الموقف المتشدد تجاه إيران يضع البيت الأبيض في مأزق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في حين يتحضر دبلوماسيون أميركيون لبدء مفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، يبدو أن الرئيس الأميركي باراك أوباما ومسؤوليه لا يزالون قلقين من تداعيات شن هجوم من قبل إسرائيل وحدها أو بمشاركة أميركا على منشآت إيران النووية.
القاهرة: في وقت يتحضّر فيه دبلوماسيون أميركيون وأوروبيون لبدء مفاوضات حاسمة مع إيران بخصوص برنامجها النووي، وجد البيت الأبيض نفسه في مأزق. حيث أشار مسؤولون أميركيون إلى أن الحكومة الإيرانية يجب أن تصدق أن الرئيس أوباما مستعدٌ وعازم على القيام بعمل عسكري لضمان نجاح ما يتم بذله من جهود دبلوماسية.
وأكدت في هذا الصدد اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أن اللغة الحادة، التي قد تبدو ضرورية لإنجاح الدبلوماسية، تساهم في إيصال الشعور بأن الحرب قد تكون خياراً من المتعذر تجنبه. كما تغلف تلك اللغة حقيقة أن أوباما، ومسؤوليه العسكريين، ما زالوا قلقين للغاية من تداعيات شنّ هجوم على منشآت إيران النووية، إما من قِبل إسرائيل وحدها أو عبر ضربة قد تشارك فيها الولايات المتحدة.
وقال هنا روبرت مالي، مدير البرامج لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية:"لدى أوباما هدفان، أولهما تفادي الضغوط الإسرائيلية للرضوخلشن حرب سابقة لأوانها، وثانيهما تحييد النقد الجمهوري الذي يتحدث عن انتهاجه أسلوبا شديد اللين تجاه إيران وشديد القسوة تجاه إسرائيل".
لكن مالي مضى يقول "النصر يتحقق مقابل أن تدفع ثمناً. فعن طريق القول بوضوح إن احتواء إيران المزودة بأسلحة نووية هو أمر غير مطروح على طاولة التفاوض، قد يُلزِم أوباما أميركا بعمل عسكري لوقف إيران في حال فشلت وسائل أخرى".
واعترف بعض مسؤولي البيت الأبيض بأنه في عام الانتخابات الرئاسية الذي يدعو فيه مرشحو الحزب الجمهوري إلى التعامل بصورة أكثر صرامة مع إيران، قد تمنح الشكوك التي أعرب عنها البنتاغون - سراً وعلانيةً على حد سواء - بشأن توجيه ضربة عسكرية، شكلاً من أشكال الأغطية السياسية إلى الرئيس. ونوهت النيويورك تايمز في هذا الصدد إلى تدريبات الحرب السرية التي أجرتها القيادة المركزية الأميركية هذا الشهر لتقييم تبعات شنّ هجوم جوي إسرائيلي، والتي وجدت أن شن إسرائيل هجومًا من الممكن أن يؤدي إلى حرب إقليمية أوسع في النطاق، قد تُجرّ إليها الولايات المتحدة وتخلف وراءها المئات من القتلى في صفوف القوات الأميركية.
وفي الوقت نفسه، أبدى مسؤولون سابقون وحاليون في الإدارة الأميركية قلقهم من أن أيّ تردد بشأن التفكير في شن هجوم عسكري يتم ترديده داخل الولايات المتحدة من الممكن أن يدفع الإيرانيين إلى الاعتقاد أنهم ليسوا بحاجة إلى تقديم تنازلات على مائدة المفاوضات، في الوقت الذي أضحت تحتل فيه الجهود الدبلوماسية مشهد الصدارة.
وأوردت الصحيفة في تلك الجزئية عن دينيس روس، المسؤول البارز السابق لدى مجلس الأمن القومي والذي سبق له التعامل مع ملف إيران، قوله:" لكي تنجح الدبلوماسية، لا بد وأن يكون هناك جانب قسري. وإن كان يعتقد الإيرانيون أن هذه خدعة، فإنك لن تكون بالفعالية نفسها. والرسالة للإيرانيين تتحدث عن أن لديك خياراً".
وقال كذلك المسؤولون الإسرائيليون الذين ضغطوا من أجل اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات أكثر صرامة إنهم سيفضلون إنهاء الأزمة بصورة دبلوماسية. وقال مسؤول دبلوماسي غربي "في نهاية اليوم، لا ترغب إسرائيل هي الأخرى في مهاجمة إيران".
وأضاف دافيد ماكوفسكي، الخبير المتخصص في الشأن الإسرائيلي لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى :" الخطوة المقبلة على رقعة الشطرنج هي الدبلوماسية. ويجب أن تكون الدبلوماسية، ولابد أن يكون هناك جهد من أجل إنجاحها".
ولفتت الصحيفة إلى أن هناك شعوراً كذلك داخل البيت الأبيض بأن الإدارة لم تحصل على دعم كاف يمكنها من تشكيل ائتلاف عالمي لفرض عقوبات اقتصادية على إيران، التي تخلق الظروف هي الأخرى من أجل توفير حل دبلوماسي محتمل للمشكلة، حتى في الوقت الذي يقول فيه مسؤولو الإدارة إن الخيار العسكري مطروح دوماً.
ورفض مسؤولو البيت الأبيض، من جانبهم، التحدث عن تلك المداولات، على خلفية حساسية مواقفهم المفرطة، مع الإسرائيليين ومع أجزاء أخرى من الإدارة، خاصة البنتاغون. ونوهت الصحيفة في الوقت عينه كذلك بوجود اختلافات في الرأي بين كبار مسؤولي الإدارة بشأن احتمالية شنّ ضربة وقائية عسكرية إسرائيلية.
لكن وعلى عكس النقاش الداخلي في الإدارة بشأن أفغانستان، يبدو أن البيت الأبيض والبنتاغون متفقان على الآلية التي ينبغي التعامل من خلالها مع إيران. وقال ضباط عسكريون ومسؤولون مدنيون كبار في البنتاغون إن التعليقات الحذرة التي أدلى بها وزير الدفاع ليون بانيتا والجنرال مارتن ديمبسي، الرئيس الحالي لهيئة الأركان المشتركة، بشأن إيران، ليست جزءا من أي حملة منظمة من جانب البيت الأبيض. وختمت الصحيفة الأميركية بنقلها عن ضابط آخر كبير في الجيش الأميركي، قوله: "سوف نتحمل العبء الأكبر من أي عملية انتقام من جانب إيران".