت الوطنية فسوف ينال ثقة الشعب.