أخبار

واشنطن تتخوف من ردود فعل عنيفة تقوّض وجودها في كابول

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

وجدت واشنطن نفسها في أزمة عندما تلقت التقارير الأولى عن قيام جندي رقيب في الجيش الأميركي بقتل 16 مدنياً أفغانياً صباح يوم الأحد. ويخشى كبار المسؤولين في البيت الأبيض من رد الفعل في أفغانستان، الذي قد يؤدي إلى شغب وأعمال قتل انتقامية، شبيهة بتلك التي أثارها حرق المصاحف في قاعدة جوية أميركية قبل ثلاثة أسابيع.

جندي أميركي يحتج على بقاء قوات بلاده في أفغانستان بعد المجزرة الأخيرة

لميس فرحات: يتوقع المسؤولون الأميركيون أن يقدم القادة السياسيون الأفغان مطالب أكثر تشدداً لخفض عدد القوات الأجنبية المنتشرة على الأراضي الأفغانية. ورأى بعض موظفي الأمن القومي في إدارة الرئيس باراك أوباما أن عملية القتل تبدو وكأنّها صفارة إنذار تدعو إلى انسحاب أسرع للقوات الأميركية من أفغانستان.

وكان جنديّ أميركيّ أقدم في ساعة مبكرة من صباح يوم الأحد الماضي على قتل 16 مدنياً أفغانياً، بينهم أطفال ومسنّون، في ولاية قندهار، معقل طالبان في جنوب أفغانستان.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ "واشنطن بوست" عن أحد المسؤولين في إدارة أوباما قوله: "هذا الحادث لديه القدرة على تغيير قواعد اللعبة في الوقت الراهن".

واعتبرت الصحيفة أن رد الفعل الأولي، يشير إلى أن هذه الأزمة تندرج ضمن سياسة حافة الهاوية في العلاقة بين الولايات المتحدة وأفغانستان: القول إن الضرر لا يمكن إصلاحه، مطالبات بالتغيير الجذري، يليه اعتراف على مضض في كلا العاصمتين، بأن الحكومتين لديهما أكثر من سبب للالتزام باستراتيجيتهما المتفق عليها سابقاً من قتال طالبان وتدريب قوات الأمن الأفغانية، وخلق نوع من الإدارة المدنية في أنحاء البلاد كافة. ولا تزال هناك فرصة في أن تتبع جرائم القتل سيناريو مختلفا، وهو كسر التحالف الهشّ بين الحكومتين الأميركية والأفغانية.

توعّدت حركة طالبان بالانتقام للمجزرة، التي أقدم خلالها جندي أميركي على قتل 16 مدنياً أفغانياً، مؤكدة أنها ستضاعف هجماتها ضد "الأميركيين المتوحشين المرضى عقلياً".

وأشار التنظيم في بيان له إلى أن "الإرهابيين الأميركيين يبحثون عن أعذار لمرتكب هذه الجريمة غير الإنسانية، من خلال الإدعاء بأنه مريض عقلياً، وإذا كان مرتكب هذه المجزرة مختلاً عقلياً فعلاً فهذا دليل على انحراف أخلاقي جديد للجيش الأميركي، لأنه يسلّح مجانين في أفغانستان يستخدمون من دون تفكير أسلحتهم ضد أفغان عزّل".

لكن الصحيفة اعتبرت أن الاحتجاجات العامة والهجمات المضادة، التي نفذتها طالبان حتى الآن، كانت أقل أهمية مما توقّعه العديد من المسؤولين في الولايات المتحدة.

ويقول مسؤولون أميركيون إن الانسحاب المتسرّع يمكن أن يشكل أكبر المخاطر بالنسبة إلى أوباما والرئيس الأفغاني حامد كرزاي. فعلى الرغم من أن الأخير عبّر عن غضبه من عملية القتل، إلا أن تعبيره عن هذا الغضب أمام الرأي العام يفيد أيضاً بدحض الاتهامات من جانب خصومه السياسيين، الذين يعتبرون أنه يحابي الأميركيين.

في الأزمات السابقة - وخاصة عملية حرق القرآن الكريم - سعى كرزاي إلى زيادة نفوذه في المفاوضات مع واشنطن حول الخطوط العريضة للوجود الأميركي في أفغانستان، بعد انتهاء العمليات القتالية التي تنفذها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في العام 2014.

