مخاوف اميركية من استثمار طالبان تداعيات الحوادث في افغانستان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
اعتقدت إدارة الرئيس أوباما، أن خطتها بتسريع القوات الأفغانية لتولي مسؤولية العمليات القتالية وفي الوقت نفسه استدراج حركة طالبان الى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب تسير على ما يرام، الا أن حرق المصحف اولا ثم قتل المدنيين الأفغان عرقلا مسار هذه الخطة.
لندن: كانت ادارة الرئيس اوباما تعتقد أن خطتها بشأن افغانستان تسير حسب الجدول الذي أُعد لها في عام 2012 بتسريع إعداد القوات الافغانية لتولي مسؤولية العمليات القتالية، وفي الوقت نفسه استدراج حركة طالبان الى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يربو على عشر سنوات. ولكن موجة الغضب التي اثارتها واقعتان مترادفتان بحرق نسخ من المصحف اولا ثم قتل 16 مدنيا افغانيا على الأقل يوم الأحد، وضعت هذه المشاريع على كف عفريت.
وكان اوباما ومساعدوه يأملون بأنه عندما تُنفذ الخطة تكون طالبان قوة استنزفت طاقتها ودفعتها ضربات التحالف الدولي في افغانستان الى مفاوضات السلام، معترفة بأنها لن تتمكن ابداً من السيطرة على البلاد.
ولكنّ مسؤولين عسكريين ومدنيين اميركيين في واشنطن وكابل على السواء، اقروا بأن الأحداث الأخيرة من شأنها ان تشجع المتشددين في طالبان الذين يعارضون التفاوض مع قوات راحلة في كل الأحوال، ويريدون قضاء العامين المقبلين في استثمار الحساسية الوطنية المفهومة ضد الوجود الأجنبي.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول عسكري اميركي "ان الخوف هو ان تخدم كل هذه الحوادث مجتمعة رواية طالبان عن طريقتنا في معاملة الافغان ودينهم". واضاف "انه من الصعب دحض هذه الرواية على خطلها" مشيرا الى عدد من قُتلوا على ايدي طالبان دون ان تعترف بالمسؤولية ذات يوم.
وكانت الولايات المتحدة اكتشفت ما يمكن ان تؤدي اليه مثل هذه الحوادث في العراق حيث قتل الجنود الاميركيون 26 مدنيا عراقيا بينهم نساء واطفال في مدينة حديثة في محافظة الانبار عام 2005. وأسهمت تلك الواقعة في حلول اسوأ فترة مرّت بها القوات الاميركية في حرب العراق. ولا أحد يتوقع نتيجة مماثلة في حالة افغانستان لأسباب منها ان الولايات المتحدة أوضحت بما لا يقبل اللبس انها راحلة باستثناء وجود محدود تعتزم الإبقاء عليه لحفظ السلام.
وكانت السرعة التي ردّت بها واشنطن على قتل الافغان الستة عشر يوم الأحد في هجوم يُعتقد ان جنديا اميركيا واحدا نفذه، تعبر عن عمق القلق من ان الشراكة التي يريدها التحالف الدولي مع افغانستان بعد الانسحاب في عام 2014 لن يكون من السهل بيعها للرئيس الافغاني حامد كرزاي، الذي يواجه منذ فترة طويلة تهمة كونه دمية يحركها الاميركيون.
واتصل اوباما ووزير الدفاع ليون بانيتا بكرزاي متعهدين اجراء تحقيق شامل ومعربين عن اسفهما البالغ وتأكيدهما بمحاسبة كل من يثبت ضلوعه في قتل المدنيين. واعترف نائب مستشار الأمن القومي الاميركي بنجامين رودس يوم الأحد بأن تداعيات مثل هذه الحوادث تتطلب الكثير من الوقت والجهد لمعالجتها. ولكنه اضاف ان الولايات المتحدة تعلمت من حادثة حرق المصحف "ان الرد على الوجه المطلوب يمكن ان يبني ثقة مع الافغان". ولفت رودس الى انه بعد فترة وجيزة على واقعة حرق المصحف اتفق البلدان على تسليم المعتقلين الى السلطات الافغانية خلال الأشهر المقبلة، في محاولة هدفها إقناع الافغان بأن الولايات المتحدة "جادة في تسليم كل السلطة على نحو مطرد".
ولكن كثيرا من الاميركيين بينهم مؤيدون لحرب افغانستان من الحزبين الرئيسين يرون الآن ان هذه الحوادث ورد الفعل الذي تثيره تؤكد ضرورة تسريع الانسحاب في حرب يقول مسؤولون عسكريون ان نتيجتها لم تعد تبدو مؤكَّدة منذ تولي اوباما الرئاسة.
وفي حين ان بعض المرشحين الجمهوريين للانتخابات الرئاسية وعلى رأسهم ميت رومني، انتقدوا اوباما على التزامه بالانسحاب من افغانستان قبل هزيمة طالبان فإن عددا متزايدا من الاميركيين الآخرين يتفقون مع الديمقراطيين على انه ليس هناك الكثير مما يمكن ان تفعله الولايات المتحدة في هذا البلد بعد اليوم.
وعلى الصعيد العملي، فإن الحوادث الأخيرة حملت البعض في إدارة اوباما على التساؤل إن لم يكن من الأفضل تسريع خطة الإسراع بالانسحاب من افغانستان.
ونشأ بالارتباط مع هذه الحوادث سببان لقلق الاميركيين، الأول يتعلق بمهمة تدريب واعداد القوات الافغانية. فبعد واقعة حرق القرآن اعرب مسؤولون عسكريون عن مخاوفهم من ان حركة المدربين الاميركيين أو مدربي حلف الأطلسي ستكون صعبة بين الجيش الافغاني المؤلف من 350 الف جندي غالبيتهم ليسوا مدربين تدريبا يُعتد به. وسيعمل المدربون بحماية عدد أكبر من الحراس خشية تعرضهم للاعتداء.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن خبراء اميركيين في مكافحة الحركات المسلحة ان قتل المدنيين الافغان قد تكون له آثار مدمرة على الجهود المضنية التي بذلتها القوات الاميركية خلال العام الماضي لكسب ثقة القرويين الافغان.
ولكن السبب الآخر لقلق الاميركيين يتمثل في ان طالبان قد تخلص الى ان مثل هذه الحوادث ليس من شأنها في النهاية إلا تشديد الضغط على الولايات المتحدة للاسراع بالرحيل. وكان البطء الشديد هو سمة الجهود المبذولة حتى الآن لاستدراج طالبان الى طاولة المفاوضات في قطر، حيث يعمل السفير مارك غروسمان ودبلوماسيون اميركيون آخرون على اعداد الترتيبات العملية للمحادثات.
وكانت الخطوات الأولى بنقل بعض معتقلي غوانتانامو في كوبا الى قطر في بادرة لبناء الثقة، استغرقت اشهرا. وقال مسؤول اميركي ان حوادث مثل قتل المدنيين الافغان الستة عشر هي التي تقدم هدية الى طالبان في اللحظة ذاتها التي تحاول فيها الولايات المتحدة اقناع طالبان بأن قضيتها خاسرة.