أخبار

التونسيون في فرنسا يذكّرون النهضة بالتزاماتها تجاه الحريات

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

دخلت النخبة التونسية المستقرة بالخارج على خط الجدل الساخن حول مصير الحريات في تونس بعد تحركات الاصوليين والسلفيين الاخيرة المعادية للحريات.

تظاهرة لسلفيين تونسيين

باريس: وجهت النخبة التونسية بالخارج التي وقعت عريضة بالمناسبة، رسالة مفتوحة إلى حزب النهضة، قطب الرحى في الحكومة التونسية، حصلت إيلاف على نسخة منها، عبرت فيها عن "قلقها الشديد لما آلت إليه الأوضاع في وطنهم العزيز تونس".

قالت الرسالة "إن بلدنا اليوم يقف على مفترق الطرق وإن الخيار المفصلي الذي سيقوم به الشعب في الظرف الحالي يرتهن ضرورة مستقبل الأجيال القادمة، فثورة17 ديسمبر/ 14 جانفي المجيدة عبرت بكل وضوح عن هموم ومطامح الشباب والنساء والشغالين والعاطلين عن العمل في الحرية والكرامة الوطنية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين الرجال والنساء و بين الشرائح الاجتماعية والجهات."

تتابع الرسالة في ذات السياق، "من الضروري اليوم ترجمة مجمل هذه الطموحات في صلب الدستور المرتقب، هو الهدف الرئيسي الذي نظمت من أجله انتخابات23 أكتوبر وعليه، فمن غير المقبول بتاتا أن تحيد السلطة الشرعية التي أفرزتها الانتخابات عن هذا الهدف أو أن تتعارض سياساتها مع أهداف الثورة التي ضحى من أجلها المئات من التونسيين".

تؤكد الرسالة "إن سلسلة التجاوزات والخروقات الفاضحة التي تقع في معظمها تحت طائلة القانون الجنائي، ترتكب باسم السلفية وفي بعض الأحيان الجهادية، بغاية فرض رؤى دغمائية متحجرة لأقلية تلجأ إلى وسائل العنف والترهيب الغريبة على تقاليدنا وثقافتنا السياسية، وهي كذلك بعيدة كل البعد عن طموحات الأغلبية الكاسحة للتونسيين الذين يرغبون في إرساء أسس التعايش السلمي والتسامح وفق مبادئ التعاقد المدني الديمقراطي".

أمام هذا الوضع يستغرب التونسيات والتونسيين المقيمين بالخارج "صمت مسئولي حزب حركة النهضة"، وتذكّر الرسالة بـ"السرعة الفائقة التي تم بها ايقاف أحد الصحافيين والزج به في السجن في حين أفلت من العقاب مرتكبو الجرائم الإرهابية".

انشغال موقعي الرسالة "يزداد حدة لما يرون الجمعيات الإسلامية القريبة من حزب النهضة جنبا إلى جنب مع السلفيين يطالبون في تجمعات ومظاهرات عامة بفرض الشريعة كمصدر وحيد أو على الأقل أساسي للتشريع في الدستور المقبل".

تساءلت الرسالة، مخاطبة مسئولي حزب النهضة ، "كيف لا ننشغل أو لا نستغرب من مثل هذه المغالاة التي ترعونها بسكوتكم الرسمي في حين أنها تزيد في توتير الجو العام بما يهدد تونس بالفتنة والتناحر الداخلي؟ أين نحن من التزاماتكم المكتوبة والشفوية العديدة والمتكررة في الدفاع عن الطبيعة المدنية للدولة و عن السلم الاجتماعية؟"

تختم الرسالة بالقول:"لذلك فنحن التونسيات والتونسيين المقيمين بالمهجر، قد ناضلنا ضد الدكتاتورية وساهمنا من موقعنا في انتصار ثورة الحرية والكرامة والمساواة، نطلب منكم رسميا بإيضاح مواقفكم من كل هذه المسائل والتحديات الخطيرة والجسام، والتعبير علنيا عما إذا كنتم لا تزالون متشبثين أم لا بما سبق وأن تبنيتموه من دولة مدنية، دستور مدني، مساواة في الحقوق، احترام كامل ودونما تجزئة للشرعية الدولية ولحقوق الإنسان".