وقال كرزاي إنه يريد تمثيلاً أصغر وأكثر تقييداً للولايات المتحدة، لكنه لا يحبّذ رحيل كل القوات الأميركية من أفغانستان على الفور. ووفقاً لدبلوماسيين في كابول، فإن كرزاي يعتمدعلى قوات الولايات المتحدة، ومساعداتها المالية التي تقدمها إلى حكومة بلده.

يشار إلى أن هناك نحو 91000 جنديّ أميركيّ في أفغانستان. وقد أمر أوباما وزارة الدفاع الأميركية بسحب 23000 منهم خلال شهر سبتمبر/أيلول المقبل، لكنه لم يقرر بعد بشأن تسريع وتيرة الإجراء أو سحب المزيد من الجنود، على الرغم من دعوات في الكونغرس وداخل الإدارة إلى سحب القوات انحداراً.

مع مساعدة أقل من قبل الولايات المتحدة إلى القوات الأفغانية، يحذر المسؤولون العسكريون من أن المسلحين قد يستعيدون السيطرة على مناطق الجنوب، التي استعادت هدوءها، قبل أن يكون الأفغان قادرين على حماية تلك الأماكن بأنفسهم.

وفي محاولة للتهدئة، أعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن "حزنه العميق" للمذبحة، التي وصفها بأنها "مفجعة ومروّعة"، متعهداً إجراء "تحقيق شامل" من أجل "محاسبة المسؤولين". وقال أوباما في بيان أصدره البيت الأبيض: "أشعر بحزن شديد للمعلومات، التي أشارت إلى موت مدنيين أفغان، وأقدّم أصدق التعازي إلى أسر وأعزاء الذين فقدوا الحياة، وإلى الشعب الأفغاني، الذي تعرّض لكثير من المعاناة والعنف".

وأضاف الرئيس أنه "حادث مفجع ومذهل، ولا يمثل إطلاقاً الطابع الاستثنائي لقواتنا، ولا الاحترام الذي تكنّه الولايات المتحدة للشعب الأفغاني". وأيّد أيضاً إجراء تحقيق "لمعرفة الوقائع في أسرع وقت ممكن، حتى يمكن محاسبة المسؤولين" عن هذه المجزرة.

من جهته، أكد وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا للرئيس الأفغاني حميد كرزاي أن "تحقيقاً كاملاً يجري" لتحديد ظروف المجزرة. وقال بانيتا في بيان إن "مشتبهًا فيه قيد الاحتجاز، وقد أكدتُ للرئيس كرزاي أننا سنحيل المسؤولين على القضاء"، معرباً عن "ذهوله وحزنه لكون جندي أميركي، تحرّك بوضوح في معزل عن رقابة قيادته" ضالعاً في هذا الحادث.

وأضاف بانيتا "لن ندخّر أي جهد لتحديد الوقائع في أسرع وقت، وسنعمل على أن يلاحق كل شخص مسؤول عن هذا العنف في شكل كامل في إطار القانون". وتابع "في وقت نحن في حداد إلى جانب الشعب الأفغاني، نعتزم بحزم العمل يداً بيد مع شركائنا الأفغان لإتمام مهمتنا وبلوغ الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها منذ وقت طويل".

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي يقف فيه الأميركيون مذهولين أمام جريمة قتل المدنيين الأفغان (معظمهم من النساء والأطفال)، أدى هذا النبأ إلى تظاهرات واحتجاجات قليلة وخجولة في أفغانستان.

ونقلت الـ "واشنطن بوست" عن مستشار أميركي مدني في مقر حلف شمال الأطلسي في كابول: "الجميع هنا اعتقدوا أن الاحتجاجات ستكون أكبر بكثير، ولا سيما أن 16 شخصاً قد ذبحوا، إلا أن الأفغان اعتبروا أن حادثة حرق القرآن كانت أهم وأقوى، لأنها أهانت الإسلام. فبالنسبة إلى العديد من الأفغان، الذين عاشوا خلال 30 عاماً من الحرب والقتل، فإن قتل 16 مدنياً ليس بالمسألة الكبيرة". وأضاف: "عدم القدرة على التنبؤ بدقة كيف سيكون رد فعل الأفغان، يدل على مدى قلة ما نعرفه عن هذا المكان بعد عشر سنوات من الحرب".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف