إسرائيل تضع الإعلام الفلسطيني ضمن دائرة الاستهداف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أدخلت إسرائيل الإعلام الفلسطيني ضمن دائرة استهدافها في ظل صراعها المستمر مع الفلسطينيين، في خطوة لا لا تعتبر جديدة، وانما تصاعدت وتيرتها، وأوضحت التقارير الحقوقية أن إسرائيل صعدت من انتهاكاتها ضمن هجماتها خلال الشهر الماضي على الصحافيين والمؤسسات الإعلامية.
رام الله: يرى مراقبون وعاملون في المجال الإعلامي الفلسطيني أن هذا الإعلام والعاملين به أصبحوا مستهدفين بشكل أكبر من الماضي من قبل السلطات الإسرائيلية. وكانت القيادة الفلسطينية ومختلف الجهات الرسمية والمؤسسات الشعبية والأهلية والفصائل والقوى الوطنية قد أكدوا في بيانات منفصلة أصدرتها مؤخرا، رداً على استهداف الإعلام الفلسطيني حصلت "إيلاف" على نسخ منها أن إسرائيل تعمل جاهدة من وراء استهداف الإعلام والإعلاميين لتقويض قدراتهم في نقل حقائق ما يجري على الأرض.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض: "أن إسرائيل لجأت إلى القرصنة في حربها ضد الإعلام والمؤسسات الإعلامية الفلسطينية". وأكدت ذلك وزارة الاتصالات الفلسطينية على لسان وكيلها سليمان الزهيري، الذي اعتبر أن استهداف الإعلام الفلسطيني والاعتداء على مؤسساته والعاملين به يأتي لصالح الحد من قدرات هذا الإعلام في نقل الحقائق ولإتاحة الفرصة للاستيطان والمستوطنين على الاستحواذ على الترددات الخاصة بالفلسطينيين.
وبين نقيب الصحافيين عبد الناصر النجار، أن إسرائيل تسعى لإسكات الإعلام الفلسطيني عن نقل ما يجري في الأراضي الفلسطينية من تجاوزات وانتهاكات على صعيد الاستيطان والعدوان على الممتلكات والمواطنين إلى العالم الخارجي. وتبعا للتقارير الصادرة عن المؤسسات الحقوقية التي تعنى بتوثيق انتهاكات الحرية الإعلامية، فقد تبين وجود اعتداء صارخ من قبل السلطات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة على الإعلام الفلسطيني.
و أكد المركز الفلسطيني للتنمية والحريات "مدى" في بيان صحافي تلقت "إيلاف" نسخة منه أن السلطات الإسرائيلية صعدت من وتيرة انتهاكاتها للحريات الإعلامية واعتداءاتها ضد الصحفيين ووسائل الإعلام، خلال شهر شباط الماضي بصورة ملحوظة، وصلت إلى الضعف تقريبا قياسا بالشهر الذي سبقه.
وأوضح تصاعد الانتهاكات خلال الفترة الماضية حيث بلغت ذروتها في التاسع والعشرين من شباط الماضي حين اقتحمت قوات من الجيش الإسرائيلي مقري تلفزيوني "وطن" و"القدس التربوي" الكائنين، في مدينة رام الله والخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية الكاملة، وصادرت أجهزة البث وأجهزة حاسوب ووثائق من المحطتين ما أدى إلى توقف بثهما.
ووفق ما أورد المركز من معطيات، فقد واصلت إسرائيل استهداف الصحافيين ووسائل الإعلام أثناء تغطيتهم المسيرات السلمية والاعتصامات، واستمرت في تعريض حياتهم للخطر من خلال عمليات إطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الغاز الخانق وعمليات الاحتجاز وغيرها من الأشكال الرامية لمنعهم من القيام بأعمالهم في تغطية الأحداث، ما أدى إلى إصابة صحافيين وتعريض حياة آخرين للخطر.
واتسعت الاعتداءات ضد الصحافيين حيث قامت قوة إسرائيلية باحتجاز مراسلين ومصورين ومداهمة منازل صحافيين والاعتداء على ممتلكاتهم من أجهزة حاسوب وغيرها، وإحالة بعضهم للاعتقال الإداري. وأدان مركز "مدى" كافة الانتهاكات ضد حرية الصحافة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأعرب عن قلقه البالغ من التصعيد الخطير، والاعتداءات المتواصلة على الصحفيين ووسائل الإعلام الفلسطينية".
تلفزيون "وطن" والصراع على الترددات
وقال معمر عرابي، مدير عام تلفزيون وطن في لقاء خاص مع "إيلاف": "إن الانتهاك الإسرائيلي تمثل بالاعتداء على مقر التلفزيون ومصادرة أجهزة البث والميكرويف وأجهزة الكمبيوتر والأوراق والأرشيف والسجلات والسيرفرات". وأضاف: "أن التلفزيون وما تعرض له من انتهاكات على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي خير دليل على الاعتداءات الإسرائيلية بحق المؤسسات الإعلامية في مناطق السيادة الفلسطينية".
وأوضح عرابي، أن حجم الخسائر كان كبيرا حيث تم مصادرة أجهزة حاسب آلي ومعدات بقيمة ثلاثمائة الف دولار، وقرابة ثمانمائة الف دولار أخرى هي قيمة الأرشيف والمواد المنتجة. وبين أن عودة التلفزيون للبث بعد وقت قصير من الاعتداء الإسرائيلي ومصادرة كل الأجهزة يعود إلى وجود جهاز "باك أب".
ولفت إلى أن التلفزيون يعاني الآن نقصا حادا في الأجهزة بسب مصادرة معظمها، مؤكدا في الوقت ذاته أن السلطة الفلسطينية والحكومة كانت قد عرضت تقديم المساعدة، إلا أن الموضوع لم يتم الموافقة عليه لاستقلالية التلفزيون. وبخصوص المتابعة القانونية وإمكانية رفع قضية على الجانب الإسرائيلي حول هذا الانتهاك، أوضح عرابي، أن إدارة المحطة تقوم بتجميع الوثائق اللازمة لرفع قضية على السلطات الإسرائيلية.
وحول الحجة التي تذرعت بها إسرائيل لاقتحام التلفزيون، بين أن إسرائيل تذرعت بعدم قانونية الموجة التي يبث من خلالها تلفزيون وطن، مؤكدا أن الموجة التي يتم البث عليها مرخصة منذ نحو 16 عاما ويتم دفع ثمنها للسطة الفلسطينية. وتساءل مدير عام التلفزيون عن إجراء السلطات الإسرائيلية بهذا الخصوص وقال: "إذا كانت حجة إسرائيل قضية البث فلماذا تقدم على سرقة مختلف الأجهزة إلى جانب أجهزة البث؟".
وفيما يتعلق ببعض التصريحات الإسرائيلية القاضية بأن هذه الموجة تؤثر على مطار بن غوريون الإسرائيلي، قال عرابي: "إن هذا يعد ادعاء كاذبا"، فالموجة وحسب اتفاقيات أوسلو تأتي ضمن اختصاصات اللجنة الفنية المشتركة التي تعالج أي مشكلة من خلال القناة الرسمية ونعلم أن الموجات تكون بالاتفاق مع إسرائيل وبالتالي فإن ادعاءها غير صحيح".
وأشار إلى أن الانتهاكات الاسرائيلية مستمرة ومتواصلة وأن هذا الاعتداء ليس الأول على التلفزيون وحتما لن يكون الأخير رغم الإدانات الدولية بهذا الخصوص. ولفت إلى أن "الإعلام الفلسطيني مستهدف كما هو كل شي فلسطيني على هذه الأرض، منوها إلى كون إسرائيل تنتهك كل الأعراف والاتفاقيات حيث أكدت ذلك باقتحامها مقر التلفزيون الواقع بمدينة رام وتحت السيادة الفلسطينية ليتضح للجميع أن الكل تحت الاحتلال".
وحول طبيعة المواد المصادرة، بين أن السلطات الإسرائيلية صادرت مشاريع إعلامية يتم انتاجها بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي. وثمن كافة الجهود التضامنية الفلسطينية والعربية والدولية، مؤكدا أن إسرائيل ماضية في انتهاكاتها دون أدنى اهتمام بكافة المواثيق الدولية.
إدانات وردود فلسطيينة على استهداف الإعلام
وكانت القيادة الفلسطينية ومختلف الجهات الرسمية والمؤسسات الشعبية والأهلية والفصائل والقوى الوطنية أدانوا الاعتداء على حرية الإعلام ومؤسساته في بيانات مختلفة حصلت "إيلاف" على نسخ منها. وكان الرئيس محمود عباس قد أدان، اقتحام القوات الإسرائيلية لوسيلتين إعلاميتين بمحافظة رام الله ومصادرة محتوياتهما. واعتبر أن هذا الاقتحام هو "اعتداء سافر على حرية الإعلام والرأي اللذين كفلتهما كافة المواثيق الدولية".
كما أدان رئيس الوزراء سلام فياض بشدة اقتحام القوات الإسرائيلية لتلفزيوني "وطن" و"القدس التربوي" ومصادرة جميع أجهزة البث والحاسوب والملفات والأوراق الرسمية. وقال فياض: "هذه القرصنة والاجتياحات للمؤسسات الإعلامية الفلسطينية، تعيد إلى الأذهان ممارسات قوات الاحتلال في بداية الانتفاضة الثانية، حيث قامت بمداهمة وتخريب العديد من المؤسسات الإعلامية الفلسطينية، بما في ذلك تلفزيون فلسطين، وإذاعة صوت فلسطين، وتلفزيون وطن نفسه". وأعلن استعداد الحكومة القيام بكل ما هو مطلوب لضمان عودة البث بأسرع وقت.
وفي لقاء مع تلفزيون "وطن" وفيما يتعلق بالرواية الاسرائيلية أن ترددات التلفزيون تعيق عمل المطارات فند رئيس الوزراء هذه الرواية وقال: "إن استهداف تلفزيوني وطن والقدس التربوي هي رسالة سياسية، وليس لها صلة بأي موضوع تقني، حيث أن تلفزيون وطن يبث منذ العام 1995، وترددهما مسجلان في الاتحاد الدولي للاتصالات منذ 10 سنوات، ورواية الاحتلال لا تنسجم مع الواقع بشيء".
وأضاف فياض: "أن ما يفند هذه الرواية أن الطيف الترددي لوسائل الاعلام المرئية يتراوح بين 400-600 ميجاهيرتز، بينما المطارات تعمل بطيف أقل يتراح بين 100-120 ميجاهيرتز، كما أن تلفزيون وطن يعمل منذ 1995، ولو كان هناك تشويش لظهر على شاشة التلفزيون".
وأشار إلى أن السلطات الإسرائيلية لم تقدم أي شكوى بخصوص هذا الموضوع إلى اللجنة الفنية المشتركة التي شكلت ضمن الاتفاقيات بينها وبين الجانب الفلسطيني للنظر في قضايا الاتصالات، الأمر الذي يدلل أن الاعتداء سياسي ويهدف الى تقويض ما تبقى من مكانة السلطة.
بدوره، أكد وزير الاتصالات الفلسطيني مشهور أبو دقة، أن القناتين المستهدفتان مسجلتان في الاتحاد الدولي للاتصالات وتبثان بطريقة قانونية، معتبرا أنه من المستحيل أن تؤثرا على الاتصالات الجوية بسبب بعدهما عن مطار بن غوريون.
هذا وأكد النائب الدكتور مصطفى البرغوثي، رئيس مجلس ادارة جمعية الاغاثة الطبية الفلسطينية، أن ما جرى ضد تلفزيوني وطن والقدس التربوي ومصادرة أجهزة البث والحواسيب والمعدات والوثائق الرسمية والمالية يعد أمرا خطيرا جدا وقرصنة ولصوصية تمت في وضح النهار كما يعد هذا الأمر خرقا لكل الأعراف والقانون الانساني وحرية الرأي والتعبير والنشر.
وقال البرغوثي، خلال مؤتمر صحافي عقده في مركز وطن للإعلام برام الله بمشاركة ممثلي المؤسسات الشريكة في تلفزيون وطن: "إن ما قامت به سلطات الاحتلال لايمس فقط بتلفزيون وطن وتلفزيون القدس التربوي بل يمس أيضا بمؤسسات كثيرة أخرى لأن جنود الاحتلال استولوا على وثائق وانتاج تمس بمؤسسات كان تعاقد معها تلفزيون وطن بما فيها الاتحاد الاوروبي وإذاعة مونت كاولو".
إلى ذلك، حذر مستشار الرئيس لشؤون الاتصالات والمعلوماتية صبري صيدم، المحطات الإذاعية والتلفزية من تكرار الهجمات التي شهدها تلفزيونا وطن والقدس التربوي من خلال اقتحامهما والاستيلاء على معداتهما وأرشيفهما.
ودعا صيدم، في تصريح لوكالة الأنباء الفلسطينية كل المحطات إلى أخذ الحيطة والقيام بضمان حفظ المعلومات الخاصة بها داخل وخارج فلسطين باعتبار أن هذه المحطات ضمت خلال الفترة التي أعقبت إنشاء السلطة الوطنية وحتى تاريخه كما كبيرا من الإرث الثقافي والإعلامي الفلسطيني الذي شكل تاريخا للشعب الفلسطيين لا يمكن خسارته تحت وطأة القرصنة العسكرية الإسرائيلية.
وكانت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قد رفضت الإدعاءات المتعلقة بمصادرة الأجهزة بحجة أن ترددات البث التلفزيوني تؤثر سلبا على سير عمل المطارات والأجهزة اللاسلكية.
وقال وكيل وزارة الاتصالات سليمان الزهيري، في حديث لإذاعة صوت فلسطين: "إن هذه 'الذرائع ادعاءات إسرائيلية كاذبة تهدف إلى سرقة الترددات الفلسطينية لصالح الاستيطان، مؤكدا استحالة أن تؤثر ترددات بث المحطات التلفزيونية على المطارات والأجهزة اللاسلكية من ناحية فنية". وأضاف: "أن إسرائيل لم تبلغ الجهات الفلسطينية المسؤولة حول تأثير بث هذين التلفزيونين على مطاراتها، مشيرا إلى وجود لجنة مشتركة من الجانبين تبحث بشكل دوري موضوع الترددات ولم تبلغ عن أي إشكاليات بهذا الخصوص".
وأكد أن تلفزيوني 'وطن' و'القدس التربوي' مرخصان وعضوان في الاتحاد الدولي للاتصالات منذ العام 2004، معلنا في الوقت ذاته أن الوزارة قدمت شكوى رسمية للاتحاد الدولي للاتصالات.
من ناحيته قال عبد الناصر النجار، نقيب الصحافيين السابق: "إن هذا الاقتحام يعد جريمة إسرائيلية جديدة تستهدف النيل من الإعلام الفلسطيني، ومنعه من إيصال الحقيقة إلى العالم". وحول خطوات النقابة تجاه هذا الموضوع، لفت النجار، إلى أنها ستتوجه لاتحاد الصحفيين العرب واتحاد الصحفيين الدوليين، لمطالبتهم بالتوجه للقضاء الدولي والنظر في الاعتداءات التي تمارسها إسرائيل على المؤسسات الإعلامية.
كما اعتبرت وزارة الإعلام هذا الاقتحام 'إرهابا إعلاميا، ومحاولة يائسة لإسكات صوت الحقيقة'. وأعلنت الوزارة، في بيان لها، وقوفها الكامل إلى جانب تلفزيوني 'وطن' و'القدس التربوي'، وسائر المؤسسات الإعلامية الوطنية.
وأدانت وزارة الشؤون الخارجية الاقتحام الإسرائيلي للمقرين الإعلاميين، معتبرة الاعتداء الجديد على وسائل الإعلام الفلسطينية يندرج في سياسة الاعتداءات، التي تمارسها إسرائيل.
من جانبها استنكرت المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح" عملية الاقتحام. ودعت المؤسسات الحقوقية والإنسانية والإعلامية المحلية والدولية للتدخل لوقف هذه الأحداث، والعمل على توفير حماية للإعلام والصحفيين الفلسطينيين؛ ليتمكنوا من أداء واجبهم.
ردود عربية وعالمية
وقد أدانت المجموعة العربية لرصد الاعلام اقتحام السلطات الإسرائيلية لمقري تلفزيون "وطن" وتلفزيون "القدس التربوي" اللذان يبثان من مدينة رام الله في الضفة الغربية. ورأت المجموعة أن هذا الاقتحام يمثل جريمة إسرائيلية جديدة تستهدف النيل من الإعلام الفلسطيني ومنعه من إيصال الحقيقة إلى العالم.
وطالبت الاتحاد الدولي للصحافيين توفير الحماية للمؤسسات الاعلامية الفلسطينية العاملة في الأراضي الفلسطينية.
ودعت إلى ضرورة إرسال لجان تقصي حقائق لكشف مدى العنف الممارس ضد الصحافيين الفلسطينيين والمؤسسات الاعلامية العاملة في الأراضي الفلسطينية. وكانت فرنسا قد أعربت عن أسفها عن "لإغلاق القناتين، وطلبت من إسرائيل العودة عن هذا القرار".
إلى ذلك، أعرب الاتحاد الاوروبي، مؤخرا، عن "قلقه العميق" إزاء قيام السلطات الإسرائيلية بإقفال محطتي تلفزيون محليتين فلسطينيتين في مدينة رام الله. وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن أن قرار الاقفال الذي نفذه في منطقة خاضعة للسلطة الفلسطينية جاء بناء على طلب من وزارة الاتصالات الإسرائيلية بحجة أن هاتين القناتين تعملان بشكل غير شرعي.