انشغال بوضع الحريات في الداخل

قال الناشط الحقوقي التونسي في فرنسا طارق بن هيبة "الأوساط الجمعوية الديمقراطية للهجرة، وخصوصا في فرنسا، جد منشغلة بوضع الحريات في تونس والتعاطي السلبي لوزارة الداخلية مع اعتداءات مليشيات السلفيين الذين يعترضون بالعنف على التعابير الاجتماعية، السياسية والثقافية التي لا تروقهم".

"آخر اعتداء"، يفيد بن هيبة في تصريح لإيلاف، "يعود إلى 25 مارس/ آذار 2012 حيث تم تحت أنظار الشرطة التي لم تبد أي رد فعل تجاه السلفيين بعد أن هاجموا ممثلي المسرح الذين كانوا بصدد تنظيم مظاهرة سلمية لإحياء اليوم العالمي للمسرح".

وأضاف بهذا الشأن "في الوقت الذي أعلن فيه وزير الداخلية أنه لم يحصل أي شيء، زميله وزير الثقافة أدان تصرفات الميلشيات وطالب بمحاكمتها.

وماذا يمكن القول عن هذا الشيخ الذي كان يجوب شارع الحبيب بورقيبة على متن شاحنة وهو يصيح الموت لليهود؟"، يتساءل بن هيبة وهو أحد الموقعين على الرسالة، معتبرا أن "الحرية المكتسبة عن طريق الثورة لا يمكن أن تسمح للمليشيات بممارسة ونشر كرهم للآخر".

ويفسر تحرك الجالية التونسية، المدافعة عن الحريات، للإدلاء بدلوها في وضع الداخل التونسي بكونه" ناتجا عن تراكمات بدأت شهورا قليلة بعد الثورة والتي تسارعت فجأة قبل أسابيع."

وزاد مستطردا "جماعات سلفية هاجمت بعنف مدرسات لتفرض عليهن ارتداء اللباس الأفغاني. فنانون هوجموا، قنوات تلفزية، صحافيون عنفوا في وضح النهار في شارع وزارات القصبة، وبلغت هذه الهجمات ذروتها عندما تم تعويض العلم التونسي بشعار هذه الجماعة الراديكالية ، وهذا ما خلف صدمة في البلاد".

لكن، برأي بن هيبة، فأن للحكومة مسئوليتها في هذا الوضع لأنها تدبر الشأن الأمني "وترفض توظيف وسائلها لوضع حد لتصرفات هذه الميلشيات، وضمان السلامة الجسدية الحريات والفردية والجماعية للتونسيات والتونسيين".

يقول بن هيبة: "النقاشات في الجمعية التأسيسية ركزت على إرادة بعض أعضاء حزب النهضة في إدخال الشريعة كمصدر رئيسي للقوانين، وهي مبادرة لها نتائج وخيمة على الحريات المتكسبة بفضل ثورتنا، وهو ما دفعنا إلى التعبئة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس".

خفايا الخطاب الديني

يؤكد بن هيبة أن "الانتخابات الأخيرة في تونس، هي الأولى والوحيدة التي كانت حرة وديمقراطية منذ وجود دولة تونسية يعني منذ ما يقارب الثلاثة آلاف سنة، والمؤسسات التي تولدت عنها انتخبت شرعيا وديمقراطيا".

إلا أنه يلفت مقابل ذلك أن "أفكار السلفيين وحلفائهم المعادية للحريات غلفت بخطب انتخابوية تخلط القناعات الدينية للغالبية الكبرى للناخبين والمفاهيم الماسة بالحريات لحقوق الإنسان و لتحسين الشروط الاقتصادية الاجتماعية للشعب التونسي".

كما أوضح أن "الناخبين التونسيين يعرفون اليوم ما يخفيه الخطاب الديني للسلفيين ولأصدقائهم.. فالأحداث الخطرة ليوم الأحد التي يجب بالتأكيد إدانتها، لا ينبغي أن تغلف الفوز الذي حققه الديمقراطيون بعد الإعلان الرسمي لحزب النهضة عن تخليه عن إدخال الشريعة في الدستور".

ويتابع: هذا يبرهن أن بلدنا يقتحم شيئا فيشئا فضاء الحريات، لكن الدرس من ذلك أن اليقظة و النضالات الديمقراطية والسلمية هي الضمانات للعيش المشترك التونسي والذي تتطلع إليه الغالبية العظمى للتونسيين، بما فيها عدد كبير من أنصار "الترويكا" الذين يحكموننا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف