الحكومة المغربية تخطئ موعدها مع المائة يوم الأولى من عمرها

انتقد ناشطون وحقوقيون أداء الحكومة المغربية بقيادة عبدالاله بنكيران في المائة يوم الأولى من عمرها، كونها لم تلتزم بالكثير من الوعود التي قطعتها ومنها إقرار قانون المالية وضمان الحريات العامة.

يبدو أن الحكومة المغربية أخطأت موعدها مع المائة يوم الأولىمن عمرها، بعد أن كانت حصيلتها من الانتقادات أكثر من الإيجابيات.

ورغم أن فريق رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، يؤكد أن "جيوب المقاومة" تحاول عرقلة عمله، إلا أن المراقبين يرون أن الانسجام يغيب عن الحكومة الحالية، كما أن حصيلتها تتسم بالتراجعات، وليست لديها رؤية واضحة.

قانون المالية يكشف الارتباك الحكومي
يعد التأخر في إخراج مشروع قانون المالية من النقاط التي ركزت عليها المعارضة لتوجيه سهام النقد إلى الحكومة التي يقودها الإسلاميون.
وقال أحمد الزايدي، رئيس فريق الاتحاد الاشتراكي في مجلس النواب (المعارضة)، إن "التأخر الكثير في ما يتعلق بالقانون المالي، الذي يعتبر ترجمة واقعية في أفق أرض الواقع لما تريد الحكومة أن تقوم به، كان له انعكاس مباشر على مجموعة من القطاعات، وكان له انعكاس نفسي على الحركة الاقتصادية في البلاد".

وأوضح القيادي الاتحادي، في تصريح لـ "إيلاف"، أن "القانون المالي أظهر نوعًامن الارتباك في الحكومة، إذ إن كل الالتزامات التي جاءت في التصريح الحكومي، الذي قدمه رئيس الوزراء ، وإن كنا لاحظنا عليه في بدايته بأنه غير دقيق ولا يحمل أرقامًا حول الإنجازات، لم تترجم إلى برامج أو إجراءات عملية".

وذكر أحمد الزايدي أن "هذا الارتباك تجسد في الشكل والجوهر"، مبرزا أن "الارتباك في الشكل تمثل في كون أنه لم يسبق أن تناوب وزيران في الحكومة على تقديم القانون المالي. ولكن المهم هو أن مختلف القطاعات جاءت غير حاملة لأيّ جديد، بل استمرارية للسياسة التي كانت متبعة في الحكومة السابقة، التي أخذ برنامجها دون أي رتوشات، علما أن الحزب الأول في الحكومة اليوم، ألا وهو العدالة والتنمية، بنى مجده على أنقاض الحكومة السابقة".
وأضاف القيادي السياسي "الحكومة انتبهت، بشكل متأخر، إلى أنها جاءت بقانون لا يراعي وضعية خطيرة جدا ألا وهي الجفاف الحاد الذي يضرب العالم القروي، ولم تأت بإجراءات لتعويض الفلاحين الذين يوجدون في أزمة"، مشيرا إلى أن "هذه بعض الإشارات التي يمكن القول من خلالها أن الحكومة أخطأت موعدها في المائة يوم الأولى".

خرق تعهدات في مجال حقوق الإنسان

تعالت مجددا الأصوات الحقوقية بعد أن سجلت عودة العنف إلى الكثير من المدن، التي شهدت موجة من الاحتجاجات لدوافع مختلفة، إلى جانب تنفيذ سلسلة من الاعتقالات، خاصة في صفوف شباب "حركة 20 فبراير".
واعتبر مراقبون أن ما يحدث حاليا يؤشر إلى سقوط الحكومة في اختبار حقوق الإنسان وحماية الحريات، التي دق بشأنها ناشطون ناقوس الخطر.

وفي هذا الإطار، قال عبد الإله بن عبد السلام، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن "كل ما يمكن قوله هو أن عددا من تعهدات المسؤولين في الحكومة الجديدة بالسهر على حقوق الإنسان يجري خرقها، لا من حيث الاعتداء على الاحتجاجات السلمية من طرف القوات العمومية، والإفراط في استعمال القوة، ولا من حيث عدد من الأمور المطروحة الآن للنقاش ومن ضمنها الحق في الإضراب، وعدد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين".
وأضاف عبد الإله بن عبد السلام، في تصريح لـ إيلاف"، "كنا ننتظر أن تكون هناك إجراءات تتعلق بإعادة الثقة، ومن ضمنها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتصفية الجو السياسي في البلاد، غير أنه للأسف الشديد نلاحظ أنه، باستثناء الإفراج الذي كان في الرابع من الشهر الماضي، ما زال لحد الآن هناك عدد من المعتقلين السياسيين".

وذكر القيادي الحقوقي أن "السجون ما زالت تعرف أوضاعا مزرية، إلى جانب استمرار الإضرابات عن الطعام التي يخوضها عدد من المعتقلين، من بينهم معتقلو ما يسمى بالسلفية الجهادية، ونشطاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وعدد من نشطاء 20 فبراير".
وهذا يوضح، عبد الإله بن عبد السلام، أنه "من المفروض على الحكومة أن تبذل مجهودا من أجل تسوية هذه الملفات، لأنه لا يمكن أن نقدم تعهدات للمجتمع، في وقت الاعتقالات في تزايد".

وأضاف القيادي الحقوقي "هناك عدد من الالتزامات، منها المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام، والمصادقة على المحكمة الجنائية الدولية، لم تجد طريقها بعد في المغرب، كما أننا ما زلنا ننتظر توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وأعمالها، ووضع الاستراتيجية الوطنية لمناهضة الإفلات من العقاب".
من جهته، قال محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية، في كلية الحقوق في المحمدية، إن "العنوان العريض لـ 100 يوم من عمر الحكومة الحالية هو التغيير من أجل الاستمرارية"، مشيرا إلى أن "الأداء الحكومي كان فيه نوع من التخبط، ولم يكن تسريع للملفات، إلى جانب أنه كان هناك ضعف على مستوى الإنتاج التشريعي والقانوني".

وأوضح محمد زين الدين، في تصريح لـ "إيلاف"، أن "هناك ضعفًا على مستوى الانسجام الحكومي، رغم تأكيد عبد الإله بنكيران عكس ذلك"، مبرزا أن "قانون المالية لم يأت بجديد، كما أنه كان نسخة طبق الأصل من مشروع الوزير الأول السابق عباس الفاسي".
وسجل المحلل السياسي سلبيات أخرى تتمثل في "فتح ورشات متعددة دون استراتيجية واضحة المعالم، والتردد على مستوى الأداء الحكومي".